الأمر يتطلب تقديم تنازلات من الجانبين لمنع مزيد من التدهور في العلاقات

هل تعود العلاقات الودية بين ترمب وشي في 2025؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب والرئيس الصيني شي جين بينغ - Getty Images
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب والرئيس الصيني شي جين بينغ - Getty Images
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

قد تعود العلاقات الودية بين الرئيس الصيني شي جين بينغ ونظيره الأميركي المنتخب حديثاً دونالد ترمب لسابق عهده في 2025 لو أدار الطرفان الموقف بحكمة. سيكون ذلك أمراً إيجابياً يسهم في خلق بيئة ملائمة لتحسين العلاقات بين القوتين العظميين، لكن كل شيء يعتمد على التوقيت ونبرة الخطاب. وسيحتاج الغريمان الاقتصاديان لتقديم بعض التنازلات لمنع تدهور العلاقات بدرجة أكبر.

توجد مؤشرات محتملة على حدوث تقارب. فقد كانت خطوة ذكية من ترمب أن يدعو شي إلى حفل تنصيبه في يناير (رغم التقارير التي تفيد بأن الزعيم الصيني رفض الدعوة)، لكن إحداث فارق حقيقي يتطلب أن تكون أي محاولة مستقبلاً أكثر من مجرد إيماءات فارغة.

الحاجة إلى لقاء مباشر

لا شك في أن عقد اجتماع مباشر في أقرب وقت بين الزعيمين ضروري لتحديد مسار العلاقات الثنائية على مدار الأعوام الأربعة المقبلة. والبديل هو استمرار سوء التفاهم بين الجانبين، ما قد يؤدي إلى صراع فعلي في أسوأ الأحوال.

وهناك سابقة لهذا الأمر؛ تحدث ترمب كثيراً خلال ولايته الأولى عن علاقته الدافئة مع شي، إلى حد قوله إنهما "يحبان بعضهما البعض". لكن ذلك لم يمنعه حينها من فرض رسوم جمركية قاسية على الصين، وهو ما شكل تحولاً رئيسياً في العلاقات بين البلدين زاد في عهد جو بايدن.

تحديات أمام شي

يبدو أن العام المقبل سيكون عاماً صعباً آخر بالنسبة لشي؛ تواجه الصين تراجعاً مستمراً في ثقة المستثمرين، وأزمة عقارية متفاقمة، وتضخماً في ديون الحكومات المحلية، وسوقاً مالية متقلبة، وضغوطاً انكماشية، وسخطاً شعبياً متصاعداً. وتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة قد يكون له دور كبير في رفع المعنويات داخل البلاد.

لتحقيق ذلك، يتعين على شي إيجاد أرضية مشتركة مع ترمب، وهو ليس بالأمر السهل. وأثار ترمب خلال حملته الانتخابية فكرة إلغاء صفة الدولة الأكثر تفضيلاً عن الصين. كما هدد بفرض رسوم جمركية تصل إلى 60% على جميع الواردات الصينية. وتقول "بلومبرغ إيكونوميكس" إن ذلك سيحدث عبر ثلاث موجات من زيادة الرسوم الجمركية، اعتباراً من صيف 2025، لتتضاعف الجمارك على البضائع الصينية ثلاث مرات بحلول نهاية 2026. وتشير تحليلات إضافية إلى أن الصين قد تفقد ما يصل إلى 83% من مبيعاتها إلى الولايات المتحدة، ما سيشكل ضغطاً هائلاً على صادراتها التي تعاني بالفعل.

تحول سياسة الصين الاقتصادية

عودة ترمب إلى الرئاسة تضطر الصين إلى الخروج عن النمط التقليدي لسياساتها الاقتصادية. فقد وضع المؤتمر السنوي للعمل الاقتصادي في الصين الأسبوع الماضي على "تعزيز الاستهلاك" على رأس أولوياته، ودعا إلى إجراءات محددة تشمل زيادة مدفوعات معاشات التقاعد والتأمين الصحي المدعومة من الحكومة.

على الجهة الأخرى، يستخدم الرئيس الأميركي المنتخب الرسوم الجمركية كورقة ضغط. وحكومته المحتملة تضم شخصيات لها مواقف صارمة تجاه الصين وقد تعيد إحياء السياسات التجارية المتشددة.

خطوط بكين الحمراء

يدرك شي تماماً التهديدات الوشيكة، وهو ما يدفعه لبذل ما بوسعه. فقد أرسل رسالة تهنئة إلى ترمب عقب انتخابه، أكد فيها أن "الصين والولايات المتحدة  ستربحان من التعاون وتخسران من الصدام". لكن هذه العلاقة يجب أن تتماشى مع شروط بكين أيضاً.

الحدود التي يتحرك فيها شي واضحة. خلال اجتماعه مع بايدن في منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي (أبيك) الشهر الماضي، أكد الرئيس الصيني على "الخطوط الحمراء الأربعة" التي يجب على واشنطن ألا تتجاوزها، وهي: تايوان، والديمقراطية وحقوق الإنسان، والنظام السياسي الصيني، وحق بكين في التنمية. هذا الإعلان كان تحذيراً صريحاً لإدارة ترمب من أن تجاوز هذه الخطوط قد يفاقم التوترات بين البلدين.

لحظات تعاون نادرة

ينبغي إيجاد شكل من أشكال الاتصال الرسمي قبل أن تفرض واشنطن أي رسوم جمركية إضافية، للحيلولة دون اتخاذ بكين إجراءات مماثلة. إذا لم يحدث ذلك، قد تستغرق إعادة الطرفين إلى طاولة المفاوضات شهوراً أو أكثر. وربما يكون لدينا نموذج قائم للحوار يمكن تكراره وهو قناة الاتصال الاستراتيجية بين مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان ووزير الخارجية الصيني وانغ يي التي أسهمت في استقرار العلاقات منذ عام 2022.

شهدت العلاقات بين البلدين لحظات نادرة من التقارب، أحدثها كان التوقيع على اتفاقية تمديد التعاون العلمي بين الحكومتين لخمسة أعوام. تتيح هذه الاتفاقية التعاون في مجالات العلوم والتكنولوجيا، وتقلل المخاطر على الأمن القومي، وتبقي تطوير التقنيات الحرجة والجديدة بعيداً عن متناول بكين.

تحديات مستقبلية

بالنسبة للصين، إعادة بناء العلاقات ستعتمد على رؤيتها لفريق الأمن القومي الجديد في عهد ترمب، ومدى إمكانية إيجاد قنوات خلفية للمفاوضات المستقبلية. وقد تتبنى الإدارة المقبلة في واشنطن نهجاً يقوم على الصفقات، مما قد يجعل أمن تايوان ورقة للمساومة.

وبحسب مسؤولين في تايوان، كانت المناورات البحرية التي أجرتها الصين حول مضيق تايوان الأسبوع الماضي هي الأكبر منذ 30 عاماً، في تذكير بأن بكين تعتبر الجزيرة التي تتمتع بالحكم الذاتي تابعة لها، وترغب في أن تتنحى الولايات المتحدة عن طريقها.

في النهاية، أقصى ما يمكننا أن نأمله هو تجدد الود بين ترمب وشي. التنافس الاستراتيجي هو ما سيحدد طبيعة العلاقة بين الولايات المتحدة والصين، لكن منع مزيد من التدهور أمر ضروري.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

الآراء الأكثر قراءة