تسييس خطوط أنابيب الغاز الطبيعي سيعاني منه الجميع

time reading iconدقائق القراءة - 14
تتحكم السياسة بشكل كبير في مد خطوط الغاز، ربما بشكل أكبر من الاعتبارات التجارية - المصدر: بلومبرغ
تتحكم السياسة بشكل كبير في مد خطوط الغاز، ربما بشكل أكبر من الاعتبارات التجارية - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

لطالما كان مد خطوط أنابيب الطاقة محكوماً بالاعتبارات السياسية، غالباً على حساب الاعتبارات التجارية. إلا أن تشغيل الخطوط الحالية أصبح مسيساً بشكلٍ متزايد أيضاً، مما سيؤذي الجميع.

كما أن هناك العديد من الأمثلة على طرق خطوط الأنابيب التي يتم اختيارها لخدمة أهداف جيوسياسية.

وفي الواقع، لم يكن خط أنابيب النفط باكو - تبيليسي - جيهان من بحر قزوين إلى محطة تصدير على ساحل البحر الأبيض المتوسط ​​التركي هو الخيار التجاري الواضح لنقل النفط الخام الأذربيجاني إلى السوق، ولكن جرى اختياره لأنه حقق أهدافاً تجنب المرور بإيران (على الرغم من أنه كان من الأرخص البناء هناك والحصول على وصول أفضل إلى الأسواق الآسيوية) والاستقلال عن العبور عبر روسيا.

"نورد ستريم 2"

كما كتبتُ من قبل، فإن بناء روسيا لخط أنابيب الغاز "نورد ستريم 2" إلى ألمانيا هو تتويج لاستراتيجية مدتها 30 عاماً لإزالة طرق العبور الموروثة عبر جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابقة والدول الحليفة.

إلا أن استخدام، أو توقف استخدام، خطوط الأنابيب التي تم بناؤها بالفعل مؤخراً أصبح مثالاً على تسييسها بشكلٍ يدعو أكثر للقلق.

وفي الوقت الذي تكافح فيه أوروبا أزمة طاقة تلوح في الأفق في فصل الشتاء، يبدو أنها تعاني من جميع الجوانب مع استخدام الموردين ودول العبور لخطوط الأنابيب من أجل تحقيق غايات سياسية.

دوافع سياسية

على الرغم من أن الرئيس فلاديمير بوتين ينفي وجود أية دوافع سياسية وراء فشل روسيا في إيصال المزيد من الغاز إلى أوروبا، إلا أن القليلين في أوروبا، إن وجِدوا، يصدقونه. وليس من الصعب معرفة السبب.

تقول شركة "غازبروم بي جي إس سي"، المحتكرة لتصدير الغاز عبر خطوط الأنابيب في روسيا، إنها لبَّت جميع طلبات التسليم من عملائها، إلا أن الأسعار ارتفعت بشكلٍ كبير لأن مستويات التخزين منخفضة، وفي ألمانيا على الأقل، فإن مواقع التخزين التي تقرب أن تكون فارغة هي تلك التي تسيطر عليها شركة "غازبروم".

هذا وعاود سعر الغاز الأوروبي الارتفاع مرة أخرى في الأيام الأخيرة بسبب مخاوف من استمرار روسيا في جعل التدفقات منخفضة رداً على التأخير في التصديق على خط أنابيب "نورد ستريم 2" الجديد، والذي سيؤثر بالفعل على إمدادات الشتاء.

أزمة الجزائر والمغرب

إلا أن الأمر لا يقتصر فقط على شمال شرق أوروبا التي تتسبّب فيها سياسات خطوط الأنابيب في تقلب الأسواق.

ففي الطرف الآخر من القارة، تجد إسبانيا نفسها عالقة في نزاع سياسي بين مورِّد الغاز الرئيسي الجزائر وبلد العبور المغرب، مما يُضيف مزيداً من الضغط التصاعدي على أسعار الطاقة الأوروبية، حيث تنضم إسبانيا إلى قائمة المندفعين لتأمين شحنات الغاز المسال في السوق التي يهيمن عليها العملاء الآسيويون المستعدون لتحمل التكاليف المرتفعة.

وفي الواقع، جعلت التوترات المتزايدة حول إمدادات الطاقة عبر الأنابيب في أوروبا الانقطاع المفاجئ لتدفقات النفط الروسي إلى بولندا عبر بيلاروسيا في أوائل الأسبوع الماضي مسألة أكثر إثارة للقلق.

حيث كان الانقطاع بسبب الصيانة غير المخطط لها على الخط في بيلاروسيا، ولكن عادت التدفقات بعد بضعة أيام.

ولكن وسط أزمة المهاجرين المصطنعة على حدود البلاد مع الاتحاد الأوروبي، والتهديدات السابقة لرئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو بقطع إمدادات الطاقة عن أوروبا، سادت مخاوف من أن يكون التوقف شيئاً أكثر شراً.

أزمة بيلاورسيا

وقد يصبح الأمر كذلك، حيث يُهدد الاتحاد الأوروبي بمزيد من العقوبات ضد بيلاروسيا، بينما تواصل جارتها الشرقية نقل المهاجرين المحتملين إلى الاتحاد الأوروبي من البلدان المتضررة من الأزمات، بما في ذلك العراق وسوريا.

في هذا الصدد، حذّر بوتين، الذي يتدفق نفطه وغازه عبر خطوط الأنابيب التي تعبر بيلاروسيا، من أنه "لا شيء جيد" سيأتي من قيام بيلاروسيا بتعطيل تدفق الطاقة إلى أوروبا، حيث لديه الكثير ليخسره أيضاً. فقد تضررت سمعة روسيا بشدة كمورد موثوق للطاقة إلى أوروبا في الأشهر الأخيرة.

وفي حين أن تعطيل التدفقات العابرة من شأنه أن يعزز حجته بشأن خطوط أنابيب "نورد ستريم" التي تربط روسيا مباشرة بألمانيا، فإن صلاته الوثيقة مع لوكاشينكو ستثير تساؤلات حول تواطئه في أي اضطراب.

في غضون ذلك، وعلى الحدود الجنوبية الشرقية لأوروبا، يثير ابتعاد تركيا عن حلفائها في الناتو مخاوفاً من احتمال أن تصبح إمدادات الغاز إلى اليونان ودول البلقان وإيطاليا أكثر خطورة في القريب العاجل.

التحول للطاقة النظيفة

يُشار إلى أن أوروبا قد أصبحت رهينة أكثر من أي وقت مضى لتسييس خطوط الأنابيب. إذ لا يمكن أن يأتي انتقال الطاقة بعيداً عن الهيدروكربونات بالسرعة الكافية للقارة، كما تتضاءل إمدادات النفط والغاز من بحر الشمال.

وفي حين أن المخاطر المباشرة تُلقي بثقلها على المستهلكين أكثر من موردي الطاقة في المنطقة، إلا أن هؤلاء المورِّدين سيعانون أيضاً على المدى الطويل، حيث تسرِّع أوروبا تحركاتها لتصبح أكثر اكتفاءً ذاتياً من الطاقة في عصر ما بعد الهيدروكربونات.

هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان
Julian Lee

Julian Lee

Oil Strategist at Bloomberg News
للإتصال بكاتب هذا المقال:@JLeeEnergy

موسكو

8 دقائق

6°C
سماء صافية
العظمى / الصغرى /
18.5 كم/س
67%