تُعَدّ مقترحات الضرائب التي قدّمها الرئيس جو بايدن بمثابة عطاء مفتوح، ومن المرجح أنه يتطلب مفاوضات مطولة مع الكونغرس. من السابق لأوانه تخمين النتيجة، ولكن مع تقدُّم هذه المحادثات، يحتاج المشرعون إلى إعطاء الطريقة التي تتماسك بها أفكار الإدارة اهتماماً أكبر.
لا يمكن تقييم التغييرات التي تُجرى على قانون الضرائب بشكل صحيح عنصراً تلو آخر. ما يهمّ هو التأثير المشترك، وهذا يجعل نهج بايدن في مقترحات زيادة الإيرادات المنفصلة نهجاً غير حكيم، لأن كلّاً منها مرتبط بخطة إنفاق معينة. سيكون من الأفضل مناقشة حزمة إصلاح ضريبي واحدة وشاملة، بخاصة أن أفكار بايدن المجتمع، ليست مجرد تعديلات على القانون، بل ترقى إلى شيء أكثر راديكالية.
يعتزم الرئيس دفع الـ2.3 تريليون دولار الخاصة بخطته المتعلقة بالوظائف الأمريكية وخطته للعائلات الأمريكية البالغة 1.8 تريليون دولار في الغالب من خلال الضرائب بدلاً من الاقتراض الإضافي، ويهدف إلى تحصيل الإيرادات من الأسر ذات الدخل المرتفع. وتشمل مقترحاته حتى الآن زيادة الحد الأقصى على دخول العمل من 37% إلى 39.6%. وزيادة النسبة على دخول الاستثمار (مطبَّقة على الأرباح التي تتجاوز مليون دولار أمريكي) من 23.8% إلى 43.4%، والضريبة على أرباح الشركات من 21% إلى 28%.
يدعو بايدن أيضاً إلى معالجة جديدة لمكاسب رأس المال تجعل من الصعب تجنب ارتفاع معدل ضريبة الدخل الاستثماري، فبموجب القانون الحالي، لا تنطبق الضريبة على الأرباح غير المحققة عند وفاة المالك، إذ تنتقل الأصول إلى الورثة مع تصاعد قيمتها أو "أساسها" إلى الأسعار الحالية. لكن الإدارة ستعتبر الأرباح التي تزيد على مليون دولار محققة عند الوفاة، وبالتالي تسدّ واحدة من أكثر الثغرات شهرة في القانون الحالي.
ضربة مزدوجة
يُظهِر الجمع بين معدل ضريبة أعلى بكثير على مكاسب رأس المال ونهاية "الأساس المعزز" أن بايدن وفريقه متيقظون للطريقة التي تتفاعل بها هذه المقترحات. فبلا تغيير في الأساس المعزز، قد تؤدي مثل هذه الزيادة الكبيرة في معدل مكاسب رأس المال إلى زيادة ضئيلة إن وُجدت، لأن تأجيل بيع الأصول سيكون أكثر جاذبية مما هو عليه الآن. إن إلغاء الأساس المعزز سيكون بمثابة زيادة ضريبية كبيرة في حد ذاته، كما أن إجراء هذا التغيير ومضاعفة معدل الضريبة يمثل ضربة مزدوجة قوية. مثل هذه التفاعلات الأخرى تحتاج إلى دراسة من كثب.
تفرض الولايات المتحدة ضرائب على الدخل من رأس المال في نقاط مختلفة، أولاً كأرباح، ثم كدخل استثماري، وأخيراً كعقارات. إن الجمع بين إصلاح بايدن لمكاسب رأس المال وضريبة العقارات كما هي (40% مستحقة على العقارات الأكبر من 11.7 مليون دولار) من شأنه أن يفرض ضرائب تزيد على 60% على أكبر الممتلكات.
في بعض الحالات سيكون هذا مضافاً إلى الـ28% المدفوعة مسبقاً على شكل أرباح الشركات، وهذا لا يأخذ في الاعتبار الضرائب الإضافية على رأس المال التي تفرضها الولايات. مجتمعةً، ستكون هذه المعدلات مرتفعة وفقاً للمعايير الدولية وأعلى من أي شيء شهدته الولايات المتحدة منذ عقود.
من المؤكد أن من السهل المبالغة في تأثير هذه المعدلات في الادخار والاستثمار، وبالتالي على النمو الاقتصادي والدخول العادية، وقد لا تكون حسابات المسؤولية الضريبية لمدى الحياة هي الأهمّ في أذهان رواد الأعمال الناشئين، إذ يُموَّل معظم الاستثمارات من مصادر معفاة من الضرائب عبر نوع أو آخر.
ثغرات جديدة
من المرجح أن تجد الشركات طرقاً ذكية لدفع أقلّ من نسبة الـ28% التي يدعو إليها بايدن. ولقد طور مخططو الضرائب عديداً من الاستراتيجيات المعقدة لتجنب الضرائب العقارية. وكل ذلك يؤكّد الحاجة إلى الإصلاح. يوفر قانون الضرائب الحالي كثيراً من الفرص للأثرياء لدفع أقلّ من أبسط متطلبات العدالة.
ومع ذلك فإن الطريقة التي تتفاعل بها التغييرات قطعة قطعة معاً ومع قانون الضرائب الحالي تتطلب عناية فائقة. يحتاج الإصلاح الحكيم إلى تحقيق التوازن بين الإنصاف والحوافز. فعلى سبيل المثال، قد يتزاوج نهج أكثر ارتباطاً من ضريبة أرباح 28% مع الإنفاق الكامل للاستثمار، لتحييد أي تأثير مثبّط وحصر الضريبة في ما يسمى بالأرباح أو "الإيجارات" فوق العادية.
أما الأسهم في الشركات التي دفعت بالفعل ضرائب على أرباحها، فيمكن إضافة ضرائب على أرباح رأس المال لتجنُّب الازدواج الضريبي. وفي حالة إلغاء الأساس المعزز، كما ينبغي، يجب تغيير ضريبة الإرث أيضاً، لمنع الضرائب المرتفعة للغاية على العقارات الكبيرة والمناورات المعقدة والمبذرة التي ستُنفَّذ لتجنُّب الضريبة.
يجب أن يكون قانون الضرائب متماسكاً، فكلما كانت الإصلاحات أكثر جرأة -وأفكار بايدن جريئة، ولا بأس بذلك- كان من المهمّ للمشرعين أن يزِنوا آثارها المشتركة، لكن حتى الآن، بالكاد بدأ هذا العمل.