ابدأوا التخطيط لإعادة إعمار أوكرانيا الآن

time reading iconدقائق القراءة - 14
عمال يزيلون الأنقاض في مركز تسوق أوكراني أصيب بضربة صاروخية روسية - المصدر: بلومبرغ
عمال يزيلون الأنقاض في مركز تسوق أوكراني أصيب بضربة صاروخية روسية - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

أدت أربعة أشهر من القتال في أوكرانيا إلى إحداث مستويات مذهلة من الدمار الذي يمتد من الجسور إلى المنازل والمستشفيات ومراكز التسوق. قدرت تقديرات حديثة صادرة عن رئيس "بنك الاستثمار الأوروبي" تكلفة إعادة الإعمار بأكثر من تريليون دولار.

في ظل نزوح ملايين المواطنين وتدمير البنية التحتية للبلاد، لن تتمكن أوكرانيا من تمويل نفسها بنفسها لسنوات، وربما لعقود قادمة. كما أن دولة فقيرة أو مختلة وظيفياً بحجم وأهمية أوكرانيا على حدود أوروبا ستكون عرضة للعدوان في المستقبل ومصدراً لعدم الاستقرار الاقتصادي والسياسي. إن منع مثل هذه النتيجة سيتطلب من العالم الديمقراطي تمويل جزء كبير من إعادة إعمار البلاد، تماماً كما فعلت الولايات المتحدة في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية مع "مشروع مارشال". وحتى في ظل احتدام الصراع، سيكون من الحكمة أن تبدأ الحكومات الغربية هذا الجهد الآن.

الأولويات

ومع إظهار روسيا بوادرَ قليلة لتخفيف هجومها على المدن الأوكرانية، يظل توفير الأسلحة والدعم للجيش الأوكراني أولوية الغرب. رغم ذلك، فإن تأخير إعادة الإعمار المدني حتى انتهاء الحرب سيكون خطأ. إذ إن مناطق كبيرة من البلاد خالية إلى حد كبير من القتال؛ فإن ترك هذه المناطق في حالة ركود لن يؤدي إلا إلى تثبيط عودة اللاجئين وإطالة اعتماد أوكرانيا على المساعدات الخارجية. كما أن من شأن الدعم الغربي لمشاريع إعادة الإعمار أن يساعد المجهود الحربي، من خلال السماح للحكومة الأوكرانية بالتركيز على توفير الخدمات الأساسية والحفاظ على إمداد قواتها.

في حين أنه من غير المنطقي إعادة بناء هيكل سيتم قصفه مرة أخرى، إلا أن هناك الكثير مما يمكن لحلفاء أوكرانيا فعله الآن. يمكن أن يساعد بناء الجسور العائمة وغيرها من البنية التحتية الحيوية المؤقتة في نقل ملايين الأرطال من الحبوب خارج البلاد. ويحتاج المزارعون والشركات الزراعية إلى دعم للزراعة في هذا العام بالإضافة إلى مرافق تخزين أقوى، مثل صوامع الحبوب المؤقتة التي وعدت بإنشائها إدارة بايدن على طول الحدود مع بولندا.

يجب الإسراع في إعادة إعمار المناطق السكنية حيثما كان ذلك ممكناً. هناك حاجة إلى مساكن مسبقة الصنع للنازحين داخل البلاد بسبب الحرب وللاجئين العائدين لاستعادة بعض الحياة الطبيعية. في المناطق التي تراجعت فيها أعمال العنف بشكل كافٍ، يمكن للخبراء الخارجيين المساعدة في إزالة الألغام من مساحات شاسعة من أراضي أوكرانيا (قدرت وزارة الزراعة أن 30% من الأراضي الزراعية محتلة أو غير آمنة). لا يمكن لأعداد كبيرة من الأوكرانيين العودة إلى ديارهم حتى تصبح تلك المناطق آمنة.

إلى جانب أعمال إعادة الإعمار الطارئة، ينبغي على الحكومات الأجنبية مساعدة أوكرانيا على إرساء الأساس للنمو المستقبلي المستدام. يشمل ذلك التنويع للابتعاد عن الوقود الأحفوري، وتحديث المرافق النووية، وبناء موارد الطاقة المتجددة، وزيادة الاندماج في شبكة نقل الكهرباء في أوروبا. وسيعني ذلك أيضاً تحسين وصول الشركات المتوسطة والصغيرة إلى التمويل.

التحدي الأكبر

ربما يكون التحدي الأكبر في عملية إعادة الإعمار هو دفع تكلفتها. ففي حين أن العديد من الحكومات والمؤسسات المالية الدولية ستشارك فيها، إلا أنه من المنطقي أن يقود الاتحاد الأوروبي- الذي جعل أوكرانيا للتو دولة مرشحة للعضوية- هذه العملية. يجب أن ترشده بعض المبادئ. أولاً، في حين أن القروض ستكون جزءاً من أي حزمة مساعدات، فإن إرهاق أوكرانيا بالديون المفرطة يخاطر بحدوث أزمة في المستقبل. مثل "مشروع مارشال"، يجب تمويل إعادة إعمار أوكرانيا في الغالب من خلال المنح، بشرط أن تُجاري الحكومة والأعمال في أوكرانيا ذلك بجزء صغير من الأموال.

كجزء من أي تسوية تفاوضية للحرب، يجب على روسيا أن تدفع بطريقة ما أجزاء صغيرة على المدى الطويل- تماماً كما دفع العراق للكويت بعد حرب الخليج الأولى– إذ إن مجرد إعادة توزيع الأصول الروسية المصادرة أمر مشكوك فيه قانوناً وسابقة خطيرة. يعتبر المؤتمر الدولي الرئيسي حول إعادة الإعمار الذي سينعقد يوم الاثنين فرصة لشركاء أوكرانيا لمناقشة هذه القضايا والاتفاق على الأقل على برنامج وأولويات مشتركة.

أخيراً، سيتطلب الحفاظ على الدعم الشعبي لجهود إعادة الإعمار من الحكومات الغربية ضمان إنفاق الأموال بشكل صحيح. ستساعد الإصلاحات القضائية والمؤسسية على ضمان بيئة أعمال أكثر استقراراً وتشجع المستثمرين على العودة. كما أن وجود لجنة فعالة لمكافحة الاحتكار وتحسين البيئة التنظيمية سيساعدان على إضعاف نفوذ الأوليغارشية.

يمكن أن تكون عملية إعادة إعمار أوكرانيا بمثابة إشارة قوية على الوحدة داخل العالم الديمقراطي ورسالة للمعتدين في المستقبل. إن بدء هذا العمل في أسرع وقت ممكن أمر بالغ الأهمية لخفض التكاليف، والحد من الهدر، ومساعدة شعب أوكرانيا على تحقيق مستقبل أكثر إشراقاً.

هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان

كييف

3 دقائق

0°C
ثلوج
العظمى / الصغرى /
1.6 كم/س
95%
الآراء الأكثر قراءة