روسيا لم تعد مورِّد غاز موثوقاً به في أوروبا

time reading iconدقائق القراءة - 13
نقص إمدادت الغاز الروسي لأوروبا ساهم في رفع أسعار الطاقة لمستويات قياسية - المصدر: بلومبرغ
نقص إمدادت الغاز الروسي لأوروبا ساهم في رفع أسعار الطاقة لمستويات قياسية - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

لا يهم إذا لم يكن باستطاعة روسيا، أو لم تكن ترغب في تعزيز إمدادات الغاز الطبيعي إلى أوروبا في الأسابيع الماضية، ففي كلتا الحالتين؛ فقد قوضت جدارتها كمورِّد موثوق، كما أنَّها عززت الحجة لدى أهم العملاء أن يقللوا اعتمادهم على الإمدادات التي تسيطر عليها روسيا، وأن يعززوا مصادر الطاقة المتجددة محلياً.

وأدى النقص الموثق في الغاز الطبيعي الذي تعاني منه أوروبا حالياً إلى ارتفاع الأسعار في بورصة الغاز الهولندية، وغيرها من البورصات.

وفي ذروة الأسعار في وقت سابق من الشهر الجاري، يشار إلى أنَّها كانت أعلى بستة أضعاف مقارنة ببداية العام، وأفلس 14 مورِّد طاقة في بريطانيا، والذين يبيعون الغاز والكهرباء لأكثر من مليوني عميل، والذين وقعوا بين فكي رحى التكلفة المرتفعة لشراء الإمدادات، وسقف الأسعار المحدد الذي يمكنهم تحصيله من العملاء.

الغاز الروسي

ساعدت وعود الرئيس فلاديمير بوتين بمزيد من الغاز الروسي إلى أوروبا على انخفاض الأسعار بنسبة 40% من تلك الذروة، مما ترك الأسعار أعلى بثلاثة أضعاف ونصف مما كانت عليه في بداية يناير، ولم يأتِ الشتاء بعد.

وترجع ندرة الغاز في أوروبا إلى أسباب عديدة، مثل تضاؤل الإنتاج في بريطانيا وهولندا، وارتفاع الطلب بعد الوباء، والفشل في إعادة بناء المخزونات بعد شتاء طويل بارد استنزف المخزونات حتى أبريل.

لكن أشارت أصابع الاتهام إلى مكان آخر أيضاً، على سبيل المثال؛ إلى روسيا المتلاعبة التي تحجب الإمدادات، التي صممت على ضمان الموافقة الأوروبية على خط الأنابيب الجديد تحت بحر البلطيق، وإلى المرافق الأوروبية، التي تدفع حالياً الثمن الحتمي لتحولها عن العقود طويلة الأجل مع محتكرة تصدير الغاز من الحكومة الروسية، "غازبروم"، وأيضاً إلى الحكومات الأوروبية، التي أدى اندفاعها نحو الطاقة المتجددة دون الأخذ في الاعتبار مسألة عزل المباني، ومعالجة الطلب، مما جعل القارة عرضة لمشاكل انقطاع التيار.

نقص الإمدادات

ولدى أصحاب هذه الأصابع أجنداتهم الخاصة، سواء كانوا من مورِّدي الغاز المتنافسين الراغبين في تقييد مبيعات روسيا إلى أوروبا، أو من عمالقة الطاقة في روسيا الذين يسعون إلى إنشاء أسواق لإمداداتهم الخاصة والحفاظ عليها وتوسيعها.

لكنَّ هناك أمراً واحداً واضحاً، وهو أنَّ أوروبا لم تتلقَ كمية الغاز التي تحتاجها أو تريدها من روسيا على مدى عام 2021 حتى الآن، وأسباب هذا النقص أقل أهمية من حقيقته البسيطة.

ويوضح الوضع في ألمانيا المشكلة، فقد كانت مرافق تخزين الغاز في الدولة ممتلئة بنسبة 71% في 27 أكتوبر، وفقاً لبيانات "غاز إنفراستراكتشر يوروب"، لكن المواقع التي تسيطر عليها شركة "غازبروم" من خلال شركتها التابعة "أستورا"، والتي تمثل ما يناهز ربع سعة التخزين في ألمانيا، كانت ممتلئة بنسبة 21% فقط.

مخاوف مستقبلية

وربما تكون شركة "غازبروم" قد وفَّرت كل الغاز المطلوب بموجب عقودها مع المشترين الأوروبيين، لكن من الواضح أنَّها لم تقم بتجديد المخزونات في مواقع التخزين الخاصة بها في القارة.

ولا ينبغي أن يشكل إعطاء روسيا الأولوية لمواقع التخزين في الموطن أي مفاجأة، بل سيكون من باب التقصير عدم القيام بذلك، وأمر بوتين الشركة بالبدء في إعادة تعبئة منشآتها الأوروبية لتخزين الغاز الشهر المقبل، عندما تصبح المواقع المحلية ممتلئة، وقد ساعد ذلك في خفض الأسعار الأوروبية، وتهدئة المخاوف الفورية، لكنَّه لا يفعل شيئاً لمعالجة المشكلات طويلة المدى.

إذا لم تتمكَّن شركة "غازبروم" ببساطة من ضخ ما يكفي من الغاز لملء مرافق التخزين المحلية والخارجية؛ فإنَّ الزعماء الأوروبيين بحاجة إلى القلق من أنَّ افتقار روسيا إلى قدرة إنتاج الغاز سيجعلهم أكثر عرضة للنقص في المستقبل.

"نورد ستريم 2"

إذا كانت الأزمة كلها جزءاً من مؤامرة الكرملين لتأمين الموافقة الأوروبية على خط أنابيب "نورد ستريم 2" تحت بحر البلطيق، فهذا أيضاً من شأنه أن يجعل القادة الأوروبيين قلقين للغاية بالفعل، وعليهم أن يسألوا أنفسهم، ماذا سيكون التالي على قائمة التسوق بالنسبة إلى بوتين؟ رفع العقوبات المفروضة بعد سجن زعيم المعارضة الروسية أليكسي نافالني؟ الاعتراف بضم روسيا لشبه جزيرة القرم؟

وفي كل الأحوال، ينبغي أن تكون الاستجابة الأوروبية واحدة، وهي التنويع.

تنويع مصادر الغاز الطبيعي ومزيج الطاقة، ونعم، هناك دور تلعبه الإشارة الأمريكية للغاز الطبيعي كـ"غاز الحرية".

وربما ستستمر الحاجة للغاز لسنوات قادمة لسد الفجوات عندما لا تهب الرياح، أو

لا تشرق الشمس، لكنَّ النقص من روسيا، أو عدم رغبتها في توفير ما هو مطلوب في الوقت المناسب، يصنع ثغرة في مزاعمها بأنَّها مورِّد موثوق به.

هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان
Julian Lee

Julian Lee

Oil Strategist at Bloomberg News
للإتصال بكاتب هذا المقال:@JLeeEnergy

موسكو

11 دقائق

18°C
غائم جزئي
العظمى / الصغرى 15°/20°
7.4 كم/س
52%