أباطرة العقارات في الصين يخسرون 65 مليار دولار من ثرواتهم

time reading iconدقائق القراءة - 13
الملياردير الصيني هوي كا يان - المصدر: بلومبرغ
الملياردير الصيني هوي كا يان - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

عندما ترأس هوي كا يان مناسبة خيرية رفيعة المستوى في عام 2018، تحدث بإسهاب عن كيفية عيشه على البطاطا الحلوة عندما كان طفلاً في قريته.

كان رئيس مجلس إدارة "تشاينا إيفرغراند غروب" في أوجه، بثروة 40 مليار دولار، ينافس جاك ما باعتباره أغنى شخص في البلاد. لقد أوضح نقطة أنه ينسب نجاحه إلى الحزب الشيوعي. في ذلك العام، جاء ما يقرب من خُمس المليارديرات في الصين من قطاع العقارات الذي يحتفي بقصص الوصول إلى الثراء بعد الفقر مثل قصة هوي.

كل هذا تغير منذ ذلك الحين. أدت حملة الصين التي استمرت عاماً للسيطرة على أسعار العقارات سريعة الارتفاع إلى إضعاف أكبر مطوريها، مما أدى إلى انخفاض مبيعات المنازل لمدة 11 شهراً على التوالي ومحو 65 مليار دولار من ثروة أباطرة العقارات. في يوم الاثنين، انخفض مقياس "بلومبرغ إنتليجنس لأسهم العقارات الصينية" إلى أدنى مستوى في خمس سنوات مقابل مؤشر "هانغ سنغ للشركات الصينية".

يمثل عزم الرئيس شي جين بينغ على تحقيق "الرخاء المشترك" تحولاً فاصلاً، مما يشير إلى نهاية مصنع توليد مليارديرات العقارات في الصين.

يقول كريغ بوثام، كبير الاقتصاديين لشؤون الصين في شركة "بانثيون ماكرو إيكونوميكس": "لقد ولّت الأيام الذهبية... لا يمكن أن تكون العقارات محركاً لتراكم الثروة أو للنمو الاقتصادي... إن ذلك من الماضي".

جنون العقارات

من الصعب المبالغة في أهمية العقارات في الصين. يمثل هذا القطاع ما يقرب من 30% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو أحد أكبر المحركات الاقتصادية. لقد أنتج هذا القطاع أسماء أسطورية مثل وانغ جيان لين، مؤسس "داليان واندا غروب" (Dalian Wanda Group)، التي تدعم ثروة الطبقة المتوسطة الواسعة في البلاد وتمثل نحو 60% من أصول الأُسَر.

على مدى عقدين، كان الاستثمار في العقارات رهاناً أكيداً. بسبب الاتجاه الصعودي لأسعار المساكن في الصين منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، مما أجج المضاربة.

جرى تشجيع المطورين على الحصول على الديون، والتوجه إلى تجمعات ضخمة من السيولة خارج البر الرئيسي للصين. وبسرعة اشترى المستثمرون العالميون المتعطشون لعوائد أعلى سندات ذات عائد مرتفع. قفزت المبيعات السنوية لهذه السندات من 675 مليون دولار في عام 2009 إلى 64.7 مليار دولار في عام 2020، وفقاً للبيانات التي جمعتها "بلومبرغ". وشكلت الديون المتصاعدة مخاطر كبيرة على النظام المالي.

كل هذا نما جنباً إلى جنب فجوة الثروة الآخذة في الاتساع في الصين.

خطوات الصين لإنقاذ سوق العقارات البالغة قيمتها 2.4 تريليون دولار

الإفلاس بسبب الإجراءات الصارمة

بدأت علامات تحول الرياح في عام 2016. في ذلك العام أعلن شي أن "المنازل تُبنى لتُسكن، وليست للمضاربات". تسارعت وتيرة الحملة التنظيمية في عام 2020 عندما طبقت الصين ما يسمى بـ"الخطوط الحمراء الثلاثة"، التي تضع سقفاً للقروض التي يمكن للمطورين الحصول عليها.

شكل ذلك ضغطاً على المطورين في جميع المجالات وسحق "إيفرغراند"، إذ تخلفت الشركة -التي لديها التزامات تزيد على 300 مليار دولار- في ديسمبر عن السداد بعد نفاد السبل المتاحة لها للحصول على التمويل، لتنتشر التداعيات عبر عشرات من شركات البناء.

منذ بداية العام الماضي، تخلف المطورون الصينيون عن سداد ما لا يقل عن 18 مليار دولار من السندات الدولارية في الخارج، وما يعادل 2.5 مليار دولار من الديون الداخلية المقومة باليوان.

أكد دفع شي تجاه "الرخاء المشترك" -الذي يشدد على توزيع أكثر عدالة للثروة- الأولويات المتغيرة لطبقات القيادة في البلاد. روّج محافظ البنك المركزي الصيني يي غانغ لـ"نموذج تنمية جديد" لصناعة العقارات، مشيراً إلى أن الأمة تقوم أخيراً بالتحول الذي طال انتظاره نحو قصة نجاح مثل تلك التي حققتها سنغافورة في استيعاب معظم سكانها في الإسكان العام.

لذلك تداعيات بعيدة المدى. من بينها: احتمال إعادة تأكيد أن المطورين المدعومين من الدولة هم المشغلون المهيمنون، والزوال البطيء ولكن الحتمي لأولئك الذين يعانون من ضائقة، وتوقعات أقل لعائدات الاستثمار.

تسبب ذلك في تدمير غير مسبوق للثروة. فقد الملياردير وانغ من مجموعة "واندا" %61 من ثروته منذ نهاية عام 2019، وتبخرت 90% من ثروة سون هونغ مؤسس شركة "سوناك تشاينا هولدينغز ليمتد" 9%، فيما تصدر هوي من "إيفرغراند" الهبوط، إذ خسر ما يقرب من 24 مليار دولار. قام عديد من كبار رجال الأعمال، بمن فيهم هوي، باستخدام ثرواتهم الخاصة لإنقاذ عملياتهم، مما أضاف عبئاً آخر على أموالهم.

بات الآن المليارديرات في مجال العقارات يمثلون أقل من عُشر أغنى أغنياء الصين، وفقاً لـ"مؤشر بلومبرغ للمليارديرات"، مما أدى إلى تحجيم مجموعة من القادمين الجدد الذين بدؤوا للتوّ في اكتساب القوة والنفوذ في الدولة التي تسيطر عليها الحكومة.

الهدف النهائي

تتسرب التداعيات التنظيمية إلى الاقتصاد الأوسع، مما يوقع كل قطاع -من التكنولوجيا إلى التعليم- في الشرَك، ويدفع الحكومة إلى تخفيف إجراءاتها. ففي محاولة لتجنب أزمة كاملة، خففت الصين إجراءات التقشف لشراء المنازل في الأشهر الأخيرة وخفضت أسعار الفائدة.

ومع ذلك، من المتوقع أن يكون التعافي بطيئاً، ليس فقط بسبب استراتيجية "صفر كوفيد" التي تتبعها البلاد، ولكن أيضاً بسبب العبء الناجم عن اجتماع القيادة مرتين كل عقد في وقت لاحق من هذا العام، إذ من المتوقع أن يبقى شي لولاية ثالثة.

يقول فريدريك نيومان، كبير اقتصاديي آسيا في "إتش إس بي سي هولدينغز": "بصرف النظر عن حالة عدم اليقين الاقتصادي على المدى القريب، قد تظل مشتريات المضاربة ضعيفة نظراً إلى إشارة الحكومة المستمرة إلى أن تطوير السوق بشكل أكثر تنظيماً لا يزال يمثل الأولوية".

رأي خبراء "بلومبرغ إنتلجنس"

قالت المحللة كريستي هونغ: "تستمر ضغوط السيولة غير المسبوقة على المطورين الصينيين. من المقرر أن تمتدّ معاناة السيولة التي يواجهها المطورون المتعثرون إلى الربع الثالث، إذ قد يؤدي الخوف من عدم الإكمال إلى زيادة تراجع مبيعات المنازل".

على المدى الطويل، يعني كل من شيخوخة السكان في الصين، وانخفاض معدل المواليد، وتباطؤ الاقتصاد، أن الأيام المزدهرة لصناعة العقارات الصينية لن تعود.

تقول أليسيا غارسيا هيريرو ، كبيرة الاقتصاديين لشؤون آسيا والمحيط الهادي لدى شركة "ناتيكسيس" (Natixis)، إنه نظراً إلى أن القطاع يمثل ثلث النمو الحقيقي على غرار ما كان في إسبانيا مباشرة قبل تفجر العقارات في عام 2009- تحتاج الحكومة إلى إعادته إلى مستويات المتوسط العالمي.

تضيف: "لا أعتقد أننا سنرى انتعاشاً على شكل حرف V ... الحكومة لا تريد أن يستمر القطاع في النمو بسرعة كبيرة لفترة طويلة جداً".

تصنيفات

قصص قد تهمك