ورقة بحثية جديدة تثير نظرية المؤامرة بزعمها أن الحكومة الأميركية تتلاعب بإصدار الديون لخلق أوضاع مالية تيسيرية في سنة الانتخابات، وهذا غير صحيح.

جوناثان ليفين: روبيني خلط بين براغماتية يلين ونشاط وزارة الخزانة

وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين - المصدر: بلومبرغ
وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

أثار الاقتصاديان ستيفن ميران ونوريل روبيني ضجة ملحوظة عندما أشارا في ورقة بحثية نشرت الأسبوع الماضي إلى أن وزارة الخزانة قامت عمداً وبنشاط، بهندسة تيسير الأوضاع المالية عبر زيادة إصدار السندات قصيرة الأجل، وبالتالي، تخفيض نسبة السندات طويلة الأجل، والحفاظ بذلك على انخفاض العوائد عن المستوى الذي كانت ستبلغه لولا ذلك. 

تشير الورقة إلى أن ذلك يرقى إلى شكل من أشكال "التيسير الكمي الخفي"، الذي تتقاطع أغراضه مع جهود الاحتياطي الفيدرالي الأميركي لمكافحة التضخم، ودعم الاقتصاد في عام الانتخابات. 

هل أدركت ذلك؟ 

إذا اقتنعت بهذا المنطق، فيحتمل أن تعجبك الأطروحة أكثر بعد التطورات الأخيرة. ففي بيانها الفصلي يوم الأربعاء، قالت وزارة الخزانة الأميركية إنها ستُبقي على حجم إصداراتها من الديون طويلة الأجل دون تغيير. وأضافت أنها لن تزيد من إصدار السندات "لعدة فصول"، على الرغم من مخاوف الزيادة في الأوراق المالية طويلة الأجل للمساعدة في تمويل عجز الميزانية الفيدرالية المتفاقم، حسبما أفادت ليز كابو ماكورميك من "بلومبرغ نيوز".

رفعت هذه الإرشادات المستقبلية الجديدة حجاباً من الغموض والشك في الأسواق، ولامست العوائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات أدنى مستوياتها منذ مارس الماضي، وبدا أن مجموعة هامة من تكاليف الاقتراض –مثل الفائدة على الرهون العقارية وسندات الشركات– تستعد للسير في ركابها. (تجدر الإشارة إلى أن تلميحات مجلس الاحتياطي الفيدرالي بتخفيض أسعار الفائدة في وقت لاحق من هذا العام ساهمت أيضاً في أداء السندات يوم الأربعاء).

ولكن هل هذا تلاعب له أغراض سياسية، أو "نزعة نشاطية في إصدار سندات الخزانة"، كما يسميه ميران وروبيني في الورقة البحثية التي نشرتها شركة "هدسون باي كابيتال" (Hudson Bay Capital)؟ أم أن الزيادة في إصدار السندات جزء لا يتجزأ من هدف وزارة الخزانة طويل الأمد المتمثل في تمويل الحكومة "بأقل تكلفة على دافعي الضرائب مع مرور الوقت؟.

ردت وزيرة الخزانة جانيت يلين فعلاً في مقابلة مع "بلومبرغ نيوز" قائلة إن وزارة الخزانة لم تكن تحاول تيسير الأوضاع المالية. مضيفة: "يمكنني أن أؤكد لكم بنسبة 100% عدم وجود مثل هذه الاستراتيجية. ولم نناقش أبداً أبداً أي شيء من هذا القبيل". 

أنا مع يلين في هذه النقطة

يمكن اعتبار الحكومة الأميركية من بعض النواحي مثل أي مقترض آخر. فعندما ترتفع أسعار الفائدة، يتراجع المقترضون في انتظار انخفاضها مرة أخرى. وهذا ما حدث فعلاً منذ عام 2022 في مختلف سندات الشركات والرهون العقارية. 

إذا كان لا بد للمؤسسات من الاقتراض، فإنها تفضل القيام بذلك على أساس قصير الأجل بدلاً من التورط في أسعار فائدة مرتفعة لسنوات أو عقود. هذا مجرد منطق مالي جيد، وغالباً ما يؤتي ثماره.

على المستوى الحكومي، تسبب ذلك في ارتفاع حصة سندات الخزانة القابلة للتداول في السوق، ولكن هذا ليس أمراً غير مسبوق حتى في الآونة الأخيرة نسبياً.

وبطبيعة الحال، فإن الحكومة ليست مثل الأسر تماماً، من حيث أن قرارات الاقتراض التي تتخذها يتردد تأثيرها في جميع أنحاء السوق، ويمكن أن يكون لها تأثير كبير على تكلفة الاقتراض عبر مختلف آجال الاستحقاق. وهي تهدف إلى أن تضمن إصداراتها "الانتظام وإمكانية التنبؤ بها"، لأن صناع السياسة المالية يعلمون أن الغموض والشك والتقلبات يمكن أن تدفع المستثمرين إلى طلب علاوات مخاطرة أعلى على المدى المتوسط والطويل.

ومع ذلك، فمن المنطقي تماماً أن تنتظر وزارة الخزانة تأمين تكاليف الاقتراض عندما تكون أسعار الفائدة مرتفعة، ومن المتوقع على نطاق واسع أن تنخفض في المستقبل القريب، طالما أنها تتصرف في نطاق ما تتوقعه الأسواق. 

كما أن احتمال انخفاض أسعار الفائدة ليس افتراضاً عشوائياً جامحاً، بل هو أمر متفق عليه بين الاقتصاديين في السوق والعديد ممن يقدمون المشورة لوزارة الخزانة من اللجنة الاستشارية للاقتراض بالوزارة، وهي مجموعة من البنوك والوسطاء ومديري الأصول وغيرهم من المستشارين الذين يجتمعون مع الحكومة كل ثلاثة أشهر.

توقعات انخفاض سعر الفائدة

في مسح أجراه بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك على المتعاملين الرئيسيين، توقع المشاركون أن يبلغ متوسط سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية 3.38% على مدى العقد المقبل. 

في مقابل ذلك، استقر نطاق أسعار الفائدة المستهدف على أرصدة الاحتياطي الفيدرالي حالياً عند أعلى مستوى له خلال عقدين عند 5.25% إلى 5.5%، وبلغ متوسط عائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات 4.32% خلال العام الماضي. 

كنت أفكر في هذه المسألة منذ أن عبر رئيس قسم الدخل الثابت في شركة "ستراتيجاس" توم تزيتزوريس عن رؤية مماثلة لما طرحه ميران وروبيني خلال بث حديث لـ"بلومبرغ أوبنيون". 

اختلفت آنذاك مع نظرية المؤامرة الضمنية كما أفعل الآن. ولكن في نهاية المطاف، بدا أن نقاشنا ينحصر في اختلاف الرأي حول مسار التضخم. فإذا كنت تعتقد (مثل توم في ذلك الوقت)، أن التضخم لا يزال يمثل تهديداً خطيراً على المدى الطويل، فربما تعتقد أن وزارة الخزانة كانت متهورة لأنها تقاعست عن تناول دوائها، عبر تأخير إصدار سندات طويلة الأجل. أما إذا كنت تعتقد (كما أعتقد أنا) أن التضخم على وشك الانتهاء، فإن الأساس المنطقي للانتظار واضح تماماً.

هناك مجال للعقلاء لمناقشة العواقب النهائية لهذه السياسة على هذا الأساس. وتقدم ورقة ميران-روبيني حجة لا يمكن إنكارها نسبياً بأن حجم إصدار السندات حالياً فريد نسبياً من الناحية التاريخية، وأن له تأثيراً على السوق والاقتصاد، وأننا سنستمر في التأثر والشعور بنتائجه. ولكنني لا أستطيع أن أؤيد الإيحاء بوجود نية خبيثة، من دون وجود دليل على ذلك.

استراتيجية مالية صائبة

أحسن إرني تيديسكي، كبير الاقتصاديين السابق في "مجلس المستشارين الاقتصاديين في البيت الأبيض" والمدير الحالي في "ييل بادجت لاب" (Yale Budget Lab)، في وصف الأمر: فقد كتب على موقع "إكس": "هذا التصرف ليس خبيثاً ولا غير مسبوق من حيث الحجم. فهذه هي بالضبط الاستراتيجية التي قد يتخذها المسؤول عن المالية العامة لتوفير بعض المال على دافعي الضرائب، إذا توقع انخفاض أسعار الفائدة قريباً".  

وعلى الرغم من ذلك، ما زلت أهتم بالنقاش ويجب أن تهتموا أنتم أيضاً. من المنطقي أن نفترض أن هذه الفترة من انخفاض إصدارات السندات نسبياً يجب أن تتبعها، في مرحلة ما، فترة إصدارات أعلى نسبياً، حتى لو تمكنت الحكومة بمعجزة ما من السيطرة على العجز. وعندما يحدث ذلك، قد تزداد علاوات الأجل، مما يضع حداً أدنى لعوائد السندات طويلة الأجل، حتى في بيئة التضخم الحميد وانخفاض أسعار الفائدة المعيارية.

تستطيع القول إن كل هذا يندرج تحت "التأخر الطويل والمتغير" للسياسة النقدية الذي وصفه ميلتون فريدمان، ومن المهم أن نبقي ذلك على أجهزة الرصد الجماعي لدينا، سواء كنا نتداول الأوراق المالية الحكومية، أو مسؤولين عن تمويل الأسر.

ومع ذلك، فإن الأمر الواضح بالنسبة لي هو أن شيئاً من ذلك لا يتخذ طابعاً سياسياً في الأساس. أما نظريات المؤامرة التي تشير إلى خلاف ذلك فلن تساعد أي شخص في التعامل مع ديناميات السوق والاقتصاد المعقدة التي تنتظرنا.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
NAMEالمؤشرVALUEقراءة المؤشرNET CHANGEالتغيرCHANGE %نسبة التغير1 MONTHشهر1 YEARسنةTIME (GMT)الوقت2 DAYيومان
GT10:GOVالولايات المتحدة96.69------------23:13:42.000الولايات المتحدة
GT30:GOVالولايات المتحدة96.28------------23:13:27.000الولايات المتحدة
تصنيفات

قصص قد تهمك