أسهمت قوى السوق في تشكيل الأحداث الأخيرة، حيث ظهر عرض منافس لعرض الاستحواذ الذي قدمه ديفيد إليسون على استوديو هوليوود "باراماونت غلوبال" (Paramount Global). ويواجه نجل مؤسس شركة "أوراكل" (Oracle)، لاري إليسون، الآن تحدياً جديداً من قبل وريث شركة "سيغرام" (Seagram) للمشروبات الروحية، إدغار برونفمان جونيور.
ورغم أن عرض برونفمان المنافس ليس نهائياً في الوقت الحالي، إلا أن إليسون يواجه خطر أن يكون هذا العرض مجرد البداية.
بالفعل، يمتلك إليسون بعض المزايا كونه أول من قدم عرضاً في سباق الاستحواذ على الشركة، التي تشمل منصات إعلامية مثل "سي بي إس نيوز" (CBS News) و"إم تي في" (MTV)، والفيلم المنتظر "غلاديايتر 2" (Gladiator II). استمرت المحادثات بين إليسون وشيري ريدستون، المليارديرة التي تسعى لبيع "باراماونت"، لعدة أشهر، مما أدى إلى اتفاق مبدئي. إلا أن برونفمان، الذي دخل المنافسة متأخراً، استفاد من الانتقادات التي طالت شروط إليسون، مما أتاح له فرصة تحسين عرضه.
أوجه التشابه بين العرضين
يتشابه عرض برونفمان مع عرض إليسون في نقطتين رئيسيتين. الأولى هي اقتراحه شراء شركة "ناشيونال أميوزمنتس" (National Amusements Inc) التابعة لريدستون، مقابل 2.4 مليار دولار، يتضمن هذا المبلغ الديون التي ستتحملها الشركة. ويمثل الأصل الرئيسي لشركة "ناشيونال أميوزمنتس" حصتها البالغة 77% من أسهم الفئة "أ" في "باراماونت"، والتي على الرغم من كونها جزءاً صغيراً من إجمالي الأسهم، بما فيها تلك التي لا تمنح أصحابها حق التصويت، فإنها تمنح مالكها حق السيطرة على الشركة. لم يتضح تماماً سعر حصة "باراماونت" ضمن هذه الصفقة نظراً لامتلاك "ناشيونال أميوزمنتس" أصولاً أخرى، لكن يبدو أن السعر المدفوع لهذه الحصة كبير بشكل ملحوظ.
كما هي الحال مع إليسون، يقترح برونفمان ضخ 1.5 مليار دولار في "باراماونت" مقابل حصة فيها. ومع ذلك، لم يحدد السعر الذي سيدفعه مقابل السهم. ومن المفترض أن يكون على الأقل مساوياً لسعر السهم البالغ 15 دولاراً الذي اقترحه إليسون. أخيراً، قدم برونفمان عرضاً أكثر سخاءً قليلاً من إليسون لشراء بقية أسهم الفئة "أ" التي يمتلكها المساهمون الآخرون، ويخطط في النهاية لإلغاء هيكل أسهم الفئة المزدوجة، وفق ما أوردته صحيفة "وول ستريت جورنال".
تفاصيل عرض إليسون
عند هذه النقطة يبدو أن نهج برونفمان يصل إلى نهايته. وعلى العكس من ذلك، تتضمن خطة إليسون عنصرين إضافيين، أحدهما ذو إيجابيات واضحة، والآخر يثير جدلاً واسعاً.
أولاً، يقترح تحالف إليسون شراء نصف أسهم الفئة "ب" التي لا تتمتع بحق التصويت مقابل 15 دولاراً لكل سهم، وهو عرض يبدو جذاباً خاصة أن هذه الأسهم كانت تُتداول بحوالي 10 دولارات الأسبوع الماضي. هذا العرض النقدي يوفر إغراءً لحاملي الأسهم، رغم أن الأموال لن تُدفع حتى سبتمبر 2025، وهو الموعد المتوقع لإتمام الصفقة.
أما الجزء المثير للجدل فهو خطة دمج "باراماونت" مع شركة "سكاي دانس ميديا" (Skydance Media LLC) التابعة لإليسون، الشريكة في ملكية فيلم "توب غَن: مافريك" (Top Gun: Maverick). تفترض الشروط أن القيمة السوقية لشركة "سكاي دانس" الأصغر تعادل حوالي خُمس قيمة "باراماونت"، مما يثير مخاوف من أن هذا التقييم قد يكون مبالغاً فيه بالنسبة لشركة غير مدرجة في البورصة.
يمثل السعر مضاعفاً يبلغ 11 مرة للأرباح المتوقعة لشركة "سكاي دانس" في عام 2025، بالإضافة إلى التوفير المتوقع من عملية الدمج (ويُقاس من خلال الأرباح قبل خصم الفوائد والضرائب والاستهلاك والإهلاك). وفي المقابل، يتم تداول "باراماونت" عند مضاعف 7 مرات، مما يثير القلق من أن هذا الدمج قد يؤدي إلى تقليل قيمة الأسهم العادية للمساهمين.
الحوكمة والاستراتيجية
يتبقى موضوع الحوكمة والاستراتيجية. إليسون يجلب معه توجهاً تكنولوجياً واضحاً إلى "باراماونت"، في حين يجلب برونفمان، الذي سبق له إدارة "وارنر ميوزك غروب" (Warner Music Group)، خبرة عملية قوية، ووفقاً لتقرير "وول ستريت جورنال"، فإنه يتعهد بتوفير تكاليف أكبر. في الواقع، كلا المهارتين ضروريتان لنجاح إعادة هيكلة "باراماونت".
يُعتبر عرض برونفمان بسيطاً نسبياً، حيث ستتمتع "باراماونت" بمساهم مسيطر جديد، بجانب ضخ نقدي وهيكل ديمقراطي. وقد يرى المساهمون العاديون في هذا العرض تحسناً عن الوضع الحالي، خاصة بعد شعورهم بالاستياء من تعامل ريدستون مع الشركة. وربما يسعد البعض أيضاً بتجنب اندماج "سكاي دانس" الذي قد يخفض قيمة أسهم الشركة. ومع ذلك، قد يشعر البعض الآخر بخيبة أمل لعدم وجود عرض لتصفية نصف حيازاتهم، كما هو الحال في عرض إليسون.
ونظراً لأن برونفمان ظهر في نهاية الفترة الزمنية المخصصة لتقديم العروض المنافسة، فإنه يحتاج حقاً إلى تقديم عرض يتفوق بشكل واضح على صفقة إليسون لإقناع اللجنة الخاصة في "باراماونت" التي تراجع العروض. ورغم أن عرضه جيد، إلا أنه ليس الأفضل بشكل كبير.
جمع برونفمان أموالاً تفوق تكلفة هذا العرض، مما يعني أنه لديه القدرة على تحسينه بشكل أكبر، وهو بحاجة إلى القيام بذلك لتقديم تحدٍّ أكثر جاذبية وقوة.