بلومبرغ
تعززت أسهم الشركات التي تصدر منتجاتها خارج الولايات المتحدة بفضل ارتفاع الدولار، لكن هذه المكاسب قد تبدأ في التلاشي. تزيد نسبة شركات التصدير على وجه التحديد لدى أسواق الأسهم في اليابان وسويسرا والمملكة المتحدة، مما يشير إلى أن المؤشرات القياسية في تلك البلدان ستكون من بين الأسوأ أداءً إذا تزايدت وتيرة تراجع الدولار، حسبما قال بنك "جيه بي مورغان". وقال بنك "سوسيتيه جنرال" إن شركات التصدير في تايوان معرضة للخطر أيضاً بسبب قوة ارتباطها بالدولار.
يتجه مؤشر بلومبرغ للدولار نحو أسوأ شهر له منذ يوليو بعد أن أشار مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى أن دورة التشديد الطويلة التي استمرت عامين تقريباً قد أوشكت على الانتهاء، مما دفع المتعاملين إلى زيادة الرهانات على خفض أسعار الفائدة العام المقبل. وانخفضت مؤشرات شركات التصدير في اليابان وأوروبا، فضلاً عن العديد من نظرائها الآسيوية، من أعلى مستوياتها في الآونة الأخيرة، بعد ارتفاعها في الأشهر الثمانية الأولى من 2023.
من شأن ضعف الدولار أن يؤدي إلى تآكل القدرة التنافسية للمصدرين خارج الولايات المتحدة، إذ تصبح منتجاتهم أكثر تكلفة لدى أكبر اقتصاد في العالم، وهي سوق رئيسية بالنسبة للكثيرين. في الوقت نفسه، تجري تسوية قيمة حوالي 40% من التجارة العالمية بالدولار، مما يعني أن التأثير أوسع بكثير من مجرد المبيعات إلى الولايات المتحدة.
قال داريل ليو، رئيس إدارة المحافظ لدى "سينغ أليانس" (Sing Alliance Pte): "المصدرون العالميون الذين لم يتحوطوا من خطر التغيرات في سعر صرف العملات الأجنبية، قد يتأثرون بسبب ضعف الدولار الأميركي، كونه لا يؤثر فقط على القدرة التنافسية لتسعير منتجاتهم، بل قد يؤدي أيضاً إلى تكبد خسائر التحويل وتراجع الأرباح".
المصدرون الأكثر حساسية للدولار
ترتفع نسبة ارتباط الأسهم اليابانية نسبياً عند 37% بالعملة الأميركية منذ عام 2010، في حين أن سويسرا تقترب من 35% والمملكة المتحدة 31%، حسبما كتب المحللون في قسم الأسهم لدى "جيه بي مورغان"، بما في ذلك ميسلاف ماتيجكا وبرابهاف بهاداني، في مذكرة بحثية أواخر الشهر الماضي. في المقابل، يبلغ معدل الارتباط بين الأسواق الناشئة والدولار سالب 29%.
استفاد المصدرون اليابانيون من انخفاض الين خلال العام الماضي، لكن يبدو أن العملة سترتفع بسبب ضعف الدولار، وكذلك صدور إشارات أن البنك المركزي يخفف سيطرته على عوائد السندات المحلية.
"إذا استمر الدولار في الضعف، فقد يتعين على المستثمرين تقليل تعرضهم للأصول شديدة الحساسية إزاء قيمة الدولار" في صناعتي السيارات والتكنولوجيا الحيوية في اليابان لتحقيق التفوق في الأداء، حسبما كتب المحللون في "مورغان ستانلي"، بينهم جيلبرت وونج في هونغ كونغ، عبر مذكرة بحثية أمس الأول الثلاثاء.
قالت شركة "تويوتا موتور" إنها حصلت على أرباح تشغيل إضافية بقيمة 45 مليار ين (299 مليون دولار) مقابل كل تراجع للعملة بمقدار ين أمام الدولار. وأظهرت حسابات "بلومبرغ" أنه من المرجح أن تحقق عشر من أكبر الشركات اليابانية أرباحاً إضافية بقيمة 1.4 تريليون ين خلال العام المالي الجاري إذا ظل سعر صرف الين عند مستواه الحالي البالغ 150 أمام الدولار.
قال راجات أجاروال، محلل الأسهم الآسيوية لدى بنك "سوسيتيه جنرال" في بنغالورو، إن المصدرين التايوانيين هم الأكثر حساسية للدولار داخل آسيا الناشئة، حيث تعد الجزيرة الأكثر انكشافاً-إلى جانب كوريا الجنوبية- للإيرادات الدولية.
تراجع التقديرات
الشركات الأوروبية التي لديها نسبة عالية من الصادرات إلى الولايات المتحدة تشهد بالفعل تراجعاً في توقعات أرباحها وسط مخاوف بشأن اتجاه الدولار والنمو العالمي.
انخفضت توقعات المحللين للأرباح الآجلة على مدى 12 شهراً لشركة "نستله" (Nestle SA) السويسرية لصناعة الشوكولاتة، والتي تحصل على أكثر من ربع إيراداتها من أميركا الشمالية، بنسبة 1.5% منذ أكتوبر. كما شهدت العلامة التجارية الاستهلاكية في المملكة المتحدة "يونيليفر" (Unilever Plc) انخفاضاً في توقعات الأرباح الشهر الماضي. تظهر البيانات التي جمعتها "بلومبرغ" أن الشركة تحصل على أكثر من 20% من إيراداتها من الولايات المتحدة.
قالت بريرنا جارج، مساعدة استراتيجية الأسهم لدى "اتش إس بي سي هولدينغز" في هونغ كونغ، إن ضعف الدولار لديه القدرة على زيادة التقلبات في الأسهم العالمية، ويمكن أن "يؤدي إلى تآكل هوامش أرباح الشركات الموجهة للتصدير خارج الولايات المتحدة". أضافت: "انخفاض قيمة الدولار يمكن أن يؤدي إلى تقليص أرباح الشركات بشكل أكبر، خاصة عندما يظل الطلب العالمي فاترا".