باول ديفيز: "HSBC" أقوى من "ستاندرد تشارترد" في الأزمات

time reading iconدقائق القراءة - 13
شعار مصرف \"اتش اس بي سي\" (HSBC) يعتلي مقر البنك في العاصمة البريطانية لندن - المصدر: بلومبرغ
شعار مصرف "اتش اس بي سي" (HSBC) يعتلي مقر البنك في العاصمة البريطانية لندن - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

جذب مصرفا "إتش إس بي سي" و"ستاندرد تشارترد" اهتماماً سلبياً من أطراف خارجية، حيث يطالب أكبر مستثمر في البنك الأول بتفكيكه، بينما يهدّد مستثمر جديد من أبوظبي باستقلالية الثاني.

يعتزم كل من المصرفين اللذين يتخذان من لندن مقراً لهما، سلوكَ طريق مختلف، والالتزام باستراتيجيته الخاصة، فيما تتشابه تكتيكاتهما الدفاعية إلى حدٍّ بعيد، والتي تركز على إرضاء المساهمين عبر إعطائهم توزيعات أرباح أكبر. وقد سلك البنكان طريق خفض النفقات وتوفير رأس المال لتحقيق تلك النتيجة، لكنَّ إجراءات "إتش إس بي سي" الدفاعية كانت أكثر نجاحاً وفق ما يمكن استخلاصه من النتائج المالية لعام 2022.

يلمّح كلا المصرفين إلى إمكانية ضخ توزيعات أرباح أكبر في المستقبل، برغم طلبهما من المستثمرين أن يثقوا بتلك الوعود دون تقديم إثبات واقعي عليها حالياً.

على الجانب الآخر، ما زالت التفاصيل غير واضحة، لا سيما بشأن حجم إعادة شراء الأسهم. توقَّع "ستاندرد تشارترد" أن يتجاوز خطته الموضوعة لإعادة أكثر من 5 مليارات دولار إلى المساهمين بحلول العام المقبل، وكشف عن توزيعات أرباح وإعادة شراء أسهم بما قيمته 2.8 مليار دولار منذ مطلع عام 2022.

ضغوط خارجية وخفض للتكاليف

من جهته، سيبدأ "إتش إس بي سي" إعادة شراء أسهمه خلال الربع الجاري، لكنَّه لم يكشف عن قيمة ما سينفقه، كما رفض الإفصاح عما إذا كانت عمليات إعادة الشراء ستتكرر. فهو يزيد توزيعات أرباحه، ويخطط لتكرارها بصورة أكبر كما كان عليه الأمر من قبل، بالإضافة إلى تعهده بتوزيع أرباح إضافية فور إتمام بيع وحدته في كندا خلال العام المقبل. لكنَّ أغلب ذلك لا يبدو مرجحاً بعد نتائج الربع الثالث المخيبة، إذ انخفضت مستويات رأس المال إلى أقل من الحد الذي استهدفه، برغم أنَّه سرعان ما سدّ تلك الفجوة، حيث ساعده على ذلك تحقيق نمو كبير في الدخل من الفوائد، وفرض ضرائب عليه أقل مما كان يُتَوقَّع.

من المفاجئ إلى حد ما أن يواجه البنكان تلك الضغوط الخارجية، نظراً لتركيزهما على آسيا المشهورة بنموها الكبير وازدهار الطبقة المتوسطة فيها. غير أنَّ السبات الاقتصادي الطويل الذي دخلت فيه الصين بسبب الجائحة، ألقى بظلاله عليهما، فضلاً عن أنَّ "إتش إس بي سي" و"ستاندرد تشارترد" لديهما مشكلات أخرى تتعلق بهما أيضاً.

على سبيل المثال، كان لدى "إتش إس بي سي" الكثير من الأنشطة ذات العوائد المنخفضة، والتي لم تضف جديداً إلى مصدر قوته الرئيسي باعتباره البنك الذي يتصدّر التجارة البينية وتدفقات التمويل حول العالم. فيما ركّز "ستاندرد تشارترد" في عمليات الإقراض أكثر من اللازم على الشركات الفردية الضخمة في الهند، وبعض القطاعات عالية المخاطر مثل الطاقة والتنقيب. وباع كل من البنكين أصولاً، وقلّصا معدلات المخاطرة في ميزانيتهما بالتوازي مع تخفيض التكاليف.

كانت النتيجة انخفاضاً مستمراً في الأصول المرجحة بالمخاطر، التي تُستخدم لتحديد المتطلبات الرأسمالية باعتبارها تمثل نسبة من إجمالي الأصول، وحرّر هذا الأمر جزءاً من رأسمال البنكين، لكنَّهما يظلان أكثر مخاطرة من البنوك المدرجة في المملكة المتحدة.

تعزيز الربحية

ساعدت الميزانيتان الأكثر كفاءة وخفضاً للنفقات لدى البنكين على تعزيز ربحيتهما كذلك؛ إذ ارتفعت العائدات على الأصول المرجحة بالمخاطر.

وما يزال "ستاندرد تشارترد" يفوق "إتش إس بي سي" في هذا الصدد، لكن، وبرغم ذلك أيضاً؛ ما يزال وضعهما أسوأ من منافسَيهما اللذين يركزان على المملكة المتحدة، مثل "ناتويست" (NatWest) أو "لويدز بانكيغ" (Lloyds Banking).

كانت أكثر جهة خارجية مثيرة للمشكلات في "إتش إس بي سي" هي شركة "بينغ أن إنشورنس غروب" (Ping An Insurance Group)، وهي أكبر شركة مساهمة في البنك، حيث شعرت الشركة بالسوء، بعدما أجبرت الجهات الرقابية البنك على التوقف عن سداد توزيعات الأرباح أثناء جائحة كورونا، وما زالت تضغط لفصل عمليات البنك في آسيا، لأنَّها ترى أنَّ عائداتها أفضل، وستكون ذات قيمة أكبر إذا أُدرجت بشكل منفصل.

يمكن أن تسترضي توزيعات الأرباح الأكثر ارتفاعاً شركة "بينغ آن" فعلاً، لكنَّ نتائج أرباح "إتش إس بي سي" توضح أيضاً أنَّ دوافع المستثمر لتفكيك البنك تبدو خاطئة حالياً على الأقل.

ارتفاع عائدات "إتش إس بي سي"

عزز فرع بنك "إتش إس بي سي" المُحاصر بالمشكلات في المملكة المتحدة من عائداته بشكل ملحوظ، بينما يعاني ذراعه في هونغ كونغ من عدة عوائق، وشهد العائد على الأصول المرجحة بالمخاطر في المملكة المتحدة قفزة كبيرة، ويتفوق حالياً على "لويدز" و"نات وست" و"إتش إس بي سي" في هونغ كونغ، وعلى "بينغ آن" أن يضع في اعتباره أنَّ النمو الأفضل والأرباح الأكبر في آسيا غير مضمونين على الإطلاق.

على الجانب الآخر، تحاصر الدعاية السلبية بنك "ستاندرد تشارترد" بسبب الشائعات المستمرة حول رغبة "بنك أبوظبي الأول" في تقديم عرض استحواذ عليه (وهو الأمر الذي نفاه البنك الإماراتي)، وهذا تعهدٌ معقدٌ ومحفوفٌ بالمخاطر، فالموافقات الرقابية المطلوبة لبنك يعمل في نحو 60 دولة تشكل مبدئياً عقبة كافية لعرقلة تلك الصفقة.

فوائد إعادة انفتاح الصين

يجب أن تصبّ إعادة فتح اقتصاد الصين في صالح البنكين، إذ تحفّز نشاط الاقتصادات في أنحاء آسيا، حتى لو لم تُظهر ظلال التوترات الجيوسياسية بين الشرق والغرب أي علامة على الانفراج.

لكنَّ مستثمري "ستاندرد تشارترد" أصبحوا أقل اقتناعاً بقدرته على النمو، وغير متحمسين لعائدات رأس المال الأقل، مقارنةً ببنك "إتش إس بي سي". برغم أنَّ أسهم "ستاندرد تشارترد" ما تزال تُتداول بخصم كبير مقارنة بقيمتها الدفترية؛ لكنَّ "إتش إس بي سي" يتحرك بسرعة أكبر تجاه استعادة قيمته التي كان عليها قبل الجائحة.

وعند المقارنة بين البنكين، يبدو أنَّ "ستاندرد تشارترد" الأضعف أمام تلك القوى الخارجية.

هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان

لندن

11 دقائق

0°C
غيوم قاتمة
العظمى / الصغرى -1°/
18.5 كم/س
83%
الآراء الأكثر قراءة