بلومبرغ
شجعت مبادرة التطعيمات القوية في الولايات المتحدة عودة السفر الجوي في أمريكا الشمالية لتتجاوز آسيا للمرة الأولى، منذ عطلة العام القمري الجديد في فبراير.
شركات الطيران في الولايات المتحدة واصلت تحقيق الزخم في الأسبوع الماضي، وفقاً لبيانات متعقب الرحلات "أو إيه جي"، وتقهقرت آسيا، التي سبقت جميع المناطق في وقت سابق، نتيجة إيقاف دول مثل سنغافورة وإندونيسيا السفر الجوي لمكافحة الزيادة في حالات الإصابة بفيروس كورونا.
اللقاح كلمة السر
يسلط هذا التحول الضوء على قوة البرامج السريعة لتوزيع لقاح كوفيد في إعادة أنشطة مثل الترفيه والسياحة، التي أصبحت شديدة الخطورة مع بداية الأزمة العام الماضي. وتحرز الدول التي وزعت اللقاحات بسرعة تقدماً سريعاً تجاه عودة الطيران مثل أوروبا، حيث بدأت العديد من الدول تخفيف القيود.
لا تزال الحركة الجوية في أوروبا تتخلف عن بقية العالم المتقدم، لكنها بدأت في سد الفجوة، وأصبح التقدم ممكناً مع تزايد عدد الأشخاص الذين يحصلون على التطعيمات، لا سيما في بريطانيا وأيضاً في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي بعد بداية بطيئة.
استجابت الدول الآسيوية التي تشعر بوطأة الحالات المتزايدة بتشديد القيود لمواجهة تهديد فيروس كورونا شديد العدوى، الذي انتشر لأول مرة في الهند. وعلقت سنغافورة وهونغ كونغ الأسبوع الجاري خطط فقاعة السفر التي كان من المقرر أن تبدأ في 26 مايو.
على الرغم من اتخاذ الدول الغربية أيضاً مثل تلك الإجراءات، فقد ركزت على تسريع توزيع اللقاح لحماية شعوبها. ولكن دولاً مثل سنغافورة، وتايلاند، وتايوان لا تزال تتخلف كثيراً عن الولايات المتحدة، وبريطانيا، وإسرائيل في تطعيم الأفراد.
تعافي حركة السفر الجوي
بشكل عام، ارتفعت حركة السفر الجوي الأسبوع الماضي، وارتفعت السعة العالمية بمقدار نقطة واحدة إلى 58% من مستويات ما قبل الأزمة، استناداً إلى متعقب الرحلات الأسبوعية من "بلومبرغ"، والذي يستخدم بيانات "أو إيه جي" لمراقبة نشاط العودة.
تضرر الطيران بشدة خلال الوباء، وخسر القطاع 126 مليار دولار العام الماضي، ومن المتوقع أن ينزف 48 مليار دولار أخرى العام الجاري، وفقاً لتقديرات اتحاد النقل الجوي الدولي. ولا ترغب الحكومات التي أغلقت الحدود في وقت مبكر في التخفيف بسرعة كبيرة، وتخشى أن تنتكس -مثل الهند- عن التقدم في مكافحة المرض الذي أودى حتى الآن بحياة ما يقرب من 3.4 مليون شخص.
تعني الوتيرة الحذرة لإعادة الفتح أن فرص الانتعاش القوي في قطاع السياحة الأوروبي خلال الصيف الجاري تعتمد على ذروة الموسم في شهري يوليو وأغسطس وحتى سبتمبر، وهي فترة عودة السياح إلى العمل. لكن العام الجاري يحمل أملاً في أن الطلب المكبوت من الجماهير التي تلقت اللقاح سيمد الموسم لشهر إضافي.
الطيران الداخلي في وضعٍ أفضل
كان أداء شركات الطيران داخل الأسواق المحلية الكبيرة مثل الصين، والولايات المتحدة، وأستراليا أفضل بشكل عام من تلك الموجودة في مناطق أصغر، مثل بريطانيا، أو سنغافورة، أو اليونان. ولكن بدأ يتحول هذا النشاط بدفع كبير من اللقاحات.
في الولايات المتحدة، حيث تلقى 48% من السكان جرعة واحدة على الأقل، رفعت شركات الطيران سعة الوجهات الدولية إلى منطقة البحر الكاريبي وأمريكا اللاتينية بدعم من الطلب من المسافرين المتلقين للقاح والأقل خوفاً من ركوب الطائرات. ومع ذلك، فإن الرحلات الداخلية لا تزال تشكل 85% من الإجمالي العالمي.
بشكل عام، تنخفض السعة الأمريكية الآن بنسبة أقل من 25% مقارنة بنفس الأسبوع في عام 2019، بعد أن قفزت بأكثر من 7% الشهر الماضي نتيجة زيادة أكبر ثلاث شركات، وهم "أمريكان إيرلاينز"، و"دلتا إيرلاينز"، و"يونايتد إيرلاينز"، للسعة، وكذلك فعلت شركة "ساوث ويست" للرحلات منخفضة التكلفة وغيرها.
على هامش معرض سوق السفر العربي في دبي الأسبوع الماضي، قال جورج ميشالوبولوس، المدير التجاري لشركة "ويز إير هولدينغز" المجرية للطيران منخفض التكلفة، إن "وتيرة توزيع اللقاحات تسارعت بالفعل.. وتتقدم الولايات المتحدة على أوروبا بشهرين إلى ثلاثة أشهر، لكن هذا مؤشر على ما يحمله المستقبل".
أوروبا تواصل التقدم
في أوروبا، تعقدت عودة السفر الدولي بسبب القواعد الحدودية أحادية الجانب من قبل أكثر من عشرين دولة. لكن تم إحراز تقدم الأسبوع الجاري إذ قامت بريطانيا، التي تلقى 55% من سكانها اللقاح، بإزالة الحظر القانوني على الرحلات الترفيهية. وكانت البرتغال المشمسة، إحدى الدول القليلة المدرجة على "القائمة الخضراء" لبريطانيا، المستفيد الأكبر من هذا القرار.
كما اتخذت اليونان، وإيطاليا، وفرنسا خطوات واسعة مع تسارع التطيعم في الاتحاد الأوروبي وبدء خطط لاستقبال المزيد من الزوار الخارجيين. وبشكل عام، تقلصت فجوة سعة شركات الطيران مقارنة بمستويات 2019 بنسبة 4.4% الأسبوع الماضي، وهي أكبر نسبة بين كل المناطق.
على الرغم من أن التطعيمات هي العامل الأكثر أهمية في العودة إلى السفر من المنظور الطبي، من المتوقع أن يكون لإنهاء القيود الحدودية تأثير مباشر أكبر في تحويل الطلب المكبوت إلى مبيعات في التذاكر، بحسب جون غرانت، كبير المحللين في "أو إيه جي".
وفي هذا الصدد يقول غرانت:
يتعين على الحكومات أن تتصرف بمسؤولية، وتتعاون مع بعضها، بدلاً من القرارات أحادية الجانب بشأن الإغلاقات.. فهذه الأنواع من المواقف تدمر ثقة الجميع وتحبط شركات الطيران.
عبور المحيط
يتمثل هدف شركات الطيران الأمريكية والأوروبية في بدء حقيقي للرحلات عبر المحيط الأطلسي. انهارت السوق شديدة الربحية العام الماضي عندما ظهر الفيروس لأول مرة في الغرب، وبدأت بعض الدول الأوروبية مثل إيطاليا تخفيف القيود على الأمريكيين، ولكن الفتح ليس متبادلاً بعد.
ويوم الثلاثاء، ضمت شركة "لوفتهانزا" صوتها إلى مجموعة متزايدة من شركات الطيران التي تطالب صناع القرار من واشنطن ولندن إلى بروكسل بتغيير القواعد، وقالت شركة الطيران الألمانية، إنها ستضيف رحلات إلى أتلانتا وأورلاندو، بدءاً من يونيو، استناداً إلى الطلب المتزايد بعد تخفيف القيود في بلدها الأم.
ضغوط لإعادة فتح الاقتصاد
في نفس الوقت، تضغط الشركات الأمريكية، مثل سلاسل الفنادق وشركات تأجير السيارات، بقوة لإعادة فتح الاقتصاد، ويستهدف الاتحاد الأوروبي رفع القيود الموصى بها على الزائرين من الولايات المتحدة في الوقت الذي يتبنى الشهادة الخضراء الرقمية، التي من شأنها أن تسهل الفحص على الحدود.
يتوقع جون غرانت، كبير المحللين في "أو إيه جي" أن يعود جزء كبير من سوق السفر الجوي عبر الأطلسي سريعاً، بمجرد رفع القيود، نظراً لأن تلك الطرق هي من بين الأكثر ربحية بالنسبة للعديد من شركات الطيران، كما أن هناك طلباً مكبوتاً هائلاً. ويلفت إلى أن استعادة جداول السفر بالكامل لن تتحقق قبل العام المقبل.
في نفس الشأن يقول دين دويل، المدير التنفيذي للخطوط الجوية البريطانية، إن أحد محفزات الانتعاش قد يكون اجتماع مجموعة السبع في "كورنوال" في إنجلترا والذي يقام في الفترة من 11 إلى 13 يونيو. ويتوقع أن تكون بريطانيا "أول دولة في هذا الجانب من المحيط الأطلسي التي يسمح لها باستئناف السفر إلى الولايات المتحدة لغير الأمريكيين".