بلومبرغ
أسفر أسوأ معدل لتفشي وباء "كورونا" في الصين، منذ اندلاعه أول مرة بمدينة ووهان، عن عرقلة نمو الطلب على النفط لدى أكبر مستورد للخام على مستوى العالم، رغم أن غالبية المراكز الأساسية ذات الكثافة السكانية المرتفعة ما تزال غير واقعة تحت تأثيرها إلى حد الآن.
تشير بيانات من خدمات الخرائط التابعة لشركة "بايدو" إلى هبوط ذروة الازدحام المروري في مدينة شيان، حيث يفوق تعداد سكانها الـ 13 مليون نسمة، بنحو 29% في 4 يناير الجاري، وذلك بالمقارنة بنفس اليوم من السنة الماضية.
ورغم ذلك، ازداد الازدحام المروري في شنغهاي العاصمة التجارية للبلاد، بجانب بكين وقوانغتشو، بنسبة تتراوح من 4% إلى 7%.
يحاول مستثمرو النفط قياس التأثير الواقع على استهلاك الطاقة لدى الاقتصاد الأكبر في منطقة آسيا، والناجم عن عمليات اندلاع العدوى الأخيرة في ظل تفشي الجائحة.
تعتبر الصين هي الدولة الباقية الوحيدة التي تطبق إستراتيجية عدم التسامح مع الفيروس، ورغم أن تفشي المرض في شيان ناجم عن فيروس "دلتا" المتحول، فإن سلالة "أوميكرون" أشد قابلية للعدوى، حيث تثير القلق لدى العالم حالياً بشأن إمكانية مواجهة نهج التصدي الحالي.
لم يعلن البر الرئيسي للصين حتى الآن عن أي انتشار على نطاق مجتمعي لفيروس أوميكرون، رغم ظهوره في مدينة هونغ كونغ، ما أسفر عن موجة حديثة من عمليات فرض القيود.
وقال فنغلي شي، الذي يعمل مديراً مساعداً لأسواق النفط في شركة "أي أتش أس" إنه: "في ظل تصاعد عمليات فرض قيود حكومية على التنقل، فإن الشركة خفضت من التوقعات الخاصة بها بشأن إجمالي الطلب الصيني على النفط خلال الربع الأول من عام 2022 بمقدار 420 ألف برميل يومياً".
يتضمن هذا التخفيض 248 ألف برميلا من البنزين في اليوم و124 ألف برميل من وقود الطائرات. وفي المقابل، وصل الطلب اليومي على النفط على مستوى البلاد بمقدار 14.2 مليون برميل في شهر نوفمبر الماضي، بحسب الأرقام الرسمية.
على نفس المنوال، قلصت شركة "إنرجي أسبيكت" (Energy Aspects Ltd.) من التوقعات لديها الخاصة بالربع الأول للطلب الصنيي على النفط بمقدار 110 آلاف برميل يومياً، في حين حذرت من المخاطر الهبوطية الإضافية الموجودة، والتي تتراوح ما بين 100 ألف إلى 300 ألف برميل يومياً، في حالة بروز نقاط عدوى ساخنة أكثر.
أُغلقت مدينة شيان، وهي تعد عاصمة مقاطعة شنشي المشهورة بتماثيل محاربي "تراكوتا"، منذ أواخر ديسمبر، وتأتي ضمن 3 مدن هي الأقل ازدحاماً مرورياً من بين 100 مدينة ترصدها شركة "بايدو". علاوة على ذلك، أٌغلقت مدينة يوتشو، البالغ تعداد سكانها 1.3 مليون نسمة في وسط مقاطعة خنان، منذ 3 يناير الماضي، في حين جرى إغلاق بعض أحياء مدينة تشنغتشو عاصمة المقاطعة.
تعتبر عملية فرض القيود في مدينة شيان من العمليات الأشد صرامة حول العالم، ونجم عنها حدوث اضطراب هائل. و جري منع السكان من مغادرة منازلهم دون تقديم سبب خاص، كما عانوا من النقص في المواد الغذائية والرعاية الطبية. وجرى تنفيذ 6 جولات من اختبارات الإصابة بمرض كوفيد على أقل تقدير في أنحاء المدينة.
من الممكن أن تُبقي الصين على قيودها المشددة المفروضة على الحدود خلال سنة 2022 بأكملها، بينما تتجهز من أجل استضافة دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في شهر فبراير المقبل، علاوة على سلسلة من الأحداث السياسية، بحسب مجموعة "غولدمان ساكس". أسفرت التدابير الصارمة الرامية لاحتواء موجات تفشي الوباء على غرار الإغلاق في مدينة شيان عن عرقلة عمليات الإنتاج على الصعيد المحلي والسفر والاستهلاك، ما جعل الضغوط تزداد على الاقتصاد.
حتى الوقت الحالي، نجحت البيانات في الصمود ، حيث تعهدت بكين بنقل تركيزها خلال السنة الحالية لينصب على تحقيق الاستقرار في النمو الاقتصادي. وزاد نشاط المصانع في الصين في شهر ديسمبر في ظل تعافي عمليات الإنتاج والمبيعات، رغم استمرار معدلات التوظيف في حالة ضعيفة، بحسب مؤشر كايشين لمديري مشتريات المصانع.
السنة القمرية الجديدة
زاد تأثر استهلاك البنزين ووقود الطائرات جراء تدابير احتواء الوباء من قبل الحكومة، من حالة الضعف على المستوى الموسمي في الطلب على خام النفط، بحسب "شي" من شركة "أي إتش أس ماركيت".
وربما يتسبب مهرجان فصل الربيع القادم ، الذي يتواصل من 31 يناير الجاري حتى 6 فبراير القادم، في ضربة أخرى للطلب على الديزل حيث يهدأ النشاط الصناعي عادة ي فترة العطلة وينخفض الاستهلاك خلال الطقس الأكثر برودة.
بشكل عام، يوجد لدى شركة "أي أتش أس ماركيت" توقعات بتجدد عمليات الإغلاق، وحدوث تأثير ناجم عن العطلات بجانب الأوامر الحكومية الخاصة بالهواء النظيف، والتي تهدف للحد من الإنتاج الصناعي خلال عيد الربيع والألعاب الأولمبية الشتوية، ما سيسفر عن خفض طلب الصين على النفط خلال الربع الأول من السنة الجارية بمقدار 520 ألف برميل يومياً أكثر من الربع الأخير لسنة 2021.
تفيد التوقعات بأنه من المؤكد أن حركة المرور على الطرق السريعة خلال عيد الربيع ستكون مرتفعة، حيث يفضل أشخاص كثيرون قيادة مركباتهم الخاصة جراء تفشي الوباء ، وفقاً لما أشارت إليه وكالة الأنباء الصينية (شينخوا). علاوة على ذلك، تشير التوقعات إلى حدوث زيادة في رحلات نقل الركاب عبر السكك الحديدية خلال فترة العطلة بمقدار الثلث تقريباً.