حرب البيت الأبيض الخضراء ضد الصين بدأت لتوها

التخلص من الاعتماد على بكين رغبة مشتركة بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي

time reading iconدقائق القراءة - 7
الرئيس جو بايدن أثناء تحدثه إلى أعضاء نقابة عمال الصلب المتحديين في مقرها الرئيسي في بيتسبرغ، بنسلفانيا، الولايات المتحدة - المصدر: بلومبرغ
الرئيس جو بايدن أثناء تحدثه إلى أعضاء نقابة عمال الصلب المتحديين في مقرها الرئيسي في بيتسبرغ، بنسلفانيا، الولايات المتحدة - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

في واحدة من المناورات الاحتيالية التي يبدو أن الكون يحترفها، تذوق العالم ميزات إزالة الكربون بالقدر نفسه الذي فقد فيه الشغف تجاه العولمة. تُعد مجموعة التعريفات الجمركية الجديدة التي فرضها الرئيس الأميركي جو بايدن على عدة منتجات من صادرات التكنولوجيا النظيفة الصينية، أحدث رصاصة أُطلقت في حرب تجارية خضراء متصاعدة. لا شك أن هذه الخطوة تحمل بعض الجوانب الاستعراضية، خاصة أننا يفصلنا أقل من ستة أشهر على الانتخابات الأميركية، لكن لا تظنوا أنها غير مهمة.

ستُفرض أبرز زيادات التعريفات الجمركية على السلع التي لن تهتم بها الغالبية العظمى من المستهلكين الأميركيين والمصنعين الصينيين. ويبدو أن رفع الرسوم على السيارات الكهربائية الصينية من 27.5% إلى 102.5% كارثياً حتى تتذكروا أن صادرات الصين من السيارات الكهربائية، من حيث القيمة، إلى روسيا تفوق الولايات المتحدة، التي استوردت 1% فقط في العام الماضي، وهذا يعادل تقريباً 12 ألفاً من إجمالي المبيعات البالغة 1.4 مليون سيارة كهربائية. وبالمثل، رفع التعريفات الجمركية على خلايا الطاقة الشمسية الصينية، التي استوردت الولايات المتحدة 0.2% منها العام الماضي، يشبه إلى حد ما تهديدي بتقليص مشترياتي من سيارات "فيراري".

اقرأ أيضاً: حرب تجارية في التكنولوجيا النظيفة تظهر كيف تسقط الإمبراطوريات

انتهت الحال بالتشريعات الفيدرالية المتعلقة بالمناخ إلى اتخاذ شكل سياسة صناعية خضراء، تم الترويج لها بين فئات مختلفة على أنها وسيلة لمواجهة التغير المناخي، أو إنعاش فرص العمل في قطاع التصنيع الأميركي أو التنافس مع الصين.

تفوق الصين وضع مؤقت

يدرك بايدن جيداً أن الصين تفوقت على الولايات المتحدة في ما يتعلق بالسيطرة على سلسلة توريد التكنولوجيا النظيفة، وأن الانخفاض الناتج في تكاليف التصنيع هو السبب الرئيسي في تقدم عملية تحول الطاقة حتى الآن.

لكنه يدرك أيضاً أن الناخبين يطالبون بتوفير وظائف أكثر مقابل انبعاثات أقل، وأن الاعتماد على الإمدادات الصينية من التكنولوجيات والمعادن الحيوية على المدى الطويل يُعد أمراً استراتيجياً غير موفق.

ولحين تشييد الولايات المتحدة سلسلة توريد خاصة بها، يتعين عليها بطريقة أو بأخرى موازنة الوصول إلى الموردين الصينيين، مع ظهور إشارات واضحة توضح أن هذا مجرد وضع مؤقت. لاحظوا كيفية تطبيق بعض التدابير، كتلك المطبقة على واردات الغرافيت الطبيعي، تدريجياً بمرور الوقت.

بالتالي، فإن الإشارة إلى هذه التعريفات، المفروضة على السيارات الكهربائية والخلايا الشمسية، تعمل بشكل أساسي على إبراز القيود الحالية على الواردات الصينية، والتي تشمل تعريفات جمركية، وتدابير مكافحة الإغراق، ومتطلبات المحتوى المحلي المدمجة في الإعانات المرتبطة بقانون "الحد من التضخم".

رسالة وراء التدابير الاحترازية

لا تنسوا الانتباه إلى الرسالة وراء التدابير المتخذة هذه، خاصة أن رغبة أميركا في التخلص من الاعتماد على الصين هي رغبة راسخة، وتحظى بتأييد الحزبين الجمهوري والديمقراطي. التعريفات الجمركية التي فرضها بايدن على تكنولوجيات محددة، بصرف النظر عن إدارة ردود الفعل السلبية على القطاعات المفضلة، استهدفت تمييزه عن خصمه المحتمل في انتخابات نوفمبر، الرئيس السابق دونالد ترمب، الذي يهدد باتخاذ تدابير شاملة.

اقرأ أيضاً: بايدن يتهم الصين بـ"الغش التجاري" ويفرض رسوماً جمركية جديدة

تهيمن مشاعر الذهول على الاقتصاديين ونشطاء البيئة على حد سواء، إذ أن أسعار سلاسل توريد التكنولوجيا النظيفة ستكون تضخمية، بغض النظر عن نصوص قانون "الحد من التضخم".

ستكون التعريفات الجديدة على بطاريات السيارات الكهربائية وأجزائها، على وجه الخصوص، أكثر جدوى، خاصة أن الولايات المتحدة استحوذت على حوالي خُمس صادرات البطاريات الصينية، من حيث القيمة، في العام الماضي، لتأتي في المرتبة الثانية بعد الاتحاد الأوروبي. كما ستواجه شركات صناعة السيارات الكهربائية الأميركية، مثل "تسلا" عائقاً إضافياً في ما يتعلق بتكلفة الجزء الأغلى من السيارة، حتى مع تصاعد تدابير المحتوى المحلي وفقاً لقانون "الحد من التضخم". يأتي هذا وسط ضرورة إعادة تحفيز الطلب المتباطئ على سياراتهم باهظة الثمن في الولايات المتحدة.

صناعة محلية غير تنافسية

في الوقت نفسه، فإن التقدم البطيء الذي تحققه ديترويت للتحول نحو السيارات الكهربائية، إضافة إلى ذكريات الفرص الضائعة الماضية مع واردات السيارات اليابانية قبل عقود، يزيد من مخاطر ظهور قليل من السيارات الكهربائية محلية الصنع وغير القادرة على المنافسة.

على عكس الصين، فإن التحول الاستراتيجي الأميركي نحو التكنولوجيا النظيفة غير متسق وحزبي، ويواجه منافسة من صناعة السيارات الثقيلة والشاحنات القديمة التي تعتمد بشكل كبير على أكبر قطاع لإنتاج النفط في العالم.

مع ذلك، سيخاطر بايدن بأية حال، خاصة أن السياسة التجارية الأميركية استراتيجية بطبيعتها. وتذكروا أن قانون "الحد من التضخم" يسعى فعلياً إلى استنساخ السياسة الصناعية الصينية، مع استكمالها بالحمائية، التي عززت ريادة بكين في مجال التكنولوجيا النظيفة في المقام الأول. لم يكن الدافع وراء نظام التجارة الحرة المتداعي الآن، والذي تأسس بعد الحرب العالمية الثانية، الإيثار فقط، بل أيضاً إعادة حشد حلفاء لمواجهة نفوذ الاتحاد السوفييتي. وحتى في ذروة القلق بشأن التهديد الذي تشكله المنافسة اليابانية بالنسبة إلى ديترويت، إضافة إلى قطاعات أخرى، في ثمانينات القرن الماضي، ظلت اليابان حليفاً محورياً في الحرب الباردة، على عكس الصين، التي أصبحت الآن تهديداً معلوماً للبنتاغون.

نظام تجاري جديد

قبل شهر فقط، دعا مبعوث البيت الأبيض للمناخ جون بوديستا بشكل أساسي إلى إنشاء نظام تجاري جديد يستهدف الصين على جبهة أخرى، خاصة "إزالة الكربون" من خلال الانبعاثات المدمجة في الصادرات. ويبقى أن نرى ما إذا كانت الإدارة يمكنها إقناع الدول المماثلة ذات الكثافة الكربونية المنخفضة عموماً، للانضمام إلى مثل هذا الجهد. ويُعد الاتحاد الأوروبي المنطقة الرئيسية بهذا الصدد خاصة في ظل ارتباطه بمنظمة التجارة العالمية وأهدافه الخضراء الطموحة.

اقرأ أيضاً: يلين: الصين والولايات المتحدة عليهما إدارة علاقتهما "بشكل مسؤول"

على أية حال، فإن اتجاه واشنطن لا يمكن إنكاره. فبينما تتصدر التعريفات العناوين الرئيسية للصحف، ربما تظهر تدابير أكثر تأثيراً خلف الكواليس، مثل التحقيق الذي أجرته وزارة التجارة في "السيارات المتصلة" والذي بدأ في فبراير. ونظراً للتداخل المتزايد بين أنظمة المساعدة في القيادة الغنية بالبيانات وكافة السيارات، بما فيها السيارات الكهربائية، قد يوفر هذا الأمر مبررات أمنية قومية واسعة النطاق لاستهداف نماذج مرتبطة بالشركات الصينية، بغض النظر عن موقع المصنع.

وصل الصراع بين خفض الانبعاثات وتقليص الاعتماد على سلاسل التوريد، المحتدم دائماً، الآن إلى نقطة أصبحت فيها المقايضات حتمية. تلعب الانتخابات المقبلة دوراً كبيراً في تحديد الأولويات خلال 2024، لكن هذا يمثل رياحاً معاكسة مزمنة لتحول الطاقة في الولايات المتحدة لأعوام مقبلة. حتى لو لم تأخذ إجراءات بايدن على محمل الجد حرفياً، فهذه هي الحالة التي ينبغي أن تفعل فيها ذلك.

هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان

تغيير حجم الخط

واشنطن

2 دقائق

14°C
مطر خفيف
العظمى / الصغرى 13°/15°
9.3 كم/س
90%

الصين تتعهد باتخاذ "إجراءات حازمة" بعد تعريفة بايدن الجديدة

وزارة التجارة الصينية تدعو الولايات المتحدة لإلغاء الرسوم المفروضة

time reading iconدقائق القراءة - 11
توجيه سفينة حاويات إلى ميناء أوكلاند، كاليفورنيا - المصدر: بلومبرغ
توجيه سفينة حاويات إلى ميناء أوكلاند، كاليفورنيا - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

انتقدت الصين خطوة إدارة "بايدن" لزيادة الرسوم الجمركية الأميركية على مجموعة واسعة من الواردات الصينية، وتعهدت باتخاذ إجراءاتها الخاصة، دون تقديم تفاصيل.

قالت وزارة التجارة الصينية في بيان أمس الثلاثاء: "ستتخذ الصين إجراءات حازمة لحماية حقوقها ومصالحها". وأضافت: "يجب على الولايات المتحدة أن تصحح على الفور أفعالها الخاطئة وتلغي الإجراءات الجمركية الإضافية ضد الصين".

قام الرئيس جو بايدن برفع التعريفات الجمركية على الواردات من الصين بما في ذلك أشباه الموصلات والخلايا الشمسية والمعادن المهمة، بمعدلات تتراوح من 25% للبطاريات إلى 100% للسيارات الكهربائية. وكان هذا الإعلان تتويجاً لمراجعة الزيادات الجمركية التي أقرها سلفه دونالد ترمب - والتي لم يتم التراجع عن أي عنها.

تلاعب سياسي

وصفت الصين التعريفات الإضافية بأنها "تلاعب سياسي"، باعتبارها خطوة قبل الانتخابات الأميركية المقرر إجراؤها هذا العام.

ورداً على زيادات ترمب للتعريفات الجمركية اعتباراً من عام 2018، حاولت بكين في كثير من الأحيان اتباع نهج متبادل - في محاولة لمطابقة حجم ونطاق التدابير الأميركية، لكن المحللين يتوقعون استجابة محدودة هذه المرة.

توقع مايكل هيرسون، المسؤول السابق في وزارة الخزانة الأميركية والذي يرأس الآن قسم التحليل الصيني في شركة "22في" للأبحاث (22V)، أن "رد بكين المباشر على الولايات المتحدة لن يكون حاداً". وقال: "إن الإجراءات التي تهاجم شركات أميركية بارزة أو تكثف القيود على سلسلة التوريد، مثل الحد من صادرات المعادن المهمة، من شأنها أن تضر بجهود شي لتعزيز الثقة المحلية والدولية في الصين".

قاد الرئيس شي جين بينغ في الأشهر الأخيرة الجهود الرامية إلى تعزيز الاستثمار الأجنبي المتضائل في الصين. وأضاف "هيرسون" أن "القيادة الصينية ستسعى أيضاً إلى تجنب التصرفات التي تجعل الصين محور الحملة الرئاسية الأميركية".

فائض الإنتاج الصيني

وفي مؤتمر صحفي بعد ظهر أمس، قال المتحدث باسم السفارة الصينية ليو بينغيو إن الاتهامات بشأن فائض الإنتاج الصيني بمثابة "سردية كاذبة" تهدف إلى إعاقة اقتصاد البلاد. وأشاد بقطاع التصنيع في الصين باعتباره، ببساطة، أكثر قدرة على المنافسة والابتكار والكفاءة.

أضاف "ليو" للصحفيين: "نريد أن نقول لزملائنا الأميركيين إن إلقاء اللوم على الآخرين لن يزيد من قدرتك التنافسية". وتابع: "توقفوا عن استخدام الطاقة الفائضة كذريعة للحمائية التجارية. كفوا عن تسييس القضايا الاقتصادية والتجارية".

تعد الإجراءات الأميركية، التي تم الإعلان عنها أمس، محدودة في حد ذاتها، مما قد يساعد في احتواء رد فعل بكين، وفقاً لتوبين ماركوس وتشوتونغ تشو من شركة "وولف" للأبحاث في نيويورك. وكتبا في مذكرة أن زيادة الرسوم الجمركية التي فرضها "بايدن" لا تمثل سوى زيادة بنسبة 8% في "إجمالي حجم الواردات المكشوفة" من الصين، كما أن فترات التنفيذ التدريجي للقرار "ستخفف من التأثير".

وكتب ماركوس وتشو: "نتوقع أن يكون هناك بعض الرد الصيني، لكن بكين ستهدف إلى تحقيق التناسب، مما يعني أن التداعيات الأميركية يجب أن تكون محدودة".

توازن بايدن

يحاول "بايدن" الموازنة بين النظرة الصارمة تجاه الصين، والتعهد بحماية الوظائف الأميركية دون زعزعة استقرار الاقتصاد المحلي أو تأجيج التضخم.

في الشهر الماضي، تعهد بفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على الصلب والألمنيوم الصيني، والتي كانت عديمة الجدوى إلى حد كبير، حيث لا تبيع الدولة الآسيوية سوى القليل من أي من المعدنين إلى أميركا.

قالت وزيرة الخزانة جانيت يلين يوم الاثنين قبيل إعلان التعريفة الجمركية: "نأمل ألا نرى رداً صينياً كبيراً - لكن هذا احتمال وارد دائماً".

كما أضافت في تصريحات أمس الثلاثاء أن التعريفات الجديدة ستحمي الشركات والعمال الأميركيين دون الإضرار بمحفظة المستهلكين في البلاد.

وقالت "يلين" في مقابلة مع برنامج "بي بي إس نيوز أور" (PBS NewsHour): "لا أعتقد أن المستهلكين الأميركيين سوف يشهدون أي زيادة كبيرة في الأسعار التي يواجهونها".

تصنيفات

قصص قد تهمك

النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان

تغيير حجم الخط

بكين

4 دقائق

9°C
سماء صافية
العظمى / الصغرى 9°/9°
25 كم/س
14%

نستخدم في موقعنا ملف تعريف

نستخدم في موقعنا ملف تعريف الارتباط (كوكيز)، لعدة أسباب، منها تقديم ما يهمك من مواضيع، وكذلك تأمين سلامة الموقع والأمان فيه، منحكم تجربة قريبة على ما اعدتم عليه في مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تحليل طريقة استخدام موقعنا من قبل المستخدمين والقراء.