سيارة "مرسيدس" الكهربائية "EQS" تواجه شبح الفشل الذريع

عملاء السيارات الفخمة لا يهتمون بالجانب البيئي بقدر اهتمامهم بالراحة والمكانة الاجتماعية

time reading iconدقائق القراءة - 8
سيارة \"إي كيو إس\" الكهربائية من \"مرسيدس\" - المصدر: بلومبرغ
سيارة "إي كيو إس" الكهربائية من "مرسيدس" - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

كشفت مجموعة "مرسيدس-بنز" في عام 2021 عن سيارة السيدان الكهربائية الفاخرة "إي كيو إس" (EQS)، وتفاخر المديرون حينها بتصميمها الانسيابي الجذري، واعتبروها أهم ما أطلقته الشركة منذ عقود. شارك المخرج جيمس كاميرون والمغنية أليشيا كيز في الإطلاق وأشادوا بالسيارة التي يتخطى سعرها حاجز الـ100 ألف دولار.

بعد ثلاث سنوات، تواجه السيارة الفاخرة من الفئة "إس" شبح الفشل الذريع، وقد تتحول إلى واحدة من أسوأ إخفاقات الشركة على الإطلاق، إذ ساهمت عيوب واضحة في تصميم السيارة بقرار "مرسيدس" التراجع عن هدفها المتمثل في التحول لبيع السيارات الكهربائية فقط بحلول عام 2030.

تعثر شركة صناعة السيارات الألمانية يُبرز المخاطر التي تواجهها شركات صناعة السيارات الفاخرة في محاولتها منافسة "تسلا" وشق طريق لنفسها وسط عملائها المحافظين الذين اعتادوا السيارات التي تعمل بالوقود. كذلك يسلط هذا التعثر الضوء على الحاجة الملحة لإيجاد طرق أفضل للحفاظ على قيمة إعادة بيع السيارات الكهربائية.

هوية جديدة

لطالما اعتمد الزعماء السياسيون ورجال الأعمال على سيارات مرسيدس الفخمة من الفئة "إس" ذات التصميم الواسع لعقود من الزمن، وحظيت السيارة بشعبية خاصة في صفوف النخبة الصينية. ومع ذلك، اختارت "مرسيدس" تصميماً أقل تقليديةً لسيارة "إي كيو إس" الكهربائية بالكامل، والتي تم بناؤها على أسس تقنية تم تطويرها خصيصاً للسيارات الكهربائية. لم يقتصر الأمر على أن التصميم الانسيابي - الذي قارنته الشركة بطريقة غير متواضعة بالقطار السريع ووصفه النقاد بأنه يشبه حبة حلوى جيلي - يساعد على تقليل مقاومة الهواء وتعزيز الكفاءة ومدى القيادة فحسب، بل سيجعل "إي كيو إس" أيضاً مميزة بوضوح عن السيارات التي تعمل بمحركات احتراق. حتى أن "مرسيدس" تخلت عن نجمة الشركة المألوفة ذات الثلاث نقاط على غطاء المحرك، واستبدلتها بشعار مدمج في لوحة أمامية سوداء أنيقة.

اقرأ أيضاً: "لامبورغيني" تتمهل في تحويل سياراتها الرياضية إلى كهربائية

مع ذلك، ومع مرور الوقت، اتضح أن قرارات التصميم هذه كانت خاطئة. لا يهتم عملاء "مرسيدس" المدللون كثيراً بمدى القيادة ومقاومة الهواء بقدر اهتمامهم بالفخامة وتوفير مساحة كافية للاسترخاء في المقاعد الخلفية، وهو ما يرى النقاد أن التصميم الخلفي على شكل كوبيه فشل في توفيره.

على الرغم من بعض التقنيات المذهلة - كشاشة العرض العملاقة "هايبرسكرين" التي تمتد على كامل عرض لوحة القيادة - إلا أنني أميل إلى الاتفاق على أن السيارة لا تبدو مهيبةً مثل الفئة "إس" المعتادة.

الضغط على المبيعات

وفقاً للتقرير السنوي لشركة "مرسيدس"، انخفضت مبيعات سيارة السيدان الكهربائية الفاخرة "إي كيو إس" بنسبة 40% العام الماضي لتصل إلى 14,100 وحدةٍ فقط. فشلت تخفيضات الأسعار في الصين، وعروض التأجير المخفضة في الولايات المتحدة بشكل كبير في تنشيط الطلب، بل على العكس، قوضت استراتيجية الشركة التي تركز على القيمة العالية بدلاً من حجم المبيعات. تجاوزت عمليات تسليم الفئة "إس" التي تعمل بمحركات احتراق الوقود نظيرتها الكهربائية بأكثر من ست مرات.

اقرأ أيضاً: شركات السيارات تواجه عاماً صعباً بسبب التكلفة وتراجع الطلب

حاول كالينيوس، الرئيس التنفيذي لشركة "مرسيدس"، بث التفاؤل في صفوف المستثمرين في فبراير الماضي، مؤكداً في تصريحات على سعادة العملاء بسياراتهم الجديدة. رغم ذلك، فإن إعلان الشركة الأخير عن إجراء تحسينات كبيرة على السيارة الكهربائية الفاخرة يكشف قصة أخرى. بالإضافة إلى بطارية أكبر، تشمل هذه التحديثات التي تركز على "تعزيز المكانة الاجتماعية" للسيارة بشبكة مبرد أكثر تقليدية مع قضبان مطلية بالكروم، ونجمة بارزة على غطاء المحرك، بالإضافة إلى خيارات جديدة للمقاعد الخلفية لتوفير راحة أكبر للركاب. ساهمت التكاليف المرتبطة بهذه التحديثات في انخفاض حاد في ربحية قسم السيارات لدى "مرسيدس" في الربع الأول، إذ انخفضت مبيعات الشركة من السيارات الكهربائية بالكامل بنسبة 8% مقارنة بالعام السابق.

قد تساعد هذه التعديلات قليلاً، ولكن لا يملك مصنعو "مرسيدس" الكثير ليقدموه في ما يتعلق بتصميم السيارة الذي لاقى انتقادات واسعة. وبصرف النظر عن رأيي الشخصي، فإن سيارة الـ"إس يو في" (SUV) "إي كيو إس" ذات المقاعد السبعة والتي تتميز بتصميم أكثر تقليدية تحقق شعبية أكبر. ولا تزال سيارة "إي كيو إس" الكهربائية تفتقر إلى نظام الشحن السريع بقوة 800 فولت المتوفر في السيارات الكهربائية ذات الأسعار الأقل.

المنافسة والابتكار

لا أقصد مطلقاً أن أوحي لشركة "مرسيدس" وشركات السيارات الأخرى بإبطاء وتيرة الابتكار، إذ أنه بالنظر إلى التقدم السريع لمنافسيهم الصينيين، يحتاجون في الواقع إلى التحرك بوتيرة أسرع. رغم ذلك، عليهم أن يتعاملوا بحذرٍ شديدٍ عند تحويل طرازاتهم الشهيرة إلى سيارات كهربائية، وذلك لتجنب إبعاد العملاء المترددين والمساس بإرثهم العريق.

في قرارٍ حكيم منها، اختارت "مرسيدس" عدم تسويق الفئة "جي" الكهربائية باسم"إي كيو جي" (EQG) بعد الكشف عنها الشهر الماضي، إذ لا يزال تصميمها الكلاسيكي الوعر مميزاً للوهلة الأولى. ويبدو أن شركة "جاكوار لاند روفر" (Jaguar Land Rover) تسلك نهجاً متحفظاً مشابهاً مع طراز "رينج روفر" الكهربائي القادم، والذي سيتضمن فقط تلميحات "خفية" بأنه يعمل بالكهرباء. وفي الوقت نفسه، أكدت شركة "فيراري" أن أولى سياراتها الكهربائية، والتي من المتوقع طرحها العام المقبل، ستصدر صوتاً يشبه صوت "فيراري" الحقيقي.

اقرأ أيضاً: "تسلا" تشعل جولة جديدة من حرب أسعار السيارات الكهربائية في الصين

يحتاج مصنعو السيارات أيضاً إلى الحفاظ على أكبر قدر ممكن من المرونة لمواكبة التقلبات في طلب السيارات الكهربائية. على سبيل المثال، لا تبدو السيارات الكهربائية التي تنتجها شركة "بي إم دبليو" مشابهةً لنظيراتها التي تعمل بالبنزين فحسب، بل إنها مبنية على نفس المنصة. وحتى الآن، يبدو أن نهجهم الحذر يؤتي ثماره، إذ تتجاوز مبيعات سياراتهم الكهربائية نظيراتها من "مرسيدس".

قيمة إعادة البيع

مع ذلك، لن يُقنع صانعو السيارات الفاخرة المزيد من العملاء بالتحول إلى السيارات الكهربائية ما لم يعالجوا أيضاً مشكلة قيمة إعادة البيع المنخفضة للغاية لسياراتهم. وفقاً لدراسة أجراها موقع البحث الأميركي للسيارات "آي سي كارز" (iSeeCars)، فإن تكلفة شراء سيارة "إي كيو إس" عمرها عام واحد أقل بنسبة 48% تقريباً من متوسط سعر السيارة الجديدة. هذا أسوأ معدل لقيمة إعادة البيع بين جميع السيارات التي شملها التحليل.

يمكن إيجاد سيارات "إي كيو إس" جديدة تقريباً تُباع بأقل من 50 ألف دولار على مواقع الإعلانات الأميركية، بينما تتوفر في المملكة المتحدة بأقل من 60 ألف جنيه إسترليني (75 ألف دولار)، وهو سعر أقل بكثير من سعرها جديدةً في المملكة المتحدة والذي يبلغ حوالي 105 آلاف جنيه إسترليني (قبل الإضافات الاختيارية). وإنصافاً لـ"مرسيدس"، فهي ليست شركة صناعة السيارات الفاخرة الوحيدة التي تعاني من انخفاض قيمة إعادة البيع، إذ تلقى سيارات "بورشه تايكان" و"آودي إي-ترون جي تي" رواجاً ضعيفاً أيضاً في سوق السيارات المستعملة.

مشكلات أخرى تساهم في ضعف قيمة إعادة البيع، من بينها قلق المستهلكين بشأن تقادم التقنية، وارتفاع تكاليف الإصلاح والتأمين، وصعوبة تحديد حالة البطارية. تُضاف إلى ذلك سياسة بعض الشركات التي تركز على طرح سيارات كهربائية باهظة الثمن ومثيرة للجدل، وهو ما يبعد المشترين الجدد. تشعر "مرسيدس" الآن بتبعات هذه القرارات بشكل كبير.

هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان

برلين

4 دقائق

0°C
سماء صافية
العظمى / الصغرى -2°/
16.7 كم/س
89%
الآراء الأكثر قراءة