أصبح تحالف الدول المنتجة للنفط أو ما يُعرف اختصاراً باسم "أوبك+" منفصلاً عن الواقع. ففي خضم أزمة إمدادات النفط الأكثر اضطراباً منذ أكثر من 30 عاماً، غاب رد الفعل المناسب من قبَل التحالف.
اجتمعت الدول الثلاثة والعشرون الأعضاء في التحالف، والتي تمثل سوياً ما يقرب من 45% من إنتاج النفط العالمي، يوم الأربعاء الماضي وسط ارتفاع أسعار النفط الخام إلى أعلى مستوياتها منذ عام 2014. واستمر اجتماعها عبر الوسائل الافتراضية لمدة 13 دقيقة فقط. ويتضح من خلال حالة التباهي التي أعقبت الاجتماع بالرقم القياسي الجديد من أجل اختصار مدة الاجتماع، فلا حرج عليك إذا اعتبرت الأمر أنه كان مجرد اجتماع لأقصر وقت ممكن، ولم يستهدف تحقيق التوازن في سوق النفط.
لم يكن الغزو الروسي لأوكرانيا والتأثير المحتمل على أسواق النفط جديراً بالنقاش، وهو ما يعد تقصيراً صادماً في أداء واجب كان يتعين القيام به من قبل مجموعة تعتبر نفسها البنك المركزي للنفط.
بالتأكيد، سيكون الأمر غير مريح. شنّ الغزو أحد رؤساء الدول الأعضاء بالمجموعة، ويُعد إبقاء روسيا تحت مظلة "أوبك+" أمراً مهماً لبقية الأعضاء الآخرين، حيث تسبّبت آخر مرة انسحبت فيها من المجموعة في توفر كميات من المعروض المتاح للجميع والتي دفعت إلى انخفاض أسعار النفط. لذلك فالامتناع عن إثارة هذه القضية على طاولة النقاش أمر مفهوم.
في الماضي، لم توقفهم أحداث مثل هذه. فالعراق، وهي العضو المؤسس في "أوبك"، شنّت غزواً مرتين، الأول ضد إيران في عام 1980 والثاني ضد الكويت بعد ذلك بعشر سنوات. ضحايا الحربين كانوا من الأعضاء المؤسسين للمجموعة. وعندما هاجم العراق الكويت في عام 1990، فقد العالم حوالي أربعة ملايين برميل يومياً من إمدادات النفط بين عشية وضحاها نتيجة عقوبات الأمم المتحدة على صادرات البلدين. وقد كان ذلك يمثل حوالي 7% من الإنتاج العالمي في ذلك الوقت.
تدخلت بقية الدول الأعضاء في "أوبك" باستخدام فائض الإنتاج لتعزيز الإمدادات. وفي غضون شهر، عاد إجمالي إنتاج المجموعة إلى ما كان عليه قبل العقوبات. لكن ذلك لم يمنع أسعار النفط من الاستمرار في الارتفاع. سادت حالة من التوتر الكبير في السوق آنذاك بسبب المخاوف من أن قوات الرئيس العراقي الراحل صدام حسين قد تندفع جنوباً على طول الطريق إلى حقول النفط في المملكة العربية السعودية.
بعد مضي ثلاثين عاماً، أصبح الوضع مختلفاً تماماً. وبعيداً عن أداء "أوبك+" كقوة استقرار، امتنع أكبر منتجي التحالف عن التدخل.
ربما يخشون شكلاً من أشكال الانتقام من روسيا إذا قالوا أو فعلوا أي شيء لا يعجبها. أو ربما ليس لديهم مشكلة مع غزو الرئيس فلاديمير بوتين لجارة ذات سيادة. ربما الحقيقة هي أنه ليس بوسعهم الكثير مما يمكنهم القيام به.
لا تملك دول التحالف شيئاً مثل فائض الإنتاج الذي احتفظوا بها في عام 1990. في ذلك الوقت، كانت المملكة العربية السعودية وحدها قادرة على زيادة الإنتاج بنحو ثلاثة ملايين برميل يومياً على مدار خمسة أشهر ولا يزال لديها احتياطي أكبر. وقد تجد تحدياً للقيام بنصف هذا الجهد الآن.
باستثناء الإمارات، سيتعرض باقي أعضاء "أوبك+" لضغوط شديدة لإضافة المزيد على الإطلاق. فهي تبذل قصارى الجهد بالفعل، لكنها لم توفّق في مواكبة أهداف الإنتاج المتزايدة. كان الإنتاج في يناير الماضي أقل من المستهدف للمجموعة بحوالي مليون برميل يومياً، وفقاً للأرقام الرسمية.
ربما يؤدي عدم قدرتها -أو عدم رغبتها- في اتخاذ إجراء إلى شراء منتجي النفط دفعة قصيرة الأمد من ارتفاع الفلكي للأسعار، لكنه سيسرّع ناقوس الهلاك للنفط. من المؤكد أن الدول المستهلكة ستضاعف جهودها لإزالة الكربون من اقتصاداتها وتعزيز أمن الطاقة من خلال تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري الأجنبي أو غير ذلك.
انتقد وزير النفط السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان مراراً وتكراراً مخطط وكالة الطاقة الدولية لإزالة الكربون باعتباره أحد الأحلام غير الواقعية. وبدا الأمر وكأن منتجي النفط يعيشون في عالمهم الخيالي.