بلومبرغ
على مدار ثلاثة قرون، سيطر عدد قليل من شركات التأمين على القطاع في مدينة لندن. لتأتي شركة ناشئة، وتعلن تحدي تلك الشركات من مقرِّها الذي استأجرته من طابقين في مبنى يقع خارج المدينة في منطقة تعرف باسم ممر السيليكون حيث يعمل موظفوها على عتبات النوافذ.
تملك "مارشميلو" (Marshmallow) تطبيقاً يقدِّم خدمات التأمين على السيارات، لتصبح الشركة مؤخَّراً ثاني شركة تكنولوجيا ناشئة في بريطانيا يؤسسها أصحاب البشرة السوداء، ويصل تقييمها إلى مليار دولار، علماً أنَّها لم تستمر في العمل من مقرِّها القديم لفترة طويلة؛ فقد انتقلت لمقر جديد مساحته 3 أضعاف المقر القديم، كما تضاعف عدد موظفيها 3 مرات خلال الوباء، في الوقت الذي تمضي به نحو تنفيذ خطط توسعها في أوروبا.
أسس التوءمان أوليفر وألكسندر كينت براهام أحدث شركة لتكنولوجيا التأمين، والتي تستهدف قطاعاً يعاني من الاضطرابات.
لاحظ المستثمرون تقديم "إنفستك" دعماً مبكراً للشركة عقب لقاء أوليفر مع برنارد كانتور، الشريك المؤسس للبنك خلال فترة تدريبه هناك، لتقفز قيمة "مارشميلو" التي تأسست قبل 4 سنوات إلى 1.25 مليار دولار.
إليك 10 قواعد مالية بسيطة لاستثمار ناجح
رقمنة عمليات التأمين
قال أوليفر كينت براهام في مقابلة: "كان واضحاً مراراً وتكراراً أنَّ شركات التأمين تلعب دوراً محورياً للغاية في المجتمع، وبرغم ذلك لم تتجه للرقمنة بالسرعة الكافية. وقد وجدنا أنَّنا قادرون على استخدام البيانات التي لا تستخدمها شركات التأمين الأخرى".
تساءل الأخوان البالغان من العمر 29 عاماً أثناء مشاهدتهما زخم اعتماد الخدمات المالية على التطبيقات، مثل: "بنك مونزو" عمَّا إذا كانت هناك إمكانية لتغيير طريقة دفع الأقساط بالطريقة المتَّبعة في قطاع التأمين. وخاصة بعد أن أخبرهم مواطن من جنوب أفريقيا عن حجم المبلغ المثير للدهشة الذي تمَّ إجباره على دفعه للتأمين على السيارات في بريطانيا، وهي الشكوى التي تأكَّدوا من انتشارها بين المقيمين الأجانب الذين وصلوا البلاد مؤخَّراً بغضِّ النظر عن قدرتهم على القيادة.
إليك 4 نصائح لبدء استثمار جديد
في البداية، استمر الشقيقان في العمل لمدة 9 أشهر من صالة ألعاب "فيرجين أكتيف"، ونجحوا في ابتكار خوارزمية تهدف لخفض تكلفة أقساط التأمين على المهاجرين والمغتربين.
اجتذبت الشركة الناشئة داعمين، مثل: "إنفستك"، و"بايشن كابيتال" التي تتركَّز استثماراتها في قطاع التكنولوجيا، وقد نجحت حتى الآن في إصدار أكثر من 100 ألف وثيقة تأمين.
تبتعد تلك الأرقام عن أعداد الشركات المنافسة التي تقدِّم خدماتها لملايين السائقين مثل: "أدميرال غروب"، و"دايركت لاين غروب"، لكنَّها ما تزال في بداياتها. فقد حقَّقت "مارشميلو" قفزة في النمو بالأونة الأخيرة، برغم تباطؤ حركة المرور أثناء الوباء، في حين من المحتمل أن يمثِّل انتهاء عمليات الإغلاق في بريطانيا تحدياً جديداً للشركة.
قال كيفين رايان، محلِّل التأمين في "بلومبرغ إنتليجنس": "تنفق شركات التأمين مبالغ طائلة على التكنولوجيا، لذلك لن يكون ذلك نهاية المطاف بقطاع التأمين. إذ تتميّز شركات التأمين الناشئة بالمرونة والسرعة لعدم امتلاكهم أنظمة رقمية قديمة".
"يونيكورن" جديدة
فاقت قيمة "مارشميلو" الناشئة مليار دولار لتصبح "يونيكورن" بعد جولة جديدة من جمع الأموال، إذ قفزت بها لتصبح ثاني شركة تكنولوجيا بريطانية ناشئة تفوق قيمتها المليار دولار، ويملكها أصحاب البشرة السوداء من بين 48 شركة بريطانية ناشئة تفوق قيمتها المبلغ المذكور لتحلَّ بعد شركة "زيبز" التي أصبحت أول الشركات التكنولوجية التي تخطَّت قيمتها مليار دولار، ويملكها أصحاب البشرة السوداء قبل أسابيع، وهي متخصصة في تقديم خدمة تحويل الأموال، وتستهدف المهاجرين أيضاً.
تمثِّل "مارشميلو" علامة بارزة لمجموعة الشركات المملوكة للأقليات. إذ تدفق 0.24% فقط من إجمالي رأس المال الاستثماري في بريطانيا للشركات الناشئة التي أسَّسها أصحاب البشرة السوداء في العقد الماضي، برغم أنَّهم يمثِّلون 3.5% من السكان، وفقاً لتقرير "إكستيند فينتشرز".
لم يشر كينت براهام لتحديات كبيرة في جمع الأموال لصالح "مارشميلو"، فقد قال، إنَّ العلاقات التي بناها أثناء دراسته بالجامعة أحدثت فرقاً كبيراً عند البحث عن مستثمرين.
يذكر تقرير صادر عن "كرانش بيز" أنَّ عشرات الجامعات في الولايات المتحدة يخرج منها 42% من أصحاب رؤوس الأموال المغامرة كافةً، وتتصدَّر "هارفارد"و"ستانفورد" القائمة.
وقال كينت براهام الذي التحق بكلية "بريستول للأعمال" في بريطانيا: "ترتبط بشبكة من العلاقات تلقائياً بمجرد التحاقك بهذه الجامعات".
دعم شركات الأقليات
تعدُّ شركة "إيمباكت إكس كابيتال" التي تتخذ من لندن مقرَّاً لها أحد داعمي "مارشميلو"؛ إذ تسعى الشركة للاستثمار في الشركات المملوكة للأقليات. وتشير تصريحات إريك كولينز الرئيس التنفيذي لشركة "إيمباكت" بشكلٍ مباشر إلى تحيُّزه الراسخ للشركات الناشئة التي تقودها الأقليات.
قال كولينز في مقابلة: "ترتبط شبكات العلاقات في بريطانيا بالمدرسة بشكل كبير، وكذلك المنطقة، و هنا قد يقول بعضهم، إنَّها مرتبطة بالفصل". وأضاف أنَّ "مارشميلو" تغطي حالياً "جزءاً صغيراً من السوق، وهناك الكثير من النمو الذي يمكنها تحقيقه".
تضاعفت قيمة الاستثمارات في قطاع التأمين الصحي 3 مرات في السنوات الست الماضية لتصل إلى 48 مليار دولار حتى الآن، وفقاً لمنصة التأمين التعاوني "سونر".
وتشير البيانات أيضاً إلى زخم نشاط الاندماج والاستحواذ، إذ تتوقَّع الشركة أن يصل حجم الصفقات في 2021 لأكثر من ضعف ما كان عليه العام الماضي.
لكنَّ كينت براهام يقول، إنَّ "مارشميلو" لن تستفيد من استحواذ أحد عمالقة لندن عليها، إذ تركِّز الشركة أعمالها لتستمر في زيادة حصتها على حساب كبار المنافسين من الشركات الشهيرة.
وقال كينت براهام: "بعض شركات التأمين لا تدار بشكلٍ جيد، وبعضها تتمُّ إدارته بشكل أفضل، لكنَّني أعتقد أنَّ الصناعة يمكن أن تلعب دورها بشكل أفضل قليلاً فيما يتعلَّق بمحاولة منع الناس من المرور بتجارب سيئة".