مرشح ترمب لنائب الرئيس يسعى لإعادة أمجاد "وادي السيليكون"

جيه دي فانس يتحدى هيمنة كبرى شركات التكنولوجيا ويعارض برامج التنوع والمساواة والشمول

time reading iconدقائق القراءة - 8
جيه دي فانس يتحدث في مؤتمر \"تك كرنش ديسربت\" في سان فرانسيسكو عام 2018 - المصدر: بلومبرغ
جيه دي فانس يتحدث في مؤتمر "تك كرنش ديسربت" في سان فرانسيسكو عام 2018 - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

يعرب عدد من أكبر مستثمري رأس المال الجريء في "وادي السيليكون" سراً، داخل الأروقة ذات الجدران الزجاجية، عن سعادتهم باختيار دونالد ترمب جيه دي فانس مرشحاً لمنصب نائب الرئيس.

أدى الاستياء من رد الفعل العام السلبي ضد شركات التكنولوجيا، إلى جانب خيبة الأمل في الرئيس جو بايدن، إلى تحول أيديولوجي في "وادي السيليكون" تجاه التيار اليميني خلال السنوات القليلة الماضية، يقوده عدد من مستثمري رأس المال الجريء. فإذا فاز ترمب وتمسك نائبه الجديد بآرائه عن مكافحة الاحتكار، فقد يشكل تعيينه في النهاية تحدياً لهيمنة كبرى شركات التكنولوجيا.

رغم أن هذا سيكون تغييراً مُرحباً به، إلا أن الأمر الذي سيُقابل بقدر أقل من الترحاب هو الوسيلة التي يسعى من خلالها للقضاء على القيم التقدمية التي دعمت عالم التكنولوجيا لسنوات.

تحول دعم المستثمرين

احتفى عديد من كبار مستثمري رأس المال الجريء بترشيح شخص يعتبرونه واحداً منهم، فقال الشريك في "فاوندرز فند" (Founders Fund)، دليان أسباروهوف في منشور على منصة "إكس" -"تويتر" سابقاً- "لدينا مستثمر سابق في قطاع التكنولوجيا في البيت الأبيض. إننا أعظم دولة في العالم يا عزيزي"، بعد ورود أنباء عن ترشيح فانس.

 كما توالت الإشادات من تشاماث باليهابيتايا، وديفيد ساكس، وإيلون ماسك، وغيرهم كثيرين. وعندما سألت مستثمراً إسرائيلياً خلال تناول وجبة الغداء يوم الثلاثاء عن رأيه في الأنباء، رفع قبضته في الهواء وابتسم لي ابتسامة عريضة، ببساطة.

يأتي ذلك بينما ينجذب عدد من المستثمرين الأكثر ثراءً في "وادي السيليكون" نحو ترمب، حيث يقدم مستثمرون بارزون، مثل مارك أندريسن وبين هورويتز، فضلاً عن المستثمر في شركة "سيكويا كابيتال" (Sequoia Capital) دوج ليون تبرعات كبيرة إلى لجنة العمل السياسي التي تمول حملة ترمب الانتخابية، فيما تعهد ماسك بالتبرع بمبلغ 45 مليون دولار شهرياً.

يرتبط فانس نفسه بعلاقات مالية قوية مع قطاع التكنولوجيا، بالأخص مع بيتر ثيل، الذي منحه أول وظيفة في رأس المال الجريء، وضخ أموالاً في أول صندوق استثمار لرأس المال الجريء يطلقه، كما تبرع بمبلغ 15 مليون دولار لحملة ترشحه لمجلس الشيوخ في أوهايو عام 2022.

طالما كانت كاليفورنيا معقلاً للديمقراطيين، لكن اتجاه بعض أبرز الشخصيات في عالم التكنولوجيا إلى تيار اليمين يعكس التحول الذي مر به فانس نفسه، من معارض دائم لترمب إلى مناصر لحركة "ماغا" (شعار حملة ترمب "جعل أميركا عظيمة مجدداً").

رغم أن الدافع للتحول الكبير في توجه فانس، الذي أعلن عنه بنفسه، كان أيديولوجياً بشكل أكبر، فإن التحول في موقف المستثمرين في قطاع التكنولوجيا طغى عليه الدافع المالي. حيث شعروا بالاستياء تجاه بايدن نتيجة اقتراحه فرض ضريبة بنسبة 25% كحد أدنى على المليارديرات، وخشية أن يبالغ في تنظيم الذكاء الاصطناعي، فضلاً عن أن عداوته الواضحة للعملات المشفرة، التي تبناها ترمب وفانس، لم تساعد في تحسين موقفه أيضاً.

شركات تكنولوجيا تقلص برامج التنوع والمساواة والشمول

كما شهد قطاع التكنولوجيا تأقلماً ثقافياً على مدى العامين الماضيين، انتهى إلى اتباع أسلوب إدارة أكثر واقعية وتلمساً للفرص واقتناصها.

ولّى زمن الصيت الذي اشتهرت به المنطقة في المزايا السخية ووظائف مستوى الإدارة الوسطى المريحة، بعد التكتيكات القاسية التي طبقها ماسك في "تويتر"، حيث أنهى خدمة 80% من الموظفين في العام الماضي. ويُشاع أن هذه الخطوة وفرت غطاءً لرؤساء شركات تكنولوجيا أخرى لإجراء تسريحات قاسية مشابهة، بما يشمل الشركات التي أنهت خدمة فرق الثقة والسلامة بها.

في غضون ذلك، قلصت شركات تكنولوجيا مثل "زووم تكنولوجيز" (Zoom Technologies) و"غوغل" و"ميتا" برامج التنوع والمساواة والشمول التي نفذتها بعد قتل جورج فلويد، وكذلك الإصلاحات التي تزامنت مع تراجع مباغت ومقلق في عدد النساء بقطاع التكنولوجيا.

بأي حال، "وادي السيليكون" مكان يشكل فيه الحدس والخوف من تفويت الفرص دوافع قوية للتغيير. لذلك، فإن تواجد فانس في البيت الأبيض، والمصداقية المترتبة على ذلك في خطابه المعارض لقضايا مثل الهجرة والإجهاض، قد تفضي إلى تخلٍّ أكبر عن القيم التقدمية في "وادي السيليكون".

فانس يسعى لإنهاء هيمنة كبرى شركات التكنولوجيا

رغم أن خبراء التكنولوجيا تجاهلوا تعليقات ترمب العدوانية بشأن التنوع والهجرة خلال فترة رئاسته ما بين عامي 2016 و2020 بشكل كبير، إلا أن آراء فانس لها ثقلها المميز. وبصفته مستثمراً سابقاً، لم يخجل من إبداء استخفافه ببرامج التنوع، وغرّد في الآونة الأخيرة عن "هراء التنوع والمساواة والشمول على مستوى القطاع" في التكنولوجيا و"التحيز اليساري" في أدوات الذكاء الاصطناعي مثل "جيميناي" (Gemini) الذي طورته "غوغل"، مشيراً إلى أن الجهود الرامية لجعل الذكاء الاصطناعي أكثر أماناً هي "جهود واضحة لتحصين شركات تيار اليسار المجنونة".

رغم المبالغة، ما يزال هناك العديد من الأمور التي نجهلها عن فانس. فلدى نواب الرؤساء تاريخ من التهميش، وهناك فرصة كبيرة أن يفعل ترمب الأمر ذاته بمرشحه البالغ 39 عاماً للمنصب. بالطبع لم يحدث ذلك لكل نواب الرؤساء، تذكر تأثير ديك تشيني على قرارات السياسة الخارجية والأمن القومي بعد هجمات 11 سبتمبر.

كذلك، فإن آراء فانس بشأن التكنولوجيا، والتي تحدث عنها بشكل أكبر من أي مرشح آخر لمنصب نائب الرئيس، تتسم بطابع معقد. فهو تلميذ ثيل، وأمضى 6 سنوات مع 3 شركات مختلفة لاستثمار رأس المال الجريء، وانصب أغلب تركيزه على الشركات الناشئة في وسط غرب الولايات المتحدة، قبل أن يؤسس شركته "ناريا فينتشرز" (Narya Ventures).

كما عارض بشكل صريح هيمنة كبرى شركات التكنولوجيا، ومن بينها "ألفابت" و"ميتا" و"مايكروسوفت"، وهاجم قوانين الذكاء الاصطناعي التي قد "تصب في مصلحة أصحاب المناصب الحاليين". وكذلك استخدم نفوذه لدعم إجراءات مكافحة الاحتكار العنيفة التي اتخذتها لجنة التجارة الفيدرالية ضد كبرى شركات التكنولوجيا، وغرد قائلاً: "حان الوقت لتقسيم (غوغل)".

لم يثر هذا الرأي الجدل على النحو المتوقع في "وادي السيليكون"، بالأخص بين مستثمري رأس المال الجريء الذين غالباً ما تضطر شركاتهم الناشئة إلى استخدام الخدمات السحابية لكبرى شركات التكنولوجيا. تربط بين مستثمري رأس المال الجريء وكبرى شركات التكنولوجيا علاقة مكرهة، حيث لا بد أن يتعاملوا بلطف مع الرؤساء التنفيذيين الذين قد يشترون شركاتهم الناشئة، لكن هؤلاء الذين يهيمنون على السوق وأصحاب الكفاءات يعيقون نمو استثماراتهم.

مكاسب التنوع في خطر

من هذا المنطلق، يحاول فانس أن يوازن بين نخبتين مميزتين في "وادي السيليكون"، فهناك كبرى شركات التكنولوجيا من جهة، وشبكة كبيرة من الشركات الناشئة ومستثمري رأس المال الجريء من جهة أخرى.

وتضييق الخناق على كبرى شركات التكنولوجيا دون الإضرار بالشركات الناشئة أو المستثمرين لن يكون سهلاً إذا كان فانس جاداً بشأن إتاحة تكافؤ الفرص، إلا أن معالجة عدم التوازن الغريب في السوق لصالح كبرى شركات التكنولوجيا أمر طال انتظاره.

مع ذلك، وبالنظر إلى أن تطبيق قوانين مكافحة الاحتكار في الولايات المتحدة قد يكون بطيئاً ومرهقاً، فالأرجح أن التأثير الأكبر لفانس سيكون في دعم التحول الثقافي في "وادي السيليكون" إلى ثقافة نخبة رجال التكنولوجيا مرة أخرى، حيث سيجري تضخيم تصريحاته عن كل المواضيع، التي تشمل الهجرة والإجهاض ومبادرات التنوع، على منصات التواصل الاجتماعي خلال الشهور المقبلة.

تواجه المكاسب الصغيرة الصعبة التي حققها "وادي السيليكون" في جلب عدد أكبر من النساء والأقليات العرقية إلى عالم التكنولوجيا خطراً أكبر من أي وقت مضى. وإذا كان هذا الإرث الذي سيتركه فانس للمنطقة والقطاع، سيكون إرثاً مخيباً للآمال.

هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان

California City

6 دقائق

15°C
سماء صافية
العظمى / الصغرى 15°/15°
24.1 كم/س
67%
الآراء الأكثر قراءة