مصرفيون يتركون وظائفهم لينهلوا من ثروة "وول ستريت الرموز المشفرة" في الإمارات

time reading iconدقائق القراءة - 7
لوحة تحمل عدداً من شعارات العملات المشفرة ويتوسطها شعار كبيرة لعملة بتكوين - المصدر: بلومبرغ
لوحة تحمل عدداً من شعارات العملات المشفرة ويتوسطها شعار كبيرة لعملة بتكوين - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

في ظلال فندق برج العرب، الذي شُيّد على شكل شراع في دبي، التقى مسؤولو قطاع الرموز المشفرة بشكل مباشر مع شيوخ إماراتيين، وصيارفة وول ستريت وأشخاص مؤثرين على شبكة "إنستغرام".

نظمت شركة "بينانس هولدينغز" المناسبات في أواخر شهر مارس في موطنها الفعلي بدولة الإمارات العربية المتحدة، التي تتحول بسرعة إلى مركز عالمي للعملات الرقمية. المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي للشركة، تشانغبنغ جاو، لم يستطع حضور الحدث أثناء تعافيه من فيروس كوفيد، لكنه كان حاضراً بقوة في أذهان رواد الاحتفالات، الذين قالوا إنهم يتطلعون إلى استنتساخ صعوده السريع من مطور برمجيات إلى واحد من أغنى أغنياء العالم.

اقرأ أيضاً: أكبر بورصة عملات مشفرة في العالم تستعدّ لمنافسة قوية في دبي

في أعقاب مبادرة جاو، يتدفق كثيرون على الإمارات العربية المتحدة، التي وصفها بأنها "وول ستريت الرموز المشفرة"، حتى أن حالة الانتشاء جعلت المصرفيين المحليين والمحامين وكبار المديرين التنفيذيين في مجال التكنولوجيا يفكرون في تغيير المهن الخاصة بهم للاستفادة من قطاع التشفير.

في مقابلة مع مكتب "بلومبرغ" في دبي، قال ريتشارد تينغ، رئيس منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى "بينانس": "إننا نرى اهتماماً كبيراً بالعمل معنا من جانب العاملين في المؤسسات المالية التقليدية، ويعمل لدينا فعلاً عدد منهم".

تعتبر "بينانس" أكبر بورصة للرموز المشفرة في العالم من حيث حجم التداول.

تحوّل مهني

في فبراير الماضي، عينت بورصة "بينانس" فيشال ساتشيندران، وهو مصرفي سابق في "بنك نيويورك ميلون" (New York Mellon)، مديراً لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومقره الإمارات. أما روبي ناكارمي، كبير مستشاري الشركة في دبي، فقد انضم إلى الشركة في أواخر العام الماضي بعد ما يقرب من عقد عمل خلاله محامياً مختصاً بصفقات الاندماج والاستحواذ.

لكن ليس وحدهما من انضم إلى فريق عمل الشركة. أحمد إسماعيل، مصرفي سابق في "بنك أوف أمريكا" و"جيفريز" في دبي، حول مهنته في عام 2017، وأطلق بنك "هايفن" (HAYVN)، وهو بنك استثماري للعملات الرقمية مقره أبوظبي، مع كريس فلينوس، زميله من "بنك أوف أمريكا". وقال إن العديد من الأصدقاء المصرفيين تركوا وظائفهم مؤخراً لإطلاق صناديق استثمار العملات المشفرة.

قال إسماعيل في تعليقات بالبريد الإلكتروني: "كل شيء يبدأ من القمة"، وقد شهدنا تحقيق دولة الإمارات العربية المتحدة تقدماً هائلاً في تطوير بنية تحتية عالمية المستوى وبيئة تنظيمية لشركات الرموز المشفرة لتزدهر فيها وتستوطنها".

أمير طابش، الرئيس السابق للأسواق العالمية في "بنك الإمارات للاستثمار" (Emirates Investment Bank)، هو واحد من أحدث الأشخاص الذين تركوا ذلك المجال، وأصبح الرئيس التنفيذي لشركة التمويل غير المركزي للوساطة "سيكورنسي كابيتال" (Securrency Capital) في أبوظبي في يونيو الماضي بعد 16 عاماً من العمل في القطاع المصرفي التقليدي. وفي منصبه الجديد، قال إنه يتطلع إلى توظيف المزيد من المصرفيين للمساعدة في "عبور الفجوة" بين التمويل التقليدي والرقمي.

يدفع ارتفاع مستوى التضخم المزيد من المستثمرين إلى التفكير في الاستثمار في الأصول الرقمية كنوع من التحوط، ومع ذلك فإن كثيراً من الذين ضخوا استثمارات فيها في الآونة الأخيرة قد تعرضوا لخسائر كبيرة. وقد انخفضت قيمة بتكوين، أكبر عملة مشفرة في العالم، إلى النصف تقريباً منذ ذروتها في نوفمبر الماضي.

خلافاً للقواعد والقيود المشددة في مناطق أخرى، فإن سياسات دولة الإمارات التي تعتبر صديقة للرموز المشفرة، تجذب أكبر الشركات. ففي مقابلة في أواخر مارس، قال جاو من شركة "بينانس" إن دبي هي المقر الرئيسي للشركة بأي تفسير شائع. "وأينما ذهبنا، يميل اللاعبون في الصناعة إلى أن يتبعونا".

صندوق "ثري أروز كابيتال" (Three Arrows Capital)، المتخصص بالرموز المشفرة، قال خلال الشهر الماضي إنه يخطط لنقل مقره الرئيسي إلى دبي من سنغافورة التي تعتبر أشد تحفظاً في نهجها التنظيمي تجاه العملات الافتراضية.

اقرأ المزيد: صندوق تحوّط يركز على العملات المشفرة ينقل مقره من سنغافورة إلى دبي

في هذه الأثناء، تحاول السلطات الإماراتية تحقيق توازن دقيق. وبينما تقوم بتعزيز البيئة الصديقة لقطاع الأعمال التي جعلت دبي موطناً جذاباً للعديد من أكبر الشركات المالية، فهي تسعى أيضاً إلى التغلب على المخاوف المتعلقة بالتقلبات والجرائم المالية التي تطارد قطاع الرموز المشفرة.

قالت علا دودين، الرئيسة التنفيذية لمنصة "بت أويسيس" (BitOasis) التي تتخذ من دبي مقراً لها، إن حكومة الإمارات العربية المتحدة أظهرت التزاماً قوياً بمعالجة مخاوف التمويل غير المشروع في هذا النشاط، وإن البورصات المركزية -مثل بورصتها- توفر للمستثمرين المحليين طريقة أكثر أماناً للاستثمار في الأصول الافتراضية مقارنة بمنصات التعاملات المباشرة.

"لن يكون سهلاً إزاحة دولة الإمارات العربية المتحدة عن عرشها كمركز عالمي للرموز المشفرة"، هكذا قال غابرييل عابد، سفير بربادوس لدى الدولة الخليجية. أنشأ عابد أول شركة "بلوكتشين" في منطقة البحر الكاريبي في عام 2010، واستضاف جاو من "بينانس" في منزله عندما استقر الملياردير الصيني الكندي في الإمارات.

وقال عابد في مقابلة هاتفية: "هذا البلد لديه حرفياً كل ما يحتاجه لغز هذه الصناعة: القيادة، والتنظيمات، والمناطق الحرة، والموهبة، ورأس المال".

صناديق الثروة

تنضم صناديق الثروة السيادية هي الأخرى إلى هذا النشاط. إذ تستثمر "مبادلة" في أبوظبي في النظام البيئي للعملات الرقمية، حسبما قال المتحدث باسمها برايان لوت.

قال أشخاص مطلعون على الأمر إن شركتي الاستثمار من أبوظبي "رويال غروب" و"القابضة" (ADQ)، ويقودهما مستشار الأمن الوطني، الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، تسعيان إلى إبرام صفقات في مجال الرموز المشفرة. لم يرد ممثلو الشركتين على طلبات للتعليق.

قال "مركز دبي للسلع المتعددة" إنه رخّص رقماً قياسياً بلغ 665 شركة جديدة في الربع الأول من عام 2022، مدفوعاً بتدفق شركات التشفير والـ"بلوكتشين". واستحوذ القطاع على 16% من إجمالي الشركات المسجلة في هذا الفصل، وفقاً للمركز. وقال مروان الزرعوني، الرئيس التنفيذي لـ"مركز دبي للبلوكتشين"، إنه يتوقع انتقال المزيد من الشركات إلى البلاد.

سلطة دبي للأصول الافتراضية أول هيئة تنظيمية بالعالم تدخل "ميتافيرس"

أصبحت العملات المشفرة أيضاً أكثر شيوعاً في شراء العقارات، بل وفي سداد فواتير المطاعم، مما يدل على الإقبال الواسع عليها، وفقاً ليحيى بدوي، المؤسس المشارك لمنصة التشفير "رين" (Rain)، التي حصلت على موافقة مبدئية من "سوق أبوظبي العالمي" في يناير.

الإمارات العربية المتحدة هي ثالثة أكبر أسواق العملات المشفرة في الشرق الأوسط، بعد تركيا ولبنان، بحجم معاملات يبلغ حوالي 26 مليار دولار، وفقاً لبيانات جمعتها "تشيناليسيس" (Chainalysis) من يوليو 2020 إلى يونيو 2021. وأظهرت البيانات أنه في حين أن تواجد العملات الرقمية في المنطقة صغير نسبياً مقارنة بانتشارها عالمياً، إلا أنها نمت بنحو 1500% عن العام السابق.

وتقول دودين، الرئيسة التنفيذية لمنصة "بت أويسيس": "لا نعتقد أننا نشهد ومضة خاطفة أو نوبة عابرة من النشوة في الإمارات العربية المتحدة. وعلى مدى السنوات القليلة المقبلة، ستصبح تلك المدن والأسواق التي تحتضن هذا القطاع الناشئ مثل المراكز المالية في نيويورك ولندن وهونغ كونغ بالنسبة للتمويل التقليدي".

تصنيفات

قصص قد تهمك