يشعر المستثمرون بالقلق من أنَّ تدفق السيولة النقدية قد يعطل أسواق المال الأمريكية قريباً، مع اندفاع وزارة الخزانة لتخليص نفسها من الأموال التي لن يسمح لها الكونغرس بالاحتفاظ بها، ومن المحتمل أن يبذل الاحتياطي الفيدرالي جهده لاستباق الأمر.
تلاقت ظاهرتان لخلق هذا الطوفان الوشيك؛ الأولى، تتمثَّل في ضمان الأموال اللازمة لتقديم تريليونات الدولارات للإغاثة من الوباء، فقد قامت وزارة الخزانة بتكوين رصيد نقدي ضخم لدى الاحتياطي الفيدرالي؛ حوالي 1.6 تريليون دولار. والثانية، قيام الكونغرس في أغسطس 2019 بتعليق سقف الديون الفيدرالية لمدة عامين. ونصَّ القرار على أنَّه عند عودة تطبيق السقف في 1 أغسطس، يجب ألا تحتفظ وزارة الخزانة بأكثر من 120 مليار دولار نقداً. وكان الهدف من هذا التقييد منع وزارة الخزانة من الاستعداد لحدِّ الدين القائم، من خلال تجميع رصيد نقدي كبير بشكل غير عادي.
لذا، ولتلبية متطلَّبات الكونغرس، سيتوجب على وزارة الخزانة سحب رصيدها النقدي لدى الاحتياطي الفيدرالي، ومع 120 مليار دولار شهرياً ينفقها البنك المركزي بالفعل لشراء الأوراق المالية، والحفاظ على أسعار الفائدة طويلة الأجل منخفضة، سيؤدي ذلك إلى ارتفاع الاحتياطيات النقدية التي تحتفظ بها البنوك في الاحتياطي الفيدرالي، التي من المحتمل أن تتجاوز 5 تريليونات دولار هذا الصيف، مرتفعةً من حوالي 3.4 تريليون دولار الآن.
قلق السيولة
و يشعر مراقبو السوق بالقلق من أنَّ جدار السيولة هذا قد يدفع أسعار الفائدة قصيرة الأجل إلى المنطقة السلبية. وبرغم أن لا أحد يمكنه التأكد من التداعيات، إلا أنَّ هذا قد يؤدي إلى تعطيل الصناديق المشتركة في أسواق المال، وعمل أسواق الإقراض قصير الأجل بشكل عام. كما ستضيف الزيادة في الاحتياطيات إلى أصول البنوك، مما قد يتسبَّب في اصطدامها بمتطلَّبات الرافعة المالية التنظيمية، التي تحدُّ من نسبة إجمالي أصولها مقارنة بملكية رأس المال. وهذا بدوره قد يتسبَّب في تراجع بعض البنوك عن الإقراض مقابل الأوراق المالية، مما قد يتسبَّب بحدوث اضطراب آخر في سوق "الريبو/شراء البنوك للأوراق المالية بشرط إعادة شرائها من البائع"، وهو مصدر مهم لتمويل صناديق التحوُّط، وبنوك الاستثمار، والعديد من المؤسسات الأخرى. وقد تتخذ البنوك أيضاً خطوات لتشجيع الأسر والشركات على نقل ودائعهم إلى مكان آخر.
ماذا يمكن أن يفعل الفيدرالي؟
على سبيل المثال، في اجتماع وضع السياسة القادم في منتصف شهر مارس، يمكن للمسؤولين رفع أسعار الفائدة التي يدفعها البنك المركزي قليلاً على احتياطيات البنوك (0.10% حالياً)، وعلى القروض في سوق إعادة الشراء (صفر حالياً). قد يساعد ارتفاع طفيف في الحدِّ الأدنى لمثل هذه المعدَّلات في منع أسعار الفائدة الأخرى قصيرة الأجل، مثل عوائد سندات الخزانة، من أن تصبح سلبية. هناك سابقة لمثل هذه الخطوة، فقد أجرى بنك الاحتياطي الفيدرالي تعديلات فنية على هذه المعدَّلات من قبل من أجل ضمان بقاء سعر الأموال الفيدرالية ضمن النطاق المستهدف لبنك الاحتياطي الفيدرالي.
طريقة غريبة
علاوة على ذلك، يجب على الاحتياطي الفيدرالي تمديد إعفائه المؤقت لاحتياطيات البنوك، وأوراق الخزانة من حسابات نسبة الرافعة المالية (الإعفاء الأولي، الذي منحه في الربيع الماضي، الذي من المقرر أن ينتهي في مارس). حتى أني أوصي بالمضي قدماً، وإعفاء احتياطيات البنوك بشكل دائم. سيساعد هذا في حل المشكلة التي تنشأ عندما يشتري الاحتياطي الفيدرالي الأوراق المالية لتحفيز الاقتصاد، فتؤدي مشترياته إلى زيادة الاحتياطيات، مما يجعل البنوك أقرب إلى النقطة التي يقيدها فيها شرط نسبة الرافعة المالية ويجبرها على تقليص الإقراض. عندما يحدث هذا، فإنَّه سيقوِّض جهود التحفيز التي يبذلها بنك الاحتياطي الفيدرالي. وللتأكُّد من أنَّ هذا الإعفاء لن يقلل من حجم رأس المال الذي يتوجَّب على البنوك الاحتفاظ، ويمكن تعديل نسبة الرافعة المالية، ومتطلبات رأس المال الأخرى ورفعها.
صحيح أنَّ بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يواجه صعوبة في تسويق مثل هذه الخطوة إلى المنظِّمين الآخرين للقطاع المالي -الذين لا يشاركونه التفويض في السياسة النقدية- لكنَّه سيكون العمل الصحيح الذي ينبغي القيام به، الذي سينهي الصراع المتأصل بين التسهيل الكمي للاحتياطي الفيدرالي، وحدود الرافعة المصرفية. في ظل النظام الحالي، يضيف الاحتياطي الفيدرالي عملية التكيف بيد، ويأخذها باليد الأخرى، وهي طريقة غريبة لممارسة الأعمال التجارية.