بلومبرغ
يمكن أن يخفف خط أنابيب "نورد ستريم 2" المثير للجدل أزمة الغاز في أوروبا، وتقول روسيا، إنَّ المشروع يسير على الطريق الصحيح، لكنَّ العقبات ما تزال قائمة، وقد يمتدُّ إزالة بعضها إلى شهور.
اكتمل ربط 1200 كيلومتر في قاع بحر البلطيق حتى ألمانيا، وبدأ الخط يستقبل الغاز في مرحلة اختبار. حصلت شركة "غازبروم" المصدِّرة على موافقة دنماركية لبدء تشغيل أحد الخطوط هذا الأسبوع، لكن هذا يحتاج إلى إيعاز حاسم من ألمانيا قبل أن يتدفَّق الوقود إلى أوروبا الغربية، وإليكم نظرة على ما يحمله المستقبل.
بدء تجارب ضخ الغاز الطبيعي الروسي في خط "نورد ستريم 2"
يجب أن تقتنع الجهة التنظيمية الألمانية (Bundesnetzagentur) باستيفاء الشركة المشغِّلة "نورد ستريم 2" (Nord Stream 2) متطلَّبات لوائح الاتحاد الأوروبي التي تلزم بالتفريق بين نقل الغاز عن الإنتاج والمبيعات، والمعروف باسم "الفصل".
لدى الدولة مهلة حتى مطلع يناير لتقديم مسوَّدة قرار بشأن الاعتماد، ترسلها إلى المفوضية الأوروبية للمراجعة، ويكون لدى الاتحاد الأوروبي بعدئذ شهران للتصرف، وهو إطار زمني يمكن تمديده إلى شهرين آخرين، مما قد يمدِّد العملية حتى مايو.
مقاومة سياسية
جلبت أزمة الغاز في أوروبا اعتماد المنطقة على روسيا، وهي أكبر مورِّديها، إلى دائرة الضوء. فقد قلَّصت شركة "غازبروم" التدفُّقات إلى القارة، لأنَّها تجدِّد مخزوناتها الخاصة استعداداً لفصل الشتاء، مما أثار انتقادات بأنَّها تحجب الإمدادات لفرض الموافقة على "نورد ستريم 2" بشكل أسرع، لكنَّ الشركة تقول، إنَّها تفي بجميع الالتزامات التعاقدية.
هناك مخاوف لدى البرلمان الأوروبي من أن تبدأ "نورد ستريم 2" بتمرير الغاز دون الموافقات اللازمة، نظراً لأنَّ الحصول على التصديق يتطلَّب شهوراً، ولأنَّ أوروبا تواجه الشتاء بأدنى مستويات مخزون غاز لأكثر من عقد. دعا كبار المشرِّعين الثلاثاء المفوضية الأوروبية لممارسة جميع سلطاتها لضمان الامتثال لقانون الاتحاد الأوروبي.
الكرملين: تشغيل "نورد ستريم 2" سيحد من ارتفاع أسعار الغاز في أوروبا
قالوا، إنَّ المشروع لا يفي بعد بمعايير الفصل، وحثوا على ضرورة وجود "رأي واضح وقوي للمفوضية في إجراءات التصديق".
تلقَّت "نورد ستريم 2" الأربعاء دفعة في معركتها ضد تحديث 2019 لقانون سوق الغاز في الاتحاد الأوروبي، و الذي أخضع جميع خطوط الأنابيب الجديدة والحالية لمورِّدين أجانب لمتطلَّبات فتح سوق الطاقة في الكتلة. قال المحامي العام بمحكمة العدل الأوروبية ميشال بوبيك في رأي غير ملزم، إنَّ الشركة يمكنها الطعن في التشريع. رفضت المحكمة دعوى "نورد ستريم 2" العام الماضي لإلغاء التشريع، وعادة ما تكون آراء المحكمة مؤشراً جيداً لما قد يكون عليه القرار النهائي.
يتعيّن على السياسيين أيضاً أن يوازنوا بين حاجة الاتحاد الأوروبي لتأمين الطاقة و التحول المتسارع عن الوقود الأحفوري. لا يمكن استبعاد المزيد من العقبات السياسية في ظل التوقُّعات بأن يلعب حزب الخضر الألماني دوراً رئيسياً في محادثات الائتلاف بعد الانتخابات الأحدث في الدولة.
المخاطر القانونية
قال المشرِّعون في رسالة لمفوَّض الطاقة في الاتحاد الأوروبي كادري سيمسون، إنَّ الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي يجب أن تكون مستعدة لاستخدام "تدابير مؤقتة" إذا بدأ خط "نورد ستريم 2" شحن الغاز إلى ألمانيا قبل الحصول على الموافقات اللازمة.
بعدما أعلنت مشغِّلة خط الأنابيب أنَّها باشرت بملء أحد الخطوط بالغاز، سعت الجهة التنظيمية الألمانية أيضاً لضمان عدم بدء التدفُّقات قبل الحصول على الموافقات المطلوبة، وقالت في 4 أكتوبر: "وفق المعلومات المتاحة للوكالة الاتحادية للشبكات، لا يمكن استبعاد أن تشغِّل (نورد ستريم 2) الرابط البيني في المستقبل القريب" وطلبت "دليلاً على تلبية جميع المتطلَّبات التنظيمية" لوصول طرف ثالث إلى السوق.
"غازبروم" الروسية تعزز الإنتاج بحقل غاز ضخم لمواكبة الطلب الكبير في الشتاء
يُرجح أن تُكتشف أي تدفُّقات مبكرة عبر خط الأنابيب بسرعة، كما ستكون جميع الأطراف المعنية عرضة للعقوبات. كما لا يتضح ما إذا كانت الشركة المشغِّلة على استعداد للمخاطرة بغرامة، متعللةً بحاجة أوروبا الماسة للوقود.قالت "نورد ستريم2" عدَّة مرات، إنَّها ستتبع جميع الإجراءات اللازمة قبل بدء تشغيل الخط.
قبل نهاية 2021
ما يزال بعض متتعبي القطاع، بدءاً من "بنك أوف أمريكا" إلى "خدمات استخبارات السلع المستقلة" (ICIS)، يرون إمكانية أن يبدأ تشغيل خط "نورد ستريم 2" العام الجاري، خاصة إذا أدت أزمة الطاقة في أوروبا لتسريع الموافقات التنظيمية.
وقال توم مارزيك مانسر، المحلل في "ICIS": "ما يزال من الممكن تشغيل (نورد ستريم 2) ببعض طاقته خلال 2021... ولمجرد أنَّ الجهة التنظيمية أمامها مهلة أقصاها أربعة أشهر للموافقة على الطلب؛ لا يعني بالضرورة أنَّ الأمر سيستغرق أربعة أشهر".
"سيتي غروب": سعر الغاز الطبيعي قد يقفز إلى 100 دولار
يرى كثيرون من غيرهم أنَّ التشغيل سيؤجَّل إلى العام المقبل. قدَّرت "إنرجي أسبكتس" أنَّ التدفُّقات ستبدأ في فبراير، قائلة إنَّ المخاطر "تميل إلى أن يكون التشغيل لاحقاً لذلك، وليس مبكراً عنه". ترى "في تي بي كابيتال" (VTB Capital) أنَّ العمليات قد تبدأ "من منتصف عام 2022".
حتى إن بدأ تشغيل خط الأنابيب قريباً؛ لا يتضح ما إذا كانت لدى روسيا طاقة إنتاجية احتياطية كافية لزيادة الصادرات إلى أوروبا سريعاً أم لا، خاصة في ظلِّ ارتفاع الطلب المحلي. يصرُّ معارضو مشروع "نورد ستريم "2 على أنَّ "غازبروم" تملك بالفعل طرقَ توصيل كافية عبر دول أخرى. قال محللون، إنَّ نقص الإمدادات مشكلة تتعلَّق بالقدرة الإنتاجية.
استناداً لذلك؛ من المحتمل أن يساعد "نورد ستريم 2" فقط في التخفيف من نقص الغاز الحاد في المنطقة لا القضاء عليه. وبالتالي؛ سيكون التأثير على الأسعار على المدى القريب محدوداً مع اعتماد أوروبا على عدد من عوامل العرض والطلب لتخفيف الأزمة.