أنفق العلماء والمستثمرون مليارات الدولارات على البحث عن تقنيات بديلة بغية التخلّص من محركات الاحتراق الداخلي والتقليل من انبعاثات غازات الدفيئة. إلا أن تخزين الطاقة يمثّل التكلفة الأعلى في مجال صناعة المركبات الكهربائية، وقد استدعى ذلك تبني مقاربات جديدة في تطوير المواد.
تهيمن بطاريات الليثيوم أيون على الصناعة اليوم نظراً لاعتمادها على تقنية مستقرّة ومعروفة يمتد تاريخها لعقود. مع ذلك، تشوب طريقة تخزين الطاقة هذه بعض العيوب، مثل المخاوف حول المدى الذي تجتازه المركبة قبل الاضطرار لإعادة شحن البطارية، وكذلك السعر، وهذان من أهم أسباب تردّد المستهلكين في اقتناء مركبات كهربائية. تتضمّن البدائل التي تُدرس حالياً خلايا وقود الهيدروجين، ولكنها هي الأخرى تعتريها نقاط ضعف منها قصور البنية التحتية اللازمة لإعادة التزود بالهيدروجين.
وفي سياق الاكتشافات الحديثة الكثيرة التي توصل إليها العلماء في مجال الطاقة البديلة، وجد باحثون في اليابان وسيلة تساعد على تعزيز الكفاءة وتخفض التكلفة، ويكمن سر هذا في الكافيين.
الكافيين لتحسين فعالية خلية الوقود
تتألف خلية الوقود من ثلاثة أجزاء، المصعد "أنود" الذي يبدأ فيه التيار، والكهرل الذي يعبر من خلاله التيار ومهبط "كاثود" بلاتيني يتصل بجهاز خارجي من أجل توليد الكهرباء. في هذه المرحلة الثالثة، يندمج الهيدروجين مع الأكسجين من أجل إنتاج الماء في إطار عملية توليد الكهرباء. والماء هو منتج جانبي غير مؤذ مقارنة بالدخان السام الذي ينبعث من عادم معظم السيارات. لكن المشكلة أنه مع الوقت، يكتسي المهبط بطبقات من هيدروكسيد البلاتينيوم، ويحدّ ذلك من فعالية عملية توليد الكهرباء.
إلا أن ماساهي ناكتمورا وريوتا كوبو وروي سوزوكي من جامعة "شيبا" اكتشفوا أن إضافة قليل من الكافيين إلى الكهرل يحدّ من تكوّن هيدروكسيد البلاتينيوم، ما يزيد تفاعل خلية الوقود بما يصل إلى 11 ضعفاً. كما أن ذلك يقلل من كمية البلاتينوم اللازمة في الأساس، ويساعد بالتالي في تقليل التكلفة.
لن يزيل هذا الاكتشاف وحده كلّ عوائق توسيع إنتاج المركبات الكهربائية وتبنيها. فقد كان السعر أحد العراقيل الرئيسية، إلا أنه تحسن بفضل وفورات الحجم التي خفضت كثيراً من تكلفة صناعة البطاريات.
مع ذلك، ما يزال النقص في البنية التحتية للشحن ومدى القيادة غير الكافي قبل الحاجة لإعادة الشحن من الأسباب التي تعيق شراء المركبات الكهربائية على الرغم من الانخفاض المتواصل في الأسعار.
اقرأ أيضاً: "كموك": هبوط أسعار معادن البطاريات يشجع صفقات الاندماج والاستحواذ
دور الذكاء الاصطناعي
لهذا السبب، يتهافت العاملون في القطاع والمجتمع العلمي بشكل عام للإتيان بأفكار جديدة واختبار مدى نجاحها. فلنأخذ الكوبالت على سبيل المثال، وهو أحد العناصر الأساسية في بطاريات الليثيوم أيون، إلا أن عمليات التنقيب عن هذه المادة تتسبب بتدهور بيئي، وسط تقلبات في الأسعار، لذا يأمل القطاع باكتشاف بديل عنه. وتُدرس حالياً معادن أخرى، مثل المنغنيز والحديد والنيكل، التي قد يثبت أنها قابلة للاستخدام.
اقرأ أيضاً: أسعار "الكوبالت" مرشحة لمزيد من الانخفاض في 2024
عمل الباحثون أيضاً على تطوير الصوديوم كبديل زهيد الثمن عن الليثيوم لكنه أقل قدرة على تخزين الطاقة لكلّ كيلوغرام، بالتالي فإن استخدامه لن يزيد من المسافة التي تقدر معظم السيارات على اجتيازها.
وفيما يبذل العلماء البشر جهودهم في المختبرات، قد يتمكن الذكاء الاصطناعي من تحقيق الإنجاز المقبل. فقد نجح فريق في شركة "مايكروسوفت" من خلال الذكاء الاصطناعي وأجهزة كمبيوتر عالية الأداء، في تحديد حوالي 500 ألف مادة محتملة في غضون بضعة أيام فقط، وتمكنوا عبر تحليل كمّ هائل من البيانات من تقليصها إلى 18 مركباً يمكن استخدامهم في بطاريات المركبات الكهربائية.
اقرأ أيضاً: إنفوغراف: الليثيوم المعدن الأهم في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية
بعد تقييم قائمة المركبات المقترحة وإعداد عينات فعلية عنها، توصل العلماء في مختبر "باسيفيك نورث ويست" الوطني إلى مادة قادرة على توفير النتائج نفسها مثل البطاريات الحالية، ولكن باستخدام كمية ليثيوم أقل بـ70%.
وفي حال نجحت هذه الطريقة، فهي ستسهم في خفض تكلفة صنع بطاريات المركبات الكهربائية والتخفيف من أحد العراقيل الأساسية في الإمدادات.
ستنتهي كثير من البحوث التي يقوم بها سواء البشر أو الذكاء الاصطناعي من أجل التوصل لوسائل نقل لا تسبب انبعاثات بالفشل، فهذه طبيعة الاكتشافات العلمية. ولكن مع جرعة كافيين والحوسبة القوية، لا شيء يقف في وجه الإنجازات البشرية.