كيف يمكن لألمانيا التفاهم مع ترمب بشأن التجارة؟

المشكلة لا تكمن في الصادرات الألمانية بل في ضعف الواردات والإنفاق المحلي

time reading iconدقائق القراءة - 11
سيارات جديدة متوقفة على الرصيف بجانب سفينة \"دانوب هايواي\" استعداداً للشحن من محطة مجموعة \"بي إل جي لوجيستيكس\" في ميناء بريمرهافن بمدينة بريمرهافن، ألمانيا - بلومبرغ
سيارات جديدة متوقفة على الرصيف بجانب سفينة "دانوب هايواي" استعداداً للشحن من محطة مجموعة "بي إل جي لوجيستيكس" في ميناء بريمرهافن بمدينة بريمرهافن، ألمانيا - بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

لا شك أن عودة دونالد ترمب إلى المشهد السياسي تُعد خبراً سيئاً لألمانيا، التي كانت هدفاً دائماً للرئيس الأميركي المنتخب المعروف بسياساته الحمائية، خاصة بسبب فائضها التجاري الكبير مع الولايات المتحدة. ومع ذلك، فإن الانهيار الأخير للائتلاف الحاكم الثلاثي في ألمانيا، بجانب الفوز المحتمل للزعيم المحافظ فريدريش ميرتس في الانتخابات المرتقبة في فبراير المقبل، يُقدمان فرصة لإعادة بناء العلاقات وتنفيذ سياسات اقتصادية قد تسهم في النهاية في سد هذه الفجوة.

المشكلة لا تكمن في الصادرات الألمانية، بل في ضعف الواردات والإنفاق المحلي. لذلك، يتعين على الحكومة الألمانية المقبلة التركيز على تعزيز الطلب المحلي وزيادة الاستثمارات العامة والخاصة. وإذا تحقق ذلك، قد يجد ترمب الفرصة لتقديم هذه الإنجازات كنجاح سياسي يُنسب إليه.

لغة مال مشتركة

يُعد ميرتس، المحامي الثري السابق في مجال الشركات ورئيس مجلس الإشراف على وحدة إدارة الأصول الألمانية التابعة لشركة "بلاك روك" (BlackRock)، شريكاً ملائماً لترمب، فكلاهما يتحدث لغة المال. ورغم أن الخطاب الشعبوي الذي يتبناه مرشح الاتحاد الديمقراطي المسيحي قد لا يلقى قبولاً واسعاً داخل ألمانيا، إلا أنه قد يحظى بترحيب لدى ترمب.

ميرتس، المعروف بدعمه للتحالف الأطلسي، ربما يشعر بالقلق إزاء انتقادات نظيره الأميركي المتكررة لحلف شمال الأطلسي. لكنه يبدو متفقاً مع إصرار ترمب على ضرورة زيادة ألمانيا لإنفاقها العسكري. (ومن المتوقع أن تفي ألمانيا هذا العام بالتزامها تجاه الحلف بإنفاق 2% من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع لأول مرة منذ عقود، وهو الحد الأدنى المطلوب في ظل الحرب الروسية ضد أوكرانيا وتراجع الضمانات الأمنية الأميركية).

التجارة قضية شائكة

فيما يتعلق بالتجارة، تزداد الأمور تعقيداً. فقد أدى ارتفاع أسعار الطاقة والسلع الأساسية في عام 2022 إلى تقليص اختلالات التوازن التجاري لألمانيا مؤقتاً. مع ذلك، تشير تقديرات وكالة "إس آند بي غلوبال ريتينجز" (S&P Global Ratings) إلى أن فائض الحساب الجاري لألمانيا سيظل يتجاوز 6% من الناتج المحلي الإجمالي في المتوسط حتى عام 2027، وإن كان ذلك أقل بكثير من ذروته السابقة.

في ظل تراجع الطلب الصيني، بات أكبر اقتصاد في أوروبا يعتمد بشكل أكبر على التصدير إلى الولايات المتحدة. فقد بلغ فائض تجارة السلع بين ألمانيا وأميركا رقماً قياسياً قدره 63.3 مليار يورو (67 مليار دولار) العام الماضي.

ومع أن برلين لا تتحكم في السياسة التجارية المحلية كونها مسؤولية الاتحاد الأوروبي، فإن تنفيذ ترمب لتهديده بفرض رسوم جمركية تصل إلى 20% على الواردات سيضر ألمانيا بشكل كبير. فقد حذر البنك المركزي الألماني "بوندسبنك" من أن مثل هذه الرسوم قد تخفض الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنسبة 1%. ومن غير الواضح كيف قد تستفيد الولايات المتحدة من إدخال حليفتها في حالة ركود، حيث إن ذلك قد يؤدي إلى إضعاف قيمة اليورو، مما يعزز الفائض التجاري الألماني.

الاستثمار في أميركا

ترمب لديه هوس بفكرة أن شركات صناعة السيارات الألمانية تصدر إلى الولايات المتحدة أكثر بكثير مما تصدره الشركات الأميركية إلى ألمانيا. وهو يطالب هذه الشركات بنقل عمليات التصنيع إلى الأراضي الأميركية.

في الواقع، هذا ما تقوم به الشركات الألمانية بالفعل. فبينما تُصنع سيارات "بورشه" التي يقودها الأميركيون في أوروبا، تمتلك شركتا "بي إم دبليو" و"مرسيدس-بنز غروب" مصانع ضخمة داخل الولايات المتحدة، التي تُعد أكبر وجهة للاستثمارات الألمانية المباشرة بإجمالي يقارب نصف تريليون يورو.

 

مع ذلك، تشكل الصادرات الرأسمالية الوجه الآخر لألمانيا التي تحقق فائضاً كبيراً في الحساب الجاري. فعندما تشتري البلاد كمية أقل من السلع من الخارج مقارنة بما تصدره، يتراكم فائض مدخراتها ويتم تصديره للخارج. لكن، مع تدفقات رأس المال الخارجة التي تجاوزت 650 مليار يورو منذ عام 2010، بدأت هذه الظاهرة تشكل مشكلة متزايدة.

الحاجة إلى إصلاحات اقتصادية

يرى ميرتس أن هذه التدفقات الخارجة تعكس تراجع جاذبية البيئة الاستثمارية في ألمانيا، وأعتقد أنه محق في ذلك.

قبل نحو عقدين، عندما واجهت ألمانيا أزمة اقتصادية حادة، اعتمد ائتلاف يسار الوسط بقيادة غيرهارد شرودر إصلاحات هارتز التي صُممت لتعزيز فرص العمل وتحسين القدرة التنافسية الدولية للبلد. لكن خفض تكاليف الأجور آنذاك ساهم في زيادة فائض الحساب الجاري.

هذه المرة، ينبغي على ألمانيا التركيز على تحفيز الاستهلاك والاستثمار المحلي. ورغم أن الأجور في ألمانيا شهدت زيادات تفوق معدلات التضخم، فإن معدل الادخار لا يزال مرتفعاً عند حوالي 11% من الدخل المتاح.

 

هذا الاتجاه يعكس بلا شك قلة الثقة في آفاق الاقتصاد الألماني، إلى جانب اقتراب جيل طفرة المواليد من سن التقاعد، بالإضافة إلى الفجوة الكبيرة في توزيع الثروة. ففي حين يدخر الأثرياء مبالغ ضخمة، يكافح ذوو الدخل المنخفض لتلبية احتياجاتهم الأساسية، على الرغم من زيادات الحد الأدنى للأجور.

لكن المشكلة تكمن في أن تردد الشركات والأسر في الإنفاق، إلى جانب إصرار الحكومة على محاولة تحقيق توازن الميزانية، يؤدي بشكل طبيعي إلى ركود اقتصادي من حيث القيمة الحقيقية، وهو ما تعانيه ألمانيا منذ عام 2019.

إعادة توجيه المدخرات والاستثمارات

في مقال كتبته مؤخراً، اقترحت على ألمانيا أن تزيد من مرونتها المالية عبر إصلاح سياسة "كبح الديون" لتمويل الاستثمارات العامة التي تشتد الحاجة إليها. ومع الفرصة الكبيرة لتولي فريدريش ميرتس رئاسة الحكومة، يبدو أنه أصبح أكثر استعداداً لدراسة هذه الفكرة.

يتعين على ألمانيا أيضاً أن تسعى لاستيعاب جزء أكبر من مدخرات الشركات والأسر داخل الاقتصاد المحلي. يدعم ميرتس فكرة توجيه بعض تريليونات اليورو التي يودعها الألمان في حسابات مصرفية ذات عوائد منخفضة نحو تمويل مشاريع البنية التحتية، وهي خطوة تحمل إمكانات واعدة.

كما أن تقديم علاوة ممولة من الدولة للاستثمار التجاري، كما يقترح وزير الاقتصاد روبرت هابيك، تستحق الدراسة. وفي ظل النقص المزمن في المنازل، يجب على ألمانيا أيضاً تخفيف اللوائح التنظيمية المعقدة التي تعيق الاستثمار في قطاع الإسكان.

إصلاح نظام التقاعد

هناك سبب آخر يدفع الألمان إلى الادخار المفرط هو إدراكهم بعدم استدامة نظام التقاعد القائم على مبدأ الدفع حسب الاستهلاك، حيث يتم تمويل دخول المتقاعدين الحاليين من دخل العاملين الحاليين، خاصة مع انخفاض عدد السكان في سن العمل نتيجة التغيرات الديموغرافية. لذلك، يجب على الحكومة المقبلة إصلاح نظام التقاعد لتعزيز الادخار المعفى من الضرائب في الأسهم، والتي يمكن أن تحقق عوائد جيدة على المدى الطويل.

تحفيز ساعات عمل أطول وتحسين خدمات رعاية الأطفال للعاملين بدوام جزئي (وهم غالباً من النساء) يمكن أن يزيد من الدخل المتاح ويساعد في الحد من نقص العمالة. وينطبق ذلك أيضاً على تقديم حوافز ضريبية للراغبين في تأجيل الحصول على المعاشات التقاعدية ورفع سن التقاعد (المقرر أن يصل إلى 67 عاماً بحلول عام 2031) بما يتماشى مع الزيادة في متوسط العمر المتوقع.

إقناع ترمب بأن هذه التدابير ستؤدي في النهاية إلى تعزيز الطلب على السلع الأميركية قد يكون تحدياً صعباً، لكن ميرتس لديه فرصة أفضل لتحقيق ذلك مقارنة بغيره.

خلاصة

يتناول المقال تأثير عودة دونالد ترمب إلى الساحة السياسية على ألمانيا، مركزاً على الصدام المتوقع بسبب فائضها التجاري الكبير مع الولايات المتحدة. يعرض المقال فرص ألمانيا في تخفيف التوتر عبر سياسات اقتصادية تركز على زيادة الطلب المحلي والاستثمار، بدلاً من الاعتماد الكبير على التصدير.

يبرز فريدريش ميرتس كقائد محتمل قادر على التفاهم مع ترمب، بفضل خلفيته في عالم المال ودعمه للتحالف الأطلسي. ويشير المقال إلى أن ألمانيا تواجه تحديات في استدامة فائضها التجاري بسبب تراجع الطلب الصيني وزيادة الاعتماد على السوق الأميركية. كما يناقش التوترات المحتملة حول فرض رسوم جمركية أميركية وتأثيرها السلبي على الاقتصاد الألماني.

الحل يكمن، وفق الكاتب، في إصلاحات اقتصادية تعزز الإنفاق المحلي، مثل الاستثمار في البنية التحتية، إصلاح نظام التقاعد، وتخفيف اللوائح التي تعيق الاستثمار، خاصة في قطاع الإسكان. يختتم المقال بالتأكيد على أن تحسين العلاقات مع ترمب يتطلب سياسات تجعل ألمانيا سوقاً أكثر استيعاباً للسلع الأميركية، وهو تحدٍ قد يتمكن ميرتس من مواجهته بفعالية.

هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان

تغيير حجم الخط

برلين

5 دقائق

0°C
غائم جزئي
العظمى / الصغرى -2°/
13 كم/س
85%

الاقتراض والسلاح والطاقة النووية عوامل نهضة ألمانيا

تشكيل ائتلاف حاكم أصبح أمراً معقداً للغاية مع تزايد انقسام المشهد السياسي في ألمانيا

time reading iconدقائق القراءة - 8
روبرت هابيك، وزير الاقتصاد الألماني - المصدر: بلومبرغ
روبرت هابيك، وزير الاقتصاد الألماني - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

انهيار الحكومة الائتلافية المكونة من ثلاثة أحزاب، غير المحبوبة بشكل عميق وغير المتكاملة في ألمانيا، يمنح أكبر اقتصاد في أوروبا فرصة للتجديد السياسي والاقتصادي.  يطرح هذا الوضع سؤالين مهمين: هل ستضع ألمانيا خلافاتها السياسية جانباً وتستغل هذه الفرصة الذهبية؟ وإذا كان الأمر كذلك، ماذا يمكن ويجب عليها أن تفعل؟. 

أولويات الحكومة المقبلة

فيما يتعلق بالنقطة الأولى، لست واثقاً تماماً. أما بالنسبة للنقطة الثانية، فلا يوجد نقص في الأفكار الجريئة والمعقولة، ومن أبرزها إصلاح "سقف الديون" في ألمانيا لتمويل الاستثمارات ووقف هجرة رأس المال وتمويل الجيش بشكل صحيح، وهي أمور يجب البدء بها.

يتوقع أن يصبح فريدريش ميرتس، زعيم المعارضة المحافظة، المستشار القادم لألمانيا، ومع ذلك فإن تحالف الحزب المسيحي الديمقراطي/ الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري يحصل حالياً على نسبة تأييد تقارب 32% في استطلاعات الرأي ولا يستطيع الحكم بمفرده. 

مع تزايد انقسام المشهد السياسي في ألمانيا، بداية بسبب صعود حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف، ومؤخراً حزب "تحالف سارة فاغنكنشت" اليساري المتطرف والمعادي للهجرة، أصبح تشكيل ائتلاف حاكم في ألمانيا أمراً معقداً  للغاية. 

ميرتس، المعروف بدعمه لقطاع الأعمال وتوجهه الأطلسي، وبمزاجه الحاد، يستبعد تماماً تشكيل حكومة مع حزب "البديل من أجل ألمانيا". في هذه الأثناء، يواجه الحزب الديمقراطي الحر المؤيد لقطاع الأعمال والمستثمرين تراجعاً كبيراً في استطلاعات الرأي، مما قد يجعله دون الحصول على نسبة 5% اللازمة لدخول البرلمان.

في ظل الأوضاع الحالية، يرجح أن تكون الحكومة المقبلة في ألمانيا عبارة عن ائتلاف آخر من "رفاق غير مريحين"، حيث سيقود المحافظون الحكومة إما بالتعاون مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي أو مع حزب الخضر من بين الاحتمالات.

بعد الاضطرابات السياسية المرهقة خلال السنوات الثلاث الماضية، لن ألوم الناخبين على خوفهم من العودة إلى نفس النقاشات المملة وغياب التوافق السياسي. 

ميرتس مدرك تماماً للتهديدات التي تواجه الاقتصاد ورفاهية الشعب في ألمانيا، ولكنني أخشى أن العديد من الناخبين قد لا يدركون تماماً مدى عمق الأزمة الاقتصادية والسياسية التي تواجه البلاد. 

من السهل على البعض النظر إلى مشكلات الاقتصاد الألماني على أنها دورية، بينما في الواقع هي هيكلية، مما يجعل حلها صعباً.

توافر عوامل تشمل ضعف نمو الإنتاج وتدهور البنية التحتية، وشيخوخة القوى العاملة، يعني أن الناتج الاقتصادي معرض للركود لسنوات قادمة. في الوقت نفسه، تواجه الصناعات التقليدية في ألمانيا، وخاصة شركات السيارات، تهديدات كبيرة في تنافسيتها. 

فشركة "فولكس واجن"، التي طالما كانت تعطي الأولوية للحفاظ على الوظائف على حساب الأرباح، تفكر الآن في إغلاق مصانعها في ألمانيا.

تسود مخاوف من خطر الدخول في حلقة مفرغة، إذ يؤدي النمو الضعيف وهروب رأس المال إلى انخفاض الإيرادات الضريبية، الأمر الذي يدفع بدوره إلى نشوب خلافات حول كيفية تقسيم الموارد، كما رأينا مراراً عند محاولة ألمانيا إقرار الموازنة. 

الاقتراض في ألمانيا منخفض

في دول أخرى، يكون الحل واضحاً، وهو اقتراض المزيد من الأموال لتمويل الاستثمارات. لكن هذا الأسلوب غير ممكن في ألمانيا بسبب "سقف الدين" الذي يقضي بألا تزيد الديون الجديدة عن 0.35% من الناتج المحلي الإجمالي سنوياً، "على الرغم من وجود بعض المرونة المحدودة في حالات الطوارئ والحفاظ على دورة الاقتصاد". 

تقييد الحصول على ديون أمر غير مبرر بالنظر إلى أن الاقتراض في ألمانيا منخفض حسب المعايير الدولية. لذا، فإن مناشدتي الأولى لحكومة ألمانيا القادمة بسيطة: من فضلكم، عليكم بإصلاح سياسة سقف الديون وتعديلها لتكون أكثر مرونة. 

رغم أن المحافظين، بقيادة ميرتس، متمسكون بوضع ميزانيات تتسم بالتوازن، إلا أن زعيم الحزب أبدى مؤخراً مرونة طفيفة إزاء مراجعة سياسة سقف الدين (مع الاستمرار في الإصرار على أن تبذل ألمانيا مزيداً من الجهد للسيطرة للإنفاق على الرفاه الاجتماعي). 

صندوق تعزيز الاستثمار المحلي 

اقترح وزير الاقتصاد روبرت هابيك إنشاء صندوق لتعزيز الاستثمار المحلي من خلال منح الشركات دعماً بنسبة 10% من إجمالي استثماراتها. ورغم أن فكرة هابيك تستحق الدراسة، إلا أنها تتطلب موارد مالية كبيرة. 

من شأن تخفيف سقف الديون أيضاً تحديث قدرات الجيش الألماني بسهولة، مما يضمن قدرته على الدفاع عن نفسه بشكل مناسب ودعم أوكرانيا.  

في حين ستفي برلين هذا العام بالتزاماتها تجاه حلف شمال الأطلسي بإنفاق 2% من الناتج المحلي الإجمالي على جيشها لأول مرة منذ عقود، فإن رئاسة دونالد ترمب الثانية تزيد من ضرورة قيام ألمانيا بالوفاء بمسؤولياتها.  

حال إصرار ميرتس في الإبقاء على سقف الاقتراض، توجد وسائل أخرى لتعبئة رأس المال. وكما قلت سابقاً، فإن الألمان يقوضون اقتصادهم وازدهار القطاع الخاص لديهم من خلال وضع مدخرات بمليارات في حسابات مصرفية منخفضة العائد. 

في حين كان وزير المالية المقال مؤخراً كريستيان ليندنر يشكل مصدر إزعاج بالنسبة للائتلاف الحاكم، فإن أفكاره الرامية إلى تعزيز ثقافة الملكية في الأسهم وإصلاح نظام التقاعد القائم على الدفع حسب الاستخدام في البلاد كانت منعشة ولا ينبغي تجاهلها. 

من حسن الحظ أن ميرتس، المحامي السابق للشركات ورئيس مجلس الإشراف لدى شركة "بلاك روك أسيت مانجمنت" في ألمانيا،  لديه معرفة وخبرة قوية في أسواق رأس المال. 

ينبغي على الحكومة المقبلة تخفيف اللوائح المتعلقة بقطاع الإسكان لتعزيز البناء، حيث تحتاج ألمانيا إلى 400 ألف منزل جديد سنوياً، ومع ذلك، لا يزال حوالي نصف السكان غير قادرين على دخول سوق الإسكان. 

مضاعفة دعم  الشركات الناشئة

 كما يجب على برلين مضاعفة دعمها للشركات الناشئة، حيث لا يزال قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة، المعروف باسم "ميتيلشتاند"، العمود الفقري للابتكار في ألمانيا، لكن عدد الشركات الناشئة الجديدة منخفض بشكل صادم.

أخيراً، يجب على الحكومة الجديدة إعادة تقييم سياسة الطاقة. ففي إحدى أكثر الخطوات التي تهدم الذات بعد إعادة توحيد ألمانيا، مضت الحكومة الائتلافية المكونة من ثلاثة أحزاب في إغلاق آخر ثلاث محطات طاقة نووية خلال 2023، رغم تفاقم أزمة المناخ وفقدان واردات الغاز بسبب غزو روسيا لأوكرانيا. 

قد يكون من الصعب من الناحية الفنية والسياسية إعادة تشغيل تلك المحطات، لكن إذا قررت ألمانيا القيام بذلك، فيعني أنها تجاوزت مرحلة الخوف من اتخاذ القرارات الصعبة وأنها لم تعد تقبل التنازلات غير الجادة.   

ملخص

يشير المقال إلى أن انهيار الحكومة الائتلافية في ألمانيا يوفر فرصة للتجديد السياسي والاقتصادي، خاصة مع توقعات تولي فريدريش ميرتس رئاسة الحكومة. يواجه الاقتصاد الألماني تحديات هيكلية مثل ضعف النمو وتدهور البنية التحتية، وشيخوخة القوى العاملة، وتراجع تنافسية الصناعات التقليدية. يقترح الكاتب إصلاح "سقف الديون" لتمويل الاستثمارات الضرورية في البنية التحتية والدفاع، خاصة مع تصاعد التهديدات الدولية، ويشدد على أهمية تحديث الجيش ليتماشى مع الالتزامات تجاه حلف الناتو.

بالإضافة إلى ذلك، ينادي الكاتب بتخفيف اللوائح لزيادة بناء المنازل وتعزيز الشركات الناشئة ودعم قطاع "ميتيلشتاند" كركيزة للابتكار. أخيراً، يدعو الكاتب إلى إعادة تقييم سياسة الطاقة، ويقترح إعادة تشغيل محطات الطاقة النووية التي أغلقت حديثاً، بما يعكس استعداد ألمانيا لاتخاذ قرارات صعبة لمواجهة التحديات الاقتصادية والمناخية.

هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان

تغيير حجم الخط

برلين

9 دقائق

0°C
غائم جزئي
العظمى / الصغرى -2°/1°
13 كم/س
85%

نستخدم في موقعنا ملف تعريف

نستخدم في موقعنا ملف تعريف الارتباط (كوكيز)، لعدة أسباب، منها تقديم ما يهمك من مواضيع، وكذلك تأمين سلامة الموقع والأمان فيه، منحكم تجربة قريبة على ما اعدتم عليه في مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تحليل طريقة استخدام موقعنا من قبل المستخدمين والقراء.