بإدارة إيلون ماسك.. "تويتر" لن يموت والعبرة في "تيليغرام"

"تيليغرام" هي شبكة اجتماعية أكبر يديرها ملياردير روسي ليبرالي، شعبيتها المستمرة تبدد كل النظريات القائلة إن "تويتر" سيموت

time reading iconدقائق القراءة - 6
إيلون ماسك - المصدر: بلومبرغ
إيلون ماسك - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

شبكة اجتماعية، يديرها بشكل خاص ملياردير مدافع عن حرية التعبير، بميزانية تقشفية، وتستضيف سياسيين لديهم ملايين المتابعين، وذات قواعد محتوى فضفاضة للغاية.

هل يبدو ذلك مألوفاً؟

هذا هو الاتجاه الذي تسير فيه شركة "تويتر" تحت إدارة إيلون ماسك، لكنها أيضاً النسخة الحالية لتطبيق "تيليغرام" (Telegram)، وهو تطبيق مراسلة وبث غير معروف نسبياً في الولايات المتحدة، ولديه أكثر من ضعف حجم مستخدمي "تويتر"، نحو 700 مليون مستخدم نشط، وعدد أقل من الموظفين.

نظراً لأن ماسك يوجه "تويتر" ليصبح جنة بلا قوانين -بإسقاطه مؤخراً لقواعد المعلومات المضللة الخاصة بكوفيد-19، وإعادة آلاف الحسابات التي تم حظرها سابقاً- قارن البعض المنصة بـ"فورتشان" (4chan)، ,وهي منصة فوضوية تعج بالـ"ميمات" (Memes) الإباحية والعنصرية.

ماسك يصدر "عفواً" عن الحسابات المحظورة على "تويتر"

لكن "تيليغرام"، التي تطورت إلى خدمة بث مشابهة لـ"تويتر"، تقدم نموذجاً أكثر واقعية. ويشير نموها المستمر إلى مستقبل سيجد نقاد ماسك (بمن فيهم أنا) صعوبة في تقبله: فحتى في ظل استنزاف "تويتر" للأموال والموظفين والمستخدمين المشاهير، لا يزال بإمكانه تحقيق الازدهار في النشاط.

تم تأسيس "تيليغرام" كتطبيق مراسلة بواسطة بافيل دوروف، الملياردير المولود في روسيا الذي تنعكس آراؤه القوية حول حرية التعبير في قواعد السلوك الضئيلة للتطبيق. في حين أن "تويتر" يحتوي على 16 قاعدة حول المحتوى، فإن لدى "تيليغرام" ثلاث قواعد فقط.

على خطى "تيليغرام"

تشير أحدث إجراءات ماسك إلى أنه سيقلل من سياسات وقواعد "تويتر" لتصبح بحجم تلك الموجودة لدى "تيليغرام"، في البداية من خلال اتباع نهج أكثر تساهلاً في تنفيذ تلك السياسات. لكنه سيدفع ثمن ذلك في صورة خسارة إيرادات الإعلانات ونفور الأسماء الشهيرة، تماماً مثلما حدث مع "تيليغرام". فعلى الرغم من حجمها الهائل، إلا أن منصة دوروف تضم عدداً قليلاً من ممثلي "بوليوود"، وقادة بما في ذلك الرئيس البرازيلي جاير بولسونارو، والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، ودونالد ترمب الابن.

ماسك يُعيد ترمب للتغريد على "تويتر"

السبب، الذي لن يكون مفاجأة لأحد، هو أن السياسيين والمشاهير والعلامات التجارية الكبرى لا يحبون الجلوس جنباً إلى جنب شبكة مزدهرة بالمتطرفين. يضم"تيليغرام" عضواً مؤثراً من حركة "كيو أنون" (QAnon) الذي يستخدم اسم (GhostEzra) ولديه 177 ألف متابع، وداعية تفوق العرق الأبيض جاك بوسوبيك (187 ألف متابع)، والناشطة المناهضة للمسلمين والمرشحة السياسية الأميركية لاورا لومير (31400 متابع). ومن بين القنوات التي تصنف بأنها الأكثر شهرة وانتشاراً على التطبيق هي القنوات الإباحية، وقنوات ترويج للمعلومات الزائفة والغش في تعاملات الرموز المشفرة، ولديها ملايين المتابعين.

تقليص رقابة المحتوى

مما لا شك فيه أن عالم المحتوى هو عالم رمادي، وعدم وجود قواعد ليس أمراً كله سيئ. إذ تمكن تطبيق "تيليغرام" من تجنب الحظر في روسيا هذا العام لأنه لا يفعل شيئاً ضد التضليل، مما يعني أنه لا يحذف دعاية الكرملين حول "عمليته العسكرية الخاصة" في أوكرانيا، على عكس "يوتيوب"، و"فيسبوك" و"تويتر". أتاح ذلك لـ"تيليغرام" أن يصبح بوابة نادرة للمواطنين الروس للوصول لحقيقة الحرب.

الأهم من ذلك بالنسبة لماسك، أن تطبيق قليل من القواعد أقل تكلفة أيضاً، نظراً لأنك لست بحاجة إلى الآلاف من المشرفين على المحتوى ومراقبي الالتزام بالسياسة لتطبيق هذه القواعد. ففي حين أن لدى "فيسبوك" ما يُقدّر بنحو 15 ألف مشرف على المحتوى، فإن "تيليغرام" ينجز المهمة بواسطة بضع مئات. يتحرك ماسك مرة أخرى في هذا الاتجاه، بعد أن فصل مؤخراً 80% من المتعاقدين مع "تويتر" الذين كانوا في الغالب ينفذون قواعد المحتوى الخاصة بالتطبيق.

وفقاً لحديث ماسك، يؤدي ذلك إلى إعادة "تويتر" لتصبح "شركة تقنية" بدرجة أكبر، حيث يكون المهندسون ومبرمجو الكمبيوتر هم نجومه، وليس فريق السياسة. من المؤكد أن فريق السياسة ساعد في منع "تويتر" من تقويض الديمقراطية، لكنه يؤثر أيضاً على الأرباح.

جهة تنظيم الاتصالات البريطانية تفشل في لقاء ممثلي "تويتر" بسبب فوضى التسريح

هناك عدة طرق أخرى استبق بها "تيليغرام" ماسك. على سبيل المثال، كان لدى دوروف خلاف عام مع "أبل" في عام 2020 بسبب رسوم الاشتراك البالغة 30% التي تقتطعها "أبل"، قبل عامين من خلاف ماسك مع الشركة، كما أطلق "تيليغرام" اشتراكاً بسعر 5 دولارات في يونيو، بينما سيطلق "تويتر" رسومه البالغة 8 دولارات في الوقت المناسب.

"تويتر" لن يموت

في المحصلة، بددت شعبية "تيليغرام" المستمرة أي نظرية بأن "تويتر" سيموت. المشاهير مثل ووبي غولدبرغ، وجيم كاري، وترينت ريزنر، الذين أشاروا إلى الأجواء المسمومة في التطبيق في ظل إدارة ماسك، ستستمر مغادرتهم للمنصة، لكن كثيرين آخرين سيبقون، ويتصالحون مع واقع جلوسهم جنباً إلى جنب مع المؤثرين المناهضين للقاحات كوفيد، وناكري المحرقة.

أصبحت أكبر الشبكات الاجتماعية اليوم راسخة. حتى "فيسبوك"، على الرغم من تراجعها المالي، تواصل جذب ملياري مستخدم يومياً. يظهر الخفض الشديد للتكاليف الذي اتخذه ماسك على "تويتر" أنك لست بحاجة إلى جيوش ضخمة من الناس لمواصلة استمرار هذه الخدمات. إذ كان لدى تطبيق "واتساب" -قبل بيعه إلى "فيسبوك" في عام 2015- 450 مليون مستخدم نشط وقوة عاملة مؤلفة من 55 شخصاً فقط.

هل يفقد "تويتر" المصداقية بعد الطرح الرسمي للعلامة الزرقاء مقابل 8 دولارات؟

إذا انخفضت إيرادات "تويتر" بسبب الخروج الجماعي والكامل للمعلنين، فمن المحتمل أن يدير ماسك "تويتر" بعدد أقل من الموظفين، ويمول العملية بالرسوم البالغة 8 دولارات، وعدد قليل من الإعلانات المتبقية، وأسهمه في "تسلا". ستواجه شركة "تويتر" صداعاً تنظيمياً كبيراً من أوروبا، لكن التطبيق سيبقى حياً ومليئاً بالنشاط، وإن كان مع مجموعة أكبر من المهووسين بالعملات المشفرة والفاعلين السيئين.

يبرهن "تيليغرام" أنه حتى في ظل خسارة المال والقواعد والمعلنين، يميل الناس إلى البقاء. سيكون الأمر نفسه مع "تويتر"، لكن ذلك لن يكون جيداً.

هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان

سان فرانسيسكو

2 دقائق

16°C
غيوم قاتمة
العظمى / الصغرى 14°/17°
22.2 كم/س
83%