حرب بوتين تمنح الغرب فرصةً لـ"تنظيف الأموال القذرة"

time reading iconدقائق القراءة - 6
حرب بوتين تمنح الغرب فرصةً لـ\"تنظيف الأموال القذرة\" - AFP
حرب بوتين تمنح الغرب فرصةً لـ"تنظيف الأموال القذرة" - AFP
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

اتُّهم نظام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالفساد لسنوات عدة، من قبل ناشطين وصحفيين استقصائيين. وأقرّت وزارة الخزانة الأمريكية بذلك رسمياً يوم الإثنين، واصفة نظام بوتين مباشرة بأنه حكم "كليبتوقراطي"، وهو حكم الفاسدين الذين يستغلون السلطة للاستيلاء على ثروة شعوبهم.

وفّر بوتين لكل من الولايات المتحدة وحلفائها، الفرصة المثالية للقضاء على الممارسات المتراخية والثغرات التي تسهّل الفساد وتسمح للأموال القذرة بالانتشار في أنحاء أوروبا والولايات المتحدة وأماكن أخرى. تعهد الرئيس جو بايدن بأن إدارته ستكافح غسيل الأموال والتهرب الضريبي من قبل الفاسدين والمجرمين، بدءاً من الولايات المتحدة.

اقرأ أيضاً: الاتحاد الأوروبي يسعى لعزل سبعة بنوك روسية عن "سويفت"

استدعى الغزو الروسي غير المبرر لأوكرانيا رداً قاسياً وسريعاً من القوى العالمية لمحاولة قطع التمويل عن جهود بوتين الحربية. الآن، حان الوقت أيضاً لضرب أموال النظام الغامضة في الخارج.

قال سوني كابور، الخبير المالي والمصرفي، ومدير المؤسسة الفكرية "معهد الشمال للتمويل والتكنولوجية والاستدامة": "قبل ذلك، لم يكن بإمكانهم ملاحقة بوتين من دون المخاطرة باستفزازه. يمكنهم الآن تجميد ومصادرة وإعادة الأصول من بوتين ودائرته الداخلية مباشرة".

اقرأ المزيد: أزمة تختمر على جبهة بوتين الداخلية

لقد تمّ حثّ بريطانيا بالفعل على طرح قانون الجرائم الاقتصادية المتأخر، والمُصمّم لفضح الملاك الحقيقيين للعقارات، والتصدي لغسيل الأموال عبر لندن، التي تقدّر الوكالة الوطنية للجريمة بأنها تكلف بريطانيا أكثر من 100 مليار جنيه إسترليني (134 مليار دولار) سنوياً. كما يجب الضغط على سويسرا وسلسلة الملاذات الضريبية العالمية والسلطات القضائية السرية، بما في ذلك تلك الخاضعة لحماية بريطانيا، للانضمام إلى القضية. وعلى الصعيد العالمي، يبلغ حجم الأموال غير المشروعة التي يتم غسلها في النظام المالي ما بين 2-5% من الناتج المحلي الإجمالي، أو ما يصل إلى 2 تريليون دولار، وفقاً للأمم المتحدة.

صناديق الفساد

منع مكتب مراقبة الأصول الأجنبية في وزارة الخزانة الأمريكية يوم الإثنين، أي مواطن أو شركة أمريكية من التعامل مع البنك المركزي الروسي وصناديق الثروة الروسية ووزارة المالية. ووصف المكتب في بيانه أحد التجمعات السيادية، وهو صندوق الاستثمار المباشر الروسي، بأنه "صندوق الأموال غير المشروعة" لبوتين، و"رمز للحكم الكليبتوقراطي الأوسع في روسيا".

ووفقاً للنص الذي نشره البيت الأبيض في إيجاز حول خلفية الموضوع، قال مسؤول كبير في الإدارة: "هذا الصندوق وقيادته هما رمزان للفساد الروسي المتجذّر وانتشار النفوذ عالمياً. قد يعلم البعض منكم أنه منبثق عن ’في إي بي’ (VEB)، وهو بنك بوتين لصناديق الأموال غير المشروعة الذي حظرناه بالكامل الأسبوع الماضي. ومن المعروف أنه مرتبط بشكل وثيق بحكم الكليبتوقراطية على أعلى المستويات في الحكومة الروسية".

بالنسبة إلى الولايات المتحدة، كان هناك شيء من هذا القبيل يتشكّل منذ فترة. تعهّد بايدن بمنع القادة الفاسدين والمجرمين من استخدام النظام المالي الأمريكي لغسل الأموال والتهرب من الضرائب، وفي شهر ديسمبر الماضي، أطلقت وزارة الخزانة صندوقاً لحكم السرقة (الكليبوقراطية) من أجل مكافأة المخبرين الذين ساعدوا في تحديد الأصول. كما أقرت الولايات المتحدة بالفعل، قانون شفافية الشركات لتعزيز معايير تسجيل الشركات في نهاية ولاية الرئيس دونالد ترمب.

تهديد الأمن القومي

قال أوليفر بولوغ، المؤلف والخبير في مجال غسيل الأموال: "يبدو أنه كان هناك اعتراف من الحزبين في الولايات المتحدة، بأن التدفقات المالية الغامضة تشكل تهديداً لمصالح الأمن القومي".

ظل نظام بوتين متهماً لسنوات باختلاس الأموال من قبل مستثمرين، من أمثال وليام براودر الأمريكي المولد، وأباطرة منفيين من أمثال ميخائيل خودوركوفسكي. تم الكشف عن تفاصيل الأفراد والشركات المرتبطين بغسل الأموال والفساد من قبل الصحفيين الاستقصائيين لدى مجموعات من أمثال "مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد" (Organized Crime and Corruption Reporting Project) والصحف الوطنية. وحاولت كتب مثل كتاب "رجال بوتين" (Putin’s People) من تأليف كاثرين بيلتون، الكشف عن كيفية استخدام الأموال الروسية الخارجية في تمويل عمليات خارجية سرية، لمساعدة حلفاء روسيا وتقويض أعدائها.

عزل روسيا مالياً

انضمت سلسلة من الدول إلى محاولات الضغط على روسيا وعزلها مالياً من خلال العقوبات. في الخطوة الأخيرة، وافقت الولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية، بالإضافة إلى كندا واليابان، على تجميد معظم أصول البنك المركزي الروسي البالغة 643 مليار دولار من العملات الأجنبية.

كما وافقت سويسرا الأسبوع الماضي على متابعة عقوبات الاتحاد الأوروبي ضد الأفراد والشركات وبعض البنوك، بما في ذلك معاقبة بوتين ورئيس وزرائه ووزير خارجيته. ليست هذه هي المرة الأولى التي تقوم فيها البنوك السويسرية بتجميد أصول الأشخاص الخاضعين للعقوبات الأمريكية، ولكن الدولة لا تزال تحافظ على استقلاليتها الجيوسياسية وعلى سريتها المصرفية.

هناك فكرة رومانسية في الخدمات المصرفية التي تقدمها سويسرا، مفادها أن هذه الخصوصية تحمي الأفراد الطيبين من المخاطر في بلادهم. ولكن يبدو أن هذا الأمر قد عفا عليه الزمن بشكل كبير، مع ظهور المزيد من الفضائح حول إيوائها أموال رجال سياسة سيئين بحق شعوبهم.

بريطانيا.. الملاذ

يجب على بريطانيا أن تفعل المزيد. يعتبر مشروع قانون الحكومة للجرائم الاقتصادية يعتبر بمثابة خطوة إلى الأمام، لكن منتقديه يخشون ألا يذهب هذا المشروع بعيداً بما فيه الكفاية. وقال بولوغ إنه سيحقق أخيراً الشفافية في سوق الإسكان الممتاز المملوك من قبل جهات خارجية في بريطانيا، والذي يفضله قلة منذ فترة طويلة لإخفاء أموالهم. لكن الحكومة لم تقم بتنظيف سجل الشركات في بريطانيا، حيث لا يزال من الممكن إنشاء شركات وهمية بمالكين مجهولين، بتكلفة متواضعة.

أضاف بولوغ: "من الواضح أن بريطانيا لم تنضم بعد إلى أي حملة لطرد الأموال السوداء من النظام المالي".

من الطبيعي أن الهدف على المدى القصير، هو وقف القتال في أوكرانيا. لكن هناك هدفاً طويل المدى يمكن الوصول إليه في هذه الحالة. يجب أن تكون عملية مكافحة الفساد وغسيل الأموال جهداً عالمياً، ويبدو أن الولايات المتحدة مستعدة لقيادة هذا الجهد، لكن يتعين على الدول الأخرى المشاركة.

هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان

تغيير حجم الخط

لندن

1 دقيقة

2°C
سماء صافية
العظمى / الصغرى /
9.3 كم/س
79%

العقوبات على "بنك روسيا" تُقيِّده عن التدخل لإنقاذ الروبل

time reading iconدقائق القراءة - 17
إلفيرا نابيولينا ،محافظة بنك روسيا المركزي - المصدر: بلومبرغ
إلفيرا نابيولينا ،محافظة بنك روسيا المركزي - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

اعترفت محافظة "بنك روسيا"، إلفيرا نابيولينا، لأول مرة، أمس الاثنين، أن العقوبات المفروضة على البنك المركزي تعني أنها لا تستطيع التدخل لمنع الروبل من الانهيار.

ولكن ما لم تصرح به نابيولينا هو حجم الأموال التي ما تزال بحوزتها، في حالة ما إذا طُلب من البنك المركزي اتخاذ إجراء.

قبل بضعة أيام فقط، كان بنك روسيا المركزي يحتفظ بخامس أكبر احتياطي عالمي من العملات الأجنبية، لكنه خسر نصف حيازاته على الأقل بجرة قلم الأسبوع الماضي، وفقاً لدبلوماسي كبير في الاتحاد الأوروبي.

من وجهة نظر "معهد التمويل الدولي" فإن 40 إلى 50% من احتياطات روسيا -التي قُدِّرت آخر مرة بـ643.2 مليار دولار في منتصف فبراير الماضي- بعيدة المنال.

فارق شاسع

لم يكن الفارق في أسواق العملة صارخاً من قبل مثلما كان عليه أمس الاثنين، عندما تهاوى سعر الروبل بأكثر من 30% مقابل الدولار، في الوقت الذي حاول فيه البنك المركزي مقاومة التراجع. قالت نابيولينا إن المبالغ التي ضخها البنك المركزي تجاوزت حد المليار دولار خلال جلستي التداول السابقتين.

أصبحت قدرة البنك على القيام بدوره الأساسي المنوط به، والمتمثل في "حماية الروبل وضمان استقراره"، على المحك، في ظل محاصرة معظم أصوله الآن في فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة. ليلجأ بنك روسيا إلى تطبيق زيادة ضخمة على أسعار الفائدة، ووضع ضوابط لرأس المال في سبيل تهدئة السوق.

بالنسبة لخصوم روسيا، تستمر مطاردة ما تبقى من الدعامات المالية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين على قدم وساق. حيث حظرت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، أمس الاثنين، الأفراد والشركات في الولايات المتحدة من إجراء أي عمليات تجارية مع بنك روسيا، وهو قرار من شأنه التسبب في "شلل كبير" لأي أصول تابعة لبنك روسيا المركزي في الولايات المتحدة، أو لدى مواطنين أمريكيين، وفقاً لبيان وزارة الخزانة الأمريكية.

الإفلات من العقوبات

على الأرجح، سيفلت جزء كبير من ثروة روسيا من العقوبات، وهو أمر أقرَّ به مفوض السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي. حيث كان هناك أكثر من خمس الاحتياطي الإجمالي على هيئة عملات ذهبية في روسيا، كما في 30 يونيو 2021، كما أن هناك 13.8% أخرى من الاحتياطي الروسي في الصين، وفقاً لأحدث بيانات متاحة.

مع ذلك، فإن نصف الاحتياطات المالية التابعة لـ"بنك روسيا" في مجموعة دول السبع سيتم تجميدها بموجب العقوبات الجديدة، حسبما أخبر بوريل الصحفيين. وقال: "سيؤثر هذا -بشدة- على النظام المالي في روسيا".

هناك مصدر آخر للسيولة النقدية قد يسترعي انتباه المراقبين على الأرجح خلال الأيام المقبلة. فقد كان في جعبة روسيا 24.1 مليار دولار من حقوق السحب الخاصة لدى صندوق النقد الدولي، كما في نهاية يناير الماضي، وتُخصص تلك الحقوق للدول الأعضاء بناءً على حصتهم في المنظمة، وفقاً لأحدث بيانات رسمية.

من المحتمل تقييد الوصول لهذه الأموال في ظل وقوف الحكومات حول العالم في صف أوكرانيا بعد غزو روسيا لها.

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

[object Promise]

أرقام مشكوك فيها

عملت روسيا للتحرر من سيطرة الدولار على نظامها المالي في السنوات الأخيرة، إذ باعت أغلب حيازاتها من سندات الخزانة الأمريكية في 2018، حيث كانت تستعد للعقوبات المحتمل فرضها عليها.

مع ذلك يعتقد زولتان بوزار، المحلل الاستراتيجي لدي "كريدي سويس"، أن روسيا لديها حيازات في الولايات المتحدة أكثر بـ150 مليار دولار مما تصرح عنه الأرقام الرسمية.

حلل بوزار البيانات الخاصة بالبنك المركزي والأسواق المالية لحساب الرقم الأكبر. ووفقاً لتقديراته فإن نسبة تعرض بنك روسيا للدولار تبلغ 50% تقريباً، وليس 20% فقط كما يزعم البنك.

صعبة التتبع

سيكون من الأصعب بكثير تتبع واستهداف العقوبات لاحتياطات البنك غير المعلن عنها، مع ذلك يرفع هذا من احتمالية استهداف الولايات المتحدة وآخرون لحسابات أكثر، إذا عرفوا أين تكمن هذه الأموال.

فوق كل هذا، يصبح تتبع هذه الأموال أكثر تعقيداً عندما يتعلق الأمر بحيازات بنك روسيا المادية من العملات الصعبة. وتكشف أحدث بيانات رسمية أن هناك 152 مليار دولار على هيئة سيولة نقدية وودائع. وكانت الدولة أيضاً تشتري العملات الأجنبية لدعم صندوق الرفاه الوطني، الذي يعتبر جزءاً من الاحتياطات الروسية.

الروبل الروسي يهوي لمستوى قياسي جديد أمام الدولار

وعُلقت المشتريات في السوق المفتوحة فقط أواخر يناير الماضي، عندما أصبح الروبل عرضة للضغط.

تدهور سعر الصرف

من بين إجمالي حيازات البنك المركزي، يسيطر الدولار واليورو على السيولة النقدية المحتفظ بها في الخزائن بإجمالي 12 مليار دولار فقط، وفقاً لمايكل إس. بيرنستام، وهو باحث زميل في معد هوفر التابع لجامعة ستانفورد.

قال بيرنستام في عمود رأي نُشر في صحيفة "ذا هيل" قبل جولة العقوبات الأخيرة: "عقوبات البنك المركزي ستدمر 3 جوانب، هي: العملات الأجنبية، والبنوك، وسلاسل التوريد".

طوابير أمام الصرافات الآلية في روسيا لسحب دولارات وسط مخاوف من انهيار الروبل

واختتم: "في ظل وجود 12 مليار دولار فقط من السيولة المتاحة لمساندة الروبل؛ سيضمحل سعر الصرف وينهار. وسيتهافت الناس على أي عملات أجنبية يستطيعون الحصول عليها بأي سعر كمخزن للقيمة".

تصنيفات

قصص قد تهمك

نستخدم في موقعنا ملف تعريف

نستخدم في موقعنا ملف تعريف الارتباط (كوكيز)، لعدة أسباب، منها تقديم ما يهمك من مواضيع، وكذلك تأمين سلامة الموقع والأمان فيه، منحكم تجربة قريبة على ما اعدتم عليه في مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تحليل طريقة استخدام موقعنا من قبل المستخدمين والقراء.