الطاقة ستختبر وحدة أوروبا بشأن أوكرانيا.. وبوتين يعلم ذلك

time reading iconدقائق القراءة - 5
إمدادات الغاز الروسي تغطي ثلث احتياجات أوروبا - المصدر: بلومبرغ
إمدادات الغاز الروسي تغطي ثلث احتياجات أوروبا - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

شعر المسؤولون الأوروبيون قبل أيام قليلة بالرضا عن موقفهم الموحّد حيال وجود القوات الروسية على طول الحدود الأوكرانية، ولكنَّهم تمنوا في الخفاء ألا تدفعهم موسكو للاضطرار فعلياً إلى الوفاء بتهديدهم بفرض العقوبات.

مع انتهاء دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في الصين هذا الأسبوع؛ فعلت روسيا ذلك بالضبط من خلال قرار اعترافها بمنطقتين منفصلتين في شرق أوكرانيا، وإرسال قواتها.

"نورد ستريم 2" كبش فداء لاعتراف بوتين بالانفصاليين

لقد كانت صفعة محسوبة على الوجه على عدة مستويات؛ فربما ضاعت هباءً الوعود العديدة التي قدّمها فلاديمير بوتين إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في رحلة الدبلوماسية المكوكية الأخيرة، بما في ذلك الانسحاب النهائي، ووقف إطلاق النار في المناطق المتنازع عليها.

كما مزّقت موسكو اتفاقات "مينسك" لعام 2015 التي حوّلت الصراع الساخن في إقليم "دونباس" إلى نزاع مجمّد اسمياً، وستحاول أوروبا حالياً كبح جماح الجانبين من خلال عملية دبلوماسية مهشمة.

إمدادات الطاقة.. أكبر مخاطر ألمانيا من الأزمة الأوكرانية

وفشلت تهديدات توافق القوى الغربية المتعددة، بدءاً من العقوبات على روسيا إلى المزيد من الدعم لأوكرانيا، في ردع بوتين عن التحرك لإعادة رسم حدود دولة في منطقة واقعة بين الاتحاد الأوروبي والفناء الخلفي التاريخي لروسيا.

"فرِّق تسد"

الأمر المثير للقلق؛ هو قصر الوقت الذي مر منذ آخر مرة "أتت فيها الحرب إلى أوروبا". وفي حين يخضع 185 شخصاً، و48 كياناً حالياً لعقوبات من قبل الاتحاد الأوروبي لتهديدهم سيادة أراضي أوكرانيا واستقلالها؛ أدى ضم شبه جزيرة القرم في عام 2014 إلى رد دبلوماسي من الاتحاد الأوروبي، لكنَّه لم يغيّر الواقع على الأرض، ولم يقلل من اعتماد الاتحاد الأوروبي على روسيا في 40% من طاقة الغاز.

واستمرت الرغبة على مر السنين في إخراج روسيا من العزلة عبر العلاقات التجارية أو الانفراج الجيوسياسي.

قادة غربيون يعتبرون أن روسيا لم تغزو أوكرانيا بعد

يبدو أنَّ شيئاً مفاجئاً قد حدث في النهاية هذه المرة. وتماشياً مع الشعور بالوحدة الغربية مؤخراً؛ كان رد الغرب على الخطوة الأخيرة التي قام بها بوتين تعهداً سريعاً بمزيد من العقوبات، ودعت ألمانيا إلى وقف اعتماد خط أنابيب الغاز "نورد ستريم 2" في حين استهدفت بريطانيا القطاع المصرفي.

لكنَّ روسيا ستواصل اختبار هذا العزم، وتراهن على أنَّ تلك العلاقات التجارية القائمة ستصب في مصلحتها أثناء اللعب بقاعدة "فرّق تسد".

الرئيس الروسي السابق: أهلاً بكم في العالم الجديد الشجاع

تظهر في الخلفية فعلياً علامات تصدّعات داخلية في الاتحاد الأوروبي بشأن العقوبات بين المتشددين وأنصار السلام. هل هذا "غزو" أم "توغل"؟ هل حان الوقت لفرض "كل العقوبات القوية"؟، التي تعني في المصطلحات الأمريكية استهداف مجموعة من القطاعات بدءاً من البنوك إلى التكنولوجيا، أو عبر فرض العقوبة "الأكثر استهدافاً" التي يشير إليها المسؤولون في بروكسل؟

وإذا كان هذا الأخير يبدو مرجحاً بشكل متزايد؛ فلن يدفع بوتين التكلفة الكاملة للانتقام الغربي، ليس عمداً جزئياً؛ ولكن بسبب المصلحة الذاتية أيضاً.

"سلاح الغاز"

تعدّ الطاقة الأمر الأهم؛ وبرغم الإقرار الصحيح للمستشار الألماني أولاف شولتس بأنَّ السماح لـ "نورد ستريم 2" بالعمل كالمعتاد في البيئة الحالية سيكون أبعد من الحد، لكنَّ مركز "بروغيل" للأبحاث يشير إلى أنَّ التخلي عن إمدادات الغاز الروسي دون كبح الطلب يبدو مستحيلاً.

ويقدِّر باحثون في البنك المركزي الأوروبي أنَّ خفضاً نسبته 10% في إمدادات الغاز من شأنه أن يقلِّل القيمة المضافة الإجمالية في منطقة اليورو بنحو 0.7%.

لقد صبّ استخدام "سلاح الغاز" في مصلحة موسكو، فقد كان ارتفاع أسعار الطاقة بمثابة نعمة للخزينة الوطنية.

إليكم المليارديرات الروس الذين يواجهون عقوبات بسبب أوكرانيا

إذا كان الغرب لديه أي فرصة لرفع سعر الحرب بالنسبة إلى روسيا؛ فإنَّ الأوروبيين بحاجة إلى العمل لمنع أنفسهم عن الغاز الروسي.

يمكن أن يشمل ذلك التنويع في مصادر أخرى، مثل: الطاقة النووية، أو تنويع إمدادات الغاز، بالإضافة إلى بناء احتياطي استراتيجي لعموم الاتحاد الأوروبي.

طرحت إيطاليا فكرة استبعاد الطاقة من العقوبات، الأمر الذي من شأنه أن يتعارض مع دعوة رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين للتعامل مباشرة مع اعتماد الاتحاد الأوروبي على الإمدادات الروسية.

ويعني تضاؤل الوحدة تقلّص فعالية العقوبات، وقدرة بوتين على استغلالها بشكل أكبر.

إنَّ العقوبات في حد ذاتها لاتمثل رداً على مستقبل أوكرانيا على المدى الطويل، والتي أدى موقعها على طول شكل جديد محتمل للستار الحديدي إلى إبقائها خارج حلف الناتو والاتحاد الأوروبي، وعرّضها لتفكيك أوصالها بشكل فعّال دون رادع حقيقي.

أدت اتفاقيات "مينسك" فقط إلى تجميد الوضع الذي تريد أوكرانيا بموجبه السيادة الكاملة، في حين يريد الانفصاليون الاحتفاظ بأراضيهم. لكنَّ البداية ستكون عبر تحدُّث الاتحاد الأوروبي بصوت واحد في نفس الوقت الذي تتم فيه معالجة التوابع.

هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان

موسكو

5 دقائق

0°C
غيوم قاتمة
العظمى / الصغرى /
22.5 كم/س
71%