الشرق
تنطلق في العاصمة السعودية الرياض، اليوم الثلاثاء، فعاليات "مبادرة مستقبل الاستثمار" (FII) في دورتها السابعة، وسط تحديات جيوسياسية واقتصادية متعددة، في وقتٍ تأخذ فيه المبادرة هذا العام شعار "البوصلة الجديدة" لمقاربة التحديات والحلول لثلاثة مجالات: الطاقة، والذكاء الاصطناعي، وتحديد أولويات الاستثمار. في ظل تركيزها على القضايا الإقليمية والدولية، انسجاماً مع الدور الذي تنتهجه المملكة على الساحتين.
محافظ صندوق الاستثمارات العامة ورئيس معهد مبادرة مستقبل الاستثمار (FII) ياسر الرميان أكد في تصريحات إعلامية، قبل أيام من انطلاق فعاليات المبادرة، على أن التحديات العالمية تمّ أخذها في الاعتبار عند تحديد أولويات موضوعات المبادرة هذا العام، بقوله: "يواجه الكوكب والاقتصاد العالمي والمجتمع مجموعة من التحديات الصعبة، منها الاستقرار والنمو الاقتصادي العالمي، والبيئة، وتسريع التقدم التكنولوجي بما في ذلك الذكاء الاصطناعي التوليدي والتعليم والصحة"، مبيّناً أن النسخة السابعة لمبادرة مستقبل الاستثمار "تتناول موضوع تشكيل مستقبل الإنسانية".
كذلك أوضح ريتشارد أتياس، الرئيس التنفيذي لمعهد مبادرة مستقبل الاستثمار، في مقابلة مع "اقتصاد الشرق"، أن المبادرة في دورتها لهذا العام، والتي تستمر 3 أيام، ستشمل جلسات حوارية لتحديد البوصلة التي تساعد على استباق الأحداث والتهيئة للتغيرات الكبيرة التي قد تحدث في العالم، مشيراً إلى أن الدورة تتضمن ثلاث قمم مهمة عن الطاقة والذكاء الاصطناعي وتحديد الأولويات.
وعشية انطلاقها، كشف أتياس لوكالة الأنباء السعودية أن مجمل قيمة الاستثمارات التي تمت بالاتفاقيات والعقود والصفقات خلال مبادرة مستقبل الاستثمار على مدى 7 سنوات بلغت قرابة 120 مليار دولار.
بداية FII
كانت النسخة الأولى من "مبادرة مستقبل الاستثمار" انطلقت في الرياض عام 2017 تحت اسم "دافوس الصحراء" بمشاركة أكثر من 3800 من الشخصيات المؤثرة في عالم الأعمال من أكثر من 90 دولة، وكان الحدث الأبرز حينها هو إطلاق مشروع مدينة "نيوم"، في إطار رؤية 2030، بتكلفة 500 مليار دولار.
ودأب صندوق الاستثمارات العامة السعودي خلال الدورات المتلاحقة للمبادرة على إلقاء الضوء على آلياته لدعم نشاطاته في القطاعات الاستثمارية الجديدة لتحقيق النمو بعيداً عن النفط، ضمن سعيه لأن يكون واحداً من أكبر صناديق الثروة السيادية وأكثرها تأثيراً في العالم، بحضور كبرى البنوك الاستثمارية العالمية التي تتسابق على الصفقات في المملكة والمنطقة، ومن ضمنها الاكتتابات العامة الأولية التي تشهد نشاطاً مطرداً.
تحديات جيوسياسية
تضع "مبادرة مستقبل الاستثمار" هذا العام في اعتبارها التحديات العالمية الجديدة عند مناقشة مستقبل الاستثمار، حيث يواجه العالم الآن إشكاليات اقتصادية وسياسية واجتماعية وبيئية كبيرة، تُفاقمها مخاوف الركود الاقتصادي بسبب ارتفاع معدلات التضخم والارتفاع التاريخي لمعدلات الفائدة حول العالم.
كذلك تضيف الصراعات الجيوسياسية المستمرة منذ أكثر من عام والمرتبطة بحرب روسيا وأوكرانيا أعباء على تكلفة الغذاء والطاقة وهو ما يعزز التوجهات الاستثمارية نحو مشاريع تتعلق بالأمن الغذائي والتحول نحو الطاقة النظيفة، لذا خصصت المبادرة قمة في هذا العام للطاقة.
ومنذ أيام ظهرت على الساحة الدولية إشكالية أكبر ترتبط بمنطقة الشرق الأوسط في ضوء الحرب التي انطلقت بين إسرائيل والفلسطينيين في السابع من أكتوبر الجاري. ومع تزايد المخاوف من اتساع رقعة الصراع بدخول أطراف أخرى إلى حرب غزة، فقد ينعكس ذلك على التوجهات الاستثمارية إلى المنطقة، وكذلك التأثيرات السلبية التي بدأت تظهر على الأسواق المالية في المنطقة، وأسعار النفط التي تتقلب بحدّة مع تواتر أخبار الحرب، وهو ما قد يطغى على مناقشات المشاركين في منتدى هذا العام.