مدن متكاملة جديدة تغيّر وجه السعودية خلال سنوات

مشروعات تطوير بالمليارات تعكس التحولات الهائلة التي تشهدها المملكة في إطار "رؤية 2030"

time reading iconدقائق القراءة - 23
مجسم مشروع \"ضاحية الفرسان\" الذي تطوره \"الشركة الوطنية للإسكان\" في مدينة الرياض على مساحة تتجاوز 35 مليون متر مربع، كما ظهر خلال فعاليات معرض \"سيتي سكيب غلوبال\" في الرياض، المملكة العربية السعودية يوم 11 سبتمبر 2023 - المصدر: بلومبرغ
مجسم مشروع "ضاحية الفرسان" الذي تطوره "الشركة الوطنية للإسكان" في مدينة الرياض على مساحة تتجاوز 35 مليون متر مربع، كما ظهر خلال فعاليات معرض "سيتي سكيب غلوبال" في الرياض، المملكة العربية السعودية يوم 11 سبتمبر 2023 - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

الشرق

في غضون سنوات قليلة من اليوم، ستظهر معالم كثيرة، وستنشأ مدن جديدة بالكامل يتغيّر معها وجه المملكة العربية السعودية. ملامح هذا التغيير ظهرت واضحة في معرض "سيتي سكيب غلوبال" الذي استضافته الرياض هذا الأسبوع، حيث عكست فعالياته إلى حدّ كبير حجم التحولات الهائلة التي تشهدها المملكة في إطار "رؤية 2030"، خصوصاً في مجال التطوير العمراني.

في كلمة خلال المعرض، قال جيري إنزيريلو، الرئيس التنفيذي لمجموعة "هيئة تطوير بوابة الدرعيّة​"، وهو المشروع البالغة قيمته 64 مليار ريال (17 مليار دولار) والذي أُطلق أواخر 2019 لتحويل مدينة الدرعية التاريخية في الرياض إلى وجهة سياحية عالمية: "بعد نحو 5 سنوات، ستكون المملكة قد تغيرت تماماً". وأضاف خلال مشاركته في إحدى الجلسات النقاشية التي واكبت المعرض، أن عمليات التطوير الجارية ستجعل من الرياض نفسها "واحدة من أعظم 20 مدينة حول العالم".

في إضافة جديدة إلى مشروعات التطوير العملاقة الجاري تنفيذها، والتي قطع بعضها مراحل متقدمة من الإنجاز، طرحت المملكة مع انطلاقة المعرض يوم الأحد، مشروعات عقارية ضخمة، بعضها عبارة عن مدن متكاملة، ذكية وعصرية، وذلك بتكلفة استثمارية إجمالية تناهز 69 مليار ريال (18.3 مليار دولار). الجزء الأكبر من هذه المشروعات الجديدة، خُصص لبناء فلل وشقق سكنية، نظراً لأهمية قطاع الإسكان في "رؤية 2030".

تركيز على قطاع الإسكان

وزير الشؤون البلدية والقروية والإسكان السعودي ماجد الحقيل الذي أعلن هذا الرقم، قال في الحفل الافتتاحي للمعرض، إن "تحقيق رؤية المملكة يتطلب إنجاز قفزات نوعية في مجال التطوير العقاري والمشروعات الإسكانية، عن طريق شركات عملاقة توفر مجتمعات سكنية متكاملة الخدمات وذات نمط حياة عصري، وذلك بالتعاون مع المطورين العقاريين المحليين والعالميين".

أحد مستهدفات "رؤية 2030"، يتمثل في رفع نسبة تملك المساكن بين المواطنين إلى 70% بنهاية العقد الجاري. ولخدمة هذا الهدف، أنشأت السعودية عام 2016 "الشركة الوطنية للإسكان" (National Housing Company) أو (NHC) لتكون الذراع الاستثمارية لمبادرات وبرامج وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان في القطاع العقاري والسكني والتجاري، قبل أن تتحوّل لاحقاً عام 2020 إلى ملكية الدولة بالكامل.

قبل نحو أربع سنوات، أعلنت "الوطنية للإسكان" عن مستهدفها بتطوير 300 ألف وحدة سكنية حتى عام 2025، وقد أطلقت منها حتى اليوم 140 ألفاً، بشراكة مع مطورين عقاريين من القطاع الخاص، وفق ما أعلنه محمد البطي، الرئيس التنفيذي للشركة.

البطي قال خلال الحفل الافتتاحي أيضاً، إن المشروعات الجديدة للشركة الوطنية للإسكان، والبالغة تكلفتها الإجمالية أكثر من 42 مليار ريال (11.2 مليار دولار)، ستتضمن "ضخ معروض عقاري متنوع يشمل أكثر من 86 ألف وحدة سكنية في مختلف مناطق المملكة".

"مجموعة طلعت مصطفى" في السعودية

من ضمن هذا المعروض الجديد، هناك أكثر من 27 ألف وحدة سكنية ستسهم في ضخها "مجموعة طلعت مصطفى القابضة" المصرية، من خلال ما اعتبره البطي "أضخم شراكة إقليمية في مجال التطوير العقاري" مع "الوطنية للإسكان". فقد وقّعت الشركتان خلال المعرض اتفاقية تقوم بموجبها الشركة المصرية بتطوير مدينة "بنان الرياض" متكاملة الخدمات ضمن مشروع "ضاحية الفرسان"، وذلك على مساحة إجمالية تبلغ 10 ملايين متر مربع، 40% منها مساحات خضراء مفتوحة، وبتكلفة تصل إلى 40 مليار ريال (حوالي 11 مليار دولار)

هذا هو المشروع الخارجي الأول للمطوّر العقاري الأكبر في مصر، بعدما تمكّن على مدى عقود من تطوير مشروعات متكاملة في مصر يقطنها اليوم نحو مليون شخص، بحسب ما ذكره هشام طلعت مصطفى، الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب للمجموعة خلال الإعلان عن المشروع.

بطبيعة الحال، لم يقتصر إطلاق المشروعات الجديدة على "الشركة الوطنية للإسكان" فقط، إذ توالى الإعلان عن مشروعات ضخمة في مختلف مناطق المملكة.

مشروعات ضخمة على امتداد المملكة

شركة "روشن" (Roshn) المملوكة بالكامل لـ"صندوق الاستثمارات العامة"، والتي تعمل على تطوير مدن وأحياء سكنية متكاملة -من بينها "مشروع "مرافي" شمال محافظة جدة بقناته المائية الاصطناعية الممتدة لمسافة 11 كيلومتراً والذي يتسع لأكثر من 130 ألف نسمة- وقّعت خلال المعرض عقداً بـ7.7 مليار ريال مع شركة " تشاينا هاربور" (China Harbour) الصينية، لبناء الفلل السكنية في المراحل المقبلة من مجتمعي "سدرة" و"وارفة" في مدينة الرياض.

بدورها، أطلقت شركة "مكّيون مطورون عمرانيون"، مشروع "مكة بوليفار" بتكلفة استثمارية تصل إلى حوالي 6 مليارات ريال، والذي يُقام على مساحة تتجاوز المليون متر مربع ويتضمن بناء أكثر من 10 آلاف وحدة سكنية.

شركة "رتال للتطوير العمراني" التي تنتشر مشروعاتها العقارية في مختلف أرجاء السعودية، والتي تقول إن لديها نحو 7 آلاف وحدة عقارية تحت الإنشاء، أطلقت في بداية المعرض كذلك منتجع (Ultra Luxury) الذي سيُقام في مدينة الخبر، شرقي المملكة، بتكلفة تصل إلى 5 مليارات ريال.

من بين المشروعات المليارية الجديدة أيضاً، 18 برجاً سكنياً و4 أبراج فندقية وبرج مكتبي باستثمارات إجمالية تبلغ 4 مليارات ريال، أعلنت شركة "أم القرى للتنمية والإعمار" عن تطويرها ضمن مشروع "وجهة مسار" في مكة المكرمة.

كل هذه المشروعات وغيرها، كانت محط أنظار الزوار والمشاركين في المعرض على مدى أيامه الأربعة، بما رسمه من صورة عمرانية مستقبلية تختلف تماماً عمّا عهده المواطنون السعوديون، حتى أن من ضمن هذه المشروعات ما لم تألفه أي دولة في العالم، كمشروع "ذا لاين" ذي الواجهة الزجاجية التي تمتد على مسافة 170 كيلومتراً، وهو مكوّن رئيسي في مشروع "نيوم" الذي يعتبر جزءاً أساسياً في خطة التحول الوطني للمملكة لتنويع مصادر الدخل بعيداً عن النفط.

170 دولة بأكبر حدث من نوعه في العالم

المعرض الذي يعتبر الأكبر من نوعه على الإطلاق في العالم -بحسب ما قاله كريس سبيلر، نائب الرئيس في "سيتي سكيب بورتفوليو" (Cityscape Portfolio) خلال عرض تقديمي- حيث شارك فيه أكثر من 350 جهة عارضة من 170 دولة، شهد توقيع العديد من الاتفاقيات الأخرى فيما بين جهات حكومية وخاصة داخل المملكة، وأيضاً بين شركات وهيئات محلية وأخرى أجنبية، بما يعكس الوتيرة المتسارعة لطرح مشروعات التطوير العمراني وتحويل الأفكار إلى واقع ملموس، سواء من قبل الجهات الحكومية أو المطورين من القطاع الخاص.

وعلى ما يبدو، فإن هذه الوتيرة قد تشهد تسارعاً إضافياً في الفترة المقبلة. قال وزير الشؤون البلدية والقروية والإسكان السعودي مخاطباً الحضور في حفل الافتتاح: "سنتوسع خلال الأعوام المقبلة في بناء ضواحٍ سكنية في كافة أرجاء المملكة، بمشاركة المطورين العقاريين المحليين والعالميين.. سنواصل معاً التقدم في العملية التطويرية والتنموية لقطاع الإسكان، في ظل بيئة تشريعية محفزة للاستثمار، وخيارات تمويلية متنوعة".

خلال الجلسة الحوارية التي شارك فيها إلى جانب فهد بن مشيط، الرئيس التنفيذي لـ"الشركة السعودية للاستثمار السياحي"، وديفيد غروفر، الرئيس التنفيذي لمجموعة "روشن"، اختتم جيري إنزيريلو، المسؤول عن تطوير "بوابة الدرعيّة​" حديثه عن تغيّر وجه السعودية في الفترة المقبلة بالقول إن أهم ما يُميّز المملكة اليوم في ظل (رؤية 2030) التي أطلقها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، هما "روح التفاؤل والنظرة الإيجابية". برأيه، هذا ما سيصنع الفرق.

تصنيفات

قصص قد تهمك