صفقة "إكسون" الكبرى لا تحتاج لتدقيق مكافحة الاحتكار

ثاني أكبر عملية استحواذ في تاريخ قطاع النفط الأميركي لا تهدد بوجود هيمنة على سوق الطاقة

time reading iconدقائق القراءة - 10
شعار شركة إكسون موبيل - المصدر: بلومبرغ
شعار شركة إكسون موبيل - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

ينبغي للبيت الأبيض الذي ينزع لتفكيك الممارسات الاحتكارية وكراهية الوقود الأحفوري أن يدرس بالوقت الراهن ثاني أكبر عملية استحواذ على مر تاريخ قطاع النفط في الولايات المتحدة. ينبغي للإدارة أن تلوح من بعيد بالمضي قدماً بالصفقة ومن ثم الانتقال لأمور أخرى.

ستسفر صفقة شراء شركة "أكسون موبيل" لشركة "بايونير ناتشورال ريسورسز" بقيمة 64.5 مليار دولار، عن إنشاء أكبر شركة تشغيل حتى الآن بمنطقة حوض بيرميان، جوهر ازدهار النفط الصخري في أميركا. يعني بلوغ الإنتاج المشترك المزمع نحو مليوني برميل من مكافئ النفط يومياً خلال 2027 أن إنتاج حوض بيرميان من "إكسون" بمفردها سينافس كامل حجم الإنتاج الحالي لشركة "بي بي". تشكل هذه الصفقة شركة أميركية كبرى جديدة داخل "إكسون"، التي تُعد واحدة من أضخم شركات النفط الكبرى على مستوى العالم فعلياً.

رغم ذلك، فإن مصطلح "ضخم" هو مصطلح نسبي تماماً عندما يرتبط الأمر بالنفط والغاز. تمثل "إكسون" و"بايونير" معاً 15% فقط تقريباً من إنتاج حوض برميان في الوقت الحاضر. والأهم من ذلك، أن إنتاجهما من الحوض سيمثل أقل من 1% من إمدادات النفط والغاز العالمية.

مخاوف الهيمنة

يكمن سبب غض الإدارة الأميركية الطرف عن هذه الصفقة. قبل عقدين أو اكثر، عندما اندمجت "إكسون" مع شركة "موبيل" في إطار جولة أوسع من صفقات الاندماج بالقطاع، كانت مخاوف الاحتكار تنزع لصب التركيز بصورة أكبر على أنشطة التكرير والتسويق من الجزء السفلي من سلسلة الإنتاج. كان هذا منطقياً، نظراً لأن تلك الأصول، الأقرب إلى المستهلك، يمكن أن تمارس نفوذاً حقيقياً بسوق إقليمية. لكن أعمال الاستكشاف والإنتاج في المرحلة العليا من سلسلة الإنتاج -كل ما تملكه "بايونير"- يجري بيعها حول العالم.

لا يقتصر الأمر على أن الحصة السوقية الضئيلة لأصولهما المجمعة في حوض بيرميان لا تمنح الشركتين نفوذاً مهيمناً بالسوق فحسب، بل إنها تنطوي على فخ سياسي لا سيما بالنسبة للرئيس الأميركي جو بايدن.

لنتأمل مايلي: خلال 2022، صادق بايدن على أكبر عملية سحب للنفط على الإطلاق من الاحتياطي البترولي الاستراتيجي للتصدي لارتفاع الأسعار بمحطات الوقود إثر الاضطراب الناجم عن الغزو الروسي لأوكرانيا. أطلق عليها بايدن بنفسه عبارة "ارتفاع أسعار بوتين". بمعنى آخر، لا تُحدد أسعار محطات الوقود الأميركية بمدينة ميدلاند بولاية تكساس، ولكن بواسطة السوق العالمية. لا يمكنك ضخ 180 مليون برميل من الاحتياطي الاستراتيجي فى هذه السوق للتصدي لتداعيات حرب خارجية ثم الادعاء بأن شراكة بولاية تكساس تقود لحصة ضئيلة من الإمدادات سترفع تكلفة الوقود بالنسبة للسائقين.

مرحلة حرجة

نجح قرار بايدن بالسحب من الاحيتاطي البترولي الاستراتيجي في تعويض أزمة الطاقة التي تسببت فيها روسيا، لكنه أثار أيضاً مشكلات سياسية له بجميع الاتجاهات. يمر الرئيس الأميركي بمرحلة حرجة، من جهة يبذل قصارى جهده لإقرار مجموعة من سياسات إزالة الكربون الأميركية تُعد الأكثر طموحاً في التاريخ، ومن جهة أخرى، يعمل على ضمان وفرة إنتاج النفط والغاز المحلي بما يكفي لإبقاء الأسعار تحت السيطرة ويضيق الخناق على الخصوم. يجسد هذا طريقة عمل هذه الإدارة الأميركية التي تسعى لكهربة أسطول المركبات الأميركي ولكنها وافقت أيضاً على مشروع منطقة ويلو لإنتاح النفط من ولاية ألاسكا.

على هذا الأساس، فإن صفقة شراء "إكسون" لـ"بايونير" لا تشكل تهديداً كبيراً بتركيز النشاط بيد أي طرف بالسوق فحسب، بل إنها تدفع غالباً برنامج بايدن للأمام.

كما كتبت هنا، ما زالت أعمال النفط الصخري الأميركية مفتتة بشدة بالمقارنة مع أنشطة النفط الأخرى عبر كافة أنحاء العالم. هذا إرث يعود لعصر التنقيب غير المنظم الذي أطلق العنان لموارد النفط الصخري لكنه تسبب أيضاً بحدوث مشكلات مالية جسيمة، في ظل نفقات إدارة وتشغيل مرتفعة للغاية وانضباط رأسمالي محدود. يرغب المستثمرون حالياً في تحقيق المكاسب من عمليات التنقيب. في حين اعتادت "بايونير" الإعلان عن أهداف إنتاجية ضخمة، فإن مؤسسها سكوت شيفيلد بهذه الأيام أكثر ميلاً للقول بأن القطاع ليس بمقدوره تحقيق النمو مهما كان سعر للنفط.

زيادة الإنتاج

استناداً لإعلان "إكسون"، فإنها تعتزم بقوة زيادة الإنتاج من حوض بيرميان، بوتيرة سنوية 11% حتى 2027. على عكس "بايونير"، ومجموعة من الشركات الصغيرة العاملة هناك، فإن سمعة "إكسون" التي جرى تحسينها جيداً من خلال الانضباط وعقود من توزيعات الأرباح المتنامية تتيح لها تحديد أهداف من هذه النوعية ذات مصداقية. علاوة على ذلك، يوفر المركز الصناعي الذي تواصل بنائه على ساحل الخليج الأميركي طلباً وفيراً ومتصاعداً على الإنتاج الذي تستحوذ عليه من خلال "بايونير".

إذا كانت الإدارة ترغب في ضمان إنتاج محلي قوي للنفط والغاز على مدى السنوات المقبلة (من المحتمل أن تكون متقلبة) التي يستغرقها تحول الطاقة، فمن الأفضل توافر نفط صخري في أيدي شركات تشغيل كبرى تحظى بثقة أسواق رأس المال. تذمر بايدن ذات مرة من أن شركة "إكسون" تكسب "أموالاً طائلة"، إلا أنه يمكن أن تستخدم أنشطة النفط الصخري، التي يعول عليها هو ضمنياً، المزيد من هذه الأموال بما لها من تأثير سحري.

هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان

تكساس

22°C
سماء صافية
العظمى / الصغرى 20°/22°
13 كم/س
43%
الآراء الأكثر قراءة