بلومبرغ
بعد مرور عام على كشف وارن بافيت أنَّه كان يتخلَّص من أسهم شركات الطيران أثناء انتشار الوباء، يتوق مساهمو شركة "بيركشاير هاثاواي" لمعرفة ماذا ينتظر التكتل مع خروج المزيد من الأمريكيين من الإغلاق.
من المقرر أن يخاطب الرئيس التنفيذي لشركة "بيركشاير" المساهمين في مؤتمر عبر الفيديو اليوم السبت، بالتوافق مع الإرشادات الصحية، مما يلغي الحدث الميداني للعام الثاني على التوالي، الذي كان ينظَّم في أوماها بولاية نبراسكا، وكان يجذب عادة الآلاف من المعجبين المحبين. ومن المحتمل أن يتحدَّث بافيت عن كيفية تأثير الأزمة العالمية على بعض الأعمال التجارية الواسعة النطاق للشركة سلباً، في حين أفادت بعضهم الآخر.
سيسعى المستثمرون للحصول على نظرة بافيت الثاقبة لنبض الاقتصاد الأمريكي، الذي تمتلك شركته خط السكك الحديدية "بي إن إس إف" (BNSF)، وحصة في سلسلة استراحة الشاحنات "بايلوت ترافيل سنترز" (Pilot Travel Centers).
البحث عن الثقة
وقالت كاثي سيفرت، المحللة في شركة البحوث "سي إف آر إيه" (CFRA Research)، في مقابلة: "أول شيء سنبحث عنه هو سلوك من جانبه، يعكس درجة أكبر من الثقة، وكذلك رؤيته لتأثير الوباء"، وأضافت أنَّها شعرت "حقاً أنَّه مرعوب" في اجتماع العام الماضي، عندما كانت حالة عدم اليقين المتعلِّقة بالوباء تزيد معاناة الشركات والأسواق. ورفض ممثِّل لـ"بيركشاير" التعليق على الأمر قبيل الاجتماع.
كان حدث العام الماضي متواضعاً، واتسم بنبرة حذرة من قبل بافيت وسط حالة من عدم اليقين الناتجة عن الوباء، وحينها جلس على المنصة بعيداً عن نائبه غريغ أبيل، ونقل بافيت، البالغ من العمر 90 عاماً، الاجتماع إلى لوس أنجلوس العام الجاري حيث يعيش شريكه التجاري منذ فترة طويلة، ونائب رئيس مجلس إدارة شركة "بيركشاير"، تشارلي مونغر، البالغ من العمر 97 عاماً.
وبرغم أنَّ المستثمر الملياردير يستطيع تقديم منظور فريد حول كيفية أداء الاقتصاد، لم يعرف المستثمرون مؤخَّراً الكثير عن الكيفية التي ينظر بها إلى تداعيات أزمة كوفيد-19، وأشار الملياردير في الصفحة التاسعة في رسالته السنوية المؤلَّفة من 15 صفحة في فبراير إلى الوباء مرة واحدة فقط، قائلاً إنَّ إحدى شركات الأثاث التابعة له اضطرت للإغلاق لبعض الوقت بسبب الفيروس.
ضغوط الوباء
ضغطت الأزمة كذلك على بعض شركاته الأخرى، وأثَّر الوباء على مبيعات تجار التجزئة، مثل "سيز كانديز" (See's Candies)، ومورِّدة سلع الحفلات "أورينتال للتجارة"، وكانت شركة "بيرسيجن كاستبارتس" (Precision Castparts)، لتصنيع معدَّات صناعة الطيران والطاقة، وراء شطب الأصول البالغ 11 مليار دولار، الذي اتخذته "بيركشاير" العام الماضي عندما خفَّض الفيروس الطلب على الرحلات الجوية.
لكن شركة "غايكو" (Geico) للتأمين على السيارات سجَّلت خسائر أقل، إذ أدت عمليات الإغلاق إلى خفض معدلات القيادة، كما سجَّلت شركة "بامبرد تشيف" (Pampered Chef) الأمريكية لبيع مستلزمات المطبخ أرباحاً أعلى في 2020.
وقال جيم شاناهان، المحلل في "إدوارد دي جونز آند كو" (Edward D. Jones & Co)، في مقابلة: "هناك فرص كبيرة أمامه لمشاركة بعض الأفكار المثيرة للاهتمام حقاً حول الوباء..ربما يمكنه التحدُّث بطريقة لا يستطيع غيره من المديرين التنفيذيين إيضاحها عن الأجزاء التي شهدت تعافياً أكثر قوة في هذه المرحلة، والأجزاء الأخرى المختلفة".
ومهما تكون التصريحات التي سيقدِّمها، فقد كانت "بيركشاير" تعدل استثماراتها منذ اجتماع العام الماضي، وقلَّصت الشركة -التي تخلَّصت من أسهم شركات الطيران بما في ذلك أسهم في شركة "دلتا ايرلاينز"، و"ساوث ويست ايرلاينز" في أوائل 2020 مع سحق الوباء لقطاع السفر- ممتلكاتها المصرفية خلال العام الماضي في تحول كبير لمحفظة تركَّزت حوالي 41% من قيمتها العادلة في البنوك، وشركات التأمين، والشركات المالية في نهاية 2019.
تكيف الشركات
عندما يخاطب بافيت المساهمين، فإنَّ هناك موضوعاً محتملاً آخر، وهو كيفية تكيف الشركات مع بدء التعافي. فمع توزيع الأمصال، تعيد الشركات الكبيرة النظر في كل شيء بدءاً من طلب العملاء إلى خطط العودة إلى المكتب.
وقال بنك "جي بي مورغان " الأسبوع الجاري، إنَّ الموظفين الأمريكيين يجب أن يتوقَّعوا العودة إلى المكاتب على أساس متناوب في يوليو. في حين تدرس شركات أخرى، بما في ذلك مجموعة "ميتسوبيشي يو اف جي" المالية، طرقاً لتقليص وجودها العقاري في مناطق مثل الأمريكتين.
موضوعات أخرى يمكن مناقشتها في الاجتماع
إنفاق النقدية
أنهت "بيركشاير هاثواي" عام 2020 بنقدية متراكمة تزيد على 138 مليار دولار حتى بعد إنفاق رقم قياسي على عمليات إعادة شراء الأسهم العام الماضي بلغ 24.7 مليار دولار. وكانت الأموال المتزايدة باستمرار تضغط على أسهم التكتل، إذ أخفقت أسهم الشركة من الفئة "أ" في اللحاق بمكاسب مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" البالغة 102% خلال السنوات الخمس الماضية.
وقال محللو مجموعة "يو بي إس"، بقيادة بريان ميريديث، في مذكرة للعملاء في 26 أبريل: "نتوقَّع أن تكون إدارة رأس المال مرة أخرى موضوعاً رئيسياً في الاجتماع السنوي العام الجاري"، ويقدِّرون أنَّ "بيركشاير" أعادت شراء أسهم بحوالي 5 مليار دولار في الربع الأول.
كما أتاحت رغبة بافيت في اقتناص المزيد من أسهم "بيركشاير هاثواي" له طريقةً أخرى لتوظيف رأس المال، خاصة أنَّ شعبية شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة تجعل بيئة عمليات الاستحواذ أكثر تنافسية. ومن المفترض أن تعطي نتائج الأعمال المقرر الإعلان عنها اليوم السبت المستثمرين فكرة عن مقدار الأموال التي أنفقها على عمليات إعادة الشراء في الأشهر الثلاثة الأولى من العام.
تمكَّنت الشركة من إبرام عدد قليل من الصفقات في العام الماضي، واستثمرت في خمس شركات تداول يابانية، واشترت بعض أصول الغاز الطبيعي من شركة "دومينيون إنرجي " (Dominion Energy Inc). لكنَّ انقضاض الحكومة الفيدرالية في بداية الوباء لمساعدة الشركات -التي ربما كانت تلجأ لـ"بيركشاير" لأنَّها ملاذ آمن- أحبط مكاسب محتملة للشركة.
وقال جيم شاناهان، المحلل في "إدوارد دي جونز آند كو"، مشيراً إلى نشاط الصفقات في "بيركشاير": "ستكون هناك بعض الأسئلة حول ذلك أيضاً، لأنَّه إذا كان هناك أي شيء، فهناك قدر كبير من رأس المال في السوق ينافسه أكثر من ذي قبل.. وتعدُّ شركات الشيك على بياض منافساً جديداً".
التغيير المناخي
كان بافيت يحرص على الخوض بحذر في المواضيع السياسية في السنوات الماضية. وبرغم أنَّه روَّج للمرشحين في الحملات الانتخابية في الماضي، فقد ظلَّ صامتاً على الأغلب حول انتخابات العام الماضي. ومع إعلان الرئيس، جو بايدن، عن الخطة الضريبية، ومقترح البنية التحتية مؤخراً، يمكن لبافيت أن يفكر في تأثيرها المحتمل على كل الاقتصاد، وعلى "بيركشاير" على وجه الخصوص.
تواجه "بيركشاير" مقترحين من المساهمين في اجتماع العام الجاري، أحدهما حول تغير المناخ، والآخر حول التنوع والشمول، وكلاهما يحثان الشركة على نشر المزيد من المعلومات حول جهودها على تلك الجبهات.
ينصح مجلس الإدارة المستثمرين بالتصويت ضد المقترحات برغم اعترافه بأهمية قضايا إدارة مخاطر المناخ والتنويع. وقد قال بافيت مراراً، إنَّ نهج "بيركشاير" اللامركزي -إذ تدير كل شركة تابعة أعمالها باستقلال، وتقوم بالقليل من الأعمال المشتركة مع المجموعة- يجعل رفع تقارير شاملة متعددة، أو إيجاد طرق للإعلان عن البيانات بطريقة موحدة لمثل هذه الأعمال المتنوعة أمراً مرهقاً. وأضاف أنَّه يتعين على كل وحدة معالجة هذه المخاطر بشكل فردي.
تواجه الشركة أيضاً تحرُّكات معاكسة لشركتين استشاريتين بالوكالة، وأوصت شركة "غلاس لويس" (Glass Lewis) بحجب الأصوات أو التصويت ضد انتخاب رئيس لجنة التدقيق، توماس مورفي، مشيرة إلى نقص الإفصاح عن مخاطر تغير المناخ، في حين نصحت "انستيتيوشنال شيرهولدر سيرفيسيز" (Institutional Shareholder Services) بحجب أصوات أربعة من أعضاء مجلس الإدارة بسبب الرقابة غير الفعالة على حزم الأجور.
وتقول كاثي سيفرت، المحللة في شركة البحوث "سي اف آر إيه: "لا أذكر أنَّ معارضة أي شركة من شركات الاستشارات بالوكالة لمجموعة من المديرين كانت تشكِّل مشكلة"، وأضافت"فيما يتعلَّق بموضوعات تغير المناخ والتنويع على وجه الخصوص، يبدو بالنسبة لي أنَّ غضَّ "بيركشاير" الطرف، وصمَّ آذانها عن هذه الأمور ينم، في أحسن الأحوال، عن لا مبالاة".
الخلافة
يواجه بافيت بشكل روتيني أسئلة حول الخلافة نظراً لسنِّه وطول مدة إدارته. وفي عام 2018، اتخذ خطوة نحو معالجة هذه المسألة من خلال ترقية غريغ أبيل، وأجيت جاين، إلى مناصب نواب الرئيس، جنباً إلى جنب مع مونغر. ومن المقرر أن يحضر كلٌّ من أبيل وجاين الاجتماع.
وأما إحدى الأسئلة العالقة، فتتعلق بدور تود كومبس في قيادة "غايكو". فقد تولى كومبس، مدير محفظة إلى جانب تيد ويشلر، هذا المنصب، وأدار شركة التأمين على السيارات في خطوة قال عنها بافيت، إنَّها مؤقتة. ويرى المحلل شاناهان أنَّه من الضروري تقديم معلومات جديدة بشأن مسؤولياته.
سوق الأسهم
يحضر العديد من المستثمرين اجتماعات بافيت السنوية للاستماع إلى أفكاره حول سوق الأسهم، ويوفِّر العام الجاري موضوعات جديدة قد يتطرَّق إليها خاصة بعد الهوس المحيط بتداول أسهم شركة "غايم ستوب "، ودراما منصة التداول "روبن هود".
انتقد مونغر شركات الوساطة عبر الإنترنت التي تجذب مستثمري التجزئة عديمي الخبرة، قائلاً إنَّهم بذلك يقدِّمون خدمات مقامرة في الأساس. كما تطرَّقت تعليقاته في فبراير إلى الشركات التي تقدِّم تداولات بدون عمولة، وهو ما وصفه بأنَّه أحد أكثر الأكاذيب "المقززة".
وقال مونغر: "تداولات "روبن هود" ليست مجانية..وعندما تدفع مقابل تدفُّق الطلبات، فمن المحتمل أنَّك تفرض رسوماً أكبر على عملائك، وتتظاهر بالمجانية، وهي طريقة مخزية للغاية، ولا ينبغي على أحد أن يصدق أنَّ تداولات "روبن هود" مجانية".