ماثيو إيغليسياس: بايدن أفضل رئيس يمكن للشركات أن تحلم به

العلاقة الباردة بين بايدن وقطاع الأعمال لافتة نظراً لأداء الأسواق المالية الممتاز في عهده وكذلك بالمقارنة مع طبيعة بديله

time reading iconدقائق القراءة - 7
بايدن يتحدث في مؤتمر صحافي للترويج لسياسته المتعلق بالاستثمار في أميركا - المصدر: بلومبرغ
بايدن يتحدث في مؤتمر صحافي للترويج لسياسته المتعلق بالاستثمار في أميركا - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

لم يكن أي رئيس ديمقراطي محبوباً لدى الشركات الأميركية أقله منذ زمن الرئيس غروفر كليفلاند في أواخر القرن التاسع عشر. إلا أن هذه العلاقة الباردة بين الرئيس جو بايدن وقطاع الأعمال غريبة نظراً لأداء الأسواق الممتاز في عهده ولطبيعة البديل.

صحيح أن ما يطرحه دونالد ترمب يجذب الشركات نحو الجمهوريين، مثل خفض الضرائب على الشركات وتخفيف القيود الناظمة. لكن على عكس الجمهوريين من قبله، فهو يطرح كثيراً من الأفكار المنفّرة لقطاع الأعمال. مثلاً، يسعى ترمب إلى فرض رسوم جمركية بنسبة 60% على كافة السلع المستوردة من الصين، و10% على الواردات من دول أخرى.

إلى جانب أثر ذلك على أسعار المستهلك، يمكن أن تؤدي هذه الخطوة لسحق المصدّرين الأميركيين الذي يعتمدون على سلع وسيطة مصنوعة في الخارج، ويتنافسون مع شركات في أوروبا وآسيا. كذلك، يتعهد ترمب بكبح الهجرة الشرعية وبزيادة كبيرة في ترحيل العمال غير القانونيين في أميركا.

اقرأ أيضاً: أميركا.. الناخبون يفضلون ترمب على بايدن فيما يتعلق بالاقتصاد

معركة خاسرة بكل الأحوال

قد يساعد مثل هذا الخطاب على كسب أصوات الناخبين، ولكن تطبيقه على أرض الواقع يلحق دماراً بمصالح آلاف الشركات الأميركية التي تعتمد على كافة أنواع العمالة المهاجرة، سواء كانت ماهرة أو غير ماهرة أو كان وجودها قانونياً أو لا.

زدّ على ذلك أن نسبة البطالة منخفضة جداً أصلاً في الولايات المتحدة، بالتالي سيتعذر تعويض النقص عبر استقطاب مزيد من الأميركيين إلى سوق العمل. ستتقلّص إذاً السعة الإنتاجية للاقتصاد، ما قد يتسبب بزيادة التضخم أو ارتفاع أسعار الفائدة، وهذا من شأنه أن يصعّب الاستثمار على كافة الشركات.

بالحديث عن أسعار الفائدة، لطالما أيدت الشركات النهج الجمهوري المتعلق بالضرائب. ولكن ظروف الاقتصاد الكلي في عام 2025 تختلف عن تلك التي كانت سائدة في 2017 أو 2023. إذ تهدد التخفيضات الضريبية الكبرى التي تفاقم العجز في زيادة ضغوط التضخم الصعودية، ما يؤدي إلى ارتفاع أكبر في معدلات الفائدة. لمعالجة ذلك، اقترح ترمب تقليص استقلالية الاحتياطي الفيدرالي بهدف خفض معدلات الفائدة قسراً، وهي فكرة كارثية قد تؤدي لشلل الاقتصاد الأميركي لسنوات مقبلة.

اقرأ أيضاً:ترمب يهدد بفرض 100% رسوماً جمركية على السيارات الصينية المصنوعة في المكسيك

ما هذا إلا غيض من فيض السياسات التي يسوّق لها ترمب والتي يمكن وصفها بالعادية نسبياً مقارنةً بالتهديدات الفظيعة على المدى الطويل التي يلوّح بها كقصف المكسيك مثلاً أو إلغاء حلف شمال الأطلسي المترافق مع قطع المساعدات عن أوكرانيا. مع ذلك، ما تزال الشركات الأميركية تنظر إلى انتخابات 2024 على أنها معركة خاسرة على كل الأحوال، ما يطرح السؤال: لماذا لا تحب الشركات الأميركية بايدن أكثر؟

ارتياب من سياسات بايدن المستقبلية

يعود ذلك بجزء منه إلى أسباب تافهة. مفهوم أن تتذمّر الشركات من وجود لينا خان على رأس لجنة التجارة الاتحادية وغاري غينسلر قيّماً على لجنة الأوراق المالية والبورصات، أو أن تعترض على بعض الخطاب السياسي حول رفع الأسعار، ولكن بشكل عام فإن أداء الشركات الأميركية جيد في عهد بايدن.

لا بدّ من الإشارة أيضاً إلى خلل في تقييم المخاطر عند الاختيار بين بايدن وترمب. فالشركات قادرة على التعايش مع ما فعله بايدن حتى الآن، لكنها مرتابة حيال ما قد يقوم به في المستقبل، مثل فرض ضرائب على الأرباح الرأسمالية غير المحققة، في حين تبدو جدّ واثقة أن ترمب لن ينفّذ تعهداته الأكثر جنوناً.

اقرأ أيضاً: هل نجحت خطة بايدن الاقتصادية؟.. الوقت لم يحن بعد للحكم عليها

لا أدري ما سرّ هذه الثقة. صحيح أن ترمب تولّى سدّة الرئاسة حتى نهاية عهده من دون تحلّ بنا الكارثة، إلا أنه قاد حركة تمرد حاولت الإطاحة بالحكومة. ولم يكن عهد بايدن كارثياً هو الآخر. وفي حين أحكم ترمب سيطرته أكثر على حزبه في الكونغرس، من شبه المؤكد أن يواجه بايدن معارضة أغلبية جمهورية في مجلس النواب أو مجلس الشيوخ أو الاثنين معاً.

لا أرى مبرراً لهذا البرود الذي تبديه الشركات حيال بايدن إلا أنها ناجمة عن شعور بالاستياء، وهذا ما يعيدنا إلى سؤالي السابق معكوساً: لماذا لا يحب بايدن الشركات أكثر؟

قلب التوقعات

لا تضمّ حكومة بايدن أي رواد أعمال، فوزيرة الخزانة جانيت يلين هي وجه أكاديمي لا يحظى بشعبية تيم غيتنر أو روبرت روبن في وول ستريت. كما أن الرئيس لا يثني كثيراً على روح ريادة الأعمال الأميركية، ولا يخطب كثيراً ودّ القطاع الخاص. إذاً هو مدعو لإعادة حساباته ولأن يقدم شيئاً من حين إلى آخر للقطاع.

يركّز الديمقراطيون حالياً على فكرة أن الأميركيين ليسوا ممتنين بما يكفي للوضع الاقتصادي الذي ينعمون به، وربما ليسوا مخطئين في ذلك، إلا أن قولهم إن المواطنين لا يدركون مدى حسن وضعهم، لا يوجّه رسالة جيدة على الصعيد السياسي.

في المقابل، من شأن استقطاب أشخاص من خارج الإدارة ينتمون إلى قطاع الأعمال للحديث عن مدى صحة النموّ المحقق ومدى خطر الرهان على ترمب أن يساعد على تحسين الهالة المحيطة ببايدن.

كان كبير موظفي بايدن السابق رون كلاين قال أمام جمهور من المفكرين اليساريين الشهر الماضي، إن الرئيس يمضي وقتاً طويلاً في مراسم افتتاح المشاريع بدل الحديث عن رؤيته للبلاد. ربما هذا صحيح، ولكن ربما أيضاً على بايدن أن يخصص المزيد من الوقت لتملّق قادة الأعمال وطمأنتهم إلى أنه ليس شيوعياً، ولا يوافق جميع آراء إليزابيث وارن.

اقرأ أيضاً: هل نجحت خطة بايدن الاقتصادية؟.. الوقت لم يحن بعد للحكم عليها

في غضون ذاك، يبدو البيت الأبيض مصمماً على الحفاظ على صورة بايدن الشعبوية كوسيلة للتصدي لترمب. ولكن كثيراً ما يفوز السياسيون بالانتخابات من خلال التصرف عكس ما يُتوقع منهم. فجزء من خصوصية ترمب أنه أكثر شعبوية وأقرب إلى التوقعات الأساسية للناخبين مقارنة بمعظم الساسة الجمهوريين الآخرين. ويمكن لبايدن أن يستقطب الناخبين إذا ما أظهر لهم أنه، نسبة لتوقعاتهم الأساسية، أكثر وداً تجاه الشركات من معظم الساسة الديمقراطيين.

هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان

واشنطن

8 دقائق

6°C
سماء صافية
العظمى / الصغرى /
7.4 كم/س
73%
الآراء الأكثر قراءة