انسوا كلمات اتفاقية جلاسكو للمناخ.. واتبعوا الأموال

time reading iconدقائق القراءة - 7
قمة جلاسكو تضع توصيات من أجل بذل مزيد من الجهود للتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري - المصدر: بلومبرغ
قمة جلاسكو تضع توصيات من أجل بذل مزيد من الجهود للتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

رغم أسابيع المفاوضات والدبلوماسية الواقعية التي تحولت إلى نص اتفاقية دولية، فإن الكلمات الناتجة بالأخير ليست تعويذة سحرية.

وسواء كان البيان الصادر عن مؤتمر جلاسكو للمناخ يعد "بتسريع التخلص التدريجي من الفحم والدعم الحكومي للوقود الأحفوري" (كما اقترحت المسودات الأولية)، أو تصعيد "الجهود نحو التخلص التدريجي من طاقة الفحم بلا هوادة والتخلص التدريجي من الدعم غير الفعال للوقود الأحفوري" (وفقاً للغة المخففة للاتفاقية النهائية)، فإن ذلك سيغير بالكاد ما تفعله أكبر الدول المسؤولة عن الانبعاثات في العالم خلال السنوات القادمة.

تعرف على أهم نتائج اتفاقية "جلاسكو" للمناخ

وفي نفس الوقت، من الواضح أن الحكومات التي توقع مثل هذه الاتفاقيات تعتقد أن الكلمات لها قوة السحر، وإلا لماذا استغرق الأمر 26 اجتماعاً لإفراد نص للوقود الأحفوري في صياغة اتفاقية المناخ؟

تبلور اللغة الحقيقة الأكثر أهمية التي تظهر بعيداً عن قاعات المؤتمرات في محطات الطاقة والمنشآت الصناعية والمكاتب الحكومية حول العالم، وبطريقتها المتواضعة، فإنها تساعد أيضاً على دفع هذه العملية للأمام.

الوقود الأحفوري يُشعل التوترات في اليوم الختامي لقمة المناخ في جلاسكو

صيغة رمادية

ومن شبه المؤكد أن العبارة الأهم بين كل تلك العبارات المخففة هي "دعم الوقود الأحفوري غير الفعال"، وبينما يُعدُّ كل كيلووات تقريباً من الطاقة الأحفورية على هذا الكوكب غير فعال بحكم التعريف (لأنه لا يدفع تكلفة العوامل الخارجية التي يفرضها التلوث على صحة الإنسان والمناخ العالمي)، فإن هذه الصيغة الرمادية شديدة العمومية لدرجة أنها تقدم عذراً سياسياً لأي دعم تقريباً.

هناك قدر كبير من الطاقة يمكن تبريرها باسم الفعالية، والفرق بين دولة تتمتع بإمدادات مستقرة وآمنة للطاقة وأخرى لا هو الاختلاف بين الصين وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، أو جلاسكو في القرن الثامن عشر مقابل القرن الحادي والعشرين.

حتى أزمات الطاقة الصغيرة التي شهدناها في أسواق الفحم والغاز في الصين والهند وأوروبا في الأشهر الماضية هي مؤشر على القيمة الاجتماعية الهائلة لنظام طاقة فعال، ومع ذلك، فإن الدعم الفعال يتمحور حول تقديمه بأرخص طريقة ممكنة وقد تغيرت هذه الحسابات بشكل كبير.

تحالف "جلاسكو المالي" يقود معركة التغير المناخي مُتسلِّحاً بـ130 تريليون دولار

الطاقة المتجددة أصبحت واقعاً

وفي وقت انعقاد مؤتمر باريس للمناخ في عام 2015، كانت مصادر الطاقة المتجددة هي الطريقة الأقل تكلفة لتوليد كهرباء جديدة في عدد قليل فقط من البلدان الأوروبية، ولم تكن قادرة على المنافسة مع الطاقة الأحفورية الحالية في أي مكان آخر في العالم.

والآن، تنافس الطاقة المتجددة حتى مرافق التوليد المتصلة بالشبكة بالفعل، وذلك أحد الأسباب التي جعلتنا نرى أمثال إندونيسيا وفيتنام وبولندا وكوريا الجنوبية يوقعون لإنهاء توليد الكهرباء باستخدام الفحم والتي لطالما اعتمدوا عليها.

وينطبق الشيء نفسه على وسائل المواصلات، قدرت "بلومبرغ إن إي إف"، وهي واحدة من أكثر مؤسسات التنبؤ تفاؤلاً بشأن السيارات الكهربائية، في عام 2016، أن المبيعات العالمية ستنمو إلى 2 مليون في عام 2020.

وعملياً، وصل الرقم إلى 3.1 مليون مركبة، ومن المتوقع أن يرتفع إلى 5.6 مليون العام الجاري، وأصبحت تكلفة امتلاك سيارة كهربائية في العديد من الأسواق الرئيسية أقل بالفعل من نظيرتها التي تعمل بالوقود البترولي، وبلغت مبيعات المركبات الكهربائية كحصة من الإجمالي العام الجاري بالفعل 12.8% في الصين و17% في أوروبا.

التحول الأخضر

وسنرى مجالات أخرى في السنوات المقبلة تتجه نحو الأخضر، ومن المتوقع أن يصبح الفولاذ الأخضر، الذي كان يعتبر قبل بضع سنوات فكرة أفضل قليلاً من الخيال العلمي، قادراً على المنافسة مع المنتج التقليدي وفقاً لأسعار الكربون السائدة الآن في الاتحاد الأوروبي.

ويشهد الهيدروجين الأخضر، الذي كان حتى وقت قريب مفهوم خيالي، بالفعل مشاريع مخطط لها بقدرة 213.5 غيغاواط، أي ما يعادل تقريباً قدرة توليد الكهرباء في ألمانيا.

وفي صناعة تلو الأخرى، يعد الواقع الناشئ هو أن الوقود الأحفوري لم يعد ضرورياً للحياة الحديثة كما كنا نظن، والطريق الأرخص والأكثر كفاءة لأمن الطاقة هو صافي الانبعاثات الكربونية.

ومع ذلك، ستظل بعض الأشياء كما هي، ويعني التغيير التكنولوجي أن أجزاءً كبيرة من محطات الكهرباء التي تعمل بالفحم في الهند والصين غير اقتصادية بالفعل - ولكن يجب أولاً بناء محطات طاقة الرياح والطاقة الشمسية لتحل محلها، الأمر الذي يتطلب تغييراً مالياً وسياسياً أيضاً.

جراحة ليست سهلة

وتشبة شركة "كول إنديا ليمتد"، أكبر شركة تعدين للوقود الصلب في العالم، إلى حد ما دولة داخل الدولة إذ تدير مستشفيات ومدارس وكليات وتوظف أكثر من 250 ألف شخص، ولم تكن السكك الحديدية الهندية، مشغل السكك الحديدية الضخم المملوك للدولة، ستتمكن من توفير وسائل نقل رخيصة للركاب سوى عبر فرض رسوم باهظة على نقل الفحم.

والحديث عن هذا من زاوية الدعم فقط يقلل في بعض النواحي من عمق اندماج الوقود الأحفوري في هيكل المنتجين والمستهلكين الأكثر نهماً، وهذه ليست مجرد ثمار النمو، وإنما هي شرايين للاقتصاد يتم من خلالها تدفق التمويل والوظائف والسياسة والتأثير، ولن تكون الجراحة اللازمة لإزالتها بسيطة.

وتوفر الحزمة البالغة 8.5 مليار دولار التي تم الإعلان عنها في جلاسكو لتسريع تحول جنوب أفريقيا بعيداً عن الفحم أحد نماذج كيفية القيام بذلك - ولكن ليس من المؤكد ما إذا كانت ستنجح أم لا، وهذه دولة تمثل أقل من 3% من استهلاك العالم الناشئ للوقود الصلب، وقدَّرت الهند بالفعل أنها تحتاج تريليون دولار أمريكي العقد الجاري لتسريع تحول الطاقة لديها.

مع ذلك، يجب القيام بشيء ما خاصة وأن تكاليف دعم الوقود الأحفوري ترتفع مع مرور كل عام، ما يجعل من الصعب التخلي عنها حتى مع تراكم أضرارها.

وفي عالم يصل فيه الاستثمار السنوي في الطاقة إلى 1.9 تريليون دولار أو نحو ذلك سنوياً، فإن المشكلة لا تكمن في نقص الأموال، بل في ذهابها إلى الأماكن الخاطئة.

وفي ظل تفويت الدول النامية ركب الطاقة الخالية من الكربون بسبب نقص رأس المال الاستثماري، حتى مع تعرضها أكثر وأكثر لصدمات تغير المناخ نفسه، فإن أكبر أوجه عدم الكفاءة لا يكمن في الدعم الذي الذي يرسخ أنظمة الطاقة لدينا، وإنما هي الخسارة في الإمكانات البشرية والتي سنعاني منها إذا فشلنا في تزويد الكوكب بالطاقة النظيفة والرخيصة الموجودة الآن في متناول أيدينا.

هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان

تغيير حجم الخط

لندن

2 دقائق

1°C
سماء صافية
العظمى / الصغرى -1°/
7.4 كم/س
82%

تعرف على أهم نتائج اتفاقية "جلاسكو" للمناخ

time reading iconدقائق القراءة - 5
من داخل مقر انعقاد قمة المناخ 2021 COP26 في جلاسكو ، اسكتلندا.  - المصدر: بلومبرغ
من داخل مقر انعقاد قمة المناخ 2021 COP26 في جلاسكو ، اسكتلندا. - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

رويترز

توصَّلت ما يقرب من 200 دولة إلى اتفاقية جلاسكو للمناخ يوم السبت بعد مفاوضات مكثفة على مدى أسبوعين مع إعلان بريطانيا التي تستضيف المحادثات أنَّ الاتفاق سيحافظ على استمرار الآمال الدولية في تجنب أسوأ آثار الاحتباس الحراري.

أهم إنجازات الاتفاقية

تعزيز الطموح:

تقر الاتفاقية أنَّ الالتزامات التي تعهدت بها الدول حتى الآن لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي تسبِّب ارتفاع درجة حرارة الأرض ليست قريبة بما يكفي لمنع تجاوز ارتفاع درجة حرارة الكوكب 1.5 درجة فوق درجات حرارة ما قبل الثورة الصناعية.

وفي محاولة لحل هذه المشكلة، تطلب الاتفاقية من الحكومات تعزيز تلك الأهداف بحلول نهاية العام المقبل بدلاً من كل خمس سنوات كما كان مطلوباً سابقاً، لكنَّ التقاعس عن التحديد، والوفاء بأهداف أكثر صرامة لخفض الانبعاثات، سيكون له عواقب وخيمة.

يقول العلماء، إنَّ تجاوز ارتفاع الحرارة 1.5 درجة مئوية من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع كبير في مستوى سطح البحر، وإلى كوارث من بينها الجفاف الشديد، والعواصف العاتية، وحرائق الغابات التي هي أسوأ بكثير من تلك التي يشهدها العالم بالفعل.

قال أولوك شارما رئيس قمة الأمم المتحدة للمناخ: "أعتقد أنَّه يمكننا اليوم أن نقول بمصداقية، إنَّنا أبقينا 1.5 درجة مئوية في متناول اليد. لكن نبضها ضعيف، ولن نعيش إلا إذا أنجزنا وعودنا".

وزير الطاقة السعودي: تغير المناخ يحتاج استجابة عالمية.. والمملكة لا تعرقل المفاوضات

استهداف الوقود الأحفوري:

تتضمن الاتفاقية لأول مرة لغة تطالب الدول بتقليل اعتمادها على الفحم، والتراجع عن دعم الوقود الأحفوري، وهي خطوات تستهدف مصادر الطاقة التي يقول العلماء، إنَّها الدافع الأساسي لتغير المناخ من صنع الإنسان.

قبيل إقرار اتفاقية جلاسكو؛ طلبت الهند أن تدعو الاتفاقية الدول إلى "التخفيض التدريجي"، بدلاً من "التخلص التدريجي" من الفحم بلا هوادة، وقد أثار هذا التغيير الطفيف للكلمة الكثير من القلق في القاعة العامة، لكنَّ الوفود وافقت على طلب إنقاذ الاتفاقية.

في غضون ذلك، حافظت صياغة الاتفاقية بشأن "الدعم غير الفعال" على صياغة "التخلص التدريجي"، لكن تبقى الأسئلة حول كيفية تعريفنا لـ "بلا هوادة"، و"غير فعال".

الوقود الأحفوري يُشعل التوترات في اليوم الختامي لقمة المناخ في جلاسكو

المدفوعات للدول الفقيرة والمعرضة للخطر:

حققت الاتفاقية بعض التقدُّم في مطالب الدول الفقيرة والمعرضة للخطر بأنَّ الدول الغنية هي المسؤولة عن تمويل معظم الانبعاثات، فالاتفاقية، على سبيل المثال "تحث أطراف (الاتفاقية) من الدول المتقدِّمة على مضاعفة توفيرها الجماعي للتمويل المناخي.. بحلول عام 2025."

ذكرت الاتفاقية، ولأول مرة، ما يطلق عليه "الخسائر والأضرار" في قسم التغطية بالاتفاقية، وتشير الخسائر والأضرار إلى التكاليف التي تواجهها بعض الدول بالفعل بسبب تغير المناخ، وقد أرادت هذه الدول لسنوات أموالاً للمساعدة في التعامل معها.

بموجب الاتفاقية وافقت الدول المتقدِّمة بشكل أساسي على مواصلة المناقشات حول هذا الموضوع.

قواعد أسواق الكربون العالمية:

أنهى المفاوضون أيضاً اتفاقية تضع القواعد لأسواق الكربون، ويحتمل أن تؤدي لإنفاق تريليونات الدولارات لحماية الغابات، وبناء مرافق للطاقة المتجددة، ومشاريع أخرى لمكافحة تغير المناخ.

دفعت شركات، بالإضافة إلى دول فيها غطاء واسع من الغابات في جلاسكو نحو التوصل إلى اتفاق قوي بشأن أسواق الكربون التي تقودها الحكومة على أمل إضفاء الشرعية أيضاً على أسواق التعويض الطوعية العالمية سريعة النمو.

بموجب الاتفاقية سيتم تنفيذ بعض الإجراءات لضمان عدم احتساب الائتمانات مرتين في إطار أهداف الانبعاثات الوطنية، على أنَّه لن يتم فرض ضرائب على التجارة الثنائية بين البلدان للمساعدة في تمويل التكيف مع المناخ الذي كان مطلباً أساسياً للبلدان الأقل تقدُّماً.

قبل انتهاء "جلاسكو".. اتفاق مناخي أمريكي-صيني مفاجئ يعيد التفاؤل بشأن خفض الانبعاثات

اتفاقات جانبية:

تم التوصل أيضاً لعدد من الاتفاقات الجانبية البارزة، وقادت الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي مبادرة عالمية لخفض غاز الميثان، وعدت فيها نحو 100 دولة بخفض انبعاثات الميثان بنسبة 30% من مستويات 2020 بحلول عام 2030.

أعلنت الولايات المتحدة والصين أيضاً، وهما أكبر دولتين في العالم من ناحية انبعاثات الكربون، بياناً مشتركاً للتعاون في تدابير تغير المناخ، وهو اتفاق طمأن المراقبين على نية بكين تسريع جهودها لمكافحة الاحتباس الحراري بعد فترة هدوء طويلة.

قدَّمت الشركات والمستثمرون عدداً كبيراً من التعهدات الطوعية أيضاً، التي من شأنها التخلص التدريجي من السيارات التي تعمل بالبنزين، والتخلص من الكربون في السفر الجوي، وحماية الغابات، وضمان استثمار أكثر استدامة.

تصنيفات

قصص قد تهمك

النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان

تغيير حجم الخط

لندن

9 دقائق

1°C
سماء صافية
العظمى / الصغرى -1°/1°
7.4 كم/س
82%

نستخدم في موقعنا ملف تعريف

نستخدم في موقعنا ملف تعريف الارتباط (كوكيز)، لعدة أسباب، منها تقديم ما يهمك من مواضيع، وكذلك تأمين سلامة الموقع والأمان فيه، منحكم تجربة قريبة على ما اعدتم عليه في مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تحليل طريقة استخدام موقعنا من قبل المستخدمين والقراء.