بلومبرغ
أعلن رئيس الوزراء الأسترالي "سكوت موريسون" تعيين أكثر كوادره كفاءةً للعمل على كسر الجمود بقضية السفن الأسترالية التي تقطَّعت بها السُبل قُبالة الموانئ الصينية، ويتجاوز عددها خمسين سفينة مُحمَّلة بالفحم الأسترالي، في ظل تصاعد التوترات بين الشريكين التجاريين.
وكان أكثر من 500 مليون دولار من الفحم الأسترالي، وحوالي 1000 من أفراد طواقم السُفن، قد علقوا قبالة الشواطئ، بعد إدراج الصين لمجموعة واسعة من السلع، والمواد الغذائية الأسترالية على القائمة السوداء، إذ قال "موريسون" اليوم الخميس أن العلاقات الثنائية بين البلدين تمر "بفترة استثنائية".
وصرَّح "موريسون"خلال مقابلة مع شبكة Nine Network التليفزيونية: "سننجز المهمة من خلال العمل مع الحكومة الصينية، كي نحصل على أفضل نتيجة مُمكنة". وأضاف: "من الواضح أنَّ هناك "توتراً" في العلاقات بين البلدين، لن يتم "حله عبر تنازل أستراليا عن سيادتها ".
لكن إصلاح العلاقات لن يكون سهلاً، لأنَّ الوزراء الأستراليين لم يتواصلوا بشكل مباشر مع نظرائهم في بكين منذ أبريل على أقل تقدير، عندما فاقمت أستراليا المأزق الموجود مع الصين بدعوتها إلى السماح لمُحققين مُستقلين دخول مدينة ووهان للتحقيق في أصول فيروس كورونا.
وبالإضافة إلى الجمود الحاصل بشأن الفحم الأسترالي، قامت بكين بفرض تعريفات جُمركية مُعوِّقة على صادرات أستراليا من الشعير، وأوقفت واردات لحوم البقر من العديد من مصانع اللحوم الكبيرة، وحذَّرت مواطنيها من قضاء العطل، أو الدراسة في أستراليا، وأمرت التجار بالتوقف عن شراء ما لا يقل عن سبع سلع بما يشمل النحاس والنبيذ.
من جهتها قالت الصين، إنَّ شحنات الفحم قد تأخَّرت بسبب تعزيز إجراءات فحص الواردات. ويُذكَر أنَّ بكين كانت قد زادت من تصريحاتها خلال الأسابيع الماضية التي تحمِّل فيها أستراليا مسؤولية توتر العلاقات.
قالت سفارة الصين في "كانبر"ا في بيان نُشر على موقعها على الإنترنت: "السبب الأساسي لتدهور العلاقات الثنائية، هو أفعال أستراليا الخاطئة المتكررة، وتصريحاتها بشأن القضايا المُتعلَّقة بالمصالح الجوهرية للصين، ومخاوفها الرئيسية، بالإضافة إلى التصرفات الأسترالية الاستفزازية، وسياسة المُواجهة المُتبعة من قبلها." وأضاف بيان السفارة إن "هؤلاء الذين صنعوا المشاكل، هم من يتعيَّن عليهم حلها".
وقد خففت بكين هذا الأسبوع من حدَّة لهجتها نوعاً ما، بعد خطاب ألقاه "موريسون"، قال فيه، إنَّ أستراليا لا تسعى لاحتواء الصين اقتصادياً، وانتشلت الصين أناساً من الفقر أكثر من أيَّة دولة أخرى.
وكان دبلوماسي صيني في "كانبرا" قد قدّم خلال الأسبوع الماضي وثيقة لوسائل الإعلام الأسترالية، تتضمن 14 شكوى، وتتهم أستراليا بـ"تسميم العلاقات الثنائية".
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية "تشاو ليجيان"، في بكين البارحة الأربعاء إنَّ "الصين لاحظت التصريحات الإيجابية لرئيس الوزراء "موريسون" حول التأثير العالمي للنمو الاقتصادي الصيني، وجهود الصين لتخفيف حدة الفقر". وأضاف قائلاً: "نأمل أن تتخذ أستراليا خيارات تتسم بالاستقلالية والموضوعية والعقلانية،و تصب في خدمة مصالحها الخاصة".
كما قالت مسؤولة الشؤون الخارجية والتجارة الأسترالية "فرانسيس أدامسون" في خطاب ألقته مساء الأربعاء في مدينة "كانبرا" : إنَّ "الصين ربما وصلت إلى نقطة تعتقد فيها أنها تستطيع إلى حد كبير تحديد شروط ارتباطها المستقبلي مع العالم". وأضافت : "إذا كانت الصين تظن ذلك فهي على خطأ. وذلك لأنَّ هناك الكثير الذي يمكن تحقيقه للصين وللجميع، عبر العمل بشكل بنَّاء وتعاوني داخل النظام الدولي، دون اللجوء إلى الضغط أو الإكراه ".
مسألة غير سهلة
وتقوم أستراليا بتعزيز المُنتديات مُتعددة الأطراف للديمقراطيات الليبرالية "ذات التفكير المماثل" في مجموعاتٍ، مثل التحالف المعروف باسم "خمس أعين “Five Eyes والحوار الأمني الرُباعي (QUAD). إذ يسعى "موريسون" من وراء ذلك لخلق حاجز ضد ما تعدُّه الحكومة الأسترالية سياسة صينية، تزداد حزماً تحت قيادة الرئيس "شي جين بينغ".
وكان رئيس الوزراء الأسترالي، قد صرَّح يوم الخميس قائلاً: "بالطبع نريد تعايشاً وعلاقات إيجابية مع الصين"، مضيفاً أنه "من غير السهل" السير في طريق يمرُّ بين الصين والولايات المتحدة.
وخلص إلى القول: "بالإضافة إلى ذلك، لدينا أيضاً تحالفاً رائعاً مع الولايات المتحدة وصداقة مع الدول التي تتمتع بتفكير مُتشابه للقيم الديمقراطية الليبرالية، ومن ثم لدينا مصالحنا الوطنية الأساسية أيضاً، ونودُّ أن نرى كل هذه الأمور تُدار سويَّةً".