كاثرين إدواردز: إدارة الكفاءة الحكومية بقيادة ماسك.. مشروع بلا فعالية

فكرة تحقيق الكفاءة من خلال إضافة بيروقراطية إدارية جديدة أشبه بمشهد أورويلي

time reading iconدقائق القراءة - 6
إيلون ماسك، مؤسس شركة \"سبيس إكس\"، خلال فعالية مشتركة بين شركتي \"تي-موبايل\" و\"سبيس إكس\" أقيمت في 25 أغسطس 2022 في شاطئ بوكا شيكا، ولاية تكساس، الولايات المتحدة - Getty Images
إيلون ماسك، مؤسس شركة "سبيس إكس"، خلال فعالية مشتركة بين شركتي "تي-موبايل" و"سبيس إكس" أقيمت في 25 أغسطس 2022 في شاطئ بوكا شيكا، ولاية تكساس، الولايات المتحدة - Getty Images
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

بعد إنفاق 118 مليون دولار من ثروته الشخصية لدعم حملة إعادة انتخاب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة، تم اختيار الملياردير إيلون ماسك لقيادة قسم حكومي جديد يُعرف باسم "وزارة الكفاءة الحكومية" في الإدارة الجديدة، بمشاركة فيفيك راماسوامي، الرئيس التنفيذي لإحدى شركات الأدوية ومرشح جمهوري سابق لفترة وجيزة. اللافت أن الأحرف الأولى لاسم الإدارة تشكل اختصاراً لكلمة "دوج" (DOGE)، وهو نفس رمز العملة الرقمية التي يروج لها ماسك.

ربما يجد ماسك الأمر مسلياً، لكن بالنسبة لنا، تبدو فكرة تحقيق الكفاءة من خلال إضافة بيروقراطية إدارية جديدة أشبه بمشهد أورويلي (نسبة لجورج أورويل) بامتياز، خاصة عندما تفتقر هذه البيروقراطية إلى سلطة حقيقية، إن وجدت أصلاً.

كما أن السيطرة على الإنفاق تقع بيد الكونغرس، وليس الوكالات التنفيذية، مما يعني أن أي إجراءات تحاول هذه الإدارة تنفيذها ستواجه على الأرجح تحديات قانونية كبيرة. في الواقع، تُظهر العملة الرقمية "دوج" كيف تُبنى الوعود الانتخابية الصاخبة على خيال، مما يعكس نقصاً في فهم طبيعة عمل الحكومة. (تنبيه: الحكومة ليست شركة).

الكونغرس هو الحل

لنبدأ من الأساس. تخيل أنك تشعر بالقلق إزاء تعرض الحكومة الفيدرالية لإهدار الموارد والاحتيال وسوء الإدارة، وترى أنها بحاجة إلى رقابة صارمة. وتفترض أن غياب دافع الربح، الذي يميز الشركات الخاصة، يجعل الحكومة أقل كفاءة. فما الحل؟

العقبة الأساسية هنا، التي تتفوق على جميع القيود الأخرى دون استثناء، هي الدستور الأميركي، الذي يمنح الكونغرس السلطة الكاملة لإدارة الأموال العامة. الكونغرس هو الجهة المسؤولة عن إنشاء الوكالات الفيدرالية، وتحديد مهامها، والموافقة على تمويلها. لذا، إذا كنت تبحث عن تعزيز الكفاءة، فلا بد أن تبدأ من الكونغرس.

لا يمكن للرئيس أن يقرر بمفرده الامتناع عن إنفاق الأموال التي خصصها الكونغرس. حدث ذلك بالفعل سابقاً، عندما رفض الرئيس ريتشارد نيكسون إنفاق أموال خصصها الكونغرس، مما دفع المشرعين لإصدار قانون "مراقبة حجز الأموال" (Impoundment Control Act) عام 1974، الذي أكد أن سلطة تخصيص الأموال تعود للكونغرس، وليس للرئيس. وخلال فترة رئاسة ترمب، انتهك هذا القانون عندما امتنع عن تقديم مساعدات لأوكرانيا، وهو ما أدى إلى أولى محاكمتي عزله.

وكالة متخصصة للكفاءة

رغم أن الكونغرس هو المسؤول عن مراقبة الإنفاق عن كثب، إلا أن هذا يمثل عبئاً كبيراً على أعضائه ولجانه، نظراً للتغيرات المستمرة التي تطرأ بسبب الانتخابات وتبدل الأغلبية. لذلك، من الأفضل إنشاء وكالة متخصصة تتبع الكونغرس مباشرة. على عكس الوكالات التنفيذية التي ترفع تقاريرها للرئيس، فإن مثل هذه الوكالة ستقدم تقاريرها مباشرة إلى الكونغرس، على غرار "مكتب الميزانية في الكونغرس". هذه الوكالة الجديدة يمكن أن تمتلك سلطة تدقيق شامل للوكالات الحكومية الأخرى، مع تفضيل أن تكون توصياتها مُلزمة للكونغرس. وهذا يميزها عن "وزارة الكفاءة الحكومية"، التي تفتقر إلى أي سلطة قانونية (أو شرعية كونها لم تُنشأ بقرار من الكونغرس).

إذاً، لماذا لم يطلب ترمب من الكونغرس إنشاء مثل هذه الوكالة؟

ببساطة، لأنها موجودة بالفعل واحتفلت للتو بمرور 100 عام على تأسيسها. وهذه الوكالة هي "مكتب محاسبة الحكومة" (GAO)، المدقق الصارم للحكومة الفيدرالية، الذي تمكن خلال العام المالي 2023 من استعادة 70 مليار دولار من الوكالات الحكومية عبر إجراءات تهدف إلى تحسين إدارة الأموال العامة بكفاءة. يضم المكتب خبراء متخصصين في المجالات التي يشرف عليها، ويحققون أداءً استثنائياً. وتشير التقديرات إلى أن المكتب يحقق للحكومة عائداً يبلغ 133 دولاراً مقابل كل دولار يتم إنفاقه عليه.

الحكومة بحاجة إلى قيادة فعالة

ومع ذلك، يمكن أن تكون العوائد أكبر بكثير، إذ يشير "مكتب محاسبة الحكومة" إلى أن العديد من المشكلات الكبرى التي يكتشفها غالباً ما تظل دون معالجة من قبل الكونغرس. يتولى المكتب إعداد "قائمة المخاطر العالية"، التي تتضمن القطاعات الأكثر عُرضةً للهدر والاحتيال وسوء الإدارة، والتي تتطلب إصلاحات قانونية لمعالجتها. بعض البنود المدرجة في هذه القائمة ظلت دون تغيير منذ أوائل التسعينيات.

ما تحتاجه الحكومة الفيدرالية لمواجهة الهدر المالي هو قيادة فعالة، وليس رؤساء تنفيذيين متهورين يفتقرون لفهم آليات عمل الحكومة ويقودون وكالة وهمية تفتقر إلى أي سلطة. فلا شك أن الأميركيين يستحقون إدارة أفضل.

خلاصة

بعد إنفاق 118 مليون دولار لدعم حملة إعادة انتخاب دونالد ترمب، تم تعيين إيلون ماسك لقيادة وزارة جديدة تُعرف بـ "وزارة الكفاءة الحكومية"، بمشاركة فيفيك راماسوامي. أثار هذا التعيين جدلاً واسعاً، خصوصاً أن الأحرف الأولى للإدارة (DOGE) تتطابق مع اسم العملة الرقمية التي يروج لها ماسك. غير أن الفكرة تثير شكوكاً حول إمكانية تحقيق الكفاءة من خلال إضافة بيروقراطية جديدة دون سلطة حقيقية. فالدستور يمنح الكونغرس السيطرة الكاملة على الإنفاق، مما يحد من قدرة مثل هذه الوزارة على إحداث تغيير جوهري.

من ناحية أخرى، إذا كان الهدف الحقيقي هو تعزيز الكفاءة الحكومية، فإن الكونغرس يمتلك بالفعل أدوات مثل "مكتب محاسبة الحكومة" (GAO)، الذي أثبت كفاءته في استعادة مليارات الدولارات سنوياً. ومع ذلك، فإن معالجة المشكلات تتطلب إصلاحات تشريعية بقيادة فعالة. بينما يتضح أن إنشاء وكالات رمزية بقيادة شخصيات مثيرة للجدل قد يحقق ضجة إعلامية، إلا أن الأميركيين بحاجة إلى حلول عملية لتحسين إدارة الموارد العامة بشكل مستدام.

هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان

واشنطن

4 دقائق

5°C
سماء صافية
العظمى / الصغرى /
9.3 كم/س
77%
الآراء الأكثر قراءة