تطوير إيران للطائرات المسيرة يعيد صياغة مفهوم الحروب

12 دولة تعتمد على تكنولوجيا الطائرات الإيرانية المسيرة التي تعيد صياغة تجارة الأسلحة عالمياً

time reading iconدقائق القراءة - 27
حطام الطائرة \"شاهد-136\" في معرض للطائرات المسيرة والصواريخ الروسية المستخدمة لمهاجمة كييف  - المصدر: بلومبرغ
حطام الطائرة "شاهد-136" في معرض للطائرات المسيرة والصواريخ الروسية المستخدمة لمهاجمة كييف - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

في يناير، أسقط المتمردون الذين يقاتلون الجيش السوداني طائرة مسيّرة بالقرب من الخرطوم. وعندما نشر المسلحون المهللون فرحاً بهذا النصر مقطع فيديو للحطام على وسائل التواصل الاجتماعي، قدموا نقطة بيانات جديدة حول مدى قدرة التكنولوجيا الإيرانية على إعادة صياغة تجارة الأسلحة عالمياً.

الطائرة المسيّرة التي ظهرت في مقطع الفيديو- وقد جرى تصميمها بشكل واضح على غرار نموذج "أبابيل" الإيراني الذي يعتبر بمثابة العمود الفقري للقوات شبه العسكرية في جميع أنحاء الشرق الأوسط منذ تطويره في تسعينيات القرن الماضي- تبرز تعديلاً في التصميم: حيث يوفر إطاراها الأماميان، بدلاً من الطائرة المعتادة، دليلاً واقعياً على أن السودان يجري تعديلاً على الطائرة الإيرانية المسيّرة بما يلائم سلاحه الخاص، والذي يطلق عليه اسم "زاجل-3".

يأتي هذا الكشف في أعقاب تكثيف إنتاج الطائرات المسيّرة الإيرانية في العامين الماضيين في خمس دول أخرى على الأقل، من أميركا الجنوبية إلى آسيا الوسطى. وفي الآونة الأخيرة، بدأت روسيا بتصنيع طائرات إيرانية مسيّرة لاستخدامها في حربها في أوكرانيا، مما رفع عدد الدول التي تستخدم هذه التكنولوجيا أو تحظى بمساعدة إيرانية أو قطع غيار، إلى 12 دولة على الأقل.

يشكّل إتقان إيران لحرب الطائرات المسيّرة منخفضة التقنية نسبياً، مخاطر جديدة وشيكة على استقرار الشرق الأوسط؛ إذ هدد قادتها الأسبوع الماضي بالانتقام من إسرائيل بسبب الغارة الجوية على سفارتها في سوريا، والتي أسفرت عن قتل ضباط في الحرس الثوري الإيراني.

وفي وقت سابق من العام الجاري، قُتل ثلاثة من أفراد الخدمة الأميركية وأُصيب أكثر من 40 آخرين بطائرة مسيّرة انتحارية إيرانية التصميم في قاعدة "البرج 22" العسكرية الأميركية في الأردن. أكثر من ذلك، فإن دور طهران المتزايد في نشر التكنولوجيا المبتكرة للجماعات المسلحة والجيوش في كل مكان، أثار الأجواء العدائية الإقليمية في أربع قارات.

دبلوماسية الطائرات المسيرة التي تتبعها إيران تدر عليها العملات الأجنبية لتمويل صناعتها الدفاعية، وتعزز تحالفاتها الاستراتيجية، وتجعلها عملاقة في تجارة الأسلحة، مع قدرتها على تغيير طبيعة الصراع في جميع أنحاء العالم.

اقرأ أيضاً: الاستخبارات الأميركية حذرت من خطر "مسيرات إيران" قبل هجوم "البرج 22"

المسيّرات الإيرانية تتفوق على نظيراتها التقليدية

إيران، المقيدة بالعقوبات الاقتصادية لأكثر من 40 عاماً، تكسر الطابع التقليدي في صناعة طائرات نموذجية تُدار بالأساس بمحركات تهذيب الأعشاب، ومستوحاة من مكونات أميركية الصنع تم الحصول عليها عبر الإنترنت ومتاجر التجزئة، كما أنها مزوّدة بأسلحة تتيح لها القيام بمهام حربية. وبعيداً عن برنامجها الصاروخي، أو شبكتها الإرهابية الشهيرة، أو حتى ما وصفته الولايات المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية بجهود إيران السابقة في مجال الأسلحة النووية، فإن هذه المسيّرات تجعل من إيران قوة ذات طموحات بعيدة المدى على نحو متزايد. وتواجه الولايات المتحدة وحلفاؤها مثل إسرائيل، صعوبات في التعامل مع هذا الوضع، وخاصة في المنطقة المحتدمة الممتدة من العراق عبر سوريا إلى لبنان والأردن وغزة واليمن.

يقول ماثيو ماكينيس، وهو ضابط استخبارات في البنتاغون منذ 15 عاماً، وعمل خلال الفترة من 2019 إلى 2021 كنائب للممثل الخاص لوزارة الخارجية الأميركية لدى إيران إن "العامين الماضيين كانا فترة من التسارع المفرط في التكتيكات والتقنيات الجديدة لاستخدام إيران للطائرات المسيرة، أو المركبات الجوية المسيرة. جميع الدول متخلفة عن اكتشاف القدرات الدفاعية" الخاصة بإيران.

من جانبها، وعلى الرغم من التسريب الأخير للوثائق المخترقة التي تشير إلى خلاف ذلك، فقد أنكرت إيران مراراً بيع طائرات مسيرة لروسيا من أجل استخدامها في أوكرانيا، لكنها اعترفت بأنها أرسلت "عدداً محدوداً" قبل غزو فبراير 2022.

قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان في يناير إن بلاده ليست مسؤولة عن تقليد الدول الأخرى للطائرات الإيرانية المسيّرة. وفي تصريح لـ "بلومبرغ نيوز"، قالت بعثة إيران الدائمة لدى الأمم المتحدة: "من وجهة نظر أخلاقية، تمتنع إيران عن الانخراط في صفقات أسلحة مع أي طرف متورط في صراعات نشطة مع طرف آخر؛ بسبب المخاوف بشأن الاستخدام المحتمل لمثل هذه الأسلحة خلال فترة الصراع".

قدرة على التخفي

أصبحت الطائرات المسيّرة الإيرانية أفضل وأكثر قدرة على التخفي. فالطائرة التي ضربت موقع "البرج 22" في يناير الماضي، اخترقت الدفاعات الأميركية من خلال اللحاق بطائرة أميركية مسيّرة كانت تهبط هناك، مما يعني أن بعض الدفاعات ربما تكون معطلة، وفقاً لعضوين في مجموعة مراقبة الصراع السورية "إيتانا سوريا" (ETANA Syria).

ويقول جويل رايبورن، وهو ضابط استخبارات بالجيش الأميركي منذ فترة طويلة وعمل بين عامي 2017 و2021 كمسؤول كبير في الشرق الأوسط بمكتب التحقيقات الفيدرالي بمجلس الأمن القومي الأميركي ووزارة الخارجية، إن المجموعة تتتبع وتحلل البيانات من شبكة شهيرة تضم اتصالات عسكرية ومدنية بالشرق الأوسط. أضاف: "البيانات التي يجمعونها تمكنهم من رؤية الاتجاهات الناشئة في الوضع الأمني في كثير من الأحيان قبل ظهورها".

اقرأ أيضاً: كيف خدعت "مسيّرة" القوات الأميركية في موقع "البرج 22" العسكري؟

تهديد متزايد للسلم والأمن الدوليين

وصف متحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية شراء إيران للطائرات المسيرة وتطويرها ونشرها بأنه "تهديد متزايد للسلم والأمن الدوليين"، مشيراً إلى أن وزير الدفاع لويد أوستن شكّل الشهر الماضي لجنة تضم كبار القادة لإيجاد طرق فعالة للتعامل مع هذه المشكلة، و"هذا التحدي العملياتي العاجل". ومع ذلك، لم يصدر البنتاغون سوى القليل من المعلومات حول الهجوم الذي وقع في الأردن.

ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن مصدر دفاعي قوله إنها طائرة من طراز "شاهد-101"، وهي مسيّرة وهجومية صغيرة الحجم، ولا تحتاج إلى معدات خاصة للإطلاق، وتحلّق على ارتفاع منخفض للتخفي من أجهزة الرادار بشكل أفضل، ويمكنها الطيران لمسافة 700 كيلومتر على الأقل (435 ميلاً)، أي ثلاثة أضعاف المدى الذي تقطعه الطائرة "أبابيل-2"–التي تعد الدعامة الأساسية السابقة للجماعات المسلحة الإقليمية. نفذت الطائرة "شاهد-101" ضربتين ناجحتين على الأقل ضد القوات الأميركية في يناير، حيث اخترقت الدفاعات الأميركية، قبل أن تعلن إيران أنها ستسحب وكلاءها لتخفيف التوترات.

يُعتقد أن إيران قامت بتكييف قدرات مناورة الحجب، وهي خدعة قديمة تقوم بها الطائرات المأهولة، ولكنها جديدة بالنسبة إلى الطائرات المسيرة، ومستوحاة من تجربة روسيا في أوكرانيا.

ووتوجّه محللون إيرانيون إلى روسيا لدراسة نجاح طائرات "شاهد-136" الإيرانية المسيرة التي تم تصنيعها هناك بالآلاف لاستخدامها ضد أوكرانيا، ولمواصلة تحسين أساليب المراوغة، كما يقول نيكيتا سماجين، خبير الشؤون الإيرانية في مجلس الشؤون الدولية الروسي في موسكو.

يقول ماكينيس، المبعوث الأميركي السابق وضابط الاستخبارات إن "روسيا وإيران تستفيدان من تجارب بعضهما. هذا لا يقل أهمية عن تبادل التكنولوجيا في حد ذاته".

في البحر الأحمر، تمكنت جماعة الحوثي المدعومة من إيران من خفض حركة التجارة عبر قناة السويس بأكثر من 50% هذا العام، من خلال إطلاق طائرات مسيّرة وصواريخ تستهدف سفن الشحن. ومنذ اندلاع الحرب بغزة في أكتوبر الماضي، قصفت الجماعات المسلحة المدعومة من إيران في سوريا والعراق قواعد عسكرية أميركية نائية في المنطقة عشرات المرات، بما في ذلك الضربة القاتلة في يناير.

اقرأ أيضاً: واشنطن تعلن إسقاط صواريخ ومسيرات حوثية أُطلقت باتجاه خليج عدن

طرز أحدث

أصبح استخدام الطائرات المسيّرة في إيران أكثر تعقيداً بعد انسحاب إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب من الاتفاق النووي الإيراني في عام 2018. أجرى الدبلوماسيون الأميركيون والأوروبيون مفاوضات امتدت لعامين آخرين تهدف إلى تمديد القيود ذات الصلة التي فرضها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على مبيعات الصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانية.

لكن بعد قتل الولايات المتحدة للواء الإيراني قاسم سليماني في غارة بطائرة مسيرة في بغداد في يناير من عام 2020، من غير المرجح أن تقبل إيران وداعمتها روسيا أي قيود أخرى تفرضها الأمم المتحدة على برامج الأسلحة الإيرانية، بحسب استنتاجات ماكينيس، الذي قاد المحادثات مع الحلفاء الأوروبيين. وانهارت المفاوضات، ثم انتظر الإيرانيون نتائج الانتخابات الأميركية، ثم اندلعت جائحة كورونا، وفق ماكينيس، ما جعل المحادثات صعبة.

انتهت القيود التي فرضتها الأمم المتحدة على إيران في أكتوبر، بعد أيام من اندلاع الحرب على غزة. وبعد بضعة أسابيع، كشف "الحرس الثوري" الإيراني عن أسلحته وطائراته المسيرة الأكثر تطوراً حتى الآن للمرشد الإيراني علي خامنئي، في متحف الطيران التابع له في طهران. تضمنت المسيرات الطائرة الأحدث "شاهد-139"، وهي نسخة متطورة من الطائرة "شاهد-129" متوسطة الارتفاع وطويلة المدى المنتشرة في سوريا، وطائرة التجسس المسيرة "شاهد-147" التي تحلق على ارتفاعات عالية وطويلة المدى، والتي يمكن مقارنتها بطائرة "نورثروب غرومان" من شركة "غلوبال هوك" (Global Hawk).

تم تصوير خامنئي نفسه بجوار الطائرة المسيرة "شاهد-149" المسماة أيضاً "غزة"، وهي مزوّدة بصواريخ مثبتة تحت جناحيها، ما يعني أن اسمها وتصميمها كانا لإرسال رسائل دقيقة.

تتميز الطائرة الهجومية المسيرة بوزن يتجاوز ثلاثة أطنان، وحمولة 13 قنبلة، ومدى تحليق يصل إلى 2500 كيلومتر، وهي مسافة كافية للوصول إلى إسرائيل.

وعُرض نموذج لطائرة "غزة" المسيرة في الجناح الإيراني بمعرض قطر السنوي للدفاع البحري في الدوحة الشهر الماضي. وفي 13 مارس، أعلن وزير الدفاع الإيراني أن إيران أصبحت الآن مكتفية ذاتياً في إنتاج محركات الطائرات المسيرة، وكشف أن إجمالي صادراتها من الأسلحة زاد أربعاً إلى خمس مرات خلال العامين الماضيين، وفقاً لوكالة الأنباء "إيرنا" الإيرانية الرسمية.

اقرأ أيضاً: تقدم روسي في تصنيع المسيرات الإيرانية محلياً قبل هجوم مرتقب على أوكرانيا

العقوبات أم الاختراع والتحايل

شكّلت العقوبات وسيلة جوهرية للاختراع، بل والتحايل. فإيران، التي تعرقلها القيود من شراء التكنولوجيا الغربية ذات الاستخدامات العسكرية المحتملة، تعتمد على ما تطاله أياديها من مكونات إلكترونية يمكن شراؤها من الموردين الآسيويين، أو استيرادها من الولايات المتحدة وأوروبا من خلال شبكة واسعة من الشركات الوهمية.

تفاصيل هذا النهج الذي يشبه أسلوب "جامع القمامة" هي التي تدير الطائرة الانتحارية المسيرة الأكثر فتكاً في إيران، وهي الطائرة "شاهد-136"، والتي تظهر بشكل مكثف في ساحات القتال الأوكرانية.

كل مكوّن تقريباً من أصل أميركي أو أوروبي، وفقاً لتحليل حطام الطائرات المسيرة من قبل اللجنة الأوكرانية المستقلة لمكافحة الفساد. على سبيل المثال، يستخدم "شاهد-136" شريحة اتصالات صنعتها شركة "أنالوغ ديفيسز" (.Analog Devices Inc) في ويلمنغتون بولاية ماساتشوستس، وهي معروضة للبيع عبر الإنترنت من موقع ويب لموزع إلكترونيات مقره بالمملكة المتحدة، ويعمل في هونغ كونغ، مقابل 2649 دولاراً هونغ كونغ (339 دولاراً أميركياً)، ومتوفرة في 11 دولة آسيوية أخرى. تستخدم الطائرة المسيرة نفسها وحدة تحكم دقيقة من شركة "تكساس انسترومنتس" (.Texas Instruments Inc) ومقرها في دالاس ومعروضة بسعر 290 دولاراً هونغ كونغ.

اقرأ أيضاً: عقوبات أميركية على شركات صينية لتعاونها مع منتجي المُسيرات في إيران

الالتزام بالعقوبات على إيران

قال متحدث باسم "تكساس انسترومنتس" إن الشركة تلتزم بجميع قيود التصدير الأميركية، وتطلب من موزعيها القيام بذلك أيضاً، وتجري عمليات تدقيق متعددة لطلبات العملاء، وتتخذ إجراءات إذا تبيّن وجود عمليات تحويل غير مشروعة.

وذكر متحدث باسم "أنالوغ ديفيسز" أن الشركة تلتزم بجميع العقوبات وعمليات الحظر المفروضة على إيران، وتحافظ على "عمليات مراقبة وتدقيق صارمة" لمنع عمليات التحويل غير المشروعة لمنتجاتها من قبل الموزعين. إلا أن بعض المشرعين لا يصدقون ذلك.

وقال عضو مجلس الشيوخ الأميركي الديمقراطي ريتشارد بلومنثال من ولاية كونيتيكت، خلال جلسة استماع عقدت في فبراير الماضي حول قيود التصدير الأميركية، إن الشركات الأميركية إما "تعرف أو ينبغي أن تعرف أين تذهب مكوناتها". ووصف التدفق المستمر للتكنولوجيا الأميركية إلى روسيا، والذي يظهر في الطائرات الإيرانية المسيّرة والصواريخ الروسية في ساحة المعركة الأوكرانية على الرغم من القيود المفروضة على التصدير، بأنه "يرمز إلى فشل أكبر ينطوي على آثار هائلة على الأمن القومي للولايات المتحدة".

الصناعة الأصلية للطائرات المسيرة في إيران هي قصة ابتكار أو زوال. فقد واجه النظام الإيراني عقوبات أميركية ودولية بشكل متقطع، منذ أن اقتحم المسلحون السفارة الأميركية في طهران عام 1979، ما يعني أن الاكتفاء الذاتي هو أسلوب حياة.

ثبتت إيران أولى الطائرات المسيرة محلية الصنع في ترسانتها خلال مواجهتها الطويلة ضد العراق في ثمانينيات القرن الماضي، عندما دعمت الولايات المتحدة والسعودية العراق في حربه مع إيران، التي أسفرت عن مقتل ربع مليون إيراني. في ذلك الوقت، كان المخططون العسكريون الغربيون لا يزالون يناقشون الآثار الأخلاقية والمتعلقة بساحة المعركة للطائرات المسيرة. إيران لم تتراجع قط. وظهرت منظومة لتطوير الطائرات المسيرة تضم الجامعات والشركات الخاصة ومراكز الأبحاث العسكرية.

اقرأ أيضاً: ماذا تعني الحرب الخفية بين إسرائيل وإيران؟

مشاركة التكنولوجيا مع سوريا

في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، شاركت إيران الكثير من تكنولوجيا الطائرات المسيرة مع سوريا، أقرب حليف لها في الشرق الأوسط، وفقاً لتقرير غير منشور صادر عن منظمة "إيتانا"، التي تتتبع عن كثب الأعمال العسكرية في المنطقة. انتقل العشرات من العلماء الإيرانيين إلى حلب في شمال سوريا للعمل في مختبر الأسلحة الرئيسي في البلاد، وشاركوا في تطوير أربعة نماذج من الطائرات المسيرة الانتحارية مع نظرائهم السوريين. حتى أن الفريق قام بتحويل طائرتين بجناحين ثابتين، وهما "ميغ 21" وطائرة صغيرة ذات هندسة عكسية من طراز "سيسنا"، إلى طائرات انتحارية مسيرة تم نشرها ضد الجماعات المسلحة المعارضة خلال الحرب الأهلية في سوريا.

يتم تهريب المكونات وتوجيهات التصنيع بشكل روتيني من سوريا إلى جماعة "حزب الله" المسلحة في لبنان، التي تنتج مجموعة من الطائرات المسيرة لمحاربة إسرائيل، وفقاً لتقرير "إيتانا".

يقول التقرير إن إيران وافقت في عام 2010 على تغطية جميع تكاليف الطائرات المسيّرة المنتجة بشكل مشترك، والأجزاء التي يتم تسليمها إلى "حزب الله". أحد نماذج المشروع المشترك، وهي طائرة المراقبة بدون طيار "أبابيل ثري دي آي" (Ababil-3DI)، تم تصنيعها في لبنان باستخدام معدات صنعتها شركتا "سامسونغ" و"هيونداي"، واستخدمت جهازاً صنعته شركة "آتن إنترناشونال" (ATEN International) في تايوان لنقل صور عالية الدقة إلى المحطات الأرضية لـ"حزب الله"، وفقاً لتقرير "إيتانا".

وفي عام 2022، أعلنت "آتن" أنها أوقفت جميع الصادرات إلى إيران. تمتلك كل من "سامسونغ" و"هيونداي" العشرات من الشركات التابعة، وليس من الواضح ما هي الوحدات التي يشير إليها تقرير "إيتانا". رفض الممثلون عن الشركات التعليق على الأمر.

دفعة للمسيرات الإيرانية

حصلت تكنولوجيا الطائرات المسيرة الإيرانية على دَفعة في عام 2011، عندما اختطفت القيادة السيبرانية في البلاد إلكترونياً طائرة "لوكهيد مارتن آر كيو 170 سنتينيل" (Lockheed Martin RQ-170 Sentinel) التي كانت تعمل على الحدود الأفغانية الإيرانية.

وأجرى خبراء الطيران الإيرانيون هندسة عكسية للطائرة المسيرة المصنوعة من الألياف الزجاجية على شكل خفاش، ووضعوها في علبة زجاجية في قاعدة لـ"الحرس الثوري" والتي حظيت بإعجاب الضيوف، وفقاً لمهندس عسكري سوري شاهدها لاحقاً. وفي عام 2018، ظهرت لأول مرة نسخة من الطائرة الأميركية المسيرة المحملة بالمتفجرات، من سوريا إلى إسرائيل خلال لحظة متوترة بشكل خاص في الشرق الأوسط. وأسقطتها المروحيات الإسرائيلية.

"هل يمكنك أن تتخيل لو انفجرت طائرة إيرانية مسيرة في تل أبيب؟ كان من الممكن أن يؤدي ذلك إلى نشوب حرب"، بحسب رايبورن، خبير الشؤون الإيرانية الذي كان ضمن طاقم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض في ذلك الوقت. أضاف: "كان ذلك قبل ست سنوات، وأدى مباشرة إلى ما ينشره الإيرانيون الآن في جميع أنحاء المنطقة".

واليوم في إيران، توفر شبكات الواجهة الأجنبية التي تديرها آلاف الشركات الخاصة قطعاً مستوردة، وأحياناً مكونات جاهزة لمصنعي الطائرات المسيّرة التابعة للدولة. ظهرت أوصاف سلاسل التوريد عبر القنوات الخلفية هذه في ما لا يقل عن ست لوائح اتهام أميركية تم تقديمها أو الكشف عنها منذ عام 2020، والتي تزعم أن الإيرانيين حاولوا غسل طلبات قطع غيار أميركية الصنع للطائرات المسيرة وأسلحة أخرى من خلال شركات تعمل في الصين والإمارات وتركيا وأوروبا.

تتعلق إحدى الحالات الأميركية بجلال روح الله نجاد، 46 عاماً، الذي تظهر محنته كيف يقضي بعض ألمع علماء ومهندسي الكمبيوتر في إيران الكثير من وقتهم في التهرب من العقوبات. تعد صناعات الدفاع والنفط من بين القطاعات القليلة في الاقتصاد الإيراني الخاضع للعقوبات والتي توفر فرص عمل للمهندسين، الذين يشكلون حوالي 40% من إجمالي السكان العاطلين عن العمل في إيران البالغ عددهم 2.5 مليون نسمة.

محنة نجاد

بعد تخرجه من الكلية في عام 2002، عمل روح الله نجاد في منظمة الصناعات الفضائية الجوية الإيرانية "في مشاريع بحثية كانت علمية 100%"، كما قال لاحقاً لقاضٍ فرنسي في جلسة الاستماع الخاصة بتسليمه.

تم إدراج منظمة الصناعات الفضائية، التي تدير برنامج الصواريخ الإيراني، ضمن قائمة المؤسسات الخاضعة للعقوبات من قبل الولايات المتحدة في عام 2005 والاتحاد الأوروبي بعد ذلك بعامين. حصل روح الله نجاد على درجة الدكتوراه في الهندسة البصرية من جامعة "هواتشونغ للعلوم والتكنولوجيا" في ووهان، بالصين، حيث شارك في الفترة من 2014 إلى 2017 في تأليف 15 ورقة بحثية حول أجهزة الاستشعار البصرية في المجلات العلمية. كان يعمل لدى شركة صينية تدعى "ووهان إيرسن تكنولوجي" (Wuhan IRCEN Technology)، والتي تزعم وزارة التجارة الأميركية أنها زودت صناعة الطيران الإيرانية بمكونات إلكترونية بصرية.

يقول روح الله نجاد، الذي رد كتابياً على أسئلة "بلومبرغ" عبر "لينكد إن"، إنه عمل لدى "ووهان إيرسن" لكسب المال للدراسة العليا، لكنه لم يصدر أي أجزاء إلكترونية بصرية أو سلع أميركية الصنع إلى إيران، والتزم بجميع القوانين الصينية والإيرانية.

انضم لاحقاً إلى شركة مقاولات دفاعية خاصة في طهران، والتي فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات عليها في عام 2017 لتزويدها مكونات إلكترونية لبرنامج الطائرات المسيرة التابع لـ"الحرس الثوري"، وهو نوع المورد الداخلي الذي تزرعه إيران لتقليل الاعتماد على الموردين الأجانب. يقول جون كريزيزانياك، الباحث الناطق بالفارسية في مشروع "ويسكونسن" للحد من الأسلحة النووية في واشنطن: "أدركوا أنهم ليس بوسعهم الاعتماد على أي شخص آخر".

في عام 2019، أُلقي القبض على روح الله نجاد بناءً على مذكرة اعتقال أميركية من قبل الإنتربول في مطار نيس، وسُجن في فرنسا بانتظار تسليمه إلى الولايات المتحدة لمواجهة اتهامات بشراء تكنولوجيا محظورة لإيران. بعد احتجازه لمدة 13 شهراً، تمت مبادلة روح الله نجاد بباحث فرنسي مسجون في إيران، وهو القرار الذي انتقدته الولايات المتحدة بشدة. كشف روح الله نجاد أنه سافر إلى نيس بناء على طلب مسؤول إيراني لمراجعة بعض الأبحاث الأوقيانوغرافية التي أجرتها شركة "مارين تيك" الفرنسية. وعلق قائلاً: "هناك خطأ".

القبض على شريك آخر

تم القبض على أحد شركائه المزعومين في مخطط المشتريات، وهو صابر فقيه، البالغ من العمر 48 عاماً، في المملكة المتحدة، وتم تسليمه إلى الولايات المتحدة، حيث أقر بأنه مذنب في انتهاك العقوبات في عام 2022 وحُكم عليه بالسجن لمدة 18 شهراً. وفي بيان اعتراف فقيه في المحكمة الجزئية الأميركية لمقاطعة كولومبيا، أوجز حيلة قادها روح الله نجاد ومواطن إيراني آخر متهم، لتصدير نظام ميكروويف صناعي عسكري من ماساتشوستس إلى إيران، بالإضافة إلى نظام إلكتروني مضاد للطائرات المسيرة من ولاية ماريلاند.

ينفي روح الله نجاد الاتهامات الأميركية، ويقول إنه لم يكن يعلم أن جهاز الميكروويف كان له أي استخدام عسكري. ويقول إنه كان يعمل كوسيط لشركة أغذية إيرانية أرادت شراء آلة لحفظ الأغذية. ورفض التعليق على النظام المضاد للطائرات المسيرة، والذي قال إنه لم يطلبه شخصياً.

بينما كانت المشتريات تنهار، أرسل روح الله نجاد بريداً إلكترونياً إلى فقيه لطمأنته بأنه سيتم الاعتناء به. وكتب روح الله نجاد، بحسب اعتراف فقيه: "يمكننا أن نبدأ بعض الأعمال الأخرى في مجال النفط والغاز لتغطية بعض العقوبات المفروضة على مشروع فرن الميكروويف". أضاف: "لدي بعض العلاقات في الحكومة الإيرانية [التي] يمكنها دعمنا". ويقول روح الله نجاد إنه كتب رسائل البريد الإلكتروني فقط لأنه شعر بأنه ملزم باستعادة أموال شركة الأغذية الإيرانية.

وأعرب روح الله نجاد عن فخره بإنجازات إيران الهندسية في مجال الطائرات بدون طيار وغيرها من التقنيات، في حين أنه غير مرتاح بشأن استخدامها. تابع: "معظمنا لا يحب استخدام الأسلحة في أي غزو، وخاصة من جانب روسيا في أوكرانيا. لا يملك الشعب الإيراني ذاكرة جيدة عن الإمبراطورية الروسية، والسوفييت، وكذلك عن روسيا الجديدة. إنهم لا يلتزمون بأي أخلاقيات مع جيرانهم".

تكلفة اسقاط المسيرات

عادةً ما يتم إسقاط الطائرات بدون طيار، الصاخبة والبطيئة وغير السرية، بتكلفة أعلى بكثير من سعر طرازي "شاهد" أو "أبابيل". وفي أوكرانيا، تقوم فرق متطوعة لصيد الطائرات بدون طيار بتعقبهم وإسقاطهم من السماء باستخدام الأضواء الكاشفة المحمولة ومؤشرات الليزر والمدافع الرشاشة من العيار الثقيل.

ومع ذلك، في البحر الأحمر، تستخدم الولايات المتحدة وحلفاؤها الصواريخ المضادة للطائرات، مثل "سبارو" (Sparrow) ، و"إس إم 2" (SM-2)، و"سي فايبر" (Sea Viper)، والتي قد تصل تكلفة الواحدة منها إلى مليون دولار. يقول إريك لين غرينبيرغ، مؤرخ التكنولوجيا العسكرية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، الذي يبحث في ديناميكيات حرب الطائرات المسيرة: "تستخدم الدول أصولاً باهظة الثمن بشكل مفرط لإسقاط الأشياء الرخيصة".

وقال المتحدث باسم البنتاغون، توم كروسون، في ردود عبر البريد الإلكتروني على الأسئلة المتعلقة بهذه القصة، إن البنتاغون "يعمل بنشاط على تطوير وتقديم قدرات فعالة وبأسعار معقولة لمكافحة الطائرات المسيرة". شرح كذلك أن تحييد الطائرات المسيرة المتطورة ليس بالأمر السهل، وعلّق: "اعتماداً على الحجم والقدرة على المناورة والسرعة والقدرات التقنية الأخرى على متن الطائرات المسيرة، فإن التخفيف منها يتطلب بنية دفاع جوي متعددة الطبقات ومتكاملة".

إن الكلفة المنخفضة للطائرات المسيرة تشجع مستخدميها على إطلاقها بأعداد كبيرة على أمل إصابة الهدف. أطلقت روسيا سرباً تلو الآخر من الطائرات الانتحارية الإيرانية على منشآت الطاقة والمراكز الحضرية الأوكرانية في الأشهر الأخيرة. في 6 مارس، على سبيل المثال، أطلقت 42 طائرة.

وبينما قالت القوات الجوية الأوكرانية إن 38 طائرة أسقطت، تسللت أربعة منها وألحقت أضراراً بالعديد من المباني، مما أدى إلى إصابة سبعة أشخاص على الأقل وانقطاع التيار الكهربائي عن 14 ألف منزل. وتشير تقديرات البنك الدولي إلى أن الهجمات الروسية تسببت في أضرار بنحو 12 مليار دولار لقطاع الطاقة في أوكرانيا.

مكاسب إيران وحلفاؤها

بتوفير المساعدة لحلفائها وشركائها على إنتاج طائرات مسيرة على أراضيهم - وهي مقاربة فريدة في صناعة الطائرات المسيرة- يكتسب شركاء إيران التكنولوجيا والوظائف، بينما تحافظ إيران في نفس الوقت على قدر من إنكار مسؤوليتها عن كيفية استخدام هذه الأسلحة.

أظهرت وثائق مخترقة تم تسريبها مؤخراً من قبل شبكة "برانا" أن روسيا تدفع لإيران 1.16 مليار دولار لتصنيع 6000 طائرة مسيرة متطورة من طراز "شاهد -136" حتى عام 2025. يُظهر مقطع فيديو مؤثر نُشر في وسائل الإعلام الروسية في مارس صفاً تلو الآخر من هذه الأسلحة ذات الشكل الثلاثي التي يقول "الحرس الثوري" الإيراني إنها قادرة على حمل 50 كيلوغراماً من المتفجرات لمسافة 2500 كيلومتر.

يتم بناء هذه الطائرات في منطقة صناعية في ألابوغا، تتارستان، على بعد حوالي 1000 كيلومتر شرق موسكو، حيث كان لشركة "3 إم كورب" (3M Corp) وشركة "فورد" مشاريع تصنيع حتى الغزو الروسي لأوكرانيا. ترك انسحاب الاستثمار الأجنبي الغربي آلاف المهندسين أحراراً في تحويل مهاراتهم إلى إنتاج الأسلحة. ومن المتوقع أن يأتي جزء كبير من المدفوعات لإيران من الأسلحة الروسية، مثل الطائرات المقاتلة المتقدمة من طراز "إس يو 35" (Su-35).

صفقات الطائرات المسيرة

بالنسبة لمؤيدي النظام الإيراني، فإن قدرته على إنتاج مثل هذا السلاح القيم لروسيا، "يغير قواعد اللعبة في أوكرانيا"، ويبرر إصرار خامنئي العنيد على مر السنين على أن العقوبات الغربية لا تؤدي إلا إلى جعل إيران أقوى، كما يقول فالي نصر، وهو مستشار للشؤون الإيرانية والأفغانية في إدارة الرئيس السابق باراك أوباما وأستاذ وعميد سابق في كلية جونز هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة.

تابع نصر: "قال خامنئي ما الذي كسبته روسيا والصين بعد كل تلك السنوات من العمل مع الغرب ليتم ضربها لاحقاً. إنه يرى الولايات المتحدة على أنها إمبريالية لا يمكن إصلاحها".

بعض صفقات الطائرات المسيرة أكثر ميلاً إلى المغامرة من غيرها. فقد أعادت إيران مؤخراً إقامة علاقاتها مع السودان بعد خلاف دام سبع سنوات، لمساعدة الجيش في قتال مجموعة شبه عسكرية سودانية تسمى قوات "الدعم السريع". ويقول الخبراء إن المتمردين مدعومون من منافس إيران في الخليج العربي، الإمارات، على الرغم من نفي المسؤولين الإماراتيين ذلك. وقالت القوات المسلحة السودانية في مارس 2022 إنها أنتجت "زاجل-3"، وهي على ما يبدو "أبابيل" المعدلة بعجلتين.

وفي أماكن أخرى من أفريقيا، استخدمت إثيوبيا أيضاً طائرات إيرانية مسيرة لقمع التمرد على جبهتين. وفي طاجيكستان، الحليف المتعاون مع الولايات المتحدة في مجموعة من قضايا آسيا الوسطى، يتسبب إنتاج إيران للطائرات المسيرة في مأزق في واشنطن حول ما إذا كان سيتم فرض عقوبات على الحكومة لتعاونها مع "الحرس الثوري" الإيراني.

من المحتمل أن يمنح مثل هذا التصنيع الدولي إيران فرصاً للالتفاف على العقوبات والحصول على مكونات في بلد لا يخضع لضوابط التصدير الأميركية على التكنولوجيا، ثم استخدام المصنع الأجنبي كقاعدة تصنيع لإعادة استيراد المنتج النهائي، كما يقول لين غرينبيرغ من "معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا".

مسيرات إيران في أفريقيا وأميركا اللاتينية

في الوقت نفسه، فإن المغرب غاضب من إيران لإرسالها طائرات مسيرة إلى الجزائر ومن ثم حصول انفصاليي جبهة البوليساريو في الصحراء عليها. ومن المحتمل أن تهدد فنزويلا، التي تصنع طائرات إيرانية مسيرة منذ عام 2007، والتي يُعتقد أنها قامت بتحديثها مؤخراً لتشمل طائرات انتحارية مثل تلك المنتشرة في أوكرانيا والبحر الأحمر، جارتها ومنافستها غويانا. وأثار طلب بوليفيا طائرات مسيرة من إيران لمراقبة حدودها ومكافحة تجار المخدرات خلافاً دبلوماسياً مع الأرجنتين.

ويقول نصر: "تريد إيران أن تؤخذ على محمل الجد كقوة عالمية، لذلك يجدون زوايا وأركاناً مظلمة تمنحهم مكانةً".

في النهاية، ما لم تكن الصين مستعدة لاتخاذ إجراءات صارمة ضد مبيعات التكنولوجيا لإيران، فإن خنق صناعة الطائرات بدون طيار في إيران سيكون قضية خاسرة، كما يقول دون بيرس، رئيس الحظر السابق في وزارة التجارة. يقول الخبراء إن الغرب قد يستغرق ما بين خمس إلى عشر سنوات لتطوير وسائل عسكرية فعالة لمواجهة الطائرات بدون طيار الإيرانية.

وقال بيرس إن الأمر "مثل وضع إصبعك في سد ينهار". و"أفضل ما يمكننا فعله هو محاولة إبطائه وجعله أكثر تكلفة بالنسبة لإيران، وهو ما نجحنا في القيام به. إن محاولة السيطرة عليها تشبه محاولة السيطرة على التيار النفاث الذي ينقل جزيئات الهواء إلى إيران".

تصنيفات

قصص قد تهمك