يؤمن رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول بأن السياسة النقدية يتم تنفيذها وفقاً للظروف المالية، وفي الوقت الراهن يبدو أنه راضٍ بشأن ما وصلت إليه تلك الظروف. وأخبر "باول" المشرعين يوم الأربعاء، قائلاً: "كانت السوق تقرأ رد الفعل من جانبنا بطريقة جيدة نسبياً".
يعد التوافق بين الأسواق وبنك الاحتياطي الفيدرالي من الأخبار الجيدة بالنسبة للتقلبات في الأجل القريب، لكن كلمات "باول" تحتوي أيضاً على تهديد خفي، إذ إنه في حال تعافت الأصول المالية أكثر من اللازم من عمليات الهبوط الأخيرة، فلديه طرق لإعادتها إلى موضعها. ويُكيّف المستثمرون تصريحات "باول" وفقاً لمخاطرهم الخاصة.
هبطت عائدات السندات بطريقة حادة خلال الأسبوع الماضي، وتشير عقود المقايضات حالياً إلى سعر نهائي أقل من متوسط توقعات أعضاء مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي ورؤساء بنك الاحتياطي الفيدرالي. في هذه الأثناء، صعد مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" لليوم الثالث على التوالي خلال أمس الأربعاء قبل أن يتخلى عن مكاسبه عند إغلاق التداول.
اقرأ أيضاً: يبدو أن الاحتياطي الفيدرالي الأميركي يتوقع ركوداً
من المحتمل أن يكون قدراً من ذلك مقبولاً لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي عقب عمليات التراجع الشديدة التي جرت الأسبوع الماضي، وتعتبر العودة السريعة للارتفاعات علامة مميزة صحية لكافة الأسواق الهابطة، لكن في حال تعافت الأسواق أكثر من اللازم، من المتوقع أن يعيد "باول" وزملاؤه تأكيد تواجدهم بأنفسهم من خلال جولة أخرى من لهجة الخطاب المتشددة. تبقى مجابهة معدلات التضخم على رأس أولوياتهم، ولن يتعاملوا بطريقة لطيفة مع المضاربين الذين يقوّضون هذا الهدف.
وفقاً لما ذكره "باول"، فإن السياسة النقدية الأكثر تشدداً تكون فعالة عندما تتحول إلى خليط من تكاليف الاقتراض العالية على أرض الواقع، وهبوط أسعار الأصول، وسعر صرف الدولار الأقوى.
عندما ينوه بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أنه سيزيد من سعر الفائدة، تصبح الرهون العقارية وقروض السلع المعمرة، على غرار السيارات، أكثر تكلفة (ما يجعل الأشخاص أقل نزوعاً للاقتراض)، وتقلص حسابات الاستثمار (ما يجعل الناس أقل نزوعاً للإنفاق)، ويصعد سعر صرف الدولار (ما يقلل من تكلفة السلع المستوردة).
اقرأ أيضاً: الاحتياطي الفيدرالي قد يخاطر بمستقبل الاقتصاد إذا فشل في كبح التضخم اليوم
هذه العوامل المتغيرة تتوقع الزيادات في سعر فائدة التمويل لدى الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، وهذا هو السبب في أن أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة ألمحوا إلى أنهم غير متخلفين عن الركب على صعيد مكافحة أسوأ معدلات التضخم خلال 40 سنة كما تشاهده العين. سيبقي صناع السياسات النقدية في احتياج إلى الإقرار بتوقعات السوق، لكن الظروف المالية تقوم بعملها فعلاً.
في حين أنه يوجد معادلات لصنع السياسة النقدية - على غرار ما يطلق عليه قواعد "تايلور" التي أسسها الخبير الاقتصادي جون تايلور- من الصعب القول بشكل محدد أي مستوى لأسعار سوق الأسهم أو لفائدة الرهون العقارية الذي يتماشى مع عملية مكافحة ديناميكيات التضخم الفريدة لسنة 2022، بما يتضمن المكون الكبير لجانب العرض مدفوعاً بعمليات الإغلاق المرتبطة بوباء "كوفيد -19"، والحرب في أوكرانيا.
في هذه الأثناء، يخاطر صناع السياسة النقدية بطريقة مستمرة بضغط الأسواق أكثر من اللازم والتسبب في حدوث ركود اقتصادي.
من الواضح أن "باول" ملتزم باكتشاف المقدار الكافي من خلال واقع التجربة، لذلك ربما يكون التوقف في الصيف لعمليات التراجع بالنسبة للسوق تطوراً مرحباً به. وقال "باول" للصحفيين في 15 يونيو: "لن نكون بمثابة نموذج مدفوع بالكامل بهذا الأمر. سنبحث هذا الأمر وسنُبقى أعيننا مفتوحة" على تطورات الاقتصاد والأسواق المالية. قطعاً، في حال لم يعجبهم ما يشاهدونه، فلن يترددوا في اتخاذ إجراء في هذا الصدد.