الحرب التجارية على سيارات الصين الكهربائية تدمر القطاع ذاتياً

الأوروبيون تبنوا لهجة مختلفة مع بكين عن نظرائهم الأكثر تشدداً في أميركا لأن الوقت ليس مناسباً للعراك

time reading iconدقائق القراءة - 13
سيارة \"أتو3\" الرياضية متعددة الأغراض من شركة \"بي واي دي\"  في صالة عرض في هونغ كونغ، الصين، يوم السبت 13 يناير 2024. - المصدر: بلومبرغ
سيارة "أتو3" الرياضية متعددة الأغراض من شركة "بي واي دي" في صالة عرض في هونغ كونغ، الصين، يوم السبت 13 يناير 2024. - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

من النتائج السيئة لشن الحرب أن أعداءك عادة يقاومون ويحاربون. وهو درس سيضعه المستشار الألماني أولاف شولتس نصب عينيه أثناء زيارته إلى الصين هذا الأسبوع، وسط اختمار حرب تجارية حول الطاقة النظيفة تحت السطح حالياً.

تأتي هذه الزيارة بعد أيام من زيارة قامت بها وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين، التي حذرت من "الانخفاض المصطنع" في أسعار المنتجات الصينية من السيارات الكهربائية وبطاريات الليثيوم أيون والألواح الشمسية، وما ينشأ عن ذلك من "آثار سلبية" في الولايات المتحدة وفي مختلف أنحاء العالم.

وبعيداً عن الدعوة إلى وقف المعارك في الحروب التجارية التي شنها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، يبدو أن إدارة بايدن تعيد الآن تسليح نفسها في محاولة لتحييد هذه القضية قبيل الانتخابات في نوفمبر.

ذلك ما يضع ألمانيا في موقف حرج. فبسبب إقدام روسيا على غزو أوكرانيا، تضطر برلين إلى إعادة التفكير في التزامها بالسلم بعد الحرب العالمية. وكذلك تضطرها التوترات التجارية المتجذرة والمتزايدة بين الولايات المتحدة والصين إلى إعادة تقييم نهجها التعددي في التجارة الدولية.

وأعلن الاتحاد الأوروبي في سبتمبر عن إجراء تحقيق في صور الدعم التي تقدمها الصين لصناعة السيارات الكهربائية، ومنذ ذلك الحين، أجرى تحقيقات أخرى في قطاعي الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بالبلاد. وقد يحدد الموقف الذي يتخذه شولتس ما ستؤول إليه هذه المعارك المستعرة من احتدام أو خمود.

قطاع السيارات في قلب المعركة

ستكون السيارات أهم موضوع للنزاع، ذلك لأنها أكبر صادرات ألمانيا، وهي التي لا يزال الاتحاد الأوروبي يحقق فيها (تقريباً) فائضاً مع الصين. وتبيع شركات "فولكس واغن" و"بي إم دبليو" و"مرسيدس بنز" الألمانية نحو ثلث سياراتها في الصين.

هذه العلاقة التجارية بالغة الأهمية - فالبلد الآسيوي يمثل سوقاً نهائية مربحة للسيارات الأوروبية الفاخرة، ومورداً للبطاريات منخفضة التكلفة، وربما لسيارات كاملة. وإذا انتهت بروكسل إلى زيادة الرسوم الجمركية على وارداتها من الصين، فقد يكون رد الفعل مدمراً.

شركات صناعة السيارات الأوروبية تواجه فعلاً صعوبة في أسواق الصين القاسية، ويعود ذلك إلى ضعف إنفاق الأسر الصينية ومخاطر المنافسة مع منتجات الصناعة المحلية من السيارات الكهربائية الأقل سعراً. وقد توجه لها الضربة القاضية عبر فرض رسوم جمركية انتقامية مع تأجيج المشاعر العدائية بين المستهلكين.

في عام 2014، جاءت شركة "هيونداي موتور" في الترتيب الثاني بين أكثر العلامات التجارية مبيعاً في الصين بعد شركة "فولكس واغن". غير أنها تدهورت منذ الخلاف المرير الذي اندلع بين بكين وسيؤول في عام 2015 بسبب نشر كوريا الجنوبية نظاماً مضاداً للصواريخ، واحتلت "هيونداي" المركز العشرين بالكاد في العام الماضي.

موقف الأوروبيين يختلف عن أميركا

حتى الآن، تبنت شركات أوروبا وسياسيوها، بل وجماعات الضغط فيها، مواقف تختلف اختلافاً شاسعاً في علاقتها مع الصين عن المواقف الأكثر تشدداً التي تتخذها الشركات والجماعات والشخصيات المناظرة على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي.

قال أوليفر زيبسي، رئيس مجلس إدارة "بي إم دبليو"، للصحفيين في مؤتمر سنوي عقد الشهر الماضي: "ينبغي أن تكون حرية التجارة بمثابة نجم الشمال الذي يهدينا، والمرشد الأبرز في طريقنا".

وأضاف أن صناعة السيارات الأوروبية "لا تتعرض لأضرار جسيمة من استيراد السيارات الصينية، وليس من مصلحة الاتحاد الأوروبي فرض رسوم جمركية أخرى على هذه المنتجات".

أما نظيره في شركة "مرسيدس بنز" أولا كالينيوس، فصرح لصحيفة الفايننشال تايمز الشهر الماضي بأن الرسوم الجمركية المفروضة على السيارات الكهربائية الصينية ينبغي تخفيضها لا زيادتها.

وذكرت الصحيفة على لسانه أن الواردات ينبغي "مواجهتها بمنتجات أفضل، وتكنولوجيا أرقى، ودرجة أعلى من البراعة والنشاط. فهذا هو اقتصاد السوق، أن تدع المنافسة تقوم بدورها".

تعاون متزايد مع الشركات الصينية

الشركات الألمانية لا تتخذ وحدها هذا الموقف. فشركة "ستلانتيس" (Stellantis)، صاحبة علامات "فيات" و"ماسيراتي" و"سيتروين" و"بيجو" وكذلك "كرايسلر" و"جيب"، تحاول أن تقفز هي الأخرى للركب، حتى تتجاوز بدايتها البطيئة في قطاع السيارات الكهربائية عبر التحالف مع شركة "شيجيانغ ليبموتور تكنولوجي" الصينية الذي بلغت قيمته 1.5 مليار يورو (1.6 مليار دولار).

وتستثمر شركة "فولكس واغن" 2.5 مليار يورو في مصنع مشترك مع شركة "شبينغ" الصينية لصناعة السيارات الكهربائية، التي اشترت فيها حصة نسبتها 5% العام الماضي.

حتى شركة "رينو"، التي لم يعد لها أي وجود في الصين تقريباً، تتحالف مع شركة "جيجيانغ جيلي هولدينغ غروب" في مشروع مشترك لإنتاج المحركات.

فرصة سانحة أمام الصين

يحتاج الرئيس شي جين بينغ، من ناحيته، إلى أن يمد أغصان الزيتون. فأمام الصين فرصة سانحة حتى تثبت كيف يمكن للعلاقة التجارية أن تحقق منافع متبادلة، ذلك إذا كانت ترغب في تفنيد خطاب الولايات المتحدة المحموم بأن بكين تفرغ العالم من النشاط الصناعي.

حتى الآن، يتركز كثير من استثمارات الصين في قطاع السيارات الكهربائية والبطاريات في أوروبا على المجر. وفي عهد رئيس الوزراء فيكتور أوربان، ربما تكون المجر هي آخر ما قد تختاره من موقع إذا كنت تريد إقناع بروكسل بأن سياستك الصناعية ليست حصان طروادة للسلطوية والاستبداد.

تفيد التقارير أن شركتي "شيري أوتوموبايل" و"سايك موتور كورب" تستكشفان إقامة مصانع تجميع في أوروبا. وسوف تحسن الشركتان صنعاً باختيار مواقع في قلب الديمقراطيات الليبرالية في القارة، وينبغي على السياسيين في تلك البلدان أن يبذلوا ما في وسعهم لجذبهما.

تستطيع الصين أيضاً إزالة التوترات وتهدئة الخواطر عبر تلبية رغبة أوروبا في امتلاك حصة أكبر في سلسلة التوريد الصينية لخامات صناعة البطاريات.

ويستطيع شولتس أن يطرح نهجاً مثمراً وإيجابياً مقارنة مع النزعة الحمائية العارية التي تروج لها الولايات المتحدة وتدفع بها. فلا ينبغي على الرأسماليين أن يتراجعوا ويتحصنوا داخل قواقعهم أمام أول بادرة للمنافسة، بل ينبغي عليهم أن يروا في كل خطر فرصة لأن يبذلوا جهوداً أكبر ويرفعوا من مستوى أدائهم.

ومن المفارقة أن الولايات المتحدة، التي ابتكرت روح التحفيز الحماسية إلى حد بعيد، هي الآن الدولة التي تسارع إلى التخلي عن تلك الروح قبل غيرها، لكن أوروبا وألمانيا تستطيعان الكشف عن مسار أفضل.

هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان

تغيير حجم الخط

بكين

5 دقائق

-2°C
غيوم متناثرة
العظمى / الصغرى -2°/-2°
12.7 كم/س
29%

"بي واي دي" تخطط لإطلاق أول شاحنة كهربائية صغيرة هذا العام

الشركة تعزز هيمنتها على سوق السيارات الكهربائية في الصين وتسعى للتوسع في أستراليا وأميركا الجنوبية

time reading iconدقائق القراءة - 5
سيارات \"بي واي دي\" الكهربائية في مقر الشركة في شينزن، الصين - المصدر: بلومبرغ
سيارات "بي واي دي" الكهربائية في مقر الشركة في شينزن، الصين - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

تخطط شركة السيارات الصينية العملاقة "بي واي دي" لإطلاق أول شاحنة صغيرة كهربائية في السوق العالمية في وقت لاحق من 2024، لتتحدى بذلك سيارات "هايلكس" (HiLux) الرائجة التابعة لشركة "تويوتا موتور"، و"رانجر" (Ranger) التي تنتجها "فورد موتور"، و"دي- ماكس" (D-Max) التابعة لشركة "إيسوزو موتورز" (Isuzu Motors).

تُظهر المقاطع الترويجية للسيارة الجديدة التي نشرتها "بي واي دي" أنها ذات كابينة مزدوجة مربعة الشكل مطلية بطلاء مموه باللونين البرتقالي والأزرق، مع اختبارها على طريق غير محدد أثناء المقطع.

ورغم أن الشركة لم تنشر أي تفاصيل حول مجموعة نقل الحركة أو مواصفات الأداء أو الأسعار، إلا أنها قالت إن الشاحنة متوسطة الحجم إلى كاملة الحجم ستكون الأولى من نوعها في الشركة التي "تعمل بمصدر الطاقة الجديد".

ورغم أن سيارات "بي واي دي" لا تباع في الولايات المتحدة، إلا أن شركة صناعة السيارات تتجه نحو الأسواق في آسيا وأستراليا وأميركا الجنوبية، حيث تحظى الشاحنات الصغيرة بشعبية كبيرة هناك.

على سبيل المثال، تعد سيارات "هايلكس" من "تويوتا"، و"دي-ماكس" من "إيسوزو"، وشاحنات "رينجر" من "فورد" بين أكثر ثلاث سيارات مبيعاً في أستراليا. وكشفت شركة "إيسوزو" الشهر الماضي عن نسخة كهربائية من "دي- ماكس".

ستضيف الشاحنة الصغيرة إلى تشكيلة "بي واي دي" الواسعة من السيارات الكهربائية، والتي تشمل أيضاً سيارات "سيغل هاتشباك" (Seagull Hatchback) الرائجة التي تباع بسعر 69800 يوان، أو ما يعادل أقل من 10 آلاف دولار، وصولاً إلى سيارة "يانغ وانغ" (Yangwang) الفائقة التي يبلغ سعرها 1.68 مليون يوان (233000 دولار).

وبفضل فئات الأسعار المتنوعة هذه، بالإضافة إلى موجة قوية من تخفيضات الأسعار، تمكنت "بي واي دي" من الهيمنة على سوق السيارات الكهربائية في الصين، التي تعد الأكبر في العالم، بحصة سوقية بلغت 33% خلال العام الماضي.

تصنيفات

قصص قد تهمك

النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان

تغيير حجم الخط

بكين

10 دقائق

-2°C
غيوم متناثرة
العظمى / الصغرى -2°/-2°
12.7 كم/س
29%

نستخدم في موقعنا ملف تعريف

نستخدم في موقعنا ملف تعريف الارتباط (كوكيز)، لعدة أسباب، منها تقديم ما يهمك من مواضيع، وكذلك تأمين سلامة الموقع والأمان فيه، منحكم تجربة قريبة على ما اعدتم عليه في مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تحليل طريقة استخدام موقعنا من قبل المستخدمين والقراء.