بلومبرغ
شكَّل دخول شركة "بيوند ميت" (Beyond Meat) سوق الأسهم في مايو 2019، أنجح طرح عام أولي بالنسبة إلى المستثمرين منذ الأزمة المالية في عام 2008. أما بالنسبة إلى قطاع المواد الغذائية، فكانت تلك بداية "الهوس" بمكوِّن غذائي رئيسي واحد، الذي يُعرف بـ"البازلاء الصفراء المتواضعة" (humble yellow pea).
منتجات جديدة
بعد الطرح الأولي، استفادت "بيوند ميت" من وجود سيولة عالية لديها، وسارعت إلى طرح أحدث نسخة من منتجات "بيوند بيرغر" (Beyond Burgers) النباتية القائمة على البازلاء، وبيعها في محلات السوبر ماركت في جميع أنحاء الولايات المتحدة. أضافت الشركة منتج "بيوند بيف" (Beyond Beef) إلى تشكيلتها في المتاجر، واختبرت منتج النقانق "بيوند سوسيج" (Beyond Sausage) مع أكبر شريك لها حتى الآن، شركة "دانكن" (Dunkin). وبحلول نهاية صيف عام 2019، زادت أسعار بروتين البازلاء بأكثر من الضعف مقارنة بالعام السابق، بحسب ما يقول مورتن توفت بيش، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "ميتلس فارم" (Meatless Farm)، وهي شركة بريطانية لتصنيع اللحوم النباتية. ثم سرعان ما دخل المقلِّدون على الخط، حتى أصبح يتمُّ استخدام بروتين البازلاء اليوم لصنع الدجاج الوهمي، والمأكولات البحرية، والجبن، وصولاً إلى الأرز المزيف أيضاً.
تعدُّ البازلاء الصفراء، المصدر الأسرع نمواً للبروتين المستخدم في بدائل اللحوم النباتية، السوق الذي يُتوقَّع أن يصل حجمه إلى 140 مليار دولار على مستوى العالم بحلول عام 2029، ارتفاعاً من 14 مليار دولار في عام 2019، وفقاً لبيانات شركة تكنولوجيا الأغذية "بينسون هيل" (Benson Hill) وبنك "باركليز". ينجذب المستهلكون المهتمون بالبيئة إلى اللحوم المقلّدة أو البديلة، لأنَّ تأثيرها البيئي، الذي يجري قياسه بمعدل استهلاك المياه أو انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، لا يشكِّل إلا جزءاً بسيطاً من تأثير لحوم البقر، عند المقارنة بين وزنين متماثلين من كليهما.
القمح وفول الصويا
ما يزال فول الصويا مكوِّناً رئيسياً من مكوِّنات اللحوم البديلة، لكنَّ المستهلكين لديهم فكرة سيئة عنه. فغالباً ما يكون فول الصويا معدّلاً وراثياً، ومسبِّباً للحساسية لدى بعضهم. وقد تضرَّرت سمعة فول الصويا أيضاً بسبب المخاوف بشأن ارتباطه بإزالة الأشجار في غابات الأمازون المطيرة، والمفاهيم الخاطئة حول محتواه من مادة الإستروجين. كذلك، كان القمح يشكِّل مصدراً للبروتين النباتي، لكنَّه لم يعد مناسباً للتطورات الحالية بعد انتشار الوجبات الغذائية الخالية من الغلوتين.
من المتوقَّع أن توسِّع شركات الأغذية الزراعية سوق بروتين البازلاء العالمي بنحو 42% هذا العام مقارنة مع عام 2019، ليصل إلى 340 ألف طن، في ظلِّ وجود مصانع جديدة في كندا، وألمانيا، والولايات المتحدة، والصين -التي أصبحت مورداً رئيسياً، وفقاً لما يقوله هينك هوجينكامب، المستشار وعضو مجلس الإدارة في شركات غذائية عدة. ومع ذلك؛ ما يزال بروتين الصويا هو الأكثر انتشاراً، على الأقل في الوقت الحالي، إذ من المتوقَّع أن يبلغ الإنتاج المخصص للاستهلاك البشري حوالي 1.25 مليون طن هذا العام. ومع ذلك، تستمر أسعار بروتين البازلاء في الارتفاع.
اندفاع جنوني
تقوم بعض شركات المواد الاستهلاكية، ومن بينها شركة "ميتلس فارم"، وصانع بدائل الألبان "ريبل فودز" (Ripple Foods)، بتصنيع بروتين البازلاء الخاص بها، كي لا تضطر إلى القلق بشأن تقلُّبات السوق. وفي هذا، تقول ليزا بيتكا، كبيرة خبراء الأغذية في شركة "ماتسون" (Mattson) لاستشارات الأغذية: "إنَّه اندفاع جنوني..الجميع يحاول شراء هذه المكوِّنات".
أصبحت شركة "بوريس"، التي تأسست كشركة لفول الصويا في الثمانينيات، أكبر منتج لبروتين البازلاء في الولايات المتحدة. وقد قدَّمت منتجاً من البازلاء في عام 2014، مدفوعة برواج المكوِّنات التي تدخل في أغذية الطاقة والأغذية التي تساعد على تحسين كفاءة الأداء البدني، التي تعدُّ اليوم أكبر مصدر لنمو الشركة.
استثمار ضخم
يقول تايلر لورينزن، لاعب كرة القدم المحترف الذي أصبح الرئيس التنفيذي لشركة "بوريس بروتينز"، فرع الشركة الخاص بتصنيع المكوِّنات: "لقد كنَّا متحمِّسين بشأن حجم العرض منذ البداية". كما جددت شركة "بوريس" منشأة ألبان سابقة تبلغ مساحتها 200 ألف قدم مربعة في داوسون بولاية مينيسوتا لمعالجة البازلاء، وهي تستعد لعرضها على الإنترنت في الربع الثالث. لقد حصلت على مساعدة من مستثمر غير متوقَّع، وهو شركة اللحوم العملاقة "كارغيل" (Cargill) التي ضخَّت أكثر من 100 مليون دولار كاستثمار مشترك مع شركة "بوريس" لبناء المصنع.
لا تعدُّ شركة "كارغيل" شركة اللحوم الوحيدة التي تستثمر في أطعمة اللحوم البديلة، فقد كشفت شركة "تايسون فود" (Tyson Foods)، المستثمر الأول في شركة "بيوند ميت" هذا العام عن تشكيلة من منتجات اللحوم النباتية بنسبة 100%، بما في ذلك الفطائر الطازجة، "اللحم البقري" المفروم، والنقانق المزيفة، والنقانق الايطالية. وأعلنت شركة " جيه بي إس" (JBS)، أكبر مورد للحوم في العالم، عن خطط في شهر إبريل الماضي للاستحواذ على شركة "فيفيرا" (Vivera) الهولندية المنتجة للأغذية النباتية مقابل 341 مليون يورو (410 ملايين دولار).
اهتمام متزايد
يشير الاهتمام الجديد لصناعة اللحوم بالبروتينات النباتية، إمَّا إلى مستقبل أكثر استدامة، إذ تتحوَّل الشركات التي أصبحت غنية باللحم البقري، ولحم الخنزير والدجاج إلى الأطعمة الأقل كثافة في الموارد، أو إلى استفادة كبريات شركات اللحوم ببساطة، من شهية المستهلك المتزايدة للأطعمة النباتية لتعزيز أرباحها الناتجة عن اللحوم. تقول جينيفر موليدور، الناشطة في مجال الأغذية في مركز التنوع البيولوجي في الولايات المتحدة، وهي مجموعة مناصرة للبيئة والأنواع المهددة بالانقراض: "شخصياً، أشعر بعدم الارتياح إلى حدٍّ ما". وبرغم أنَّ البازلاء مفيدة للبيئة، تؤكِّد موليدور أنَّ الاستعاضة عن اللحوم يجب أن تكون محور تركيز رئيسي لبناء نظام غذائي مستدام، وليس فقط المزيد من إنتاج الغذاء. وعلى الرغم من تزايد مبيعات البدائل النباتية، إلا أنَّ استهلاك اللحوم يتزايد أيضاً. وبحسب تعليق مايك واجنر، العضو المنتدب لشركة "كارغيل" في أمريكا الشمالية، "لا يمكن لأي نوع بروتين بمفرده إطعام سكان العالم المتوقَّع أن يبلغ 9.8 مليار شخص بحلول عام 2050".
يفضِّل صنَّاع اللحوم المزيفة، بروتين البازلاء لأنَّه متعدد الاستخدامات وقابل للعجن. لكن هناك مشكلة، وذلك لأنَّ طعم بعض الأنواع يشبه التراب. وعند التحدُّث إلى الشركات حول هذا الموضوع ، يمكن ملاحظة كلمات تتردد كثيراً، مثل "إخفاء" و"تحييد". وقد يلاحظ المستهلكون الذين يطَّلعون على جداول التغذية، مستويات عالية من الصوديوم.
تحسين المذاق
يقول جيتندرا ساغيلي، رئيسة البحث والتطوير في شركة "غرينليف فود" (Greenleaf Foods)، التي تصنع العلامتين التجارتين النباتيتن "لايت لايف" (Lightlife)، و"فيلد روست" (Field Roast): "كل الفرق يكمن في طريقة العمل على معالجتها، وطريقة استخدامها، وكيفية تطبيق ذلك في المنتج النهائي". وهذه العلامات التجارية تعمل على تحسين المذاق بشكل طبيعي، كما يقول، باستخدام مكوِّنات، مثل: الثوم، والليمون، وليمون لايم، وكذلك الملح.
أحرزت شركة "بوريس" والمنتجون الآخرون، وشركات تصنيع اللحوم بعض التقدُّم. يفخر لورينزن أنَّ منتجه لا يتمتَّع بأيِّ نكهة على الإطلاق، ويقول: "إنَّ المذاق الأفضل بالنسبة لنا هو المذاق اللطيف والسلس، طعمه لا مثيل له".