المشجعون خائفون من إفساد المالكين الأمريكيين كرة القدم البريطانية

time reading iconدقائق القراءة - 20
صورة تعبّر عن الاستثمار في كرة القدم يظهر فيها رجل أعمال أمريكي يحرس المرمى في ملعب لكرة القدم  - المصدر: بلومبرغ
صورة تعبّر عن الاستثمار في كرة القدم يظهر فيها رجل أعمال أمريكي يحرس المرمى في ملعب لكرة القدم - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

تعين على المالك المنتظر الجديد لنادي "تشيلسي"، تود بويلي، التنفيذي الأمريكي في مجال المال والإعلام، استخدام تأثيره على الوسطاء الرياضيين والسياسيين في وقت سابق من العام الجاري للفوز في واحدة من أكثر عمليات الاستحواذ شراسة في تاريخ كرة القدم. وفجأة تحقق حلم الأمريكيين بامتلاك النادي نتيجة الضغط على مالكه الروسي، الملياردير رومان أبراموفيتش، لبيع الفريق امتثالاً للعقوبات الناجمة عن غزو أوكرانيا. الآن يأتي التحدي الحقيقي: الفوز بالبطولات بدون تكلفة باهظة.

يتعين على الاستحواذ الذي يجريه بويلي أن يتغلب على مساومات اللحظة الأخيرة بين أبراموفيتش والحكومة البريطانية حول شروط ذهاب عائدات البيع إلى مؤسسة خيرية. إذا مضت الصفقة قدماً، فعندما يبدأ موسم الدوري الإنجليزي الممتاز القادم في أغسطس، ستكون الأموال الأمريكية داعمة لأكثر من نصف الفرق العشرين المتنافسة.

كان المالكون الأمريكيون شخصيات مثيرة للخلاف في الدوري الإنجليزي الممتاز. ورغم مشاهدة استثماراتهم تنمو إلى حد كبير في أغنى جانب من لعبة كرة قدم في العالم، فقد أحبطوا المشجعين المتشددين بفشلهم في مضاهاة النجاحات الميدانية للمنافسين المدعومين من أصحاب المليارات في الدول الخليجية الغنية بالنفط.

يقول روجر ميتشل، مؤسس شركة الاستشارات الرياضية "الباتشيارا" (Albachiara): "تختلف الثقافة الرياضية الأمريكية اختلافاً كبيراً عن ثقافة سيادة القلة.. ففي أوروبا، لا يُتوقع من المالكين تحقيق ربح ويتعرضوا للانتقاد إذا فعلوا ذلك، أما في الولايات المتحدة، تقوم عقلية المالكين على تحقيق عائد على رأس المال. هذا صدام ثقافي كبير".

تغلب بويلي على مجموعة من أبناء بلده ومتحدٍ دخل سباق الاستحواذ متأخراً من بين أغنى أغنياء بريطانيا، للوصول إلى صفقة بقيمة 4.3 مليار جنيه إسترليني (5.4 مليار دولار) للاستحواذ على نادي "تشيلسي"، ما يسلط الضوء على مدى الطلب على هذه الأصول الرياضية.

بدأ التدافع الأمريكي على كرة القدم الإنجليزية في أوائل القرن الحادي والعشرين، عندما تولت عائلة غلايزر، المالكة أيضاً لفريق "تامبا باي بوكانيرز"، إدارة نادي "مانشستر يونايتد". ومنذ ذلك الحين، حلّ رجال نيويورك على مجالس إدارة "أرسنال" و"ليفربول" و"أستون فيلا" وغيرها من الأندية الشهيرة.

جذبت إمكانات النمو المرتفعة والتقييمات المنخفضة مقارنة بالنوادي الرياضية في الوطن المستثمرين الأمريكيين إلى الدوري الإنجليزي الممتاز. كما أن الجاذبية العالمية المتزايدة لكرة القدم الإنجليزية فتحت الباب أمام المزيد من فرص البث والتسويق المربحة.

إيرادات قياسية

قبل وباء كوفيد-19، حققت أندية الدوري الإنجليزي الممتاز في موسم 2018-2019 إيرادات تزيد عن 5 مليارات جنيه إسترليني للمرة الأولى، أي أكثر من ضعف الرقم المسجل قبل عشر سنوات، وفق تقرير صادر عن "ديلويت". وشكلت حقوق البث ما يقرب من 60% من هذا الرقم، بجانب 28% إضافية من صفقات البضائع والرعاية، والباقي من تذاكر المباريات.

ساعدت تلك الإيرادات القياسية في رفع تقييمات أكبر أندية إنجلترا، وعندما سيطرت عائلة غلايزر على "مانشستر يونايتد" في عام 2005، قيل إن قيمته بلغت 800 مليون جنيه إسترليني، واليوم تبلغ قيمته السوقية 1.8 مليار جنيه إسترليني.

ورفع ستانلي كرونكي، الذي يمتلك أفراد عائلته فريق "لوس أنجلوس رامز" (Los Angeles Rams) و"دينفر ناغتس" (Denver Nuggets) من بين فرق رياضية أخرى، حصته في "أرسنال" إلى أكثر من 62% في عام 2011، وحينها قيل إن قيمتها كانت تناهز 730 مليون جنيه إسترليني، بينما قدرها مؤشر شركة "كيه بي إم جي" لكرة القدم عند حوالي 1.6 مليار جنيه إسترليني قبل الوباء.

رغم الزيادات القوية في الإيرادات، فإن العديد من فرق الدوري الإنجليزي تناضل من أجل تحقيق أرباح لأنها تنفق الكثير على اللاعبين والمدربين للمنافسة على الألقاب أو تجنب خفض التصنيف للدرجة الأقل، وهي عملية الانتقال إلى دوري أقل إذا حلوا في المراكز الثلاثة السفلية في التقسيم.

يهتم المشجعون بالكؤوس وحقوق التفاخر أكثر من اهتمامهم بالإيرادات وصافي الأرباح.

"مانشستر يونايتد" و"أرسنال"، الناديان اللذان اعتادا على الفوز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز كل عام في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، لم يقدما ما يكفي مؤخراً. بدلاً من ذلك، كان على أتباعهما مراقبة "تشيلسي"، بتمويل من أبراموفيتش، و"مانشستر سيتي"، بدعم من الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس وزراء في الإمارات العربية المتحدة، وهما يتمتعان بأفضل سنوات لهما على الإطلاق.

فاز "تشيلسي" و"مانشستر سيتي" بسبعة من آخر 10 ألقاب في الدوري الإنجليزي الممتاز. خلال تلك الفترة، شاهد مشجعو "أرسنال" النادي ينحدر أكثر من القمة، مع بيع روبن فان بيرسي، وأليكسيس سانشيز وغيرهم من اللاعبين النجوم لنوادي منافسة. ومؤخراً، أدت إخفاقات النادي في التأهل إلى دوري أبطال أوروبا إلى إضعاف قدرة النادي على جذب المواهب.

وقال تيركش، مقدم برنامج على "AFTV"، قناة مشجعين على "يوتيوب"، والذي يدعو المشجعين بانتظام بأن يقاطعوا أفراد عائلة كرونكي من خلال رفض شراء منتجات نادي أرسنال. وشدد: "منذ أن جاء المالكون الأمريكيون، تعاملوا مع الرياضة على أنها أعمال تجارية، وبما أننا مشجعون، فقد نظروا إلينا كعملاء".

في "مانشستر يونايتد"، واجهت عائلة غلايزر انعدام ثقة منذ اللحظة التي حملوا فيها أعباء الديون على النادي كجزء من عملية الاستحواذ الممول بالديون في 2005، ومع ذلك، هدأت التوترات في السنوات الأولى لملكيتهم عندما واصل الفريق الفوز بالألقاب تحت إدارة السير أليكس فيرغسون .

تعاقدات مخيبة للآمال

تغيرت الأمور بعد تقاعد المدرب الأسطوري في عام 2013. منذ ذلك الحين، ظل النادي يغير المديرين واللاعبين متقاضي الأموال الطائلة دون جدوى. كما أن التعاقدات التي احتلت العناوين الرئيسية مثل بول بوجبا وهاري ماغواير وجادون سانشو كانت جميعها مخيبة للآمال. أيضاً يحتاج ملعب "أولد ترافورد" الشهير إلى التجديد، ويرى الكثيرون أن عفنه تشبيه لإدارة عائلة غلايزر للنادي.

وقال كريس رومفيت، مدير صندوق مشجعي "مانشستر يونايتد": "كمشجعين، نتوقع أن نتنافس على اللقب ودوري الأبطال كما فعلنا لمدة 20 عاماً.. نتوقع أن يوصلنا الاستثمار واتخاذ القرار الصحيح إلى هذه المكانة".

وجدت عائلتا غلايزر وكرونكي نفسيهما أهدافاً لاحتجاجات المعجبين في الملاعب وحولها وحتى فوقها (على شكل لافتات طائرة). وفي المواسم الماضية، قرر المشجعون التعبير عن وجهة نظرهم بالعزوف عن الحضور، لذلك انخفض معدل الحضور في بعض المباريات التي لا تنتمي إلى الدوري الإنجليزي الممتاز.

لكن نظراً لأن مبيعات التذاكر تمثل أصغر مصدر دخل للنادي، فإن مكمن القلق الأكبر للمالكين هو الأموال التي تولدها حقوق البث، والتي يتوقف جزء كبير منها على التأهل إلى دوري أبطال أوروبا كل عام. لم يصل أرسنال إلى البطولة منذ 2016، وسيغيب "مانشستر يونايتد" عن الموسم المقبل.

لن يشارك في البطولة سوى الفرق الأربعة الأولى في الدوري الإنجليزي، ومن المتوقع أن تزداد المنافسة على هذه المراكز عندما يبدأ الملاك السعوديون الجدد لنادي "نيوكاسل يونايتد" استعراض قوتهم المالية، وقد توفر قواعد دوري أبطال أوروبا الجديدة مكاناً إضافياً بناءً على الأداء التاريخي لأندية الدوري الإنجليزي في تلك البطولة.

خطوة خاطئة

في العام الماضي، اتخذت مجموعة من أكبر الأندية في أوروبا ما تبين أنه خطوة خاطئة كبيرة للتخفيف من مخاطر فقدان التأهل لدوري أبطال أوروبا، وأثار مالكو "أرسنال" و"ليفربول" و"مانشستر يونايتد" غضب المشجعين من خلال المساعدة في تنظيم دوري السوبر منفصل، والذي كان سيضمن لهم أماكن في مسابقة نخبة جديدة، واضطر الجميع إلى التراجع والاعتذار بعد أن احتج المشجعون على الخطط التي قالوا إنها ستركز القوة والإيرادات في أندية النخبة بغض النظر عن أدائها.

ورغم أن المالكين الأمريكيين لم يعطوا أي إشارة على إحياء الخطة، يرجح ميتشل من "ألباتشيارا" أنهم سيرغبون في التحول لنموذج رياضي أكثر راحة لهم، ويضمن لهم اليقين بشأن البطولات التي يلعبون فيها.

ويقول مينا موثا، محلل وسائل الإعلام في "أمبير أناليسيز" (Ampere Analysis): "لن يكون من الحكمة أن يحاول المالكون الذين تورطوا في ذلك [الدوري السوبر] أو المالكين الآخرين إجراء تغييرات يُنظر إليها على أنها غير تقليدية".

رفض ممثلو "أرسنال"، و"تشيلسي"، و"ليفربول"، و"مانشستر يونايتد" التعليق.

مع ذلك، كانت هناك نجاحات، وفاز "ليفربول"، بدعم من مالك فريق "بوسطن ريد سوكس"، ومجموعة "فينواي سبورتس" (Fenway Sports Group Holdings LLC)، وشركة الاستثمار "ريدبيرد كابيتال بارتنرز" (RedBird Capital Partners)، بلقب الدوري الإنجليزي للمرة الأولى منذ ما يقرب من ثلاثة عقود في عام 2020، بعد أن حصل على لقب دوري أبطال أوروبا في العام السابق. ومع المدرب الألماني يورغن كلوب، تنافس النادي على أربعة ألقاب غير مسبوقة هذا الموسم.

علاقة متوترة

لدى قاعدة مشجعي "ليفربول" علاقة متوترة مع المالكين، وأجبرهم غضب الجماهير على إلغاء خطط الدوري السوبر وكذلك خطط النادي لإعطاء الموظفين إجازة دون راتب أثناء الوباء، يقول بيتر هوتون، عضو اللجنة في مجموعة مشجعي "ليفربول"، "سبيريت أوف شانكلي" (Spirit of Shankly)، إنه حتى أحدث الموسم كان المشجعون يهتفون من مدرجات ملعب أنفيلد الشهير: "لم يحصل فريق ليفربول على أموال، لكننا ما زلنا سنفوز بالدوري".

وقال: "إنها على الأغلب مجاملة ساخرة.. فإذا لم يكن لدينا المدرب كلوب، كان ليكون هناك الكثير من الاحتجاجات".

كما أظهر "أرسنال" علامات تحسن هذا الموسم تحت قيادة المدرب ميكيل أرتيتا، وقضى النادي أغلب الصيف الماضي في دعم الفريق بالمواهب الشابة التي يأمل أن تضع حجر الأساس للنجاح في السنوات القادمة.

في تشيلسي، سيحتاج بويلي إلى تحقيق نجاح ميداني بتكلفة تضمن أن يتمكن من تحقيق عوائد تتوقعها الشركة الداعمة مالياً الرئيسية، "كليرليك كابيتال" (Clearlake Capital)، ومقرها كاليفورنيا، وقال بويلي في رسالة نصية إن شركة الملكية الخاصة تستثمر في "تشيلسي" عبر صناديق طويلة الأجل مدتها 15 عاماً.

ومع ذلك، فإن الاستثمار يثير تساؤلات حول كيفية استخدام "كليرليك" لخبراتها مع نادي "ويست لندن" في الوقت الذي تسعى به لزيادة مكاسب مستثمريها، ورفض ممثل لـ"كليرليك" التعليق.

يقول كيران ماغواير ، المحاضر في تمويل كرة القدم بجامعة "ليفربول"، إن المستثمرين الذين وضعوا أموالًا في "كليرليك" "سيبحثون عن عائد عندما يعتزمون التخارج.. أعتقد أنك سترى أسلوباً مختلفاً تماماً لاختيار اللاعبين في "تشيلسي"، والذي يعتمد على التحليل بدرجة أكبر".

في الوقت الحالي، يبدو أنصار "تشيلسي" سعداء بمالكهم الجديد إذ رحبوا به بهتاف مرح "بويلي بويلي لوِّح لنا" في 7 مايو، في أول مباراة له منذ موافقته على الاستحواذ. وقال بويلي: "لم أسمع ذلك.. ليتني سمعته".

تصنيفات

قصص قد تهمك