الشرق
يمثل تشييد مراكز البيانات رافداً رئيسياً للقطاع العقاري في المملكة العربية السعودية، وسط استمرار نمو الطلب على الوحدات المكتبية، حسبما أوضح تقرير صدر اليوم عن "نايت فرانك"، رأى أن تطوير البنية التحتية لمراكز البيانات في المملكة يتيح فرصاً استثمارية واعدة.
شركة الاستشارات العقارية العالمية أكدت استمرار الفجوة بين العرض والطلب في سوق مراكز البيانات، حيث تبلغ القدرة الإجمالية لهذه المراكز في الرياض حالياً 263 ميغاواط، وفي جدة 121 ميغاواط، بينما تتصدر الدمام مدن المملكة في هذا القطاع بقدرة تتجاوز 392 ميغاواط.
فيصل دوراني، الشريك ورئيس قسم أبحاث الشرق الأوسط في "نايت فرانك"، قال في مقابلة مع "الشرق" إن تراكم بيانات العملاء الناتجة عن التحول الكبير نحو الشراء عبر تطبيقات التسوق الإلكتروني، الذي أحدثته جائحة كورونا في السعودية كما باقي العالم، خلق حاجة لتخزين هذه البيانات بأمان، وهو ما أدّى إلى ارتفاع كبير في الطلب على مراكز البيانات. مشيراً إلى أن حجماً ضخماً من مشاريع تلك المراكز قيد الإنشاء في مدن المملكة.
تستهدف السعودية تأسيس بيئة أعمال متكاملة لاحتضان شركات الذكاء الاصطناعي والخوارزميات ومراكز البيانات وتوفر كل ما تحتاجه لتنمية أعمالها، بحسب تصريحات وزير الاستثمار خالد الفالح خلال مبادرة مستقبل الاستثمار الشهر الماضي.
تعزز المبادرات الرقمية التي تقودها الحكومة السعودية فرص الاستثمار في مراكز البيانات، كما يقول ستيفن بيرد، الشريك في "نايت فرانك" ورئيس مراكز البيانات العالمية، الذي أشار أيضاً إلى وجود حوافز مثل المناطق الاقتصادية الخاصة، وقانون حماية البيانات الشخصية، ما يجعل المملكة سوقاً رئيسية للبنية التحتية لهذه المراكز القابلة للتوسع.
بيرد أكد على أهمية التركيز على تطوير مرافق قابلة للتوسع وفعالة في استخدام الطاقة لتلبية احتياجات مزودي الخدمات السحابية والتطبيقات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي.
تدفق للاستثمارات
شهدت السعودية بالفعل خلال العام الجاري تدفقاً للاستثمارات في مجال مراكز البيانات، حيث أعلنت العديد من الشركات، وفي مقدمتها "أمازون" و"داتا فولت"، خلال مؤتمر "ليب 24" بشهر مارس في الرياض، عن استثمارات تفوق 11 مليار دولار، لبناء مراكز بيانات ضخمة داخل المملكة، من ضمنها 10 مليارات حصة الشركتين العملاقتين لوحدهما.
وكان راجيت ناندا، الرئيس التنفيذي لشركة "داتا فولت"، كشف بمقابلة سابقة مع الشرق عن تدشين مشروع لمراكز البيانات المستدامة في السعودية بتكلفة 3.5 مليار دولار.
كما عقدت شركة "غروك" (Groq) الناشئة بمجال الذكاء الاصطناعي شراكة مع "أرامكو" لإنشاء مركز بيانات ضخم في السعودية، وصفته بأنه سيكون أكبر مركز في العالم لمعالجة البيانات باستخدام الذكاء الاصطناعي، ليكون في خدمة شركات الشرق الأوسط وأفريقيا والهند. ويُتوقع أن تصل تكلفته إلى "تسعة أرقام"، بحسب ما قاله الرئيس التنفيذي لـ"غروك" جوناثان روس بمقابلة مع بلومبرغ.
ورصدت مجموعة "داماك" العقارية نحو مليار درهم (272 مليون دولار) للاستثمار بمركز بيانات في السعودية، من المخطط أن يُفتتح بداية العام المقبل، كما أفصح رئيسها حسين سجواني بمقابلة مع "الشرق" الشهر الماضي. بينما أوردت بلومبرغ في تقرير أن شركة الاتصالات السعودية (stc) تخطط لإنفاق نحو مليار دولار لتحويل المملكة إلى مركز بيانات إقليمي
المساحات المكتبية
توقعت "نايت فرانك" في تقريرها الصادر اليوم الأربعاء إضافة مليون متر مربع إلى المساحات المكتبية في الرياض بحلول نهاية 2026 لتصل إلى 6.3 مليون متر مربع، وسط تنامي الطلب على العقارات الإدارية بفضل برنامج المقرات الإقليمية الذي نجح في جذب عدة مئات من الشركات متعددة الجنسيات لافتتاح مقرها بالمنطقة في العاصمة السعودية.
كان وزير الاستثمار كشف الشهر الماضي أن عدد الشركات العالمية التي حصلت على ترخيص بالفعل لتدشين مقر إقليمي لها في الرياض قد بلغ 540 شركة، بما يتجاوز المستهدف تحقيقه مع حلول العام 2030.
يرى فيصل دوراني، الشريك ورئيس قسم الأبحاث في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في نايت فرانك، أن المشاريع الكبرى في السعودية "حولت الرياض إلى مركز إقليمي وعالمي بارز في مجالات الأعمال، والتمويل والترفيه والسياحة. حتى أن 49% من الوظائف الجديدة التي أُنشئت في المملكة خلال السنوات الخمس الماضية كانت في الرياض، مما أدى إلى تصاعد الضغوط على إيجارات المكاتب، حيث تم تأجير العديد من المكاتب الرئيسية والمتنزهات التجارية بالكامل، مع وجود قوائم انتظار مستمرة".
وتبلغ نسبة الإشغال للمكاتب الفاخرة في الرياض -حسب بيانات سابقة- حوالي 98%، وهي من الأعلى على مستوى العالم.
هذه الطفرة يواكبها ارتفاع في أسعار العقارات في السعودية منذ بداية العام. وفق بيانات الهيئة العامة للإحصاء، ارتفع مؤشر العقارات القياسي بنسبة 2.6% خلال الربع الثالث، على أساس سنوي، بقيادة القطاع التجاري الذي ارتفع بنسبة 6.4% مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق. حيث زادت أسعار مباني المكاتب التجارية بنسبة 8.5% بفعل الزيادة في الطلب وسط انتعاش القطاعات غير النفطية في الاقتصاد السعودي، وزيادة تدفق الاستثمارات الأجنبية.
قفزة في إيجارات مكاتب الرياض
شهدت العاصمة الرياض أعلى زيادة في أسعار إيجارات المكاتب من الدرجة الأولى على مستوى المملكة خلال الأشهر الـ12 الماضية، حيث ارتفعت خلال الربع الثالث من 2024 على أساس سنوي بنسبة 31% لتصل إلى حوالي 2604 ريالات سعودية للمتر المربع، كما زادت إيجارات المكاتب من الفئة الثانية بنسبة 27% خلال عام، وفقاً لتقرير "نايت فرانك".
أما في جدّة فارتفعت إيجارات مكاتب الفئة الأولى خلال نفس الفترة بنسبة 2.9% لتصل إلى 1235 ريالاً سعودياً للمتر المربع، بينما سجلت إيجارات الفئة الثانية نمواً أسرع بنسبة 3.8% لتصل إلى 810 ريالات سعودية للمتر المربع.