بلومبرغ
لسنوات عديدة، كانت مجموعة جزر اصطناعية مبنية على شكل خريطة العالم تُعتبر رمزاً لفقاعة عقارية أوصلت دبي إلى حافة الإفلاس. أما اليوم، فيسعى أبناء ملياردير وصاحب شركة تطوير عقاري لإحياء المشروع من خلال قصور على إحدى الجزر تبدأ أسعارها من 13.6 مليون دولار.
يخطط علي سجواني، البالغ من العمر 33 عاماً، وشقيقته أميرة، صاحبة الـ29 عاماً، لبناء 24 قصراً ونادياً شاطئياً، ومهبطين لطائرات الهليكوبتر، بالإضافة إلى أرصفة مخصصة لرسو القوارب على جزيرة تبلغ مساحتها 1.2 مليون قدم مربع يطلقون عليها اسم "آمالي". وتُقدّر ثروة والدهما، حسين سجواني، مؤسس شركة التطوير العقاري الخاصة "داماك العقارية"، بـ3.2 مليار دولار، وفقاً لمؤشر "بلومبرغ للمليارديرات".
كانت شركة "نخيل" الحكومية أنجزت البنية الأساسية لجزر "العالم"، التي تضم أكثر من 250 جزيرة اصطناعية بتكلفة 13 مليار دولار، عام 2008. لكن الشركة المطوّرة أيضاً للجزر الشهيرة على شكل نخيل في دبي، اضطرت إلى تعليق العمل في جميع جزرها بمجرد حدوث أزمة الائتمان العالمية في وقت لاحق من ذلك العام. وأدى تراجع الأسعار، وتزايد ديون الشركة الأم "دبي العالمية" في النهاية إلى خطة إنقاذ من إمارة أبوظبي.
منذ ذلك الحين، انقلبت أوضاع السوق، وأصبحت الإمارة حالياً إحدى أفضل أسواق العقارات أداءً في العالم. حيث وصلت أسعار المنازل والإيجارات والمبيعات إلى مستويات قياسية بفضل تدفق المشترين ذوي الثروات المرتفعة من جميع أنحاء العالم. وارتفعت مبيعات القصور مع تسجيل دبي 431 صفقة لمنازل بقيمة لا تقل عن 10 ملايين دولار عام 2023، وهو الرقم الأكبر من أي مدينة على مستوى العالم، وفقاً لبيانات شركة "نايت فرانك".
ساعدت هذه الطفرة دبي على إحياء العمل في المشاريع التي كانت متوقفة منذ ما يقرب من 15 عاماً. فعلى مدى الأشهر القليلة الماضية، اجتذبت مشاريع التطوير في مشروع النخلة "جبل علي"، وهي أكبر الجزر الاصطناعية الشهيرة التي تتخذ شكل النخيل في المدينة، إلى جانب المشاريع في جزيرة "نخلة ديرة"، حشوداً من المشترين، والذين اصطف بعضهم في طوابير لشراء منزل بقيمة 5 ملايين دولار.
مشروع حافل بالتحديات
من المقرر أن تُبنى جزيرة "آمالي"، التي سميت باسم الشركة المملوكة للشقيقين، من خلال الدمج بين جزيرتي أوروغواي وساو باولو اللتين اشترياهما من السوق الثانوية. وكشف علي سجواني أن 19 قصراً من بين القصور الـ24 المخطط لها، قد بيعت بالفعل.
لكن تطوير جزر "العالم" سينطوي على تحديات عدة. فالوصول إلى موقع المشروع لن يكون إلاّ من خلال رحلة بحرية بالقارب مدتها 15 دقيقة من المدينة، والبنية التحتية الأساسية مثل المياه والكهرباء غير متوفرة بسهولة. وأشار سجواني إلى أنها ستكون أيضاً عملية مكلفة؛ حيث سيتعين على شركة التطوير العقاري القيام بأعمال التجريف، وتحسين التربة، وأعمال التطوير البحرية، وبناء جدار تحت الماء حول الجزيرة، لتوفير الإطلالة الشاطئية للعملاء.
غير أنه نوّه بأن عمل الشركة على تطوير منتجع في المالديف الذي سيديره فندق "ماندارين أورينتال" مهّد السبيل لهذه المهمة.
وأضاف سجواني: "في الماضي، كان هناك الكثير من الأراضي المطلة على الشاطئ متاحة داخل المدينة. أما اليوم، فتم استنفاد الواجهة البحرية في دبي نوعاً ما، وتعد جزر العالم أحد آخر المشاريع التي تتمتع بشواطئ نقية ومياه صافية، وهذا ما شجعنا على المضي قدماً للاستثمار في تطويرها".
من المقرر أن تبدأ مساحات القصور من 11 ألف قدم مربعة، وتصل إلى 35 ألف قدم مربعة، وتوفر إطلالات على البحر وأفق المدينة الشهير.
عودة الانتعاش
الشقيقان سجواني ليسا أول من أقام مشاريع تطوير في منطقة الجزر تلك، والتي سُمّيت تيمناً بأسماء بلدان ومدن رغم أنها لا تشببه أشكالها الجغرافية.
كانت فنادق ومنتجعات "أنانتارا" افتتحت فندقاً يضم 70 غرفة في جزر أميركا الجنوبية عام 2022، كما افتُتح نادٍ شاطئي في "جزيرة لبنان" قبل ذلك.
لكن المشروع ظل متوقفاً إلى حد كبير، عندما أدّت المضاربات إلى إحدى أسوأ الانهيارات العقارية في العالم.
كانت شركة "كليندينست غروب" (Kleindienst Group) النمساوية من أوائل الشركات التي بدأت العمل في الجزر بمشروع يُعرف باسم "قلب أوروبا" منذ أكثر من عقد من الزمن. عانى المشروع من التأخير على مر السنوات، لكن تمكنت الشركة المطورة أخيراً من افتتاح فندق "كوت دي أزور موناكو" (Cote d’Azur Monaco) في وقت سابق من العام الجاري.