يدعم إنفاق "سوفت بنك غروب" الغزير على الشركات الناشئة والشركات المتداولة في البورصة استراتيجية المؤسس ماسايوشي سون تماماً، مما يؤدي إلى زيادة الأرباح وسعر السهم. لكن دفعت هذه النفقات الضخمة ميزانيتها العمومية إلى فجوة، يكون المخرج الوحيد منها هو البدء في البيع.
انخفض صافي دخل الشركة اليابانية بنسبة 39% في الربع المنتهي في شهر يونيو، في حين هبطت أرباح وحدتها الاستثمارية التي تحمل اسمها بنسبة 90% تقريباً وسط تراجع في أسعار أسهم الأصول الأساسية، مثل: شركة تقديم خدمة استدعاء سيارات الركوب "أوبر"، وشركة التجارة الإلكترونية "كوبانغ" (Coupang). أصبحت مثل هذه التقلُّبات سمة طبيعية لأرباح "سوفت بنك"، لأنَّها باتت تتأثَّر بشكل مباشر بتذبذب سوق الأسهم، وتقييمات الشركات الناشئة.
انخفض مقياس رئيسي آخر لمركزها المالي إلى أدنى مستوى منذ ما يقرب من ثلاث سنوات، وهو تشوُّه لا يمكن إعادة ضبطه من خلال عودة ارتفاع أسعار الأسهم. تراجع معدل رأس المال العامل لـ"سوفت بنك " – الذي يقيس الأصول المتداولة مقسومة على الخصوم المتداولة - إلى 0.78. يشير الرقم الأقل من الواحد الصحيح إلى استحقاق أموال أكثر من كمية الأصول السائلة المتاحة حالياً. يتكوَّن جانب الأصول من هذه المعادلة إلى حدٍّ كبير من السيولة النقدية والحسابات الدائنة، التي انخفضت، في حين ارتفعت الديون، وهي في الأساس قروض وسندات سيجري سدادها خلال الأشهر الـ 12 المقبلة.
النفقات
من بين النفقات الأخيرة، هناك 101.4 مليار ين (919 مليون دولار) تمَّ إنفاقها على شراء أسهم جديدة من شركة "وي كو" (المعروفة باسم "وي وورك"، أو (WeWork)؛ وهي شركة التأجير الناشئة المتعثِّرة التي انهارت تقريباً قبل عامين من إنقاذها من قبل "سوفت بنك". كما استثمرت الشركة 800 مليون دولار في صندوق "لاتين أمريكا فاند" الجديد، وهو جزء من خطط لتحقيق نمو جديد خارج آسيا، لدفع ثمن هذه الصفقات، على الرغم من ذلك، غمست الشركة مرة أخرى يدها في بنك تابع لمجموعة "علي بابا غروب" للحصول على قرض هامشي بقيمة 1.88 مليار دولار، باستخدام أسهمها في شركة التجارة الإلكترونية الصينية الناشئة كضمان.
الضغوط
لم يكن العام الماضي وقتاً مناسباً لاستخدام شركات التكنولوجيا الصينية كدعم للقروض. وقعت مجموعة "علي بابا" وأقرانها في سلسلة من الإجراءات الصارمة بسبب مخاوف تتراوح من حماية البيانات إلى انتهاكات قواعد مكافحة الاحتكار، مما أدى إلى انخفاض سهمها بنسبة 40% تقريباً من أعلى مستوياته في شهر أكتوبر الماضي.
كما يتعرَّض الوضع المالي لـ"سوفت بنك" لمزيد من الضغط بسبب تزايد احتمالية انهيار صفقة بيعها لشركة تصميم الرقائق الإلكترونية البريطانية "أرم ليمتد" إلى "نفيديا كورب" بقيمة 40 مليار دولار، بالإضافة إلى قلق حكومة المملكة المتحدة بشأن الصفقة.
قد يكون الفشل، أو حتى التأخير، في تلك الصفقة بمثابة ضربة كبيرة. من المقرَّر أن تغطي الشركة الأمريكية للرقائق الإلكترونية لمعالجة الرسومات 12 مليار دولار من قيمة الصفقة نقداً، ولا يمكن أن يحدث ذلك حتى تكتمل الصفقة.
المخرج
آخر مرة تراجع فيها معدل رأس المال العامل لـ "سوفت بنك" إلى هذا الحد، كان في شهر سبتمبر 2018، و قد خرجت " سوفت بنك" من المأزق من خلال تصريف أسهم، بما في ذلك بيع حصة بقيمة 4 مليارات دولار في شركة التجارة الإلكترونية الهندية الناشئة "فليب كارت"، بالإضافة إلى حصص في شركتي الاتصالات الأمريكية واليابانية "تي-موبايل يو أس إنك"، و"سوفت بنك كورب". كما استخدمت الشركة في ذلك الوقت أيضاً أصولها في شركة "نيفيديا كورب"- التي تمَّ شراؤها في السوق المفتوح قبل فترة طويلة من صفقة شركة "أرم" – وشركة "علي بابا" كدعم لمزيد من القروض.
لكن معظم هذه الأصول غير متوفِّرة الآن. يمكن أن تستمر "سوفت بنك" في الاقتراض بضمان حصَّتها في "علي بابا"، لكن هذا البئر يكاد يكون جافاً. بدلاً من ذلك، من المحتمل أن تحتاج إلى عمل مقاصة مع أكثر ممتلكاتها سيولة، التي تشمل 5.6 مليار دولار تمَّ بناؤها بهدوء في شركة "أمازون"، و 812 مليون دولار في شركة " تايوان سيمي كونداكتر مانيوفاكشرينغ"، و702 مليون دولار في "باي بال هولدينغز".
تأتي بعد ذلك شركات ناشئة تفوق قيمتها المليار دولار. و تمَّ بالفعل طرح معظم الأسماء الكبيرة في صندوق "فيجين فاند" في سوق المال، وكان أحدثها الطرح العام الأولي في شهر يونيو الماضي لمزوِّد خدمة مشاركة سيارات الركوب الصينية "ديدي غلوبال" ، وشركة توصيل الطعام "دور داش إنك"، وشركة "كوبانغ". ماتزال "سوفت بنك" متمسِّكة بحصَّصها في هذه الشركات، لكن هذا الأمر يحتاج إلى التغيير مع اقتراب مدفوعات الديون. كما أنَّ هناك أيضاً "بايت دانس"- الشركة التي تقف وراء خدمة بثِّ الفيديوهات القصيرة "تيك توك"- من بين آخر المصادر المتاحة الجيدة للنقد. لكن سيقع حتماً الطرح العام لأسهمها، الذي تمَّ تحديد موعده مؤخراً في بورصة هونغ كونغ، في دائرة التدقيق المستمر من جانب بكين لشركات التكنولوجيا، مما يجعله مصدراً غير موثوق به للسيولة في أيِّ وقت قريب.
لكن، لا يمكن لتلك الديون أن تنتظر. لذا يتوقَّع المصرفيون وحاملو السندات سداد 8.6 تريليون ين (78 مليار دولار) في الأشهر الـ 12 المقبلة في الوقت المحدَّد للسداد، مما يعني أنَّ المزيد من الاستثمارات ستكون ذات أولوية أقل مقابل بيع الأصول، وتوفير السيولة، لتُثبت "سوفت بنك " للمساهمين والدائنين أنَّ إنفاقها الغزير كان يستحق الرهان.