الشرق
نجح المؤتمر الثامن والعشرون للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP28) بالتوصل للمرة الأولى إلى التزام دولي بالتحوّل بعيداً عن كل أنواع الوقود الأحفوري.
الإعلان عن "اتفاق الإمارات" جاء بعد يوم واحد من الموعد المقرر وفي أعقاب مفاوضات مكثفة طوال الليل. وهذه هي المرة الأولى التي تُدرج فيها بنود شاملة تتعلق بالوقود الأحفوري التقليدي في نص الاتفاق النهائي لمؤتمرات الأطراف. ومن شأن هذا الاتفاق أن يسهم في تحقيق تقدم جوهري نحو تنفيذ الأهداف المناخية العالمية وتوفير الاستثمارات اللازمة لتحقيقها، مع مراعاة مصالح الدول الصغيرة النامية والدول ذات الاقتصادات الكبيرة على حد سواء.
الاتفاق الذي جاء تتويجاً لمناقشات قمة "كوب 28" في دبي منذ 30 نوفمبر وحتى اليوم الأربعاء، يدعو الدول إلى تحويل أنظمة الطاقة بسرعة بعيداً عن الوقود الأحفوري بطريقة عادلة ومنظمة، أي أن جميع الدول ستكون مدعوة للمساهمة في جهود التحوّل العالمي، بدلاً من أن تكون مجبرة بشكل صريح على القيام بهذا التحول بمفردها.
خلال كلمته الختامية التي أعلن فيها عن الاتفاق، أشاد سلطان الجابر رئيس "كوب 28" بما أسماه "الحزمة التاريخية" التي تمخّض عنها المؤتمر، والهادفة إلى تسريع وتفعيل جهود التصدي للتحديات المناخية التي تواجه العالم.
شكوك بعد زيادة استهلاك الفحم
لم يذكر الاتفاق السرعة التي يجب أن يسير فيها هذا التحوّل الذي سيشارك فيه المستثمرون والمستهلكون والحكومات معاً، ما يفتح الباب أمام شكوك فعلية، خصوصاً أن مؤتمر "كوب 26" قبل عامين في جلاسكو كان قد توصّل إلى تعهدات دولية بالتخلص التدريجي من الفحم، غير أن استهلاك الفحم زاد بعد ذلك على خلفية أزمة الطاقة التي أعقبت غزو روسيا لأوكرانيا. وبالتالي، فإن تحقيق هدف الحد من ظاهرة الاحترار العالمية والمحافظة على مستوى 1.5 درجة مئوية الذي نصت عليه اتفاقية باريس للمناخ، يبقى أمراً مشكوكاً فيه إلى حد كبير.
قال الجابر: "يجب أن نكون فخورين بإنجازنا التاريخي هذا"، وهو إيجاد مسار جديد للعالم يتمثل "بالاستجابة الشمولية للمخزون الدولي وكل المتطلبات الأخرى"، بما يشمل وضع خطة عمل لجعل هدف المحافظة على الاحترار العالمي بمقدار 1.5 درجة مئوية في متناول اليد.
تخفيضات سريعة وكبيرة للانبعاثات
جاء في نص الاتفاق أن الحد من الاحترار العالمي وعدم تجاوز حدود الـ1.5 درجة مئوية، يتطلب تخفيضات كبيرة وسريعة ومستدامة في انبعاثات غازات الدفيئة العالمية بنسبة 43% بحلول عام 2030، و60% بحلول 2035، مقارنة بمستوى 2019، تمهيداً للوصول إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول 2050.
الاتفاق الذي جاء في 21 صفحة، دعا الأطراف إلى المساهمة في الجهود العالمية للحد من ظاهرة الاحترار، بطرق تأخذ في الاعتبار أهداف اتفاقية باريس، والظروف والمسارات المختلفة للبلدان.
ومن بين هذه الجهود التي دعا إليها الاتفاق، مضاعفة قدرة الطاقة المتجددة على الصعيد العالمي بمقدار 3 أضعاف، ومضاعفة المعدل السنوي العالمي لتحسين كفاءة استخدام الطاقة مرتين بحلول 2030، فضلاً عن التحول من استخدام الوقود الأحفوري في نظم الطاقة بطريقة عادلة ومنظمـة.
النقل والوقود الخالي من الكربون
كما دعا إلى تسريع الجهود الرامية إلى التخفيض التدريجي للطاقة المعتمدة على الفحم، وتسريع الجهود المبذولة على الصعيد العالمي نحو نظم طاقة خالية من الانبعاثات، واستخدام الوقود الخالي من الكربون والمنخفض الكربون قبل فترة طويلة من منتصف القرن أو بحلول منتصفه، إلى جانب تسريع وتيرة التكنولوجيات الخالية من الانبعاثات والمنخفضة الانبعاثات، بما في ذلك الطاقة المتجددة، والطاقة النووية، وتقنيات التخفيض والإزالة مثل احتجاز الكربون والاستخدام والتخزين، لا سيما في القطاعات التي يصعب تخفيفها.
نص الاتفاق كذلك على تسريع خفض الانبعاثات الناجمة عن النقل البري على نطاق واسع، عبر تطوير البنية التحتية والانتشار السريع للمركبات ذات الانبعاثات الصفرية والمنخفضة. وطالب بالرفع التدريجي للدعم غير الفعّال للوقود الأحفوري، والذي لا يعالج مشكلة فقر الطاقة.