في مثل هذا الوقت من العام الماضي، قال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول أمام المؤتمر السنوي للبنك المركزي في "جاكسون هول"، بولاية وايومنغ، إن صناع السياسات النقدية مستعدون لرفع أسعار الفائدة بشكل أكبر وسط أدلة على أن الاقتصاد أقوى من التوقعات. أصبح الوضع أكثر وضوحاً وليسوا بحاجة إلى مزيد من رفع تكاليف الاقتراض. لقد تباطأ الاقتصاد والتضخم الآن إلى نقطة، من المتوقع أن تدفع بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى بدء خفض أسعار الفائدة خلال أسابيع.
يسود القلق في الوقت الحالي، أن باول انتظر طويلاً لخفض تكاليف الاقتراض بعد أن قالت الحكومة هذا الأسبوع إن عدد الأشخاص الذين حصلوا على وظائف أصبح أقل بمقدار 818 ألفاً خلال فترة 12 شهراً حتى مارس، مقارنة بالبيانات المعلنة أساساً، وهو أكبر تعديل بالخفض منذ عام 2009.
في الواقع، أظهرت محاضر اجتماع لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية في يومي 30-31 يوليو، والتي صدرت يوم الأربعاء أن العديد من صناع السياسات النقدية أدركوا وجود وضع يدعو لخفض أسعار الفائدة.
مع استعداد جيروم باول لإلقاء الخطاب الرئيسي أمام مؤتمر "جاكسون هول" يوم الجمعة، ينبغي عليه طمأنة المتابعين بأن البنك المركزي الأميركي ليس متأخراً في قراراته، وأن تحقيق "الهبوط السلس" للاقتصاد، وهو خفض التضخم دون إلحاق ضرر كبير بالاقتصاد، لا يزال يمثل هدفاً يمكن تحقيقه.
يطرح كتاب الرأي في "بلومبرغ أوبينيون" المسائل الجوهرية التي يتعين على باول أن يتناولها، وسبب صعوبة تحديد اللحظات الفاصلة في دورة الاقتصاد. إليكم بعض النقاط البارزة:
بيل دودلي: خيبة أمل
من المرجح أن يشعر المشاركون في الأسواق بخيبة أمل، إزاء ما سيقوله جيروم باول بشأن خطط مجلس الاحتياطي الفيدرالي لتخفيف السياسة النقدية في سبتمبر. يوجد "العديد من الأسئلة المهمة حول مستقبل السياسة النقدية" التي ينبغي على مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي تناولها. تتضمن هذه الأسئلة: هل يتعين عليهم سريعاً تعديل سعر فائدة التمويل لدى الاحتياطي الفيدرالي الأميركي؟ وهل سعر الفائدة الذي يركزون عليه الآن هو الأهم؟ هل يجب رفع معدل التضخم المستهدف من 2% إلى 3% أو وضعه في نطاق من 1.5% إلى 2.5%؟ وما هو الإطار الذي يجب أن يوجه القرارات المستقبلية بشأن التيسير الكمي؟
محمد العريان: توضيح معنى 2%
يتعين على باول أن يقدم خطته بشكل واضح إزاء السياسة النقدية، وإذا لم يفعل ذلك، فإنه يخاطر أن يترك الأسواق قلقة وسريعة التأثر، كما حدث في أوائل أغسطس. "من المهم أن يخرج المتابعون لوقائع مؤتمر جاكسون هول بصورة أكثر وضوحاً إزاء سعر الفائدة المستقبلي المحايد الجديد الذي لا يعيق النمو الاقتصادي ولا يزيده بشكل كبير، والمسار للوصول إلى ذلك المعدل، بالإضافة إلى توضيح معنى "تحقيق معدل التضخم المستهدف المستدام عند 2%".
جوناثان ليفين: مخاطر سوق العمل أكبر
لقد اكتشفنا للتو أن الولايات المتحدة وفرت 818 ألف وظيفة في غير القطاع الزراعي أقل مما تم الإعلان عنه سابقاً، وهذا ليس سبباً للقلق أو مؤامرة كبيرة، بل "تأكيد على أن سوق العمل لم تكن قوية كما بدت". "الأدلة المتزايدة على وجود مشاكل في سوق العمل قد تدفع باول إلى التأكيد على أن المخاطر التي تهدد التوظيف قد تكون الآن أكبر قليلاً من خطر عودة التضخم للارتفاع".
جون أوثرز: حذر إزاء شراء الأسهم
تقترب مؤشات الأسهم من أعلى مستوياتها على الإطلاق، فيما تتوقع الأسواق أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار نقطة مئوية كاملة بحلول نهاية العام. وهو أمر يشير إلى حدوث تناقض. لم يرفض المسؤولون في الاحتياطي الفيدرالي التوقعات التي تشير إلى خفض في أسعار الفائدة، والتي توضح حال تحققها أن الاقتصاد يواجه مشاكل كبيرة. "إذا كان المتعاملون يعتقدون حقاً أن خفض أسعار الفائدة أمر محتمل للغاية، فيتعين عليهم توخي الحذر إزاء شراء الأسهم".
دانييل موس: تخفيف مقبول
يتردد محافظو البنوك المركزية على مستوى العالم في الإعلان عن السيطرة على التضخم، بعدما ارتكبوا أخطاء في توقعاتهم أواخر عام 2021. "للأسف، التحديات الاقتصادية السابقة لم تُحل تماماً بعد". لكن ما دام خفض أسعار الفائدة أصبح ضرورياً لتجنب حدوث تباطؤ اقتصادي مؤلم، قادم، فإن "دورة التخفيف النقدي مع بعض التحفظات" ستكون مقبولة.