"كوفيد" في طريقه للتحول إلى مجرد فيروس عادي

time reading iconدقائق القراءة - 6
التعايش مع كوفيد سيكون هو شكل العلاقة مع هذا المرض في المستقبل مع انتشار اللقاحات وزيادة المناعة - المصدر: بلومبرغ
التعايش مع كوفيد سيكون هو شكل العلاقة مع هذا المرض في المستقبل مع انتشار اللقاحات وزيادة المناعة - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

فيما مضى قبل كوفيد، غالباً كنت أشعر بالإحباط بسبب ردِّ فعل الأطباء الذي كانوا يقدِّمونه عندما أذهب إلى عياداتهم على أنَّني مصاب بنوع أو آخر من العدوى، إذ كانوا يقولون لي: "إنَّه مجرد فيروس".

ولأنني كنت مفتوناً كثيراً بالعمل البوليسي الذي يمتد إلى تتبُّع أصول وتاريخ العدوى؛ كانت هذه الإجابة دائماً ما تبدو سطحية للغاية بالنسبة لي.

ما هو نوع الفيروس؟.. أين ومتى ظهرت هذه السلالة؟.. وكم عدد الأشخاص الذين أصيبوا بالسلالة نفسها هذا العام؟.. هذه الأسئلة ليست ذات أهمية كبيرة بالنسبة لمعظم الممارسين الطبيين العامين، لأنَّ غالبية الفيروسات ببساطة تقتل نفسها بنفسها كجزء من خلفية العدوى المتوطنة المتكدِّسة التي تنتشر حول العالم كل عام.

وفي مرحلة ما، مع ارتفاع المناعة الناتجة عن اللقاحات، والالتهابات، والجرعات المعززة، سينضمُّ كوفيد- 19 إلى هذا الفريق.

عدوى روتينية

في أوائل العام الماضي، كان العالم بحاجة ماسة إلى رفع إحساسه بالقلق بشأن فيروس"كوف- سارس-2"، والنظر إليه على أنَّه تهديد وشيك، وليس عدوى روتينية مثله كمثل الإنفلونزا.

على الرغم من ذلك، ففي الوقت الحالي يجب على أجزاء الكوكب التي تمَّ تلقيح السكان فيها إعادة ضبط أنفسهم ذهنياً في الاتجاه المعاكس.

وحان الوقت حتى نذكِّر أنفسنا أنَّه بالنسبة لأولئك الذين تمَّ تلقيحهم، لم يعد كوفيد- 19، يمثِّل لهم أحد فرسان نهاية العالم، لكنَّه بدلاً من ذلك أصبح تدريجياً "مجرد فيروس".

هذه إلى حدٍّ كبير المرحلة التي تصل إليها بعض البلدان التي تقدَّمت بأكبر قدر في برامج التطعيم الخاصة بها.

وفي سنغافورة، حيث تمَّ تحصين 81% من السكان بشكل كامل، بدأت وزارة الصحة في إعطاء الأولوية للبيانات المتعلِّقة بدخول المستشفيات بدلاً من العدوى، لأنَّ الغالبية العظمى من الحالات أصبحت حالياً غير خطرة نسبياً.

وتعمل إسرائيل على احتواء زيادة عدد الحالات الجديدة دون العودة إلى فرض الإغلاق على من تمَّ تلقيحهم، لأنَّ الغالبية العظمى من الإصابات لم تعد تؤدي إلى مرض خطير.

من وبائي إلى متوطِّن

قد تكون الدعوات من بعض الجهات لوقف نشر إجمالي الحالات اليومية سابقة لأوانها بالنسبة لمرض ما يزال يقتل آلاف الأشخاص يومياً.

لكن على الرغم من ذلك، ففي مرحلة ما، عندما يتجاوز كوفيد حالته الوبائية الحالية، ويصل إلى المرحلة المتوطِّنة التي يتلاشى فيها بالخلفية، فمن المحتمل أن نحجب أرقام الحالات اليومية أو حتى السنوية، كما هو الحال مع الإنفلونزا.

من الصعب تصديق أنَّ العدوى التي أودت بحياة أكثر من 4.5 مليون شخص يمكن التفكير فيها بهذه الطريقة الروتينية، لكنَّ الفيروسات عبر التاريخ تقلَّبت بين متوطِّنة ووبائية بوتيرة ملحوظة.

وتبين أنَّ جائحة "الإنفلونزا الروسية" التي انتشرت حول العالم في أواخر السبعينيات كانت عبارة عن سلالة إنفلونزا موسمية غير ملحوظة، وقد ظهرت في الفترة بين أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي، وربما تمَّ إطلاقها للعالم من جديد عن طريق حادث في معمل.

وكان الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 25 عاماً، والذين تعرَّضوا للسلالة في طفولتهم، محصَّنين إلى حد كبير.

أما الحمى الصفراء، التي شكَّلت تاريخ الأمريكتين لمدَّة أربعة قرون من خلال آثارها المدمِّرة على القوات العسكرية الاستكشافية التي تفتقر إلى المناعة، اختفت حالياً إلى حدٍّ كبير من المناطق الحضرية في نصف الكرة الأرضية الغربي، في حين ظلَّت كعدوى مدمِّرة في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى (إفريقيا السوداء).

قدَّمت دراسة نُشرت في يوليو الماضي بمجلة "مايكروبيل بيوتكنولوجي" حجة مفادها أنَّ سلالة فيروس كورونا التي تسمى (HCoV-OC43) قد تكون مسؤولة عن تفشي عدوى في عام 1889 عرفت أيضاً باسم الإنفلونزا الروسية، التي يمكن القول، إنَّها أول جائحة عالمية حقيقية حديثة.

وتظهر هذه السلالة بصفة خاصة حالياً كأحد الأسباب الرئيسية لنزلات البرد الشائعة، وتعدُّ مثالاً كلاسيكياً على عدوى متوطِّنة يأمر فيها الأطباء بتسريح المرضى بأمان.

لسنا في تلك المرحلة بعد

نحن لسنا في تلك المرحلة بعد. وبرغم أنَّني تلقيت التطعيم بالكامل، وأشعر بالاطمئنان نسبياً بشأن احتمالية التعرُّض أيضاً في وقت ما خلال السنوات المقبلة لكوفيد-19، إلا أنَّ أصدقائي الملقَّحين بالكامل الذين انتقلوا مؤخَّراً من سيدني إلى نيويورك، وأصيبوا بالفيروس في غضون أسابيع من وصولهم، يعانون من عدوى شرسة انتقلت إلى ابنهم الذي لم يصل إلى سن المراهقة، ولم يتم تطعيمه.

هذا هو السبب في ضرورة مواصلة علاج هذا المرض دون استهانة، على الأقل حتى يتاح للجميع فرصة التطعيم، ويكون لدينا مؤشر أوضح حول مدى استمرارية الحماية من حالات العدوى الخطيرة.

سيظل هذا البلاء الرهيب معنا دائماً، لكن بشكل أكثر اعتدالاً، وأقل إثارة للقلق. وبعد صدمة العامين الماضيين؛ من الصعب تصديق أنَّنا سننظر إلى هذا الاحتمال برباطة جأش، لكن هذا ما يجب أن يحدث في النهاية.

لن تكون اللحظة التي هزمنا فيها كوفيد هي اللحظة التي نقضي فيها عليه بين جموع البشر؛ لكن عندما نصل إلى مستوى من المناعة الطبيعية والتطعيم إلى درجة

لا يعود لدينا أي سبب للخوف منه.

ستأتي تلك اللحظة.. وعندما تأتي، ستكون حتى هذه العدوى الرهيبة مجرد فيروس آخر.

هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان

تغيير حجم الخط

نيويورك

3 دقائق

7°C
رذاذ خفيف الكثافة
العظمى / الصغرى /
14.8 كم/س
90%

السفر في حقبة "كوفيد" لا يزال مقيَّداً.. ولا ينبغي أن يكون كذلك

time reading iconدقائق القراءة - 6
لا تزال القيود المفروضة على السفر مستمرة رغم إمكانية التفكير في حلول عملية من أجل إعادة فتح الحدود بشكل آمن - AFP
لا تزال القيود المفروضة على السفر مستمرة رغم إمكانية التفكير في حلول عملية من أجل إعادة فتح الحدود بشكل آمن - AFP
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

جرى بث الطبيعة السريالية للسفر الدولي في حقبة كوفيد مباشرة حول العالم على الهواء مباشرة في نهاية الأسبوع الماضي. في الدقائق الأولى من مباراة كرة القدم في ساو باولو بين البرازيل والأرجنتين، توقف اللعب عندما توجه مسؤولو الصحة العامة إلى الملعب لإبعاد عديد من الرياضيين الأرجنتينيين بسبب انتهاك واضح للحجر الصحي لمدة 14 يوماً (إلزامي للسفر عبر المملكة المتحدة). المباراة لم تُستأنف مرة أخرى.

بعد مرور ثمانية عشر شهراً على انتشار الوباء، لا تزال قيود السفر تعطل العائلات والشركات العادية، لا لاعبي كرة القدم فقط.

لا يزال الحظر الأمريكي على معظم المسافرين منذ أكثر من عشرين دولة أوروبية، الذي وضعه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في شهر مارس من العام الماضي، ساري المفعول على الرغم من تغيير الرئيس وحقيقة أن نسبة أعلى من الأشخاص في الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة تلقوا الجرعة الكاملة من التطعيمات.

وفي الوقت نفسه، يجب على سكان هونغ كونغ العائدين إلى ديارهم من أماكن، بما في ذلك الولايات المتحدة وفرنسا، قضاء 21 يوماً في الحجر الصحي بالفندق حتى لو جرى تطعيمهم، وتمنع المدينة دخول معظم الأشخاص الآخرين. وتُعتبر حدود أستراليا مغلقة، مع حظر السفر الدولي.

من الواضح أن الحذر مضمون حول متحور "دلتا"، لكن الافتقار إلى البراغماتية حول السفر الدولي لافت للنظر. على الرغم من أن عديداً من الحكومات قد خفف القيود المفروضة على الحركة داخل البلاد، منذ الاعتراف بالدليل على أن اللقاحات تحمي من الأشكال الشديدة من مرض كوفيد، فإنه يبدو أن قيود السفر غير قابلة للاختراق.

القيود لا تزال قائمة

وجد تقرير صادر عن منظمة السياحة العالمية في شهر يوليو الماضي أنه لم تكن هناك تغييرات "كبيرة" في القيود منذ شهر نوفمبر 2020. مقابل كل الأخبار الجيدة (خففت هونغ كونغ والإمارات العربية المتحدة مؤخراً قيود السفر) هناك عودة سريعة، مثل إعادة فرض الاتحاد الأوروبي القيود على المسافرين الأمريكيين بعد فترة تنفيس صيفية.

هذا يستحق اهتماماً عاجلاً. لتقييد السفر تكاليف عاطفية واقتصادية، والأكثر وضوحاً هو قطاع السياحة، الذي عانى من أسوأ عام له على الإطلاق في عام 2020، فقد تصل الخسائر إلى 2.4 تريليون دولار هذا العام، وفقاً لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية.

يعتبر التأثير الأقل وضوحاً هو كل الحياة والوظائف التي جرى تأجيلها حتى استئناف السفر، بداية من العاملين بدوام كامل والموظفين الموسميين إلى الطلاب الدوليين الذين لديهم إمكانات مستقبلية كبيرة. استقال أحد المديرين التنفيذيين مؤخراً من منصبه بعد أن سئم قيود السفر عبر المحيط الأطلسي.

وفي الوقت نفسه، يصعب تحديد الفوائد. ضع في اعتبارك التعامل مع المسافرين من فرنسا، الذين لا يُسمح لهم بدخول الولايات المتحدة والذين اضطروا إلى الحجر الصحي عند وصولهم إلى المملكة المتحدة حتى وقتٍ قريب، حتى لو جرى تطعيمهم. لا يزال يتعين عليهم حالياً حجز اختبار الإصابة بمرض كوفيد بعد يومين من وصولهم.

مخاوف زيادة الإصابات

إلي أين يتجه كل هذا في النهاية؟ تعلن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة حالياً عن نحو 500 حالة يومية جديدة لكل مليون شخص، أي نحو ضعف حالات فرنسا. تعتبر باريس المدينة الأكثر انفتاحاً من بين 40 وجهة سفر تتبعها وكالة "بلومبرغ".

حتى نيوزيلندا، مع سيطرتها العالية على الحدود وموقعها على بُعد آلاف الأميال من أي مكان، تقر بأنه حتى مع حملة التطعيمات سترتفع الإصابات عند إعادة فتح حدودها بسبب السلالات المتحورة مثل سلالة "دلتا".

قد يكون أحد البدائل لحظر السفر والقواعد غير الفعالة هو التمييز بشكل أفضل بين الحاصلين على اللقاح وغير الحاصلين عليه. اعتباراً من شهر يونيو، ذكر 17% فقط من جميع وجهات السفر في جميع أنحاء العالم على وجه التحديد الركاب الذين جرى تطعيمهم في سياسة السفر الخاصة بهم، وفقاً لمنظمة السياحة العالمية.

كما توصلت الأبحاث التي أجرتها مجموعة الضغط التابعة لاتحاد النقل الجوي الدولي "إياتا" إلى أنه غير مسموح في خُمسَي دول الاتحاد الأوروبي بدخول المسافرين الحاصلين على اللقاح من البلدان التي تعتبر آمنة خارج التكتل.

الانفتاح مع الملقحين

بالنسبة إلى جميع التحذيرات بشأن انتقال العدوى وتلاشي ​​فعالية اللقاح، يجب أن يكون هناك مزيد من الانفتاح إزاء الحاصلين على اللقاح. بالطبع قد يعني هذا أن الدول الغنية بحاجة إلى بذل مزيد من الجهد لتوسيع إمدادات وإنتاج اللقاحات في العالم النامي، وإلا فإن أولئك الذين لا يستطيعون الوصول سيعاقبون بطريقة ظالمة.

يجب على منظمة الصحة العالمية أيضاً أن تنسق التعاريف المتنافسة لـ"التطعيم الكامل" لتقليل الارتباك عندما تطرح البلدان جرعات معززة وجرعات ثالثة.

على نطاق أوسع، يحتاج القادة السياسيون إلى البدء في الحديث عن السفر كفرصة، لا مجرد مخاطرة. قد يكون هناك ما يبرر الرغبة في تجنب منح المصطافين المميزين ترخيصاً لنشر المرض، وفي الوقت نفسه ليس هناك ما يبرر حرمان الأُسَر والطلاب والعاملين الذين جرى تطعيمهم من فرصة الحياة الطبيعية كذلك.

لا يوجد تخفيف للقيود خالي من المخاطر، ولكن يجب موازنة ذلك مع التقدم الذي أحرزناه حتى الآن في إدارة مرض كوفيد ومكاسب تحسين التنقل. في هذه المرحلة من الجائحة، مع وجود الأدوات المتاحة لدينا للاستخدام دائماً، يبدو أن هناك تحولاً يستحق العناء.

هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان

تغيير حجم الخط

واشنطن

4 دقائق

14°C
غيوم قاتمة
العظمى / الصغرى 13°/15°
14.8 كم/س
78%

نستخدم في موقعنا ملف تعريف

نستخدم في موقعنا ملف تعريف الارتباط (كوكيز)، لعدة أسباب، منها تقديم ما يهمك من مواضيع، وكذلك تأمين سلامة الموقع والأمان فيه، منحكم تجربة قريبة على ما اعدتم عليه في مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تحليل طريقة استخدام موقعنا من قبل المستخدمين والقراء.