كيف ستؤثر خطط الوصول لـ "الحياد الكربوني" على الدول المنتجة للنفط؟

time reading iconدقائق القراءة - 5
أيام المياه العميقة في \"أنغولا\" معدودة. تبتعد شركات النفط الكبرى في الوقت الحالي عن الاستكشاف في المياه العميقة المكلفة وتفضل النفط الصخري سريعة الربح. - AFP
أيام المياه العميقة في "أنغولا" معدودة. تبتعد شركات النفط الكبرى في الوقت الحالي عن الاستكشاف في المياه العميقة المكلفة وتفضل النفط الصخري سريعة الربح. - AFP
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

وضعت وكالة الطاقة الدولية، مساراً للوصول إلى صافي انبعاثات ثاني أكسيد كربون صفرية، بحلول 2050، وأحد سمات ذلك المسار جذبت الكثير من الانتباه، وهو أنَّها طالبت بالتوقُّف عن استكشاف البترول، وتطوير حقول جديدة.

بالتأكيد، ستعترض شركات الحفر الأمريكية، وسيشعر كبار المنتجين، مثل السعودية، وروسيا بالقلق (أو يتجاهلون التحذيرات). لكنَّ الدول الأصغر، التي تعتمد على الاستثمار الخارجي لتوسيع قطاعها، ستتعرَّض لأكبر قدر من الضرر الاقتصادي إذا امتثلت شركات البترول بتوصية وكالة الطاقة الدولية.

التأثير على الدول المنتجة

لكنَّ الوكالة لا تقول إنَّه يجب منع قطاع البترول من البحث عن أصول جديدة وتطويرها، وإنَّما تقصد أنَّ انخفاض الطلب المطلوب للوصول إلى صافي الهدف "الصفري" سيجعل مثل هذا التنقيب غير ضروري.

مع ذلك؛ فإنَّ تقليص التنقيب عن البترول من قبل عدد كبير من الشركات، سيجعل الأمور صعبة للغاية بالنسبة للدول التي تعتمد على الشركات الدولية، التي تستثمر مليارات الدولارات للعثور على البترول وتطويره. وتعدُّ "أنغولا" أبرز مثال على ذلك، وشهد إنتاجها البترولي انخفاضاً مطَّرداً منذ عام 2016، ولن يزداد هذا الاتجاه إلا تسارعاً.

تعتمد الدولة على شركات البترول الأجنبية لاستخراج الخام من الحقول الواقعة على عمق آلاف الأمتار تحت مياه المحيط الأطلنطي، وأضرَّ انهيار أسعار البترول في عام 2014 بالاستثمارات في القطاع بشدة، وأخذ الإنتاج ينخفض بعد ذلك بعامين عندما توقَّفت مجموعة المشاريع التي كانت قيد التطوير بالفعل، وهبط إنتاج البترول الخام بمقدار الثلث في أكثر من أربع سنوات بقليل.

نيجريا أيضاً ستعاني

وتعني التراجعات العميقة في حقول "أنغولا" البحرية أنَّ الإنتاج سينكمش أكثر بدون الاستثمار في استكشاف وتطوير رواسب جديدة، وستعاني دول غرب أفريقيا الأخرى مثل نيجيريا، أكبر منتج للبترول في القارة، من مصير مشابه.

وتُحوِّل شركات البترول الدولية الرئيسية اهتمامها بعيداً عن التكلفة، وغير اليقين بالمتعلقين بالاستكشاف والتطوير في المياه العميقة، الذي لا يدرُّ دخلاً سوى بعد سنوات من العمل، ومليارات الدولارات من الاستثمارات.

وعلى سبيل المثال، اكتُشفت الحقول الأولى فيما أصبح يعرف بمشروع "بلوتونيو" الأكبر التابع لشركة "بريتش بتروليوم" في منتصف عام 1999، لكنَّها لم تنتج أوَّل براميل تجارية من الخام إلا بعد ذلك بثمانية أعوام.

بدلاً من ذلك، تتحوَّل الشركات نحو العائدات السريعة من الاستثمارات الأصغر في رقعة البترول الصخري الأمريكية.

أيضاً قررت شركة "رويال داتش شل" أنَّ إنتاجها البري في نيجيريا لا يتماشى مع خططها للتحوُّل نحو المصادر الخضراء، وتدرس"BP"، و"إيني" الإيطالية دمج أصولهما الأنغولية في مشروعٍ مشترك في محاولة لإنعاش الإنتاج.

تراجع عدد الدول المنتجة

ومع تراجع الإنتاج من هذه الدول، سيظهر اتجاهان رئيسيان، الأول هو أنَّ العالم سيصبح أكثر اعتماداً على دول أقل للحصول على الكميات الأقل من البترول التي يستهلكها، وهو ما سيركِّز القوة في أيدي المنتجين في الشرق الأوسط، وروسيا، وأمريكا الشمالية.

ثانياً، سيصبح البرميل الناتج أثقل (يحتوي على نسبة أعلى من جزيئات الهيدروكربون الكبيرة التي يجب تكسيرها لإنتاج الوقود الذي يريده المستهلكون)، وأكثر حموضة (يحتوي على تركيزات أعلى من الكبريت التي يجب إزالتها)، وهو ما سيزيد الضغط على المصافي القديمة في أوروبا والولايات المتحدة التي لا يمكنها استخراج القيمة نفسها من هذا النوع من البترول مثل المصافي الحديثة.

ونشهد بالفعل إنشاء مصافٍ جديدة و كبيرة للتكرير في الشرق الأوسط، وآسيا لمعالجة خام الخليج العربي الثقيل والحامض، وتغلق المصافي القديمة في أماكن أخرى، أو تصبح محطات تخزين أو منتجة للوقود الحيوي، وستتسارع وتيرة البناء مع وصول الطلب على البترول إلى ذروته، ثم تبدأ في الانخفاض.

التأثير على الأسعار

والسؤال هنا؛ ماذا عن أسعار البترول؟ تعتمد الإجابة على سرعة التراجع في الطلب على البترول ومعروضه.

إذا هيمن تراجع الطلب على مسار الانبعاثات الصافية "الصفرية"، فإنَّ الأسعار ستتراجع وسيكافح المنتجون للاستجابة للسوق المتداعي، مثلما حدث عندما ضرب الوباء الطلب العام الماضي، ولكن بطريقة تدريجية وأقل درامية، أما إذا أثبت الطلب على البترول مرونته، بينما هبط الاستثمار في القطاع، فمن المرجَّح أن ترتفع الأسعار، وإنْ كان لوقتٍ قصير فقط، ولكن بحلول ذلك الوقت ربما يكون قد عفا الزمن على منتجين، مثل "أنغولا".

هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات
النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان
Julian Lee

Julian Lee

Oil Strategist at Bloomberg News
للإتصال بكاتب هذا المقال:@JLeeEnergy

تغيير حجم الخط

Lagos

2 دقائق

26°C
غيوم متناثرة
العظمى / الصغرى 26°/26°
6.1 كم/س
87%

فى هذا المقال

"فيتش": خفض توزيعات أرامكو يوسع عجز ميزانية السعودية

حكومة المملكة ستتلقى توزيعات من عملاقة الطاقة بنحو 85 مليار دولار هذا العام بانخفاض سنوي 31%

time reading iconدقائق القراءة - 3
شعار \"أرامكو\" في إحدى الفعاليات. تمثل توزيعات الشركة مصدراً أساسياً لتمويل الحكومة السعودية - المصدر: بلومبرغ
شعار "أرامكو" في إحدى الفعاليات. تمثل توزيعات الشركة مصدراً أساسياً لتمويل الحكومة السعودية - المصدر: بلومبرغ
الرياض
المصدر:

الشرق

مع خفض التوزيعات النقدية من جانب شركة "أرامكو" خلال العام الحالي، تتجه الأنظار نحو تأثير ذلك على عجز ميزانية السعودية، الذي تتوقع "فيتش" أن يرتفع هذا العام إلى 3.8% من الناتج المحلي، مقابل تقديرات حكومية عند 2.3%.

عملاقة النفط السعودية "أرامكو" أعلنت الأسبوع الماضي خفض توزيعات الأرباح، التي تُعدّ الأكبر عالمياً، بما يمثل ضغوطاً إضافية على العجز المالي للمملكة. أعلنت الشركة أن إجمالي التوزيعات لعام 2025 سيبلغ نحو 85 مليار دولار، مقارنةً بـ124 مليار دولار العام الماضي. وتبلغ حصة الحكومة في "أرامكو" 82% من أسهمها، بينما يملك صندوق الاستثمارات العامة 16%، ما يعني أن تقلص التوزيعات سينعكس بشدة على موارد الدولة والصندوق السيادي.

اتساع متوقع لعجز الموازنة

تقدّر وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني أن يؤدي انخفاض توزيعات "أرامكو" لاتساع عجز الميزانية إلى 3.8% من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام الحالي، ثم إلى 3.9% العام المقبل. هذا التوقع على أساس أسعار نفط تبلغ 70 دولاراً للبرميل في العام الجاري، و65 دولاراً العام المقبل. ورجحت الوكالة، في تقرير صادر اليوم، أن تبادر الحكومة إلى تقليل الإنفاق الرأسمالي لمحاصرة ذلك العجز.

التقرير أشار إلى أن المملكة لديها مرونة في تعديل النفقات، خاصة في مجال الاستثمار، لأنها تسعى لموازنة أولويات الإنفاق الرأسمالي والأهداف المالية. ونوّه بأن التحجيم الأخير لبعض المشروعات وإعادة ترتيب الأولويات من شأنه أن يساهم في تقليل التأثير على المالية العامة للمملكة، إلا أن "فيتش" نبّهت إلى أن احتمال تأثير خفض الإنفاق الاستثماري على جهود تنويع الاقتصاد بعيداً عن النفط.

زيادة الإنتاج النفطي

مع اتفاق أعضاء تحالف "أوبك+" مطلع الشهر الجاري على زيادة الإمدادات تدريجياً إلى سوق النفط بدءاً من بداية أبريل، من المتوقع زيادة الإنتاج السعودي من الخام بنسبة 10%، ليقارب 10 ملايين برميل يومياً بدلاً 9 ملايين في الوقت الحالي، وهو ما سينعكس إيجاباً على اقتصاد المملكة، بحسب "فيتش". 

وتوقع التقرير أن يؤدي رفع كميات الإنتاج إلى تسجيل السعودية معدل نمو هذا العام عند 3.4%، ليرتفع إلى 4.6% العام المقبل، نتيجة نمو الاقتصاد النفطي بنسبة 2.7% العام الحالي، و6.4% العام المقبل.

تمنح الأصول السيادية الأجنبية الصافية الكبيرة والاحتياطيات المالية الكبيرة على شكل ودائع وأصول أخرى في القطاع العام مميزات رئيسية لتصنيف السعودية الائتماني، وفقاً تقرير وكالة التصنيف.

ويُرتقب أن يرتفع الدين الحكومي من الناتج المحلي الإجمالي إلى 35.3% بحلول نهاية العام المقبل، مقابل 29.7% في نهاية عام 2024. لكن "فيتش" نوّهت بأنه "لا يزال أقل بكثير من متوسط ​​التوقعات البالغ 55.1%".

تصنيفات
النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان

تغيير حجم الخط

الرياض

5 دقائق

21°C
غيوم متفرقة
العظمى / الصغرى 21°/21°
4.5 كم/س
21%

نستخدم في موقعنا ملف تعريف

نستخدم في موقعنا ملف تعريف الارتباط (كوكيز)، لعدة أسباب، منها تقديم ما يهمك من مواضيع، وكذلك تأمين سلامة الموقع والأمان فيه، منحكم تجربة قريبة على ما اعدتم عليه في مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تحليل طريقة استخدام موقعنا من قبل المستخدمين والقراء.