بلومبرغ
أنعشت القوى التي أعادت إحياء أسعار العملات المشفرة، النشاط في سوق مشتقات الأصول الرقمية كذلك.
قفز عدد عقود خيارات بتكوين بحدة إلى أعلى مستوى على الإطلاق في الأيام الماضية وفق بيانات بورصة المشتقات "ديريبت" (Deribit). عند النظر للأمر من زاوية أخرى، كان هناك ارتفاع مذهل في عدد عقود خيارات بتكوين (مقارنة بعملات بتكوين نفسها)، وفق بيانات شركة "كوين غلاس" (Coinglass) التي جمعتها نويل آتشيسون، مؤلفة النشرة الإخبارية، "كريبتو إز ماكرو ناو" (Crypto Is Marco Now).
كذلك، صعدت أحجام تداول عقود الخيارات، حيث يرى بعض المتداولين ذلك علامة على دخول مستثمرين جدد إلى السوق. وتشكل أحجام المشتقات حالياً أكثر من 60% من إجمالي الأحجام - بما في ذلك السوق الفورية - عبر بورصات التشفير، وفق "كريبتو كومبير" (CryptoCompare).
اهتمام بالتشفير بعد أزمة المصارف
يحدث ذلك فيما تشهد سوق الأصول الرقمية اهتماماً متجدداً على خلفية انهيار عددٍ من البنوك في مجال التمويل التقليدي. اكتسبت بتكوين، أكبر رمز مشفر، حوالي 70% حتى الآن العام الجاري، لتتداول حول 28 ألف دولار في الساعة 6:40 صباحاً في نيويورك.
بتكوين تنتعش وسط فوضى الأسواق وتبلغ 28 ألف دولار
قال كريس نيوهاوس، متداول مشتقات الأصول المشفرة في شركة استثمارات التشفير "جي إس آر" (GSR): "بالتأكيد يتفجر الطلب والاهتمام بسوق عقود الخيارات نتيجة لهذه التحركات في الأسعار، ويبدو حقاً أن هناك لاعبين كباراً بدأوا الدخول في سوق عقود الخيارات".
بعد بداية قوية للعام الجاري، صعدت أسعار العملات المشفرة مجدداً في الأسابيع الماضية مدفوعة باضطرابات قطاعي التمويل الأميركي والأوروبي التي انهارت على إثرها ثلاثة مصارف أميركية ومهدت لاستحواذ "يو بي إس غروب" على "كريدي سويس" خلال نهاية الأسبوع.
يقول مناصرو الأصول الرقمية إن قطاعهم يستفيد من الأحداث إذ يدرك المستثمرون أن الرموز المشفرة خارج سيطرة الحكومات، كما أنها بعيدة عن أي مشكلات تحدث مع المصارف المختلفة.
لوك ستريجرز، رئيس العمليات التجارية في "ديريبت"، قال إن أحجام عقود الخيارات ارتفعت مؤخراً في ظل توقع المتداولين تقلبات سوقية عالية على خلفية أزمة البنوك.
أضاف: "دار الحديث مع العملاء في نوفمبر وديسمبر بالكامل حول سبل الحماية والثقة والأمان، والآن يتمحور حول الفرص إذ يعود الناس لتداول المشتقات".
فرص مهمة لمتداولي الأصول المشفرة
علاوة على ذلك، هناك علامات على أن المشاركين الجدد في سوق عقود الخيارات يتبنون المزيد من المراكز المتفائلة، وفق آتشيسون. حالياً يوجد الكثير من الطلب على خيارات الشراء.
تقول آتشيسون: "يعود المتداولون مجدداً للسوق بأحجام كبيرة إذ يقدم مزيج عقود الخيارات الرخيصة والتحركات الحادة المحتملة في الأسعار، ونتوقع فرص مهمة لأي متداول وليس فقط لمتداولي الأصول المشفرة".
أزمة أخرى و"فرصة" جديدة للعملات المشفرة
عادة ما تلقى المشتقات في قطاع التشفير شعبية لدى المستثمرين. في الأشهر الماضية، بحثت بعض شركات التشفير إمكانية تأسيس بورصة تداول مشتقات جديدة لملء الفجوة التي خلفتها "إف تي إكس"، التي انهارت نهاية العام الماضي. في نفس الوقت، أدى إخفاق بعض مصارف التشفير مثل "جينيسيس غلوبال هولدكو" (Genesis Global Holdco) إلى بحث بعض المتداولين عن طرق أخرى لتمويل مراكزهم بالدين.
قال مارك وينشتاين، شريك في "ميكانيزم كابيتال" (Mechanism Capital)، التي تستثمر في عدد قليل من بورصات المشتقات: "إذا أخذنا سوق الأسهم كمثال، فإن سوق مشتقاتها أكبر بأضعاف من السوق الفورية، وبالتالي من المنطقي أن يتكرر نفس الاتجاه في سوق الأصول المشفرة، في ظل تحسن البنية التحتية فإن حجم المشتقات سواء داخل شبكة بلوكتشين أو خارجها تتزايد".
ما هي العملة المستقرة الاصطناعية؟
في نفس الوقت، يقول ديفيد مارتن، مدير التغطية المؤسسية في "فالكون إكس" (FalconX)، وهي شركة رئيسية للوساطة متخصصة في الأصول الرقمية، إنه في ظل تراجع كل من الأحجام والسيولة، أصبح تبني مراكز مكشوفة في السوق الفورية صعباً للغاية.
أصبحت المشتقات سريعاً سوقاً ذات شعبية للمتداولين من المؤسسات سواء لتبني مراكز مكشوفة أو طويلة، أو للتعبير عن توقعاتهم للسوق وكذلك تحويط محافظهم.
"بتكوين" تتجه لتسجيل أكبر مكاسب فصلية منذ بداية 2021
بعض المستثمرين يصنعون عملة مستقرة اصطناعية عبر بناء مركز مكشوف في سوق المشتقات فيما يواصلون امتلاك "بتكوين"، وفق أنطونيو جوليانو، المؤسس والرئيس التنفيذي للبورصة اللامركزية "دي واي دي إكس" (dYdX).
قال: "إذا فعلت ذلك، فأنت فعلياً تمتلك أصلاً مستقراً لديه على الأقل سجل مخاطر مختلف عن العملة المستقرة المدعومة ببعض الدولارات في البنوك.. في ذلك مثال جيد عن كيف يمكن استخدام المشتقات للتحوط".