الحرب الروسية الأوكرانية تترك الغرب أكثر اعتماداً على الوقود الآسيوي

time reading iconدقائق القراءة - 15
منشآت الزور للنفط والغاز في جنوب دولة الكويت  - المصدر: بلومبرغ
منشآت الزور للنفط والغاز في جنوب دولة الكويت - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

الحرب الناشبة في أوكرانيا تدعم دور آسيا والشرق الأوسط باعتبارهما مزودين رئيسيين في العالم للوقود، مثل الديزل والبنزين بالغي الأهمية بالنسبة للاقتصاد العالمي.

بينما تسعى أوروبا والولايات المتحدة إلى إنهاء اعتمادهما على المنتجات النفطية القادمة من روسيا، فإنهما يواجهان نقصاً في الإمدادات بالداخل. هذا الأمر يتيح الفرصة أمام عمالقة تكرير النفط في دول مثل الصين والكويت لإغراق السوق بالوقود.

قال يوجين ليندل، رئيس قسم المنتجات النفطية المكررة لدى مستشار صناعة التكرير "إف جي إي" (FGE)، ومقرها لندن، إن "الولايات المتحدة وأوروبا يزيدان اعتمادهما على براميل النفط القادمة من مسافات بعيدة من الشرق الأوسط وآسيا، وذلك من خلال إدارة ظهريهما لمنتجات النفط الروسي".

الحرب تخلق تفاوتاً

خلق الغزو الروسي لأوكرانيا تفاوتاً أكبر بين المنطقتين بعد أن خفضت الدول الأوروبية بشكل كبير قدرتها التكريرية في الأعوام الأخيرة، بينما واصل الجانب الآخر من العالم التوسع في الصناعة.

أغلقت الأسواق الغربية، بما فيها الأميركتان وأوروبا، طاقة تكرير صافية قدرها 2.4 مليون برميل يومياً في الأعوام الثلاثة الأخيرة، بينما أضاف الشرق الأوسط وآسيا 2.5 مليون برميل إلى قدراتهما التكريرية، طبقاً لبيانات شركة "إف جي إي".

يُتوقع أن تزداد هذه الفجوة اتساعاً. إذ ينتظر أن يضاف ما يقرب من 8 ملايين برميل يومياً من الطاقة التكريرية الجديدة في الأعوام الثلاثة المقبلة، تضيف منها آسيا كمية أكبر بينما تسهم أوروبا بكمية أقل، وفق تقديرات شركة "ريستاد إنرجي".

تعليقاً على الأمر، قال موكيش ساهديف، رئيس قسم عمليات التكرير في "ريستاد إنرجي": "سنرى تحول منطقتي آسيا والشرق الأوسط بشكل متزايد لتصبحا موردتي الوقود في العالم". وأضاف أن تدفقات منتجات مصافي التكرير بين الشرق والغرب "ستصبح أكثر هيكلية".

تسارعت وتيرة التحول الكبير في صناعة تكرير النفط العالمية خلال فترة الوباء عندما أغلقت المصانع القديمة أبوابها، حيث أدى الإغلاق العالمي إلى تدمير الطلب على النفط. منذ ذلك الحين، أنشأت الصين مصافي تكرير أكبر وأكثر تقدماً لتلبية حاجة البلاد المتزايدة للنفط، بينما ركزت الولايات المتحدة وأوروبا على التحول بعيداً عن الوقود الأحفوري.

قال فيكتور شوم، نائب رئيس استشارات الطاقة لشركة "ستاندرد آند بورز غلوبال كوموديتي إنسايتس" (S&P Global Commodity Insights) ومقرها سنغافورة، إن معدلات استهلاك الوقود مثل البنزين والديزل في الولايات المتحدة وأوروبا ستفوق نظيرتها في آسيا. وأوضح أن العديد من مشاريع التكرير الجديدة أنشئت في آسيا في ضوء الطلب المتزايد على المواد البتروكيماوية في المنطقة.

تحول مفاجئ

أخذ الغزو الروسي لأوكرانيا والعقوبات اللاحقة التي فرضتها الدول الغربية على إمدادات الوقود أسواق الطاقة العالمية على حين غرة، مع استحواذ مخاوف أمن الطاقة الآن على مركز الصدارة بالنسبة لدول تفتقر لقدرة تكريرية كافية. في هذا المناخ، فإن أي وقف في أعمال مصافي التكرير نتيجة إضرابات العمال أو الإغلاق غير المتوقع سيكون تأثيره ملموساً بشكل أكبر في الأسواق.

قال ليندل، من "إف جي إي"، إن "الحكومات الأوروبية ومواطنيها، الذين يعانون من ارتفاع فواتير المرافق والتضخم، يعطون الأولوية الآن للأعوام القليلة المقبلة بدلاً من الفترة التي تتراوح بين 2040 إلى 2050".

يشعر الغرب بضغوط ناجمة عن انخفاض أعداد مصافي التكرير، مما أدى إلى انخفاض مخزونات الديزل في شمال غرب أوروبا، وتتوقع شركة "وود ماكينزي" تراجعها إلى أدنى مستوياتها في بداية الربيع، حيث يتطلع الاتحاد الأوروبي إلى منع واردات الوقود الروسي المنقولة بحراً في فبراير.

نقص الديزل والبنزين

في الوقت نفسه، دفع النقص المتزايد في الديزل والبنزين في الساحل الشرقي للولايات المتحدة الرئيس الأميركي جو بايدن للتفكير في إصدار تفويض يطالب شركات النفط بتخزين وقود أكثر داخل البلاد. رجح ساهديف، من "ريستاد إنرجي"، زيادة أزمة البنزين سوءاً في ذروة موسم القيادة الصيفي.

قال جون أويرز، العضو المنتدب في شركة "أر بي إن إنرجي" (RBN Energy)، إن أميركا اللاتينية أصبحت أكثر اعتماداً على الواردات نظراً لإغلاق مصافي تكرير عدة في منطقة البحر الكاريبي، واستمرار معاناة المنشآت في فنزويلا والمكسيك من انقطاعات كبيرة في الإمدادات ومعدلات تشغيل منخفضة.

تشتري المكسيك احتياجاتها من البنزين من الصين "حيث تستفيد شركات التكرير من ارتفاع حصص التصدير من خلال العمل بجدية أكبر وشحن كميات أعلى".

يؤدي نقل المنتجات النفطية غرباً عبر مسافات أطول إلى زيادة تكاليف الشحن بشكل كبير وزيادة أرباح الناقلات. تزداد كميات الوقود المنقول بحراً بنسبة 3% مقارنة بالمعدلات المسجلة في الأعوام الخمسة الماضية، بحسب بيانات شركة "فورتيكسا" (Vortexa).

عن ذلك، قالت سيرينا هوانغ، كبيرة محللي شؤون آسيا لدى "فورتيكسا"، إن هذه الزيادة يقودها الديزل المنقول من آسيا والشرق الأوسط إلى أوروبا، وهذه الكمية قد تزداد في ظل الحظر الأخير للإمدادات الروسية.

من المؤكد أن الولايات المتحدة ما تزال مُصدراً رئيسياً للبنزين، وقد تساعد الجهود المبذولة لتعزيز أمن الطاقة في تخفيف حدة النقص. لكن المحللين لا يتوقعون تقلص فجوة القدرات في أي وقت قريب.

أخيراً، قال ليندل: "يجب أن نرى سياسة طاقة أكثر واقعية للمضي قدماً، لكن خطط خروج الوقود الأحفوري ما زالت قائمة". وأوضح أن "الأمر يتعلق بالتركيز على المدى القصير إلى المتوسط فقط، وليس على المدى الطويل جداً".

تصنيفات

قصص قد تهمك