أزمة نقص الرقائق مستمرة بل وتتزايد، وما يزال صانعو السيارات، والهواتف، وأجهزة الكمبيوتر غير قادرين على الحصول على أشباه الموصلات التي يحتاجونها؛ حيث لا يمتلك موردوها المكونات اللازمة لإنتاج الرقاقات أيضاً.
ولا يبدو أن الحلول ستظهر قريباً؛ كما أن الإصلاحات المؤقتة المتبعة لن تؤدي إلا إلى تفاقم المشكلة. وفي غضون ذلك، تستغل القليل من الشركات الأزمة للاستعداد لنقص مستقبلي.
الاستغناء عن بعض المكونات
ولنأخذ شركة "جنرال موتورز" على سبيل المثال، حيث صرحت أنها ستمضي قدماً في تصنيع شاحنة "بيك أب" كاملة الحجم وخفيفة المهام لعام 2021 بدون رقاقة إدارة الوقود - وهي جزء من نظام معقد يتحكم في أسطوانات محرك السيارة ويساعدها؛ حيث سيؤدي غيابها إلى تقليل توفير شاحنة "البيك أب" لاستهلاك الوقود.
بدلاً من طرح منتجات دون المستوى المطلوب، ألم يكن من الأفضل كبح جماح الإنتاج تماماً ووضع خطط رقاقات مستدامة لتصنيع النوع المناسب من السيارات في المستقبل؟ أليس هذا شيئاً يفضله العملاء؟
وفي حين أغلقت شركة صناعة السيارات بعض مرافقها بسبب عجز الرقاقات، فإنها تخطط لمواصلة صنع جميع طرازات الشاحنات لأنها أكثر مركباتها ربحية. وفي الواقع، بلغت مبيعاتها السنوية من السيارات في الولايات المتحدة أعلى مستوياتها منذ عام 2017.
وتقول "جنرال موتورز" إن الافتقار إلى رقاقة إدارة الوقود لن يكون له تأثير كبير على أرقام الامتثال الخاصة بغازات الاحتباس الحراري؛ إلا أنها تنم عما ترغب الشركة في التنازل عنه للحفاظ على أرباحها.
التخطيط للتعامل مع مزيد من النقص
لماذا لا تستغل المزيد من الشركات هذه الفرصة للتخطيط للفصل التالي في ملحمة النقص هذه، واستباق مثل هذه الأزمات الآن؟
يجب أن نأخذ بعين الاعتبار النقص المتزايد في جزء آخر ضروري لصناعة الرقاقات، وهو الركائز التي تعمل كعزل في أشباه الموصلات. وهي ليست معقدة إلا أن المهل الزمنية تصل الآن إلى 52 أسبوعاً لأفضل مجموعة، وهذه التأخيرات ستؤثر على الشركات العملاقة مثل "إنفيديا كورب"، و"أدفانسد مايكرو ديفايسس".
الجدير بالذكر أنه قبل ستة أشهر ظهرت علامات على أن إنتاج الركائز سينخفض؛ إلا أن الشركات ذات الهامش المنخفض نسبياً كانت سوقاً مُداراً تقريباً تم إنشاؤه حول الطلب والعقود طويلة الأجل. في حين استثمر عدد قليل من الشركات في إنتاج جديد. وفي الحقيقة، يتطلب بناء منشأة ركائز جديدة حوالي 500 مليون دولار؛ ومن المتوقع أن يزداد النقص سوءاً الآن.
الطريقة الوحيدة التي يتحسن بها هذا الواقع هي في حال أدى النقص المتزايد إلى قلب النهج الكسول والقائم على عدم التدخل لسلاسل التوريد والتخطيط. حيث تحتاج الشركات إلى تجاوز الاستجابات التفاعلية والتفكير في الكيفية التي وصلت فيها إلى النقص في المقام الأول. هل كان حقاً مجرد طلب مدفوع بالجائحة التي تسبب بالفوضى على جميع الأصعدة؟
تكنولوجيا معتدلة
ونُشير إلى أن شركتي "تايوان سيميكونداكتور مانيوفاكتشرينغ"، و"سامسونغ إلكترونيكس"، قد استثمرتا المليارات في صناعة أشباه الموصلات المتطورة. وكان من الممكن لإنتاج تكنولوجيا معتدلة نسبياً - مثل الركائز ورقاقات إدارة الوقود - أن يساعد في هذه الأزمة. هذا وينبغي الاستفادة من هذه الفترة لمعرفة كيفية تجنب النقص.
ما من شكٍ في وجود الحاجة إلى حلول مستدامة؛ وفي حال لم تبدأ الشركات اتخاذ قرارات بشأن المستقبل الآن، واستمر قصر النظر، فمن المحتمل أن تزداد الإمدادات سوءاً.
وفي الواقع، فإن الإصلاح لا يتطلب إصلاحات شاملة؛ فالتحفظ في توقعات الإنتاج وتقديم الوعود بتحقيق أهداف الربح هو أحد الطرق، حتى لو لم يكن المستثمرون سعداء. كما يمكن للشركات أيضاً الاستفادة من فترات زمنية أطول، وتنويع الموردين، وبناء مخزونات أكبر.
لقد عاش العالم في هذه الأزمة لوقت طويل بما فيه الكفاية؛ ويستحق الأمر استثمار الوقت لاكتشاف الحلول الآن حتى نتمكن من الخروج من النقص وتجنبه في المستقبل.