وباء كورونا يعيد تشكيل نظم التعليم في كليات إدارة الأعمال

time reading iconدقائق القراءة - 10
أشهر كليات إدارة الأعمال تتبنى نموذجاً جديداً بسبب الوباء. رسم تعبيري لنيكول شين. - المصدر: بلومبرغ
أشهر كليات إدارة الأعمال تتبنى نموذجاً جديداً بسبب الوباء. رسم تعبيري لنيكول شين. - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

كانت كليات إدارة الأعمال تميل إلى التقيّد بالتقاليد المتوارثة عن أسس التعليم لفترة طويلة، معتمدة على الاتجاهات طويلة الأمد، بينما تميل إلى الاستجابة ببطء للاتجاهات المجتمعية السائدة. لكن وباء كورونا قلب الأمور رأساً على عقب، وأجبر هذه المؤسسات على التخلي عن قواعدها لضمان استمرارية الفصول الدراسية، وسط عمليات الإغلاق والقيود المفروضة على السفر.

عن ذلك تقول كاثي هارفي، وهي عميدة مساعدة في ماجستير إدارة الأعمال في "كلية سعيد لإدارة الأعمال" بجامعة "أكسفورد": "ما فعله الوباء هو إتاحة المجال للابتكار".

وحتى بعد انتهاء الوباء تماماً، من المتوقع أن تستمر الكلّيات بتطبيق بعض هذه التغييرات، وفيما يلي بعض من هذه الأساليب الجديدة:

فصول دراسية أصغر حجماً

خفّض برنامج ماجستير إدارة الأعمال في "كلية سعيد لإدارة الأعمال" عدد الحضور في الفصول الدراسية إلى النصف. وبات الآن يضم 40 طالباً وطالبة فقط، بعد أن كان يضم 80 طالباً. وجاءت هذه الخطوة بداية، كاستجابة لتطبيق معايير التباعد الاجتماعي في المساحات المختلفة، لكن الكلية أدركت الآن أن الفصول الدراسية الأصغر حجماً تشجع على إجراء المزيد من المناقشات التفاعلية.

تقول هارفي: "هذا النظام يتماشى مع الطريقة التي تتبناها "أكسفورد" في التعليم، والتي تعتمد إلى حد كبير على المحادثات والمناقشات والطرق التفاعلية للغاية".

كذلك، ستتم إعادة تشكيل المجموعات على مدار العام حتى يلتقي طلاب ماجستير إدارة الأعمال مع جميع زملائهم ضمن البرنامج. وسيتم الإبقاء على عناصر التدريس المتاحة عبر الإنترنت، والتي تحولت إلى عروض تقديمية غير متزامنة، وذلك حتى يتمكن الطلاب من الاستعداد للنقاشات بشكل أفضل. وفي هذا الشأن تقول هارفي: "وجدنا طريقة أفضل، ولا نتوقع التوقف عن استخدامها".

اقرأ أيضاً: ما هو مستقبل المكتبات العامة بعد وباء "كورونا"؟

في البداية، وجدت مارتينا سوكوليكوفا، وهي طالبة ماجستير في الكلية، أن الفصول الدراسية النصف فارغة مخيفة. لكنها سرعان ما أدركت أن الأعداد الأقل في الفصل الدراسي توفر فرصاً جديدة للمساواة وجودة التفاعل من الطلاب، بحسب قولها.

ووفقاً لسوكوليكوفا، كان لدى الأساتذة الجامعيين نظرة عامة أفضل على المشاركة الفردية، وبالتالي أصبح أسهل عليهم تحديد وإشراك الطلاب الذين لم يكونوا نشيطين أو واثقين من التحدث. وغالباً ما تحمل مساهمات هؤلاء الطلاب قيمة جيدة من منظور التعلم لغيرهم من الزملاء. وأوضحت سوكوليكوفا أن الفصول النصف فارغة التي تسبب بها الوباء، ساعدت الطلاب الذين يكافحون على تحقيق تواصل أفضل.

إلغاء امتحانات "GMAT"

أقدمت كليات عدة، ومنها "كلية سلون للإدارة" التابعة لمعهد "ماساتشوستس" للتكنولوجيا و"كلية داردن" لإدارة الأعمال بجامعة "فيرجينيا"، على خطوة إلغاء اختبارات ماجستير إدارة الأعمال "GMAT" الذي كان شرطاً أساسيا للتقدم للحصول على درجة الماجستير في إدارة الأعمال. وتم تطبيق هذه الخطوة في آخر دورتين للتقديم، بما في ذلك الفصول الدراسية التي ستبدأ في سبتمبر 2021.

تسبب تفشي الوباء في إغلاق مراكز إدارة اختبارات "GMAT"، وتعذّر خضوع بعض المرشحين للاختبار.

الجدير بالذكر أيضاً أن كليتي "سلون" و"داردن" لم تعلنا أي قرارات بشأن المضي قدماً في الاختبارات. وكانت مدرسة "كيلوغ للإدارة" بجامعة "نورث وسترن" قد ألغت اختبارات "GMAT" مؤقتاً. لكنها بدأت في إعادتها ضمن شروط التقدم للحصول على شهادة الماجستير في إدارة الأعمال، مرة أخرى.

في الوقت نفسه، تتخذ كلية "هولت" للتجارة الدولية نهجاً مختلفاً. فالكلية ذات التصنيف المتوسط، والتي تمتلك مباني جامعية في ثلاث قارات، تتجه لإلغاء شرط الخضوع لتلك الاختبارات لديها تماماً.

ولكن هناك كليات أخرى لم تحدد موقفها بشكل حاسم إزاء الأمر، بعد. فعلى سبيل المثال، لم تقرر "كلّية ماكومبس" للأعمال والاتصالات والتسويق بـ"جامعة تكساس" ما إذا كان يتعين تقديم نتائج اختبار "GMAT" للانضمام إلى فصول ماجستير إدارة الأعمال لعام 2024، والتي ستبدأ العام المقبل.

كما أن كلية "ثندربيرد" العالمية للإدارة بـ"جامعة ولاية أريزونا" لم تحسم قرارها أيضاً حول ما إذا كان المتقدمون للحصول على درجة الماجستير في الإدارة العالمية، (وهو برنامج يعادل ماجستير إدارة الأعمال)، بحاجة لتقديم نتائج تلك الاختبارات.

عن ذلك، يقول سانجيف خاغرام، عميد كلية "ثندربيرد": "نحن نستكشف ما نفكر فيه بشأن المستقبل وما يخبئه لنا، لكننا لم نتخذ قرارا نهائيا بعد".

الرحلات الخارجية

جرت العادة على أن تنظم "كلية آسيا لإدارة الأعمال" في كوالالمبور رحلات طلابية إلى هونغ كونغ، وسنغافورة، ودبي، وهي المدن الرئيسية للأعمال التجارية في القارة. لكن قيود الميزانية الأخيرة تدل على أن الطلاب سيزورون من سبعة إلى عشرة أرباب عمل فقط، في جولة تستغرق يومين ونصف اليوم.

ويقول شون فيرغسون، العميد المساعد في "كلية آسيا لإدارة الأعمال"، إن الانتقال نحو عقد الزيارات عبر شبكات الإنترنت خلال الوباء، منح الطلاب فرص الوصول إلى بقية العالم. وقد امتدت رحلة افتراضية إلى دبي على مدى عدة أسابيع بفضل مرونة موقع عقد الاجتماعات عبر "زووم". حيث سمح هذا الموقع للطلاب بإجراء زيارات افتراضية أكثر بكثير من ذي قبل.

وحتى قبل الوباء، بدأ أرباب العمل في تحويل عملية التوظيف لتكون عبر الإنترنت. ففي سبتمبر 2019، بدأت شركة "برايس ووتر هاوس كوبرز" في إجراء مقابلات افتراضية مع الحاصلين على درجة ماجستير إدارة الأعمال، ممن يبحثون عن فرص عمل. وكان من بين هؤلاء، 5 آلاف موظف بدوام كامل، و4 آلاف متدرب. كما تم تعيين ما بين 4 إلى 6 آلاف موظف من ذوي الخبرة.

عن ذلك، يقول رود آدامز، قائد الشركة في مجال ضم المواهب:

من الواضح أننا لم نتمكن من الذهاب فعلياً لزيارة كل حرم جامعي في البلاد، لكن المقابلات الافتراضية سمحت لنا بتوسيع نطاقنا وتحقيق تكافؤ الفرص

كان هذا الاختيار مثمراً خلال فترة تفشي الوباء، فقد أجريت المقابلات مع موظفي الشركة الجدد القادمين من كليات إدارة الأعمال بشكل افتراضي. وحتى بعد الجائحة، يعتقد آدامز أن الشركة بإمكانها الاستمرار بحوالي 30% من مقابلاتها الافتراضية.

وفي حين أنه من الممكن استمرار انعقاد المزيد من الاجتماعات وعمليات التوظيف عبر الإنترنت مستقبلاً، إلا أنه من غير المتوقع أن تنتهي الرحلات الخارجية تماماً. وتقول هارفي، من "كلية سعيد لإدارة الأعمال": "عندما يعود السفر إلى الخارج، أعتقد أن الرحلات ستعود أيضاً".

يأمل دايرون ريجنا، وهو طالب ماجستير إدارة الأعمال بـ"جامعة أكسفورد بروكس" المجاورة، عودة الرحلات مرة أخرى. ويقول: "الأمر الوحيد الذي أشعر بأنه أصبح سلبياً نتيجة تفشي الوباء هو أن الفرص الدولية لم تعد متاحة".

مساواة في التوظيف

حقق التحول نحو استخدام شبكات الإنترنت أمراً فريداً لكليات إدارة الأعمال في آسيا. وتقول "نيكول تي"، مديرة الدراسات العليا في جامعة سنغافورة الوطنية، إن هذه الخطوة "ساعدت على تحقيق تكافؤ الفرص في التوظيف".

واستشهدت "نيكول تي" بعملية استكشاف المواهب في أسواق مثل البرازيل، حيث لم تكن الكلية عادة تقوم بفعاليات التوظيف هناك، بسبب الوقت المستغرق للسفر. فالأمر "سيستغرق يومين للوصول إلى هناك، ويومين للعودة" كما تقول.

لكن الآن، أصبحت جامعة سنغافورة الوطنية قادرة على تنظيم فعاليات توظيف إقليمية وقطرية، تستهدف لغة ومنطقة زمنية بعينها، وتضم متحدثين وخريجين، يشاركون في حلقات نقاش من تلك المنطقة.

التسويق الرقمي

عندما تفشى الوباء، توقفت جامعة سنغافورة الوطنية عن زيارة المعارض لتسويق برامجها. وتعتقد "نيكول تي" أن تعود الكليات إلى بعض المعارض بعد الوباء، لكنها ستصبح أكثر انتقائية بشأن المعارض التي تشارك بها.

وتقول تي: "حتى قبل الوباء، أعتقد أن معظم الكليات كان لديها بعض الشكوك تجاه إنفاق جزء كبير من ميزانيتها على المعارض التي تقام على أرض الواقع".

ماجستير إدارة أعمال أكثر مرونة

مع تسبب الوباء في إثارة حالة من عدم اليقين في العديد من جوانب الحياة. باتت الكليات توفر مزيداً من البرامج المرنة. حيث يستهدف ماجستير إدارة الأعمال الأقل تنظيماً استيعاب أولئك الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف عام أو عامين لإكمال البرنامج دفعة واحدة.

في العام الدراسي 2020-21، أتاحت كلية "إيساد" للأعمال في إسبانيا، خيار دراسة درجة ماجستير إدارة الأعمال لمدة 21 شهراً، بجانب خيارات أخرى تتراوح بين 12 و15 و18 شهراً.

ويقول لويس فيفيس، نائب عميد البرامج في كلية "إيساد": "يجب أن نفكر باستمرار في الطرق التي يمكننا من خلالها بناء هيكل تعلمي أكثر مرونة.. حيث تتاح الفرصة للطلاب لبناء البرنامج الأفضل بالنسبة لهم".

تصنيفات

قصص قد تهمك