كونور سين: سوق العمل الأميركية أضعف مما تبدو

رغم ارتباط التوظيف بقوة قطاعات التعليم والصحة والحكومة إلا أنه بدأ في فقدان زخمه

time reading iconدقائق القراءة - 7
لافتة توظيف خارج محطة وقود تابعة لشركة \"ماراثون بتروليوم\" في سيمور، إنديانا، الولايات المتحدة - المصدر: بلومبرغ
لافتة توظيف خارج محطة وقود تابعة لشركة "ماراثون بتروليوم" في سيمور، إنديانا، الولايات المتحدة - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

ارتبطت مرونة سوق العمل خلال العام الماضي بشكل رئيسي بقوة قطاعات مثل التعليم والرعاية الصحية والحكومة، التي تتأثر بدرجة محدودة بالدورات الاقتصادية. وتناقض الارتفاع المستمر في التوظيف في هذه القطاعات مع التراجع في تلك الأكثر تأثراً بالدورات الاقتصادية، ومن بينها البناء والتصنيع والخدمات المهنية. 

لكن ما دام هذا التوازن مستمراً، يمكننا تدبر الأمر دون ارتفاع معدل البطالة، حتى لو ظل بعض أصحاب العمل مكتوفي الأيدي بسبب أسعار الفائدة المرتفعة وفرص اندلاع حرب تجارية.

تكمن المشكلة أن تلك القطاعات الأقل تعرضاً للدورات الاقتصادية في سوق العمل تتباطأ أيضاً، وما لم نشهد نمواً في غيرها، قد تتراجع فرص التوظيف أمام الباحثين عن عمل في 2025.

دعائم سوق العمل الأميركية

من بين 2.2 مليون وظيفة أُضيفت في الولايات المتحدة خلال 2024، كانت 1.4 مليون وظيفة في التعليم والرعاية الصحية والحكومة. في العقد الثاني من الألفينيات، حققت هذه القطاعات إسهاماً كبيراً في سوق العمل بنحو 700 ألف وظيفة سنوياً، ما يعادل نصف ما حققته العام الماضي.

اقرأ أيضاً: الشركات الأميركية تسجل أدنى معدلات التوظيف منذ ما يقرب من عقد

تأخر تعافي هذه القطاعات بعد الجائحة، واستغرقت فترة أطول لتعود إلى المستويات الطبيعية، مقارنة بخدمات التغذية أو البناء. ولم تخض المدارس والمستشفيات منافسة شرسة على العاملين، كما فعلت شركات الطيران أو المطاعم في 2021. كما استغرق أرباب العمل الحكوميون مدة أطول في إنفاق التمويلات التي تلقوها باعتبارها إعانات الجائحة، أو بموجب برنامج الدعم الحكومي الذي أقره الرئيس جو بايدن. وفي بعض الحالات، دفع تراجع التوظيف في قطاعات أخرى العاملين إلى قبول رواتب أقل، لكن مع استقرار نسبي للوظائف في التعليم والحكومة.

"الاتجاه السائد بقطاعات البناء والتصنيع والخدمات في أميركا حالياً هو خفض التوظيف".

كاتب المقال، كونور سين

وتوضح البيانات أن التأقلم مع تبعات الجائحة يقترب من نهايته. فرغم أن عدد فرص العمل في مجالي التعليم والخدمات الصحية في القطاع الخاص ما يزال أعلى من مستويات 2019، إلا أنه انخفض 20.7% على أساس سنوي خلال 2024، بحسب بيانات تقرير فرص العمل وسوق العمل التي صدرت هذا الأسبوع. فالوظائف الشاغرة في الحكومة انخفضت 12.4% مقارنةً بالعام الماضي، وكان هذا قبل تولي إدارة ترمب المنصب، وبدء سعيها لإلغاء كل وظيفة ممكنة تقريباً.

التباطؤ يسود التوظيف

الاتجاه السائد حالياً في قطاعات مثل البناء والتصنيع والخدمات المهنية والتجارية هو خفض التوظيف، وهذا ما نشهده ينتشر أيضاً في التعليم والرعاية الصحية والحكومة فور شغل الوظائف الشاغرة.

اقرأ أيضاً: ارتفاع طلبات إعانة البطالة الأميركية بأكثر من المتوقع

بالنسبة للحكومة الفيدرالية وحكومات الولايات، يشير ضغط الموازنة والتغيرات السياسية إلى تباطؤ أكثر وضوحاً خلال 2025. ربما يتجلى هذا التباطؤ المتأخر لسوق العمل في التقرير الفصلي لمؤشر تكلفة التوظيف، حيث تنمو أجور القطاع الخاص بوتيرة أسرع لتعود إلى مستويات ما قبل الجائحة، بينما ما يزال نمو أجور الموظفين الحكوميين في مرحلة مبكرة من عملية التباطؤ.

 

هناك سيناريو يؤدي فيه مزيج من خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة وانتهاج الإدارة الجديدة سياسات داعمة للأعمال إلى تشجيع انتقال سوق العمل من القطاعات الأقل تأثراً بالدورات الاقتصادية إلى تلك الأشد تأثراً. لكن ذلك ليس الوضع الحالي.

آمال على ترمب و"الفيدرالي"

رغم أن الاحتياطي الفيدرالي خفض أسعار الفائدة 100 نقطة أساس منذ سبتمبر، إلا أن أسعار الفائدة الأطول أجلاً ارتفعت، ويستمر التباطؤ في نشاط إنشاء المباني السكنية وإعادة بيع المنازل. وبينما علق مجتمع الأعمال آماله على تأثير قرارات إدارة ترمب، لم تتضح حتى الآن فرص إقرار الكونغرس إصلاحاً ضريبياً أو تخفيف القواعد التنظيمية. وبدلاً من ذلك، شهدنا رفع الرسوم الجمركية على الواردات الصينية، وتهديداً بفرض تعريفات جمركية على البضائع الواردة من المكسيك وكندا والاتحاد الأوروبي، ما سيؤدي إلى ارتفاع التكاليف على عدد من الشركات.

اقرأ أيضاً: مكاسب محدودة لمؤشرات "وول ستريت" قبيل تقرير الوظائف

يشكل الذكاء الاصطناعي المجال المزدهر الوحيد في الاقتصاد، لكن نهمه لأشباه الموصلات ومراكز البيانات والكهرباء لم يُترجم بعد إلى طلب على المزيد من العمالة الإضافية.

الخلاصة أنه فيما نجتاز عام 2025، سنحتاج إلى أن تبدأ القطاعات "منخفضة التوظيف" في تحسين أوضاعها لمنع تفاقم أحوال سوق العمل. وقد يشكل خفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة أو سياسات واشنطن الداعمة للعاملين السبيل الأمثل لتحقيق هذا الهدف، لكن ربما يكون ارتفاع معدل البطالة لازماً لتُعطى الأولوية لهذه الإجراءات مجدداً.

نقاط على هامش مقال "سوق العمل الأميركية أضعف مما تبدو":

  • مرونة سوق العمل الأميركية دعمتها قطاعات التعليم والرعاية الصحية والحكومة. 
  • التوظيف في القطاعات الأقل تأثراً بالدورات الاقتصادية بدأ بالتباطؤ. 
  • خفض الفيدرالي للفائدة لم يمنع استمرار تباطؤ سوق العمل. 
  • سياسات ترمب قد تؤثر على التوظيف لكنها لم تتضح بعد. 
  • الذكاء الاصطناعي ينمو لكنه لم يخلق وظائف إضافية بعد.
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان

تغيير حجم الخط

واشنطن

3 دقائق

13°C
غيوم متناثرة
العظمى / الصغرى 11°/14°
14.8 كم/س
79%

ترمب يرث اقتصاداً مواتياً للإيفاء بوعد إطلاق حقبة ذهبية

ترك بايدن اقتصاداً قوياً سجّل نمواً في 2024 يتحدى الاتجاه السائد في الدول الكبرى الأخرى

time reading iconدقائق القراءة - 4
الرئيس الأميركي دونالد ترمب - بلومبرغ
الرئيس الأميركي دونالد ترمب - بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

أصدر مكتب التحليل الاقتصادي تقريراً عن أداء الاقتصاد الأميركي خلال الفترة الأخيرة من عام 2024، عارضاً أرقاماً إيجابية جداً. وكتب إندا كوران أن السؤال الأهم هو إن كانت سياسات إدارة الرئيس ترمب ستتمكن من الحفاظ على هذا المستوى الجيد من النمو.

وعد الرئيس دونالد ترمب بإطلاق عصر ذهبي جديد في الولايات المتحدة، وقد ورث عن سلفه اقتصاداً في حالة مثالية ليستهل به هذه الحقبة.

كان هذا التقييم الذي توصل إليه الاقتصاديون الذين راجعوا التقرير النهائي لعام 2024، والذي أظهر نمو الاقتصاد الأميركي بنسبة 2.3% سنوياً في الربع الرابع، وفقاً للبيانات التي صدرت يوم 23 يناير. بشكل عام، نما الاقتصاد بنسبة 2.8% في 2024، بعدما سجل 2.9% و2.5% في العامين السابقين، ما يعكس أداء قوياً لإدارة الرئيس السابق جو بايدن.

كيف سيحقق ترمب نمواً مستداماً بقدر 3% في الاقتصاد الأميركي؟

أثر قوة إنفاق الأميركيين

تُعزى معظم هذه القوة الاقتصادية إلى استمرار الأسر الأميركية في الإنفاق رغم التضخم. يمكن النظر إلى الأمر من هذه الناحية: نما الإنفاق الاستهلاكي (الذي يمثل أكبر جزء من النشاط الاقتصادي) بنسبة 4.2%، وهي المرة الأولى منذ أواخر 2021 التي يتجاوز فيها الإنفاق 3% في فصول متتالية. وكان هذا أكبر تسارع منذ أوائل 2023.

السيناريو المثالي هو ذلك الذي يفتر فيه التضخم بينما يبقى النمو وسوق العمل قويين. وهذا هو حال الاقتصاد الأميركي اليوم. وكان رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول صرح للصحفيين يوم 22 يناير أن "الاقتصاد في وضع جيد جداً".

جيروم بأول في مؤتمره الصحفي يوم الأربعاء 29 يناير 2025 - AFP
جيروم بأول في مؤتمره الصحفي يوم الأربعاء 29 يناير 2025 - AFP

يتناقض أداء الاقتصاد الأميركي بوضوح مع معظم الاقتصادات الكبرى الأخرى التي ما تزال تواجه صعوبات. في ألمانيا، انكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.2% العام الماضي، بعد تراجع بلغ 0.3% في 2023، وهي المرة الثانية فقط منذ عام 1950 التي يشهد فيها أكبر اقتصاد أوروبي انكماشاً لعامين متتاليين. أما الصين، فما تزال ترزح تحت وطأة الأزمة العقارية، حيث تباطأ نمو ثاني أكبر اقتصاد في العالم إلى 4.2% في 2024 (قبل احتساب التضخم)، وهو ثاني أضعف معدل نمو منذ بدء تحول البلاد إلى اقتصاد السوق أواخر السبعينيات.

في واشنطن، يسود التفاؤل، إذ يُتوقع أن تعزز وعود ترمب بتخفيض الضرائب وتخفيف القيود التنظيمية ثقة قطاع الأعمال، رغم المخاوف من تداعيات الرسوم الجمركية المحتملة وحملة الترحيل الواسعة.

موازنة بين الصدمات والنمو

أعلن ترمب في الأول من فبراير عن فرض رسوم جمركية تصل إلى 25% على السلع المستوردة من كندا والمكسيك. في الوقت نفسه، تواصل إدارته حملتها المكثفة لترحيل المهاجرين غير النظاميين، وهو إجراء يحذر الاقتصاديون من أنه قد يحدث اضطرابات في سوق العمل.

البيت الأبيض: بدء تطبيق الرسوم الجمركية على الصين والمكسيك وكندا السبت

كما يسعى البيت الأبيض إلى فرض قيود صارمة على الإنفاق العام. وقد أحدث صدمة داخل الحكومة حين منح الموظفين الاتحاديين خيار الاستقالة الطوعية، مترافقاً مع تحذير بإقرار تخفيضات كبيرة مرتقبة في حجم قوة العمل الاتحادية. كما اضطرت الإدارة إلى التراجع عن مذكرة جمدت عدداً من المنح والقروض والمساعدات الاتحادية، بعد طعن قانوني ضدها.

التحدي الأكبر في 2025 يكمن في مدى قدرة فريق ترمب على الموازنة بين ما يتوعد به من علاج بالصدمة واستمرار الدفع بعجلة الاقتصاد. لكن بالنسبة لرئيس يعد بعصر ذهبي جديد، فإن المعطيات التي ورثها وهبته فرصةً لانطلاقة قوية.

تصنيفات

قصص قد تهمك

النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان

تغيير حجم الخط

واشنطن

3 دقائق

13°C
غيوم متناثرة
العظمى / الصغرى 11°/14°
14.8 كم/س
79%

نستخدم في موقعنا ملف تعريف

نستخدم في موقعنا ملف تعريف الارتباط (كوكيز)، لعدة أسباب، منها تقديم ما يهمك من مواضيع، وكذلك تأمين سلامة الموقع والأمان فيه، منحكم تجربة قريبة على ما اعدتم عليه في مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تحليل طريقة استخدام موقعنا من قبل المستخدمين والقراء.